الفساد..محاربة من يحاربونه!!

الفساد كظاهرة حالة مجتمعية وموجود فى كل المجتمعات وتحت كل أنظمة الحكم دكتاتورية أم ديمقراطية ،أسلامية أم مدنيه ، فهو مرتبط برغبة الأنسان وطمعه فى الحصول على ماهو ليس له ،ولذلك يلجأ لوسائل مستترة منها أقصاء الحق عن الاخرين والهيمنة عليه دون وجه حق ، وهو قديم قدم الانسان ويسجل التاريخ أولى المحاولات فى قيام قابيل بقتل أخيه هابيل للحصول على زوجته ” الجميلة ” بالضد من سنن ذلك الزمان و اشتراطات القرابين ، وفكرة مقاومتها ايضآ قديمة فقد جاءت كل الاديان والشرائع السماوية منبهة له ومحذرة منه لعواقبه المدمرة على الافراد و المجتمعات وأستنت الدول والحكومات على مر التاريخ قوانين لمكافحته والحد منه حفاظا على الحق العام والخاص ، الفساد تعرفه منظمة الشفافية الدولية بأنه ” أساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة” ولايبرئ الفاسد أن المكاسب الخاصة لاتعود إليه مباشرة فيمتد التعريف ليشمل الاقارب أو المؤسسة أو الحزب وهو خروج على المعايير الاخلاقية والقانونية واهدارللضوابط التى تنظم السلوك أو العمل والأنحراف بالسلطة المقننة والتوسع فى السلطة التقديرية وهو بذلك يغطى مساحة واسعة من الحركة اليومية للافراد والمجتمعات ويتسع تعريفه ليشمل عناوين الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ والابتزاز وأهدار المال العام ، تبديد المال العام ، التهرب من المفروضات المالية تجاه الدولة ، الواسطه ، التزوير ، المحاباة ، الحصول على التبرعات و الهبات نتيجة لاعمال طبيعية ينظمها القانون ، الاهمال و الاعتداء على الحرمات و القتل من غير وجه حق ، نظريا الفساد موجود فى كل الانظمة التى تنظم العلاقات ، سوى كان التنظيم لاغراض الشراكات و الاعمال او فيما يخص القبيلة او المنظمة وفى الحزب او الدولة ،الا أن الانظمة الغير ديمقراطية تعد بيئة صالحة لاستشراء الفساد ذلك أن هذه الانظمة فوق أنها تنكر وجوده فهى لاتقوم بأى جهود جادة لمكافحته ، وهى لاتتيح الحريات الكافية لكشفه وتعريته ، وربما تضع العراقيل فى وجه من يتطوعون لدرئه والحد منه ، ظنا منها أن الأعتراف به والمساعدة على القضاء عليه هو فى حقيقة الامركشف و دليل ملموس على فساد الحكومة نفسها ، ولهذا تنشأ عبارات ( خلوها مستورة ) وعقوبات ( تحفيظ اجزاء من القرآن ) و المراجعة و المناصحة و التصالح، لا خلاف فى ان مسؤلية الحكومات و الانظمة فى مواجهة الفساد و الحد منه هى دليل على نجاحها فى ارساء دعائم احترام القانون وهى مؤشر على قدرة الحكومة على القيام بالتنمية و تطوير المجتمعات وتحقيق العدالة الاجتماعية و الوصول بحياة رعاياها الى مستوى لائق و محترم ، ومن هنا فيتعين على من يشغلهم امر مكافحة الفساد تناول الظاهرة بموضوعية ويلزم لذلك دراسة الموضوع وارجاعه الى اصله ما كان منه من مسؤلية الحكومة و ما كان من مسؤلية المجتمع ، وذلك أن البعض قد يخطئ فيزيد من جرعة الاتهام بالفساد للانظمة والحكومات ويجعل من الفساد أمرا سياسيا محضا وهو ربما كان كذلك لان القانون وحده ليس قادرآ على محاكمة الفساد و لا بد ان تدعم الارادة السياسية هكذا قرار ، فلا تجد أحدا يزج بموضوع المشردين وأطفال الشوارع او اتساع دائرة الفقر و تدهور العملية التعليمية و الصحية باعتبارذلك مادة دسمة لمهاجمة الانظمة والحكومات بحكم مسؤليتهاعن هذه الظواهر ، وهذا إن كان يمثل دعوة للنظر للظاهرة بشكل موضوعى لأن الموضوع يحتاج الى الدراسة والتمحيص ووضع القوانين الكفيلة بضبط و محاكمة الفساد، وسد الثغرات و المنافذ ، و لعل اهم اسباب تفشى الفساد الاتجاه لتبنى فهم يختزل مفهوم الاستقامة ليصبح مجرد عناوين كما يحدث فى الانظمة الشمولية والقمعية بحيث يكون الولاء للحزب وتمكينه أعلى مرتبه من الولاء للقيم الوطنية والاخلاقية والدينية ، ويأتى تغليب المصلحة الخاصة على العامة لضعف فى التربية الوطنية وأنحسار لحقوق المواطنة وأضعاف دور المواطن والمنظمات التى تعبر عن مصالحه ، وتنامى السلوك الفردى والانانية وأنتشار الانماط الاستهلاكية والمفاخرة ، وسهولة الحصول على المال العام وعدم وجود اليات لحمايته وغياب المساءلة والرقابة والمراجعة ، كما أن الشعور بالظلم والغبن لدى الافراد يدفع بهم إلى محاولةايجادحلول فردية على مقاسهم لحل مشكلة الفقر وأنعدام العدالة الاجتماعية ، الى ذلك فأن عدم الكفاءة والخبرة والجهل بالقوانين نتيجة لسياسة التمكين ، وتفكيك الخدمة المدنية و تعدد القوانين الخاصة للمؤسسات و الوزارات و مستويات الحكم الولائية و الاتحادية و التصرف فى صلاحيات غير قانونية ،الملاحظ عندنا ان وصف بلادنا بالفاسدة او الدولة الفاشلة لم يعد مثيرآ لاهتمام احد ، و لم يتقدم احد الى دراسة اسباب فشل التجارب الحكومية فى التصدى للفساد ، فلم تستطيع الاليات التى كونها السيد رئيس الحمهورية القيام بما اوكل اليها من مهام و لم تضبط حالة واحدة من الفساد ، ذلك انها لم تمتلك الارادة الكافية لذلك ولاعتقادها بصعوبة القبض على الفساد متلبسآ او ان يأتيها طائعآ مختارآ وهى قد قامت بواجبها ووفرت الخطوط الساخنة لتلقى البلاغات !! ، و طالبت بالادلة على وقائع الفساد ، لا يهم ، ليس من المعقولات ان يبلغ احدهم جهة مسؤلة عن وقائع بعينها عن شبهة فساد فيساق هو متهمآ الى المحكمة و يترك المتهم طليقآ ، بل ويمكنه القانون من ( جهجهة ) الشاكى و اقتياده مخفورآ بتهمة اشانة السمعة ، هل المتهم برئ حتى تثبت ادانته ، ام ان الشاكى مدان بسبب عدم قدرته على اثبات ما ادعى ، و لماذا تسقط القاعدة القانونية ( البينة لمن ادعى و اليمين على من انكر ) فيصبح الانكار اثباتآ لفشل بينة الادعاء ، بينما الصحيح ان الاثبات هو واجب المدعى واذا فشل فلا تقاضى على بطلان التقاضى ،،اما وقد كانت الشكوى ادارية فالتقاليد تقول بحسمها اداريآ ما دامت اللوائح الادارية توفر ذلك .
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..