ترشيد الإنفاق الحكومي.. كيف؟
أجاز القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء أمس الثلاثاء تقرير أداء وزارة المالية حول النصف الأول من موازنة العام المالي 2013م، وتمسك القطاع بضرورة الاستمرار في سياسات الإصلاح الاقتصادي، وضبط وترشيد الإنفاق الحكومي، وترتيب أولويات الصرف، والعمل على زيادة الصادرات غير البترولية وإحلال الواردات وتوجيه الدعم للقطاعات الإنتاجية، وهي ديباجة ظل يصر على كتابتها وزير المالية علي محمود عبد الرسول، ورئيس قطاع التنمية الاقتصادية في أي تقرير يقدمه، فيما لا تجد التنفيذ، خاصة الجزئية الأولى ترشيد الإنفاق.
الخبر الذي خرج من الاجتماع لم يشر إلى كل المؤشرات الاقتصادية واكتفى بذكر تقدم كبير في أداء الإيرادات الضريبية، وارتفاع قيمة الصادرات بمعدل (73.5%)، والواردات بنسبة (16.7%)، وانخفاض معدل التضخم لشهر يونيو إلى (27.1%)، مما يؤشر إلى أن بقية المؤشرات لم تكن إيجابية، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف، واحتياطي النقد الأجنبي، وحجم الإنفاق، والتزام الوزارة تجاه الولايات، والإنفاق لمقابلة الطوارئ ما أكثرها في فترة التقرير.
إن انخفاض قيمة العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الأجنية، حيث أصبح متوسط سعره في فترة التقرير (0.63) دولار للجنيه، بمعنى آخر أكثر من ست جنيهات مقابل دولار واحد، ومع تواصل الزيادات في أسعار السلع، جعل كل قيمة الأصول ورؤوس الأموال الاستثمارية تتآكل، خاصة في البنوك وشركات التأمين، وغيرها من المؤسسات المالية وهي موضوعات مسكوت عنها ويستعاض عنها بالديباجة الفضفاضة للإصلاح، فيما لب القضية لم توجه إليها السهام، وهي كيف نرشد الإنفاق الحكومي، ونرفع قيمة الجنيه؟،
ففي ظل الظروف الاقتصادية القاهرة هذه هناك عمالة أجنبية كبيرة في البلاد، وتعمل في أشغال هامشية، كبيع الشاي، وعمالة مطاعم، وحلاقين، ومراسلات، وخدم منازل، والتجارة، كماسرة، وسائقين، وعمالة موسمية، وغيرها من الأعمال الهامشية، التقديرات الأولية لها خمسة ملايين عامل، إن كان كل واحد من أولئك يحول دولاراً واحداً فقط في اليوم لأهله يعني أن البلاد تفقد يومياً خمسة ملايين دولار، وإذا ضربنها في (30) يعني البلاد تفقد (150) مليون دولار في الشهر، فيما هي في أمس حاجة لأي دولار، وإن الإصلاح الحقيقي ينظر لمثل هذه الثغرات، وما أكثرها.
[email][email protected][/email]
تقولين ماذا تقولين ويحى وهل كنت أفهم حرفا يمر، قال (ترتيب أولويات الصرف) وهى عبارة جميلة رنانة فضفاضة، واللى ما لو أول شئ أكيد مالو تانى، وماهى أولويات الصرف وما أدراك ما أولويات الصرف، بالأمس القريب كنت مع بعض الأصدقاء والأقارب نتجاذب أطراف الحديث فانبرى أحد الحاضرين يحكى لنا قصة من ضمن قصص سمعناها كثيرا ولا زلنا نسمعها ويسمعها الجميع، والشئ الأكيد الذى أجزم عليه أن الذى يقرأ فى هذا المقال الآن رجلا أو امراة قد سمع الكثير أيضا من نحو هذه القصص طالما أنه سودانى الجنسية،ونعود للقصة قال صديقنا بعد أن أقسم بالله ثلاثة بأن إبن عمته الذى يصغره بثلاثة أعوام لم تسعفه الظروف والأيام لينعم بالتعليم كحاله هو، إذ أن والد الأخير كان رجلا شديد الفقر وان ابن عمته ترك الدراسة ولم يكمل المرحلة الابتدائية ،وبدأ العمل مبكرا (كطلبة بناء) ومع مرور الأيام والسنوات أصبح مساعد بناء، وقال كنت أضحك عليه كلما لقيته لأن لديه بنطالا ليس به زرار وكان يقوم بقفله بدبوس، وجاءت الإنقاذ واندس ابن العمة فيها وتدرج من لجان شعبية الى ميادين أخرى الله بها عليم، ثم سكت صديقنا برهة وقال الآن ابن عمتى يمتلك أربعة عمارات بعاصمة البلاد الخرطوم بعد أن حضر اليها قادما من أقاصى الشمال حيث كنا نعيش، ثلاثة عمارات بالمعمورة والرابعة بأمبدة!!! ثم ضحك صاحبنا وقال فى اجازتى الأخيرة للبلاد قمت بزيارة ابن عمتى الذى تغيرت هيئته وتغير منطقه وحديثه وقلت له يا ابن العمة هل نسيت (الدبوس)!! أستحلفك بالله من أين أتيت بهذا النعيم وأنا بعيدا عن الاهل والديار فى بلاد الغربة أكثر من عشرين عاما ولا أمتلك سوى قطعة أرض بأمدرمان ، قلت له هذا الكلام وبيننا ما بيننا من الأواصر والعلاقات والممازحات فقد كنا أكثر من أخوة ولنا الكثير الكثير من الزكريات وليست بيننا حواجز، ولكن ابن العمة امتلأ غيظا وقال لى أنت زول حاسد بس، يا أخى دى نعمة الله ..ونعم بالله،وهذا هو ترتيب (أولويات الصرف) وما أدراك ما ترتيب أولويات الصرف، وما أكثر أبناء العمة فى هذا الوطن الجريح، نعم ما أكثر هذه الشاكلة، وما أكثر ما نراه من العمران الذى تجملت به عاصمتنا الحبيبة وتوسخت به ضمائر ونفوس أبناء وطنى.