التدخل الدولي في سوريا

اقتربت ملامح التدخل الدولي في سوريا، فواشنطون تعلن أن لديها شكوك قوية حول استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يعلن في حوار تليفزيوني أن هذا أمر لا يمكن السكوت عليه، وأن الخيارات صارت مفتوحة، ثم ياتي الناطق بلسان الخارجية الامريكية ليضيف :”كل الخيارات مطروحة على الطاولة”.
الأجوء تذكرك بما حدث من سيناريوهات قبل حرب العراق، الحديث عن أسلحة الدمار الشامل، دخول وخروج المفتشين، ثم محاضرة كولين باول الشهيرة أمام مجلس الأمن، والتي لم يترك فيها صورة أو رسم بياني، ثم اتضح، وبلا خجل أنها كلها كانت مفبركة، دخل الأمريكيون العراق ولم يجدوا أسلحة دمار شامل، ولا غير شامل، ولم يخجل أحد من ذلك او يعلن التوبة.
الوضع السوري معقد جدا، أكثر تعقيدا من مصر وتونس وليبيا، فالمنطقة التي تقع سوريا في قلبها هي منطقة موارة بتفاعلات كثير، ولاعبين مهمين وخطرين. سوريا تجاور العراق المشتعل بتمزقاته الطائفيةـ وتؤثر فيه وتتأثر به، ولبنان بكل تناقضاتها الداخلية ذات ارتباط الوثيق بالوضع في سوريا، ويكفي أن القتال الذي وقع في شمال لبنان كان محوره الأساسي الموقف من الوضع في سوريا. وفي الجوار اسرائيل التي تراقب كل شئ بعين الصقر، وتعيد حساباتها لكي تكون جاهزة لكل الاحتمالات، كما أن إيران تقف على الخط، تهمها تطورات الأوضاع في سوريا وانعكاساتها على حوارها المأزوم مع الدول الغربية الكبرى حول موقف سلاحها النووي المرتقب. ودوليا تقف الصين وروسيا في جانب، والدول الغربية في جانب آخر، وتحاول تركيا لعب دور يشهد على أهميتها ويؤهلها للانضمام للمجموعة الأوروبية.
ليس من شك أن نظام بشار الأسد فقد الشرعية والأهلية للبقاء، وموقفه يتضعضع كل يوم، والخيارات المتاحة تبدو مخيفة لأطراف كثيرة، خاصة بعد بروز جبهة النصرة الأصولية. لكن على الداعين للتدخل الدولي أن يراجعوا حسابات الجدوى واحتمالات الربح والخسارة، مع دراسة التجارب السابقة للتدخل الدولي، وهل ساعدت على الاستقرار.
ما طبيعة الوضع في أفغانستان الآن بعد أكثر من إثني عشر سنة على التدخل الدولي، هل استقرت الأوضاع، وهل تم حسم طالبان واخواتها. ثم أنظر لطبيعة الوضع في العراق، وإلى أين تسير اتجاه الريح هناك، والتي تبدو متجهة نحو مزيد التمزق الطائفي وانعدام الأمن، مع فشل رئيس الوزراء المالكي في التعامل مع الأوضاع والتحديات الماثلة، وتفضيله أن يتحصن في إطار طائفته.
قد تكون هناك مشاعر طيبة تدفع بعض الناس للدعوة للتدخل الدولي، والبعض قد روعته صور الشهداء والضحايا والدمار الذي حدث في معظم مدن سوريا، لكن السياسة الدولية لا تعمل بمفاعل المشاعر والنوايا الطيبة، ولا تضعها في إطارها، وإنما لها حسابات أخرى يمكن قراءتها من نتائج التدخل في أفغانستان والعراق. من الأفضل أن تحسم تطورات الأوضاع الداخلية في سوريا الوضع النهائي وتقرر مساره ومصيره، وبناء على توازنات القوى الداخلية وقدراتها، لا على رغبة الدول الكبرى.
الانسان العظيم الاستاذ/ فيصل محمد صالح ،فرصة لاعبر لك عن شعوري بالفخر بك كسوداني واهنئيك على ما حصلتم عليه من جوائز ولا اقول جائزة فحب الناس وتقديرهم لك هو اعظم الجوائز،تحياتي واحترامي
لماذا كان الحل الوحيد الناجح في جنوب افريقيا علي التوازنات الداخلية لا التدخل العسكري ؟ هل لان جنوب افريقيا بفضل تطورها تستفيد من مواردها وخاماتها ولا تصدر ايا منها لذلك فلا مطمع للدول الكبري فيها ؟ ام لان مانديلا ودي كليرك لعبا دورا تاريخيا حقا ؟ هل كان بامكانهما لعب هذا الدور دون بسمح الكبار بذلك ؟ اري ان التطور وليس غيره هو ما يرغم الذنيا علي مساعدتك . هو طريق طويل شاق ولكنه الخيار الوجيد
استاذي الفاضل فيصل ام كان الاجدى بنا ان نخجل من مشاهداتنا للاطفال وهم يموتون كما الحشرات دون ان تتحرك الدول العربيه والاسلامية في حين تحركت دول النصارى واعداء الاسلام بحركة ايجابية لتوقيف الطاغية بشار عن هوايته لتقتيل شعبه”””””
حقا تستحق كل جوائز الصحافة العالمية.
مشكور أستاذ/فيصل على المقال
الا تعتقد يا أستاذ أنه لا بد من معاقبة من استعمل السلاح الكيمائي بغض النظر من الذي استعمله سواء كان النظام أو المعارضة؟ الا يعتبر من استعمل هذا السلاح الفتاك شخص مجنون يحوز سلاح فتاك و ليس هتالك طريقة لمنعه الا بالقوة؟ هل يترك من يستعمل السلاح الفتاك بحجة أن البلد سوف تكون غير مستقرة بسبب التدخل علماً بأن سوريا الآن دولة غير مستقرة؟ الا يشجع عدم التدخل حامل السلاح لاستعماله مرة أخرى و بكثافة لأنه أصبح لا يخاف من العقوبة؟