من مسرح الفاضل سعيد .. الى المغترب غير السعيد !

أحد أصدقائنا من المغتربين المعتقين ..لم يستطع العودة الى السودان لمدة تزيد عن العشر سنوات ، بسبب عدم مقدرته على سداد الضرائب حينما كانت الحكومة وقتها قد ربطت سدادها بتجديد الجوازات في السفارات كفخٍ خارجي .. وعدم إعطاء تاشيرة الخروج لمن لم يسدد إذا ما دخل الى الشرك برجيله وقد قضى إجازته بالداخل !
لذا فقد نشأت عقدة مركبة بين صاحبنا وكلمة الضرائب .. فأصبح يشبه بها كل ما لايستهويه ، فإذا مرّ به شخص لم يعجبه شكله ، يقول أن هذا وجهه مثل الضرائب ، أو إذا ذهب الى مشوار متعب يصفه بأنه مشوار كالضرائب !
حتى إن جاءته زوجته بالشاى ناقصاً سكر أو شديد الحرارة ، فيحتج منادياً عليها ، يا.. مرة ..لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ..شاهيك مثل الضرائب !
الفنان الراحل الفاضل سعيد عليه الرحمة..كان يعاني من حصار الضرائب له حيثما ذهب يعرض فنه ، فيجد موظف المصلحة يجلس الى جانب شباك التذاكر ، فضاق الفاضل بالأمر وقال ، إن دعوة والدته له..
( الضريبة التأخدك )..
قد لازمته منذ طفولته ..وحينما ذهب اليها شاكياً تبعات تلك الدعوة على فنه المسرحي ، قالت له أمه ناصحة ..دعك عن المسرح وأعمل جزاراً مثل فلان الذي يكسب ذهب وهو يذبح كيري خارج الزنك ولا يدفع شيئاً للحكومة ، فرد عليها بظرفه المعهود ، بأنه لن يعمل جزاراً ، لأنه يخشى أن يأكل الناس لحمه !
ونحن المغتربين أكثر الفئات التي أكلت لحمها الحكومات المتعاقبة ورمتها عظماً مجروداً ، منذ أن إبتدع فرض تلك الضريبة الجائرةعلينا نظام مايو دون وجه حق ولا مسوق قانوني ولا مردود يستفاد منه ، ثم جاءت الإنقاذ لتتم الناقصة و تكيل علينا المزيد من الأحمال كالزكاة وضريبة التلفزيون والخدمات ..قال خدمات ..ثم مضاعفة رسوم التوثيق والتجديدات دون زيادة مدة سريان الجواز على سبيل المثال وهي ميزة يتمتع بها كل مواطني الدول حتى الفقيرة منها التي تجدد الجوازات بحدٍ أدنى مقداره خمس سنوات!
ثارت في نفسي كل تلك الشجون وأنا أطالع مقال الزميل الأستاذ حسن وراق وهو يطرح مأساة أهلي في محافظتي العزيزة الحصاحيصا.. كنموذج للعذابات التي يلقاها المواطن السوداني أينما كان مع الداء المسمى بموظفي الضرائب ، فأين ما ذهبوا تلاحقهم لعنة الضريبة إن هم ُكسبوا في تجارتهم و تحاصرهم أكثر إن هم خسروا ، مثلما تحطمت آمال الكثير من المغتربين في العودة الى الوطن.. كصاحبنا الذي بات يردد متوجعاً.. حول طول غيبته عن الوطن ..وهو يسير ويكلم نفسه ضارباً كفاً بكف.. متسائلاً !
دي غربة.. ولا ضرائب دي؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. منقولك منذ أن إبتدع فرض تلك الضريبة الجائرةعلينا نظام مايو دون وجه حق ولا مسوق قانوني

    يقال أنّ/ بدر الدين سليمان / وزير الاقتصاد في حقبة مايو ، كان يسكن بجواره أحد المغتربين
    ولبدالردين هذا ولد (مدلّع) طلب منه أن يشتري له ساعة شبيهة بساعة إبن ذلك المغترب جارهم
    ويومها أقسم بدر الدّين بأن يؤدّب المغتربين وكان أن أقنع النميري (الغبيّ) بفرض هذه الضرائب.
    لاحظوا: ( بدر الدّين وغازي وبدرية)أبناء سليمان هل سمعتم أوقرأتم أو رأيتم خيرا صادرا عنهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..