أخبار السودان

هز جذع النخلة .. شتول (أمطار) .. حكايات (التمر) وزخات المطر

الدبة: محجوب عثمان

غبار كثيف أثير ولا تزال عواصفه تترى لتحجب حقيقة إصابة 20 ألف فسيلة من نخيل الأنسجة المستنسخ من فصيلة التمر السعودي (البرحي) بمرض البيوض الفتاك.

الحقيقة لا تزال غائبة، غير أن الحاضر يؤكد وصول الفسائل الى موقع المشروع بمنطقة “الدبة” بالولاية الشمالية، في ظل صراع بين الشركة التي يترأس مجلس إدارتها في السودان وزير الزراعة بروفيسور إبراهيم الدخيري، وبين الجهات الحكومية المعنية بحياة النبات ومنع انتقال الأمراض.

ما حدث هو أن السلطات وضعت يدها على الفسائل، وخصصت فريقاً لحمايتها من الشركة، بينما كونت الشركة فريقاً ليحمي شتولها من السلطات في ظل عدم الثقة البادية بين الطرفين.

تساؤلات

أسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذه القضية مثل الكيفية التي دخلت بها الفسائل التي يدور حولها الجدل للبلاد، ومن الذي سمح بخروجها من مطار الخرطوم، وكيفية وصولها لموقع المشروع رغم وجود بينة أولية على إصابتها بمرض البيوض، ودواعي تدخل وزير الزراعة لمغالطة تقارير إداراته ومنع إبادة الشتول.

في التقرير التالي سنفرد مساحة وافية للإجابة على هذه التساؤلات من خلال عرض مفصل للمعلومات يتضمن آخر ما وصل إليه الجانبان حتى أمس الأحد.

فلاش باك

بداية القصة تعود إلى رغبة أبدتها الشركة في زراعة (220) مليون نخلة في الولاية الشمالية بعد نجاح كامل لمشروع الشركة في زراعة الأعلاف وتصديرها، في ظل تباشير بنجاح مشروع تسمين العجول الذي ابتدرته الشركة بـ (100) ألف رأس. لتشرع الشركة في المكاتبات الرسمية مع الحكومة وتحصل على استيراد فسائل من الخارج شريطة معاينتها بموقع إنتاجها، ولتلك الغاية ابتعثت الشركة لجنة من وقاية النباتات لمعامل إنتاج الشتول بالإمارات العربية المتحدة لتحصل على الموافقة بترحيل الشتول وتقوم بشحن (10) آلاف فسيلة لمطار الخرطوم.

حتى هنا تبدو التفاصيل التي سردها لـ(الصيحة) نائب المدير التنفيذي للشركة، خالد سليم مغطش “أبو مهاب”، عادية جداً. لتبدأ الأوضاع في الانقلاب عندما تقرر الحكومة إجراء حجر زراعي على الفسائل بمطار الخرطوم، وإجراء الاختبارات المعملية عليها، لتكتشف إصابتها بمرض البيوض.

ويعطي القانون الدولي وفقاً لعضو اللجنة الدائمة للتقاوي، د. عزة صديق حسين، يعطي السودان الحق في إجراء الحجر بمطار الوصول، وفق مجموعة قوانين ولوائح، الهدف منها حماية البلاد والإنتاج الزراعي من الآفات وتقليل خطر انتشارها عبر التجارة الدولية، مع إعطاء الشحنة أمراً بالإفراج المؤقت ونقلها لخارج المطار باعتبار أن المزروعات والشتول تحتاج لبيئة خاصة ورعاية لا تتوفر بمخازن المطار.

وبحسب د. عازة فإن الإفراج كان لنقل الشتول لمشتل بالخرطوم شارع (61) غير أن الشركة ارتكبت مخالفة بنقلها للولاية الشمالية.

دفوعات

يدافع أبو مهاب ضد ما أثارته د. عزة، بالقول إن السلطات منحته إفراجاً مؤقتاً، دون تحديد لموقع التخزين، فآثرت الشركة نقل الشتول لموقع المشروع. مؤكدًا أن شركته لا تمتلك مشتلاً في شارع (61) من الأساس وقال: (لو قالوا سوبا أو الكيلو “5” بأم درمان لقلنا إن الأمر منطقياً لأن للشركة مشاتل هناك) مبيناً أنه يتعامل بالمستندات التي لم يحدد أمر الإفراج المؤقت الوارد فيها موقعاً على الإطلاق.

نتائج معملية

توضح عزة أن شحنة الشتول البالغ عددها (10) آلاف شتلة وصلت وتم فحصها حسب الإجراء المتبع في أكثر من معمل للحجر الزراعي لتحري الدقة، مبينة عن تطابق نتائج المعامل بوجود فطر “فوساريوم” المسبب لمرض البيوض بنسبة 100% مع وجود خمسة أنواع من النيماتودا الممرضة، لتصدر بناء على ذلك اللجنة الدائمة للتقاوي المكونة من (19) عضواً قراراً بإبادة هذه الشتول أو إرجاعها إلى دولة المنشأ كما تنص اللوائح.

هنا تدخلت الشركة مؤكدة أنها لا تثق في الفحص الذي أجري على الشتول لعدم وجود الإمكانيات، وفي الأثناء كانت إدارة الحجر الزراعي ولأغراض مزيد من التأكيد لجأت لمعمل الأحياء الجزيئية بكلية العلوم جامعة الخرطوم لإجراء فحص دقيق لمعرفة ماهية هذا الفطر عن طريق تحليل “الحمض النووي” باستخدام “برايمر” متخصص في فطر مرض البيوض.

تعلل د. عزة الرجوع لمعمل جامعة الخرطوم باعتباره إجراء طبيعياً خاصة وأن الاتفاقية تنص على إمكانية الاستعانة بمعامل داخلية أو خارجية معتمدة ومشهود لها بالدقة والنزاهة.

بيد أن نائب المدير التنفيذي للشركة خالد مغطش رأى أن اللجوء لجامعة الخرطوم لا يبدل شيئاً في كونه اعتمد على التحليل الذي أجرته إدارة الحجر النباتي، ولم يقم بإجراء تحليل لأنسجة الشتول الأمر الذي يقدح في النتيجة التي توصل إليها، بحسبانها انبنت على فحص مشكوك فيه.

سبب القدح

يشير مغطش إلى أن سبب تشكيكهم في التقرير الذي أصدرته لجنة وقاية النباتات يعود لخلاف فيها حول النتيجة، مبيناً أن اللجنة التي كونها وزير الزراعة بروفيسور إبراهيم الدخيري كانت ترأسها بروفيسور نفيسة، كاتبة التقرير المقدم لوزير الزراعة، ويشير لخلو العينات من الفطر. بينما قامت د. مرمر عبد الرحمن عضو اللجنة بتأكيد وجود الفطر وتسريب الأمر للإعلام. مشيراً إلى أنهم طالبوا بفحص جديد استقدموا له خبراء من الإمارات، ليؤكد الأخيرون عدم وجود فطر في الشتول، ومن ثم تم الاتفاق على إرسال عينة إلى هولندا للاحتكام مجدداً.

ويوضح مغطش، أن د. مرمر، قامت بإصدار خطاب لوقاية النباتات أكدت فيه وصول رد الشركة الهولندية التي أجرت الفحص بأن الشتول مصابة بالفطر الأمر الذي جعل وقاية النباتات تصدر أمرًا بإبادة الشتول، غير أن يوم الجمعة الموافق 10 فبراير وصل إيميل لشركة أمطار معنون للدكتورة مرمر يشير إلى تلف العينة واستحالة قراءة بياناتها.

الوزير على الخط

تدخل وزير الزراعة لوقف قرار الإبادة وفقاً لصلاحياته، طالباً مهلة لإعادة الفحص، وجاء تدخله هنا على خلفية كونه رئيساً لمجلس إدارة شركة أمطار، التي منحت مهلة مقدارها (12) يوماً على أن يقوم موظفو الحجر الزراعي بحراسة الشتول، لتنتهى المهلة إلى لا شيء.

تشير د. عزة إلى أن الشركة طلبت إعادة الفحص وأحضرت خبيراً من جانبها من دولة الإمارات بكامل عدته وعتاده، ليعيد الفحص في معمل كلية العلوم بأجهزة المعمل، وفي نفس الوقت بأجهزة الخبير، مع استخدام البرايمر المتخصص السابق، وبرايمر متخصص آخر، ولكن النتيجة أن الشتول تحمل فطر البيوض.

قرار ولائي

تطور القضية استمر ليقوم وزير الزراعة ليل الخميس المنصرم، بالموافقة على إبادة الشتول، ليتم تشكيل وفد ينتقل إلى مدينة الدبة مكون من (14) خبيراً زراعياً بهدف إبادة الشتول التي تتحفظ عليها السلطات.

لكن مصدراً من بين الفريق أكد لـ(الصيحة) أن معتمد محلية الدبة، عصام علي عبد الرحمن، التقى الفريق عند مدينة الملتقى، وأخطرهم بأن والي الولاية علي عوض قد وجهه بإيقاف المهمة خاصتهم، مع استضافة الوفد لحين إشعار آخر.

ولفت المصدر إلى أنهم حالياً في ضيافة معتمد الدبة وينتظرون ما يمكن أن يأتي من والي الولاية، مشيراً إلى أنهم يحملون كل معدات إبادة الشتول في مزرعة أمطار وتطهير التربة، ومن ثم العودة إلى الخرطوم.

مراسيم رئاسية

تطور القضية لم يقف عند ها الحد، فقد أصدر الرئيس عمر البشير مساء أمس (الأحد) قراراً يقضي بإعادة خضر جبريل موسى مديراً لوقاية النباتات من جديد، وهي ذات الوظيفة التي كان يشغلها سابقاً بوزارة الزراعة.

وقد أكدت مصادر مطلعة أن إعادة جبريل له علاقة وطيدة بقضية شتول أمطار، خاصة وأن اللجنة التي كونها وزير الزراعة عقدت رئاستها لمهندسة زراعية من البحوث الزراعية وليس من الوقاية، وأن الخلط تم عندما أكدت في تقريرها لوزير الزراعة خلو الشتول من الفطر.

إلى ذلك، أكدت شركة أمطار تحملها المسؤولية كاملة، مشيرة إلى أن ما يهمها هو اسمها وسمعتها، غض الطرف عن قضية الشتول، بينما وزارة الزراعة وافقت على الإبادة، وأيده رئيس مجلس الإدارة، فلماذا يا ترى وقف والي الشمالية أمام فريق الإبادة وتطهير التربة.

الصيحة

تعليق واحد

  1. يفترض فى السيد الوالي ان يكون احرص من غيره على حماية ثروة الولاية من النخيل التى يعتمد عليها آلاف السكان حتى لمجرد وجود شبهة اصابة لهذه الشتول ناهيك عن نتائج الفحوصات التى اكدت وجود هذا المرض المدمر. اليس كذلك؟؟
    الموضوع يحتاج لتوضيح.
    والله المستعان.

  2. موضوع شركة امطار يجب معالجته دون ضجة اعلامية لان هذا المشروع لو تمت دراسة جدوته بصورة علمية بواسطة علماء متخصصون سيكون اكبر مشروع استثماري يتم تنفيذه في تاريخ السودان وسبوفر فرص عمل لاكثر من مليون سوداني ولهذا يجب استثارة وتسجيع الشركة المنفذة ومساعدتها علميا علي استيراد شتول مطابقة للمواصفات وتشديد اجراءات الحجر الزراعي وتوفير المعامل والخبراء دون المساس باحقية ادارة الحجر الزراعي في رفص اي منتج زراعي يجلب الكوارث واعتقد ان علي الدولة واحبين الاول مساعدة الشركة ومغازلتها لتنفيذ المشروع وثانيا تشديد اجراءات الحجر الزراعي اذ ان المطلوب هو تنفيذ هذا المشروع بالعلمية المطلوبة والشفافية الراشدة ان حدوث بعص الاخطاء امر طبيعي يعالج باستبعاد الفاسد وقبول الشتلات لات السليمة مع التعامل المتحضر مع السركة المنفذة في اطار القانون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..