موسم الهجرة إلى العالم الافتراضي ..غرف «الشات» وصفحات «الفيسبوك» هل تكون البديل؟

الخرطوم: هبة الله صلاح الدين:

يعزو الكثيرون إدمان الشباب الجلوس لساعات طويلة في غرف الشات والدردشة مع اناس وهميون يحكي كل واحد منهم للآخر اسراره ويبثه همومه، الى أنه محاولة للهرب من واقع قاسٍ يعاني منه كل الشباب العربي عامة والسوداني خاصة، في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة، مع ندرة الحصول على وظيفة محترمة تسد الرمق وتحفظ ماء الوجه، وتمكن الشاب من ان يعيش حياته بصورة كريمة.
وهرب معظم الشباب الى عوالم ومجتمعات افتراضية بحثاً عن واقع افضل وان كان وهمياً، فصار الفيس بوك هو سيد الموقف، فهو الاهل والصحبة، ويقضي الشباب أمام شاشات النت ساعات ضائعة من العمر.
يقول اسامة عبد العزيز خريج القانون: «بعد نجاحي في امتحان المعادلة حلمت بأن اصبح محامياً ذائع الصيت، الا انني لم اتمكن من تحقيق حلمي، ومازلت اتجول بين حيشان المحاكم بحثاً عن فرصة تغير مجرى حياتي واثبت خلالها ذاتي. وأشعر بخيبة أمل كبيرة». ومضى اسامة قائلا: «الشباب يعيش حالة ضياع، ومعظم زملائي عاطلون عن العمل، وبعضهم هاجر بحثاً عن خيارات افضل».
فيما كشف وليد إسماعيل خريج العلوم أنه يقضي ساعات طويلة في غرف الشات والدردشة، مستغرقاً في تفاصيل العالم الافتراضي الذي أكد انه اجمل آلاف المرات من الواقع الذي يعيشه الشباب من عطالة وضياع أحلام بعد اصطدامها بحائط واقع اقتصادي قاسٍ افقدهم الامل في غد افضل. وأبان وليد أنه تخرج قبل أربع سنوات ولم يجد وظيفة حتى اليوم، وظل يعمل في أشغال هامشية عائدها ضعيف لا يكفي ثمن «عيش حاف»، ناهيك عن حقه في أن يحلم بتكوين أسرة وأولاد.
ومن جانبه قال محمد حسين «موظف»: «حصلت على وظيفة بعد جهد كبير إلا انها لم تحقق لي ما كنت احلم به، فراتبي ضعيف واحتاج على احسن تقدير لأكثر من عشر سنوات لتوفير تكاليف الزواج». واكد حسين ان هجرة الشباب الى العالم الافتراضي حالة طبيعية، مشيرا الى انها تعد بمثابة مخدر وان كانت خطورته ستظهر على المدى البعيد عندما يفيق هؤلاء الشباب من الغيبوبة «الإجبارية»، ليجدوا ان العمر قد فات.
ومن جهته حمل إبراهيم عبد الله خريج العلوم السياسية مسؤولية ما يعيشه الشباب اليوم الى الحكومات التي قال إنها لا تضع قضايا الشباب ضمن اولوياتها، مما يقود الشباب الى البحث عن حلول لانفسهم بانفسهم دون دليل او قائد او برامج واضحة تؤسس لمستقبلهم. واشار ابراهيم الى ان الشباب في الدول الاوروبية يعدون بمثابة ثروة قومية، فالكوادر البشرية هي الاستثمار الحقيقي الذي اتجه اليه العالم أخيراً، الا اننا ماذلنا في السودان نغط في نوم عميق ولا نكترث لحالة الغيبوبة التي يعيشها شبابنا وهم يتجولون بين حواري وازقة عوالم افتراضية ?همية ليس لها وجود الا في مخيلتهم، وابان ابراهيم ان الشباب اصابته حالة من غياب الرغبة في العمل اصلاً، مفضلين البقاء داخل عالم الفيس بوك مع ذلك المجتمع الذي صنعوه باختيارهم، بعد أن فقدوا حرية الاختيار في عوالمهم الحقيقية لسياسات الضغط والانظمة الديكتاتورية.
في ذات السياق أوضحت سارة حسن أحمد «موظفة» قائلة: «بالرغم من ضغوط الوظيفة بالقطاع الخاص، الا انني اختلس الدقائق للدخول الى الفيس بوك، فهناك اشعر بالمتعة والراحة واطلق لاحلامي العنان، وارسم لنفسي تفاصيل لحياة بها أصحاب وأحباب، وإن كنا نتجمل ولا نكذب على بعضنا البعض، إلا أنها حياة اخترناها بكامل إرادتنا بعيداً عن عوالم فرضت علينا».
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..