اغلاق ملف الأسرى بين (الحركة) و(الحكومة) يتطلب ادخال وسيط دولي..

للاسلام والأدب النبوي تراث عظيم في معاملة الأسرى
اغلاق ملف الأسرى بين (الحركة) و(الحكومة) يتطلب ادخال وسيط دولي..

ما من شك أن النظام الحاكم في السودان تجاوز في سنوات حكمه قيم الدين الحنيف والتقاليد المرعية والاخلاق السوية، ولم يعهد عليه وفاء بعهد ولا أمانة ولا ذمة، وفي كل السنوات التي جثم فيها على ظهور الشعب السوداني لم يراعي فيهم إلا ولا ذمة، ولم يرحم أحداً من الناس وراحت في عهده الأرواح الذكية حتى النساء والأطفال والعجزة، وفي الحروب التي أشعلها هذا النظام رأينا قتل الأسرى في الجنوب ومشاركة الأطفال في المعارك وهم لا يتجاوزون الـ 15 سنة ومنهم أقل من 10 سنوات وشخصياً قد وثقت حادثة مشاركة أطفال جيش الرب من اليوغنديين في معارك الرد على حملة الأمطار الغزيرة في يوم الثلاثاء 21 ديسمبر 1995م..!!.
ومن هنا فإن النظام ليس له وازع ديني ولا أخلاقي ولا وطني لذا لم يكن من العسير عليه أن يمارس التعسف مع المعتقلين ومع الأسرى على وجه التحديد، فإن ما تناقلته أجهزة اعلام التواصل الاجتماعي قبل ايام بأن مدير إدارة السجون بوزارة الداخلية السودانية اللواء أبوعبيدة سليمان من تهديدات للأسرى في سجن كوبر هو أمر عادي الحدوث، لكن بمنظار الشعارات التي رفعها النظام وشرط بها آذان العالمين في حديثه عن الشريعة الاسلامية وعن الاسلام يصبح أمراً مختلف تماماً وهو ما يشير بوضوح شديد استغلال الدين وشعاراته لحكم البلاد لتنفيذ مخططات شيطانية وذاتية ليس لها أي علاقة بديننا الاسلامي الذي أخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الهداية، وحررهم من جور الحُكام إلى فضاء الحرية الواسع.
ومنذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الانسان كانت الخلافات والحروب تنشب بينهم لأنهم بشر، وحسب ما ورد عن المستشار الشيخ فيصل مولوي ينتج عادة عن الحروب أن يأخذ كلّ من الطرفين أسرى من الطرف الآخر، وقد يكون بين هؤلاء مقاتلون أو نساء أو أطفال، وكانت معاملة هؤلاء الأسرى تختلف بين أمّة وأخرى. حتى بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكانت له في الأسرى أحكام محدّدة تنسجم مع طبيعة الرسالة التي حملها للنّاس، ثمّ جرى التوافق الدولي في العصر الحديث على كيفيّة معاملة الأسرى، وصدرت مواثيق دوليّة كان آخرها (اتفاقيّة جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب) المؤرّخة في 12 أغسطس 1949م.
ومن التجارب البشرية والقانونية في مجال الأسرى العديد من الأحكام الشرعية المتعلّقة بأسرى الحرب في الإسلام وقد اتّفق الفقهاء أنه لا يجوز أسر أحد من دار الكفر إذا كان بين المسلمين وبين هذه الدار عهد موادعة، لأنّ هذا العهد يفيد الأمان حتى لو خرج من بلده إلى بلاد أخرى ليس بينها وبين المسلمين موادعة، ومن إعجاز الكلام النبوي الشريف ما وصف به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا الدين عندما قال: (بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)، ومن أعظم أخلاقه ? صلى الله عليه وسلم – الصفح والعفو مع المقدرة على الانتقام.

وللحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم آدب وثروة اخلاقية من القيم الجميلة، ومن هذه الأخلاق معاملته الأسير، وتعليمه أصحابه كيف يعاملون الأسير، ويمكن تلخيصها بما يلي:
1- الرفق بالأسرى والإحسان إليهم وإكرامهم:
هذا ما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله في أسرى غزوة بدر “استوصوا بالأسارى خيراً”، وقال الحسن: “وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المحسنين، فيقول: أحسن إليه. فيكون عنده اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه”، وروي أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف “أحسنوا أسراكم وقَيِّلوهم واسقوهم”، قيلوهم: أي ساعدوهم بالقيلولة وهي راحة نصف النهار عند حرّ الشمس. وقال: “لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح”.
2- توفير الطعام والشراب والكساء لهم:
قال المولى سبحانه وتعالى “ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا” (8) (الإنسان)، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله – تعالى -كما يقول القرطبي في تفسيره. ويذكر (أبو عزيز) أخو مصعب بن عمير، وكان من أسرى غزوة بدر: “وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا من بدر، فكانوا إذا قدّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلاّ نفحني بها. وقال: فأستحيي فأردّها على أحدهم، فيردّها ما يمسّها”، وكان الخبز عندهم أنفس من التمر، لندرة القمح وكثرة التمر، فلهذا كان إيثار الأسير بالخبز من باب الإكرام والحفاوة.
وذكر ابن كثير أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم “أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء”.
3 النهي عن تعذيبهم:
ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي “التعذيب غير المشروع للإنسان، ومنه تعذيب الأسرى، فقد ذكر الفقهاء عدم جواز تعذيبهم، لأنّ الإسلام يدعو إلى الرفق بالأسرى وإطعامهم، قال تعالى”ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا” (8) (الإنسان)، وفي الحديث: “لا تجمعوا عليهم حرّ الشمس وحرّ السلاح، قيِّلوهم حتّى يبردوا”، وهذا الكلام في أسارى بني قريظة حينما كانوا في الشمس، وإذا كان هناك خوف من الفرار فيصح حبس الأسير من غير تعذيب”.
أسرى حركة العدل والمساواة
في الآونة الآخيرة تصاعدت المظالم على الاخوة أسرى حركة العدل والمساواة في سجون النظام الحاكم ولم يراعى فيهم الهدي الرباني ولا الأدب النبوي وهو تراث اسلامي رفيع لمن يعقل ويتبين الأمور لكن هؤلاء عبيد السلطة والدينار لا يفقهون ما يرفعون من شعارات كذبتها السنوات العجاف التي مرت علينا ذاق فيها الشعب السوداني الويل والقهر والقتل، إن اعلان الأسرى الدخول في إضراب عن الطعام هو رسالة للعالم قاطبة للاعلان عن قضيتهم العادلة في أن يعاملوا وفق المواثيق الدولية التي لم تخرج عن مفاهيم الاسلام، وقد وصلت الرسالة للعالم قاطبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بغرض التأثير على النظام الحاكم في أن يوقف تنكيله وتعسفه على اخواننا الأسرى والمعتقلين.
فينبغي مواصلة الحملة الاعلامية أكثر قوة حتى يتم ايقاف ما تقوم به السلطات الرسمية من مضايقة للأسرى أو يتم حل جذري لمشكلتهم من خلال تبادل الأسرى بين الطرفين برعاية دولية، ومن هنا أدعو القائمين على حركة العدل والمساواة للقيام لمبادرة للتبادل مع وسيط دولي، وقد يقول قائل بأن الأمر شأن داخلي ولا يحتاج للتدخل الدولي فيه لكنني أرى أنه من اللازم إذا أردنا قفل الأسرى أن نتقدم خطوة للأمام في الاتجاه الصحيح.
خالد ابواحمد
10 سبتمبر 2013م

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..