وزراء لا بموتوا لا بفوتوا

ما وجدت مهزلة اشد إيلاما من فكرة أن يعُمر الوزراء السودانيين بالوزارات حتى يحسبهم العالم أنهم جزء أصيل من ديناميكية الطبيعة ومكون فاعل من مكونات الحياة مثلهم مثل الأصنام و الجبال والأنهار والأشجار .. ألخ ، في الوقت الذي تحكي منجزاتهم الوزارية أنهم لا يرتقوا كثيراً عن مرتبة أصحاب الحاجات الخاصة الذين في أحسن الأحوال يمثلوا رمانة العبء المتنامي علي جهد المجتمع ، ففي التاريخ القديم ? اقصد بالقديم قبل مجيء ثورة الإنقاذ ? كان مسمي الوزير يطلق علي الشخص الذي يتقلد أعباء المسئولية ا لتنفيذية في واحدة من المؤسسات الخدمية المعنية بتقصير الظل الإداري في حل مشاكل المواطنين وكان الوزير يقبل بالتكليف وهو مكره باعتبار أن المسألة أمانة ويوم القيامة خزي وندامة ، خلاف اليوم فهي ? أي الوزارة ? صارت لدي البعض مهنة تتوارثها الأجيال كابرا عن كابر وملكية خاصة دونها المهج والأرواح ، فالكل يحفظ عن ظهر قلب المقطع المهم من مقولة عضوا عليها بالنواجذ ، ومن شدت عض البعض بالنواجذ عليها والضروس صارت إقطاعيات شاحبة الملمح القومي ورمادية الهوية وما تذكر واحدة منها ألا أقترن ذكرها بالذي حاز عليها بجدارة السيف واستحقاق المدفع ، فإذا قلت رجل الأعمال عبدالرحيم محمد حسين لن يعرفه أحد ما لم تورد ذكر وزارة الدفاع ، لأنه علي حد تعبير السيد رئيس الجمهورية لم تولد النساء مثله ليكون وزيرا يهتم بشئون دفاع السودان ، لذلك مكث بالوزارة حتى اشتكت جدران الوزارة لطوب الأرض من بواعث الملل الذي أصابها جرا تبوءه منصب الوزارة عشرين حولاً و لم يسأم ، هو صحيح علي الأقل صاحب عبقرية قيادية فذة وطموح وزاري يستحيل أن تولد حواء السودانية مثله وتتجلي اسمي معاني عبقريته كونه جوع أفراد القوات المسلحة ليشيد لهم وسط العاصمة الخرطوم صرح ممرد من قوارير ، قوارير من اسمنت يفجرها العدو تفجير ، ففي عهده تقلص عدد أفراد القوات المسلحة لأقل من ربع القوة ! وتجرأ العدو ليحتل مدينة أم روابة وتسللت قوات العدل والمساواة واحتلت امدرمان لعدد من الساعات ، كل هذا ولازال يشغل وزارة الدفاع ؟ فإذا كان في واحدة من الدول التي تؤمن بمقدرات ابنائها لتمت محاكمته تحت سقف مادة الخيانة العظمي ، لكن المشكلة أنه أشتري الوزارة بحر ماله ، وغير مستبعد أن تنتقل ملكيتها لأبنه في حال اصيب بداء الخرف ، فأمثاله من الصعب جداً أن يتوفوا وفاة طبيعية ليشغروا كرسي الوزارة حتى يؤل لشخص ذات كفاءة مهنية مناسبة ، هو مثل مصطفي اسماعيل وابو الجاز وبقية العقد النضيد من الذين غيروا المفاهيم التعليمية وجعلوا امكانية أن تفكر الجامعات السودانية في استحداث تخصص دراسي جديد يتفرع عن دراسة العلوم السياسية يحوز في الشهادة الجامعية علي وصف التخصص ( وزير ) ، وابصم بالعشرة إذا لم يخرف هولا الوزراء لجعلوا من الأسطورة حقيقة وادخلوا في الجامعات تخصص ( الوزير ) ليورثوا الحكاية برمتها لأحفاد أحفادهم . تذكرني قصة الوزراء طويلين العمر بقصة الكوميديان عادل أمام في مسرحية الزعيم عندما قال : هو في رئيس بموت يابيه ؟ وبدوري اعتقد موت الفنانة اللبنانية طويلة العمر أسهل من موت واحد من الأصنام التي تتوسد مقاليد الوزارات السودانية .

النعمان عبد القادر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..