غويشاية محجوب شريف

في معرض تعليقنا العابر والعارض أمس على حديث السفير الروسي الذي نفى فيه أية علاقة أو صلة لدولته بشركة (سيبرين) المثيرة للجدل والشكوك، كنت قد أتيت على ذكر قصيدة مبدعنا هاشم صديق الذائعة (قرنتية) التي يقول مطلعها (قرنتية.. ما غواصة روسية.. قرنتية لا دبابة برمائية لا جاسوسة مدسوسة لا غواصة روسية.. لا جندية في حركة لا مختلسة مال شركة.. لا قصفت حدود فشلا.. لا كسرت صريف كسلا.. لا معروفة ختمية)، وكانت تلك القصيدة – كما قال عنها شاعرها نفسه – إنها عرضته لــ(جرجرة وزرزرة) أصابته بما يمكن أن نسميه فوبيا القرنتية، لدرجة أضحى معها كما قال (لو شاف قرنتية ساي بقرا آية الكرسي)، والحقيقة أن أيام الهوجة والهوشة واللهوجة والسعار تلك التي شهدتها البلاد لتمكين (الجماعة) وتوطين سلطة الانقلابيين، لم تترك مبدعاً ولا سياسياً ولا صحفياً ولا نقابياً ولا ولا مما تعدون، إلا وأذاقته ألواناً وفنوناً من الجرجرة والزرزرة والعذاب والإرهاب والإرعاب، حيث كانت تسيطر على السلطة الجديدة وما تزال عقدة (الشرعية) وفوبيا (من ليس معنا فهو ضدنا).
غير أننا – وعلى ذكر زرزرة المبدع هاشم صديق – نكتفي هنا بذكر الزرزرة والجرجرة التي تعرض لها المبدع محجوب شريف رحمه الله، بسبب قصيدته الشهيرة (غويشاية)، وتقول وقائع تلك الزرزرة، إن لمحجوب شريف قصيدة نظمها عندما فقد أهل بيته (غويشاية) كان يدخرها ليوم سعد بنتيه في أعقاب مداهمة (السلطات) لمنزله وتفتيشه وبعثرة محتوياته… بعد عدة سنوات من ميلاد تلك القصيدة، قدرت السلطات أن هذه قصيدةً خطيرةً ومهدداً أمنياً بعد أن طالعت ما كتبه عنها المبدع يحيى فضل الله في إحدى صحف الخرطوم، وعلى خلفية ذاك النشر؛ تم استدعاء الشاعر وجرجرته الى النيابة وزرزرته بأسئلة من شاكلة ماذا تعني بكذا؟ من تتهم بسرقة الغويشة الخ. وفي ختام جلسة الاستجواب الطويلة؛ تم إخلاء سبيله وقال له المحقق أنت كنت شاهداً وتستطيع الآن أن تنصرف فلا شيء ضدك.. و.. (تلك الغويشاية هجين الدبلة والخاتم.. سلالة كم وكم حاجة.. متل السترة وهّاجة.. بحتم الدولة لا حوله.. بأوراقا الثبوتية.. صبحت في خبر كان.. للي كانت ليها محتاجة.. المسيكينة.. ما تسألني كم تمن الغويشاية بل جاوبني كم تمن الطمأنينة).. والقصيدة طويلة وفي الصميم.
[email][email protected][/email]