رؤساء الدول الإفريقية خارجون عن القانون
بسم الله الرحمن الرحيم
ما تمر مناسبة أو خطاب إلا ويذكرنا الرئيس بالآية الكريمة “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “آل عمران/26. هو بالواضح يقول أنه وحزبه إمتلكوا هذا البلد ، أرضا وشعبا وخيرات، بأمر إلاهي!! . إذن ….من أنتم..!!؟ لا احسبكم إلا رعية منعوتة بأرذل الصفات ، ما عليها إلا السمع والطاعة فقط ، وإن أردتم إسترداد ما إستولينا عليه ، فتعالوا وإنتزعوه. واعجباه? كيف نقنع الرئيس ورهطه ، أنه ليس أميرا أو ملكا علينا ، وإنما مجرد رئيس منتخب في ظروف إنتخابية غامضة؟.
ما أن نراجع سياق هذه الآية الكريمة وأسباب نزولها *1 سنجد انها تختلف تماما عما يفسره هؤلاء المتنطعون ويرخصوه لأنفسهم ، فأساس الاستخلاف في الأرض هو للمؤمنين جميعا وشرطه العمل الصالح وأن الإيمان لا يكتمل إلا بالعمل الصالح وهو سبب القبول والرفع ، ومن ثم ، يفرض علينا الوضع طرح السؤال الآتي : هل انجز هؤلاء أي عمل صالح للإسلام وللمسلمين !!؟ . وهل المؤمن كاذب وقاتل ومنافق ولص!!؟.
هذا هو محور فكر ” الإخوان” : أن تدخل من باب الدين ، فتمتلك السلطة بالتمكين ، ثم تستحوذ علي كل الثروة ، حتي تستطيع أن تشتري الولاء وبذلك تكون قد اقمت الدولة الإسلامية ولسان حالهم يقول : هنا إمارة السودان ” الإسلامية”!!…. ” نحن اولياء الله وأحباءه”.
إذن ، نحن نواجه إمارة أو مملكة شعاراتها إسلامية ، وعملها لا يمت للإسلام بصلة ، لدرجة أنه إذا كان في هذا الحزب من يؤمن بالله واليوم الآخر حقا ويعرف معني تبعات التكليف ، وقارنها بما هو حادث الآن ، ما بقي في عضويته لحظة واحدة.
إنها الأطماع وحب الدنيا وشهواتها ، تتجمع كلها في شكل حكومة ” إنقاذ” مدعاة ،تأتي بالأفاقين واللصوص والقتلة ، والممسوسين من أكل الربا ، لتقود دولة باسم الدين ، والدين منها براء.
ليس عيبا البتة أن تكون ” طلبة” أو حتي ” حمارا” ، وإنما العيب كل العيب ان تكون طاغية ومتكبرا، وعلي من ؟ علي شعب يدين غالبيته بدين الاسلام. في هذا الصدد، ذكر في تاريخ ملوك الأندلس أن الخليفة محمد بن عامر*2 ، مؤسس الدولة العامرية كان يعمل ” حمارا” ثم شرطيا ،ثم رئيسا للشرطة ثم وصيا لإبن الخليفة الأموي، المؤيد بالله ، ثم خليفة ، وقد أعتبرت فترة حكمه من افضل فترات حكم المسلمين بالأندلس ، وذلك لحكمته وعدله في الحكم ، ورحمته برعيته وعدم تنكره لماضيه.
لقد حدث ما حدث ولكنه لا يجب أن يتكرر ابدا ، فقد كانت الدروس المستفادة من تجربة الإسلام السياسي ، فاشلة ومؤلمة ، وباهظة التكاليف ، وهي علي كثرتها لا تعد ولا تحصي ، إلا أننا نستخلص منها ما يلي :
1- أن المرجعية الوحيدة والصحيحة للمسلمين هي الكتاب والسنة الصحيحة.
وان الأحزاب والطرق والحركات والجماعات والبيوت المتسربلة بلباس الدين والمنخرطة في السياسة، إن لم تدر في فلك الحق وتقيم العدل ، فهي معطلة ومشوشة لمسيرة المسلمين ومفرقة لهم ،ومنغصة ومعطلة لحياتهم.
ينطبق هذا ايضا علي الأحزاب والكيانات الأخري وهذا يعني ضرورة وجود تآلف وإتفاق علي الحد الأدني من الثوابت التي تؤدي إلي التداول السلمي للسلطة وفق دستور دائم وملزم للجميع ، وهذا لا يتأتي إلا عبر الحوار والحوار يستلزم توفر حرية الرأي والتعبير ، كما نص عليه الدستور المؤقت لعام 2005.
2- أن أغلب المسلمين في هذا البلد قد فرقهم الإسلام السياسي فصاروا : مسلم ختمي ، مسلم انصاري، مسلم صوفي ، مسلم” وطني” ، مسلم ” شعبي” ، مسلم سلفي ، مسلم شيعي ، أخو مسلم ، حركة إسلامية ..الخ. كل هؤلاء ضالعين في السياسة ، وكل يتصارع علي كراسي السلطة ،وكل يفهم الإسلام ” بطريقته” ويجزم بأنه علي الحق المبين ، وبما ان الحق له وجهة واحدة لاتتجزأ ، ولا تملكه جهة واحدة بعينها ، فإنه يلزم الإتفاق في هذا الجانب ايضا. قال تعالي”قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ لْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قليلا” الأحزاب/آية18.
3- إن الإسلام قد جاء ليجمع المسلمين ويوحدهم في شكل أمة قوية بإيمانها والفرد نفسه هو نواة الأمة ، إذا إستوعب الرسالة وقام بتبعات التكليف . قال تعالي “{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” النحل/آية 120. فقط ، إذا وضعنا الدين في قلوبنا وفهمناه بعقولنا وعكسناه سلوكا في أعمالنا فلن يخدعنا كائنا من كان ، كما نحن مخدوعين الآن.
4- أنه ، منذ الإستقلال ، وحتي الساعة ، ونحن نسير علي نفس المنوال ، وإن تغيرت الوجوه ، وهذا دليل واضح علي أن هناك ثمة علة ابتلينا بها ، لاندر!! أهي في التربية ، أم في التعليم ، أم هي ضعف العقيدة أم ضعف الإنتماء ، أم كلها معا ، فهذا كله يمكن أن ينعكس سلبا علي الذين يحكموننا!!. ليعمل أهل الخبرة والرأي في هذا الإتجاه ، وليصفوا لنا الدواء.
5- أن الوطن مستقل صوريا فقط ، إذ لا زلت الهيمنة الإستعمارية تسيطر علي السيادة الوطنية ، سواء بالتدخل المباشر في الشؤون السيادية ، أو عن طريق العملاء ، وأعتقد أن العملاء داخل هذا النظام أكثر بكثير من خارجه. لا للعملاء …. نعم للعمل الوطني الخالص والمخلص.
6- أننا سنتكلف ، بالاضافة إلي تكاليف إعادة بناء الوطن ، سداد ديون قروض تم إستدانتها بفوائد ربوية ، ليس لنا أي ذنب فيها ولا نعرف اين ذهبت ، ونسأل الله ألا نحمل وزرها ، ولقد كان بالإمكان سدادها من عائدات البترول بسهولة ، ذلك إذا كان هناك نية أصلا للسداد ولكننا ، لم نعرف حتي ..أين ذهبت عائدات البترول غير نهبها وصرفها ببذخ علي الحكومة وعلي الحروب الداخلية العبثية!!. ليس هناك من مناص إلا وقف الإستدانة والتحول نحو الإنتاج الداخلي الحقيقي وسداد الديون من مداخيلها.
7- أن صورتنا قد إهتزت نوعا أمام العالم ، وهذا شئ محزن لأنه يمس الكرامة الشخصية قبل سمعة الوطن، وليس هناك من سبيل إلا التغاضي عن ذلك بالعمل المثابر والدؤوب لإعادة إثبات وجودنا من جديد طالما أن هناك “نفس”.
8- عملية إعادة بناء الوطن تحتاج إلي سواعد وهمم رجال مخلصين ، وليس من يعول عليه في هذه المرحلة وتلك المهمة الصعبة إلا الشباب ، يدعمهم أهل الحكمة والخبرة وهم كثر .
9- كبت الحريات وعدم الإلتفات إلي الرأي الاخر إستحقاقات واردة في الدستور الإنتقالي 2005الذي أقسم عليه الرئيس ، إلتزاما به وحماية له( المادة 56) ويسري ذلك علي حق التظاهر السلمي المكفول للشعب، وهذا يعني ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين فورا والإنصياع إلي الإرادة الشعبية.
السلاح الأهم بالنسبة لشبابنا وشعبنا علي وجه العموم أن يكون دائما في معية الله ، فهو وحده الهادي إلي الحق ، ولابد ، قبل مسيرته نحو إعادة البناء ، ان يقيم الوضع جيدا ويسترشد بتاريخ هذا البلد كي يستخلص منه العبر ، وليعلم أنه القوة الوحيدة الآن القادرة علي التغيير ، وأنه يستطيع أن ينتشل هذا الوطن من القاع بكل مهمشيه ، وينهض به إلي مرافئ السلام والأمن والأمان، وحذار من تكرار نفس الأخطاء ، فقد كلفتنا ضياع زمن كنا نود أن يكون لكم جميلا.
الدمازين في :06/10/2013م.
محمد عبد المجيد امين ( عمر براق)
[email][email protected][/email] المراجع:
*1/ ذكر في تفسير الجلالين :أن هذه الآية نزلت لما وعد صلى الله عليه وسلم أمته ملك فارس والروم فقال المنافقون هيهات: (قل اللهم) يا الله (مالك الملك تؤتي) تعطي (الملك من تشاء) من خلقك (وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء) بإيتائه (وتذل من تشاء) بنزعه منه (بيدك) بقدرتك (الخير) أي والشر (إنك على كل شيء قدير).
*2/ تاريخ الخليفة محمد بن عامر بالأندلس ، الشبكة العنكبوتية.
كلام ساكت. أي كلام لا علاقة له بعنوان المقال، فهو مطلوق على عواهنه، وهو جزء من المشكلة السودانية، إذ يتكلم الكل وفي الكل وبلا تركيز على الموضوع، مما جعل كل الأمور تبدو مختلط، فالبلد تسير كما إتفق، والناس تتكلم ساكت، فما أكثره من كلام، وأقله من فعل. وقد فتحت المقال لأتعرف على الرؤساء الأفارقة ( غير المعروفين)، وللتعرف على مزيد من خروجهم عن القانون، فالظاهر من سيرهم كثير، غير أنه لم يلخص في مقال واحد، فظنت نفسي الأمارة بالسوء أن الكاتب قد إجتهد لتزويد القارئ الكريم بمعلومات قد تفيده خلال عيشته المرة بهذه القارة الظالم حكامها، الحالك ليلها فوجدت السراب غير سيرة السودان التى سودت كثير من الأوراق البيضاء ساكت.