حكم الأسير عمر البشير

قد يستغرب البعض من هذا العنوان ولكن للأسف هذه حقيقة الوضع الراهن في السودان وخاصة بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإعتقال الرئيس عمر البشير في العام 2009م فلقد أصبح الرجل ومن خلفه القطر بأكمله رهينة لهواجسه الشخصية من أن يجد نفسه يوماً ما خلف قضبان المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
فعوضاً عن تأثير القرار على تحركاته الخارجية ومنعه من حرية الحركة كأي رئيس دولة يؤدي واجباته الدستورية فإنه أيضاً بات رهينة لهذه الهواجس في سياساته الداخلية فلم يعد بإمكانه إتخاذ خطوات تصحيحية على المستوى السياسي بالإستجابة لتطلعات الشعب بإنهاء الحكم الشمولي والتوجه نحو الديموقراطية الحقيقية التي تتيح التبادل السلمي للسلطة وهو أيضاً لايستطيع محاربة الفساد لأن رؤوس الفساد هم من يحمونه وهو يعتقد أن إبعادهم يكشف موقفه من الناحية الأمنية ويجعل نظامه عرضة للتغيير الذي قد يؤدي به إلى زنازين لاهاي
فالرئيس البشير في هذا الوضع لايستطيع الفكاك من هذه العصابة من حوله فهو كالأسير لديهم يحركونه كما يشاءون وينفذون من قراراته مايشاءون والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها قراره بمنع طائرات الأنتنوف من التحليق في السودان بعد الحوادث الكثيرة التي تسببت فيها وأودت بحياة الكثيرين وذلك ببساطة لأن معظم شركات الطيران الخاصة تعود ملكيتها لرجال أمنه.
وقد حاول مايسمى بتيار الإصلاحيين في حزبه أن يصلح مايمكن إصلاحه وطالب بإجراء بعض التغيرات الشكلية على النظام ولكن كانت إرادة الفاسدين والمنتفعيين من النظام ورئيسه المشلول هي الغالبة وقد إستماتوا في الدفاع عن مصالحهم الضيقة ولم يهتموا بحال الوطن الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الصوملة أو السورنة ويسعون لتغيير الدستور حتى يتمكن البشير من ترشيح نفسه والفوز بفترة رئاسية جديدة تضمن له الحصانة والأمان من إحتمالية التسليم للمحكمة الدولية ويضمن لهم بقاء النظام وإستمرارية نهب الثروات وإستعباد الشعب السوداني.
لقد كان هنالك أمل في أن يلحق الشعب السوداني بقطار الربيع العربي عبر المظاهرات التي إنطلقت الشهر الفائت ولكن سوء البداية والذي تمثل في تحطيم وحرق الممتلكات العامة والخاصة والذي قام به الشباب الغاضبون من النظام والذين يعانون من غياب الحرية والعدالة الإجتماعية وإستغلال زبانية النظام لهذه الحوادث الفردية بإستعمال القوة المفرطة لقتل المتظاهرين وكذلك إستغلال أبواق النظام لهذه الحوادث في تجريم المعارضين وتخويف الناس من البديل خصوصاً مع الأخبار السيئة القادمة من دول الربيع وشلالات الدماء التي يشاهدها المواطنون في جميع القنوات الفضائية.
أمام هذا الوضع المأزوم وفشل المعارضة في حشد الجماهير المتوجسة لأسقاط النظام عبر التحركات الجماهيرية السلمية في الشارع فإن الفكاك من هذا النظام لن يكون إلا عبر إنقلاب عسكري أو أن يأخذ الله أمانته ويرحل الرئيس إلى مثواه الأخير وحينها سينفرط عقد العصابة التي حول الرئيس وسيسعى كثير من أفرادها ليكون خليفة الأسير.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ده أوعى تعليق عن موقف البشير من الحكم في السودان .. بس في الحتة بتاعت (( سوء لبداية والذي تمثل في تحطيم وحرق الممتلكات العامة والخاصة والذي قام به الشباب الغاضبون من النظام والذين يعانون من غياب الحرية والعدالة الإجتماعية)) جانبك التوفيق فيها لأنه الحاجات التخريبية الحصلت دي كلها كانت من أتباع وذيول النظام وليس من قبل المتظاهرين ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..