وهل يجدي تبديل الخيول .. ياعم الهمباتي ؟!

سوق الحمالين هذا إسمه منذ الأزل.. تتجتمع فيه عربات الكارو بشتى الأحجام و على مختلف الدواب التي تجرها .. خيول هرمة وحمير أدمتها الأحمال وبغال توقف نسلها في حدود ذاتها !
تجتمع كل تلك العربات وخيولها وبغالها قبل الشروق ..فيعلفها أصحابها بقليل من العشب الناشف لا يتناسب مع مجهودها التي تبذله منذ الفجر وحتى مغيب الشمس ..حتى الماء رغم وفرته في الترعة التي تشق السوق .. لا تُروى منه بزعم أنها لو فعلت لثقلت بطونها وتراخت عن إنجاز مهمامها أو ربما قويت فتمردت بالرفس أو العض أو قد تهرب ! فالخيرات في الجانب الآخر من السوق كثيرة ومشونة للنقل الى كل الإتجاهات !
ورغم أن الحمالين واصحاب العربات كثر ..لكن الأبرز..هم .. عم الهمباتي الذي يملك حصانين عجوزين ..أحدهما يقوم بجر العربة والآخر يتبعه مربوطاً كلاعب إحتياط تحسباً لأى طاري يصيب اللاعب الرئيسي صاحب الخبرة في جر الكارو التي بدأت عجلاتها تصطك وخشبها يتأكل ..لكن الهمباتي الذي لا يستمع الى نصيحة عم الضاحك هكذا يسميه الكل لدوام بسمته وطيبته وهو صانع حدوات الخيول الذي حذره مراراً أن الأفراس مهما تبادلت عربته لن يجدي الأمر فتيلاً طالما أن الخلل في العربة ..وبالتالي فالخيول أيضاً لها طاقة إفتراضية لابد أن تعجر يوماً ما عن جر العربة..وهو أيضاً كبشر لن يعيش أبد الدهر ..!
لكن الهمباتي مغرور بكونه محتكراً للسوق ويتعاطى مع أصحاب البضاعة باسلوب خاص فقد تمكن من السوق وأمتلاء غروراً !
بقية الحمالين الأبرز هم ربراب .. يجر عربته حمار مكادي متثاقل الُخطى بين الحمير .. الناس لا يثقون في الربراب فهو كثير الكلام وقليل العمل ويؤخرهم كثيراً في توصيل البضائع فقد جربوه كثيراً فكسدت خبرته ..مرة جلس يثرثر مع ست الشاى لساعتين فتـأمر عليه الهمباتي وسرق حماره .. وحينما ذهب اليه منكسراً مع اطفاله الذين أصابهم ما أصابهم من تبطل الوالد ..فأعاد له حماره مع بعض التعويض عن فترة التوقف عن التحميل ووعده بالمزيد إن هو سمع الكلام و بشرط الا يعيق مساره في السوق ..! أما ثرثرته فلا شأن للهمباتي بها طالما أنها كلام خارم بارم !
الناعم هو الضلع الثالث في سوق الحمالين .. لديه حمار صغير لا يقوى إلا على نقل صناديق البسكويت وبطاطس الأطفال المقلية و قوالب الأيس كريم .. الناير حمال سكوت لا يرتاد سوق الحمالين إلا للتمام عابراً من أطرافه ..علاقته بالهمباتي مريبة بعض الحمالين يشكون في أنه يعمل من الباطن لمساعدة الهمباتي ..وإلا من أين تزداد مظاهر النعمة عليه إطراداً.. ؟
فضلاً عن أنه لايدخل أنفه في المشاحنات الصغيرة التي يفتعلها بعض الحمالين المهضومين من الهمباتي الذين يعملون على ظهورهم التي أحنتها السنين !
الأبرز الرابع عمك.. العكليت .. الذي جارت عليه سطوة الهمباتي وجحوده ..فقد كان شيخاً للسوق .. وهو من أتى بالهمباتي و أهداه العربة المسروقة ليلاً و الخيول التي كانت في عنفوان جموحها ..! وحينما أشتد ساعد الهمباتي في سوق الحمالين واستشعر خطر شيخ السوق الذي بدأ يتشدق بالمن والأذى والتغول على حدود الهمباتي وقد نمت عضلاته وأصبح قادراً على الشحن و التفريغ بقوة دفعه الذاتية يعاونه صبيته من حوله.. ..جمع الرجال و قال لهم لاضرورة بنا لشيخ سوق عاطل ..أرهق مسامعنا بالتنظير .. فحمل البضائع لا يحتاج لكل هذا الكلام الكثير ..!
لم يعد العكليت يملك دابة ..فقد إنقطع عن التحميل بفقده بغلته العاقر التي دفع بها الهمباتي فغرقت في ترعة السوق وزعم للناس أنها إنزلقت بحوافر طمعها حينما ارادت أن ترتوي من المجرى على غير عادة الدوام التي تكتفي بقدر معلوم من السقيا !
السوق بدأ يفور بعد أن إنتبه أهل البضائع من التجار أن الهمباتي في تغافل أو رشوة ..ربراب و الناعم .. وإحتراق ورقة العكليت ، أن تلك البضائع على شحها باتت تتسرب الى جهات غير معلومة و الذي يصل منها الى مخازنهم يصل متأخراً وفاسداً .. فاقد القيمة بسبب تناقص قوى خيول الهمباتي محتكر السوق حتي باتت هرمة لا تحتمل المزيد ..!
نشبت مناوشات بين اصحاب البضائع المنهوبة وعصابات الهمباتي الذين يحشدهم خلف حوائط السوق .. فقفزوا بالسواطير وقتلوا وأحرقوا وسرقوا.. !
لابد من ضحايا هكذا قال الهمباتي في برود وهو يكفكف للوضوء و ينكر علاقته بالمندسين في السوق أو مسئؤليته عن الدماء التي سالت فحولت لون الترعة الى قانٍ.. ويعد أهل السوق بتبديل الحصان الهالك ..بالآخر المربوط خلف العربة وقروحه تنزف هو الاخر من خناق الحبل الذي يشده الى العربة كإحتياط شائخ.. وذيله المنتوف لم يعد قادراً حتى على هش الذباب الذي يؤذيه !
طفل صغير من أصحاب الدرداقات الحديثة وقف ينظر الى الهمباتي وهو يفك الحبال من كلا الحصانيين ليكمل عملية تبادلهما المواقع في يأس وعناد!
فيضحك الطفل ..قائلاً .. هذا لن ينفعك يا عم همباتي فأنت أيضاً هرمت على العمل .. وعربتك تصعدت و خيولك ستموت ..!
بالله أدينا فرصة ..!
ثم ولى هارباً قفزاً رشيقاً بين ضفتي الترعة على فرقعة سوط الهمباتي الذي سقط في الماء وسط ضحكات ستات الشاي المكتومة تحت طرف الثياب ولكنها مسموعة ..!
وكاد الهمباتي أن يغرق وهو يحاول اللحاق بالصبي الذي أطلق ساقيه للريح.. وهو يمد لسانه واعداً بالعود لإغراق الهمباتي العجوز !
وبس !
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. …المرة الجاية ما لازم نجرى وننط الترعة ,لازم نشيل سوط ونتلم على الهمباتى ونرميه فوق مناقد ستات الشاى..!

  2. وبس ؟؟؟؟ هو انت خليت شيئ ؟؟؟
    نعم خكذا المسرح والمسرحية والمؤدون .. وان شآء الله سيذهب الجميع الى دفاتر التاريخ الصفراء…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..