عن الحج والتفويج الجوي

قرأت قبل أيام خبراً عن انتهاء عمليات نقل أفواج الحجاج وفقاً للبرنامج المتفق عليه وحمدت الله على أنها المرة الأولى – منذ سنوات – التي ينتهي فيها مسلسل الحج نهاية سعيدة، بعد أن كنا نتناول أخباره سنوياً بمعاول النقد فلا تسلم من ذلك الهيئة المشرفة أو الجهات الخدمية بدءاً من تكلفته مروراً بعدم الوفاء برعاية الأمراء للحجاج لدرجة الاختفاء والتجاهل والتنكر وصولاً إلى عدم التزام الناقل الوطني بجدول العودة وما إلى ذلك من قائمة الإلتزامات التي ينتظرها الحجاج فيقبضون الريح بدلاً عنها. وقد فوجئت بالأمس القريب وأنا أطالع خبراً يقول بأن الناقل الوطني، بعد أن قطع شوطاً كبيراً دون كثير شكوى، فشل في الوفاء بالتزاماته تجاه البعض فظلوا معلقين بانتظار العودة لأن سودانير لم تستطع سداد ما عليها لشركة بتروناس التي تؤمن الوقود بحجة عدم سداد سودانير لما عليها من مديونية وبالتالي ترتب حدوث قدر من الارتباك فآثر البعض البحث عن البدائل الترحيلية ليزداد عناء رحلة الحج بتكلفة أخرى ووسائل بديلة للرحلات الخارجية والداخلية.

وحتى لا نصب جام غضبنا على الناقل الوطني المحتكر للعمليات ربما يكون توقف عدد من شركات الطيران الداخلية عن تسيير رحلاتها صعّب الأزمة بالنسبة للذين يقصدون مناطقهم بعد وصولهم للعاصمة. وقد مر، بلا وقوف عنده، خبر فشل وتوقف هذه الشركات الداخليه في تسيير رحلاتها نتيجة لإرتفاع وتعدد مسميات الجباية التي لم تعد تطيقها مع ارتفاع أسعار المحروقات ورسوم الطيران المتشعبة مما يجعلها عاجزة عن المواصلة، فاندهشت لكون كاهل شركات الطيران المحلية مثقلاً برسوم حددها الأستاذ الطاهر ساتي بالأسماء والفئات في مقال له بالمواقع الأسفيرية، إذ أن ما يتوجب سداده في الرحلة الواحدة قد يصل إلى سقف ما تجنيه شركات الطيران ذات السعات الصغيرة من ركابها عبر فئات التذاكر. وهنا لا بديل أمامها سوى رفع قيمة التذاكر مما يجعل السفر الجوي قطعة من النار يطأها المضطر مجبراً.

ولعل توقف بعض شركات الطيران الداخلية من المسائل التي لا يجب ابتلاع خبرها ونسيانه لأن ذلك سيؤثر على حركة السفر الجوي الداخليه في بلد قد تتأثر حدوده الغربيه البعيدة بهذا الخلل إذا لم يتم تداركه سريعاً بإعادة النظر في قائمة الرسوم التي أعجزت الشركات عن الطيران علماً بأنها بحاجة يومية لقطع الغيار عصية المنال إزاء تمنع الدولار.
وعوداً إلى قضية الحج، سبق أن قلت في مقال سابق عن أن تحديد تكلفة الحج يستند إلى مرجعية (الحج لمن استطاع إليه سبيلاً) التي يعلمها كل حاج وبالتالي فإنه سيقبل بأي تقديرات تحددها الهيئة بلا جدال تحقيقاً لحلمه بأداء الشعيرة. لكن لأن تجارب الآخرين في البلاد الأخرى تشير إلى إمكانية أداء الفريضة بأقل من التكلفة المتصاعدة عندنا عاماً بعد آخر. فلو ترك الأمر للحاج ليخوض غماره كأي سفرة سياحية عادية عبر الوسائل المتوفرة لما شكل هذا الأمر هاجساً يتم إجتراره سنوياً.

لقد خطرت لي في السابق فكرة بتكوين جمعية لحماية الحجاج أسوة بجمعية حماية المستهلك التي رفعت ذات يوم شعار (الغالي متروك) فحقق انخفاضاً في الأسعار ولو لحين. ولعل الحجاج لو اتبعوا ذات النهج قد يخفف ما يعانونه من تصاعد للرسوم وفوارق سعر العملة وأسعار التذاكر وتحديد الناقلين ووسائل السفر وعشوائية جدولتها ومصاعب الإجراءات واختفاء الأمراء أثناء وبعد أداء الفريضة إلى آخر قائمة السلبيات التي تحدث سنوياً فأثبتت التجارب نسيان حجاج العام الفائت لها وعدم إتعاظ حجاج العام القادم منها.
جريدة الخرطوم في 6/11/2013

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. العزيز صلاح لك التحية . اتذكرك كثيرا فاولاد الناس صاروا عملة نادرة . تذكرتك عندما ارسل لي الوجيه يوسف بدر صورة المحينة الاخيرة وهويبدو كالمتشرد ، دنيا . اقرأ لك كل مااجد مقالاتك . لك التحية اخي الذي لم التقيه .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..