الزواج.. أزمة عريس أم أزمة ثقافة

كنت في بداية المرحلة الجامعية عندما دخلت لمدرسة البنات الثانوية تلك وأنا أباشر بعض المهام الطوعية الخاصة بشؤون الطلاب.. كعادتي دخلت إلى مكتب المعلمين في انتظار إكتمال غرضي لدى أحد المعلمين.. كان المكتب خالياً.. دخلت إحدى المعلمات وألقت التحية في حياءٍ وجلست قبالتي، ثُمّ شرعت في الحديث عن نفسها بصورة دقيقة.. لم أفهم شيئاً مما تقول، ربما لأنني لم أخرج من الذهول الذي تلبسني.. واصلت في سردها إلى أن قالت لي: بصراحة أنا محرجة جداً و… ولم تكمل عبارتها.. والحمد لله على ذلك.. إذ دخل أحد المعلمين بسرعة قائلاً: (لا لا يا أستاذة).. (انتي فهمتي غلط).. ويبدو أنها كانت موعودة بجلسة مع عريس في يومها ذاك. حسناً.. وكانت قد راسلتني واحدة ممّن يقرأن ما أكتب مقسمةً عليّ أن أتناول هذا الموضوع لتضررها الشديد منه، والحق يقال ان للأمر جوانب عدة، ومداخل متنوعة ومظاهر متباينة وممارسات تؤدي له وظواهر هي نتيجته. ولم يفلح القوم.. بحسب ما أرى.. في أن يربطوا بين كل تلك الأطراف والمقاطع لنشاهد الصورة كما ينبغي، وتناول جزء دون الكل دوماً يقود إلى لوحة باهتة لا تكتمل إلاّ في ذهن صاحبها.. طيب.. ماذا تريد أن تقول؟! نبدأ بالواضح من القضايا فنقول إن أراد الشاب الزواج تقابله طقوس (فتح الخشم) و(سد المال) (وقولة خير) و(الكرامة) و(النادي)، ومؤخراً (الشبكة) و(طقوس الخطوبة)، وهي في حقيقتها طقوس قديمة متوارثة وكانت موجودة منذ زواج أبي بأمي ولكنها لم تمنع الناس من أمر الزواج، فإن من أراد الزواج بغيرها كان له ذلك (مع حبة رجالة) ليس إلاّ، ويأتي التناول الخاطئ لموضوع الزواج بأن يؤسس الفهم حول أن هذه هي المعضلة الرئيسية ولا أراها كذلك، بل الرئيسي في هذه الجزئية هي أين يسكن الشاب والشابة؟!!، العريس والعروسة! أين هي (العشة) التي ستجمعهما.. صدقاً وحقاً.. ما زلت أترقب السيد الأمين العام لصندوق الإسكان القومي ليعلن عن شئٍ ملموسٍ منذ إنشاء الصندوق.. لا لنفسي.. ولكن حتى نرى حلولاً تمشي بين الناس.. مشروع السيد نائب الرئيس الذي أعلنه صادقاً، وما زال حتى هذه اللحظة (هرطقة) إعلامية وأرقام جوفاء، سيدي الدكتور غلام الدين عثمان.. إسعى في تخفيض مواد البناء.. والبيت.. والله العظيم نبنيه (نفير) مع إخوانا. وعندما ترى الكتابات عن الظواهر والقضايا السلوكية وجرائم الموت والاغتيال والانتحار هذه الأيام تكاد تشفق على (المجتمع) الذي تهاجمه تلك الكتابات.. من هو المجتمع! أليس هو أختي وأختك وأنا وأنت وبنات الناس وأولادهم.. نعم هذا السلوك ناتج من المجتمع، ولكن إلقاء كامل اللوم على الفتى أو الفتاة أو المجتمع ليس سليماً، فإني أرى المشكلة هناك.. في مكان آخر.. وهذا عرض فقط من أعراضها.. فإن الصحف تكتب ما تكتب وهي تحمل في صفحاتها الفنية (زوراً)، تحمل صور جميلات بني الأصفر بلا ستر، ويحدثك مقدم البرنامج وتدمع عيناه أمامك من سلوك ما.. ويعقبه (مسلسل) بملابس تستحي المرأة أن تظهر بها أمام محارمها من الرجال، وغير ذلك من أصوات (الزمبارة) وسط أبواق من (الفوفوزيلا) الجنوب أفريقية! ولئن منعنا نحن هذه المشاهد والصور فهي متاحة عند غيرنا بلمسة يد.. طيب وبعدين، أرى.. (وكلامي ده ما ترموه الواطه) أن نقول لكل من أحب فتاة.. بعد الوعظ والإرشاد طبعاً.. أن تقدم وخذها على كتاب الله وسنة رسوله، حتى وإن كان طالباً، أو عاطلاً، أو مراهقاً أو (شين).. على الأقل دعونا نعلم ان للطفل أباً وأماً وبعدها (يدبروا رأسهم).. فالأكل والشرب هينان. ومصيبة أخرى تحتاج للحاق سريع.. (كيف ما عارف!).. وهي انحدار ثقافة بعض الفتيات والفتيان نحو الثقافة الغربية.. وهؤلاء بالطبع لا يصلح معهم ما نقول من تنظير، إذ أنهم بدأوا يؤمنون بالحرية الشخصية.. فلربما ترفض الفتاة العريس لأنها تريد أن تقرأ (جد جد) وليس (زوغة)، ولربما أنها ترى في الزواج عبودية لها أمام رجل واحد.. فلماذا لا تظل حرة وتذهب لمن تشاء من الرجال في الوقت الذي تشاء، وهذا الأمر متشابك مع ما قبله إذ أن الأمر لا يبدأ هكذا حتى لا نستبعده، ولكنه يبدأ بالمقلوب.. إذ يؤدي العزوف عن الزواج.. حسب ما تروى القصص اليومية في الصحف وغيرها.. يؤدي إلى سبيل غير سبيل الرشاد وذلك مأواه في حالة انعدام الوعي والدين والأخلاق، إما إلى أخبار الحوادث والقضايا أو الظواهر الاجتماعية الجديدة وهو ما أحدثكم عنه. وليس هناك من مقترحات محددة هاهنا، ولكني أظن أن علاج أصل المرض يمنع وقوع الأعراض من السهر والحمى. وأخيرة أعرض بها على آبائنا وأمهاتنا بأن ما يعيشه أبناؤكم من زمان.. هو غير ما عشتموه.. فالحياة أصبحت قاسية، ولقمة العيش مجهودها مضاعف.. والعمر يمضي سريعاً. أسألكم بالله أن تعطوا العفو لأبنائكم وبناتكم من أي مسؤوليات ترفيه كبناء المسكن أو غيره.. وإني لأعلمهم.. لا يقصّرون في حقوقكم أبداً.. بزواج أو بدونه.. أطلقوا قيد الأبناء من أسر الطلبات المتكرّرة.. تمنوا لهم بنت الحلال وساعدوهم بالدعوات ولن يخيّب الله ظنكم فيهم أبداً.. أقول هذا الحديث قولاً.. وأعلم يقيناً أنه يحتاج لفعل كثيف. دعونا سادتي نملأ الأرض ضجيجاً بالحق فيخفت صوت الباطل بدلاً عن البكاء والعويل، نرفع للحق راية فتغطي على الراية الحمراء بدلاً عن إهانة اللون الأحمر على صفحات الصحف، نوقد شموع الخير والعفاف عِوضاً عن السعي للنفخ في كيرهم، أيها المجتمع.. (يعني أنت وأنا).. قم بدورك الإيجابي نحو نفسك.. أسرتك.. وأخواتنا هؤلاء.. ينتظرن إشارة هكذا.. فيعلن موافقتهن على الزواج.. بدون مقابل.. ولا يطمعن في كثير.. والله قادر على أمره ولو كره الفاسقون.

م.مجاهد بلال طه
التيار

تعليق واحد

  1. كلاااااااااااام بس الشباب ما عندهم عقدة من الزواج غير ناس فتحة خشم وفطور عريس وشيلة من دبى تختارها خالتى وووووووووو الحل شنو مع بنات زى ديل ؟؟؟؟؟؟؟ تفتكر انو واحدة بتفكر كدة حتقيف معاك فى الزنقات؟؟؟؟؟؟؟

  2. السودان يعادل مساحة 20 دولة في العالم ونصف الشعب السوداني لم يمتلك بيوت وسكان السودان يعاني من عدد من المشاكل منها الصحة والامن والتعليم والاعاشة والفقر والسكن والططرق والعطش باضافة للجؤ والنزوح القيسري وحرق القري و90 في المية من السكان ياكلو وجبة ونصف في اليوم والشعب السوداني عنده اكثر 100 مشكلة والمشاكل دي كلها مسؤؤؤؤل منها البشير

  3. غبوشة والله حيرتونا أي موضوع أنتم جعلتو البشير شماعة كلام لا يستحق يردوا عليه لأن خارم بارم ومافي إنسان يصدق تعليقك دا ……………………

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..