السودان.. دكتوراة فخرية

يوميا نقرأ تقارير محبطة تقذف بالسودان في ذيل تصنيفات وقوائم الدول في كل شيء.. في الاقتصاد والسياسة والشفافية والحرية وحقوق الإنسان، وبالمقابل نطالع تصريحات وأرقاما أخرى متفائلة جداً تصدر عن مسؤولين ومؤسسات في الدولة تبشرنا بأننا دولة تمتلك كل شيء تماماً فقط ربما ينقصنا الحظ وقليل من الجهد .
أغرب ما في الموضوع أن كل هذه التصنيفات تستند على تقارير تصدر عن مؤسسات دولية ترسل لنا ما يجعلنا نتعبأ باليأس وما يجعلنا ننتفخ بالأمل والتفاؤل في نفس الوقت ..!
أول أمس في اليوم الذي تحدث فيه مدير البنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن أحمد، عن تصنيف السودان ضمن (3) دول تمتلك موارد كافية لتوفير الغذاء للعالم إلى جانب (كندا وأستراليا)، هذا الغذاء الذي أصبح هاجساً عالمياً وأن السودان شرع ومنذ العام 2010، حسب مدير البنك الزراعي في توفير البنيات الأساسية للزراعة بصورة حديثة .
في نفس هذا اليوم الذي أطلق فيه صلاح تصريحه هذا تحديداً كان تقرير صادر عن مجلة ( Global Finance ـ غلوبال فاينانس) الاقتصادية المتخصصة، يصنف السودان كثاني أفقر الدول العربية، بعد اليمن وجعل السودان الأسوأ نسبياً فى معظم المؤشرات التي اعتمد عليها في تصنيف الدول..!!
هل نحن إلى جانب كندا واستراليا في تصنيف اقتصادي وفي نفس الوقت ليس بعدنا في سوء الحال الاقتصادي عربياً إلا اليمن..؟
وكيف نكون في مصاف كندا وأستراليا من حيث امتلاك موارد لتوفير الغذاء للعالم أجمع ولم ننل من هذا التصنيف الرفيع والمتقدم جداً ما يجعلنا على الأقل في خانة ومرتبة وسطى ومعقولة تناسب وضعنا كدولة يرجى منها أن تغذي العالم كله وتكون على الأقل مكتفية ذاتيا.
الإجابة بسيطة جداً أنه في مثل هذه التصنيفات يكون التقييم بالأرقام وبكسب الدولة وإنتاجها وليس بالمجاملات ومنح ألقاب التصنيف على طريقة (الدكتوراة الفخرية) ..
لا سبيل لحجز خانة أو نيل لقب اقتصادي أو تنموي دون أن نحصل عليه (خدمة يمين وعرق جبين).. وعلى مدير البنك الزراعي أن يبتعد عن هذا النوع من تصريحات رفع المعنويات العامة و(النفخ) الإعلامي، لأن من يطالع هذا التصريح في ذلك اليوم سيستقبل في نفس اليوم خبراً بارزاً يلخص له تقرير غلوبال فاينانس، وترتد على مدير البنك الزراعي تصريحاته بعبوة ناسفة من علامات الاستفهام والتعجب الشديدة الانفجار..
موضوع أيلا (تعقيب على تعقيب)
سعدت جداً بمقال الأخ العزيز الأستاذ مزمل أبو القاسم تعقيباً على مقالنا حول سياسة والي الجزيرة، برغم اختلافه الكامل مع وجهة نظري، والسبب في سعادتي بالمقال أسلوب هذا القلم الحاذق المُضَرَّسْ في إدارة الخلاف خاصة وأننا في زمانٍ يعاني فيه الناس عجزاً في إدارة الاختلافات، وصرنا نشتهي وجود ذلك النوع من الاختلاف الذي وصفه المحجوب بأنه لا يفسد للود قضية .
ملاحظاتنا على سياسات والي الجزيرة لخصناها في عبارة قصيرة هي أن الرجل أمسك ورقة أولويات الولاية بالمقلوب.. هذه هي القضية، حتى سخريتنا من مهرجانات السياحة هي موضوع جانبي لكنها سخرية متعمدة وليست ناتجة عن موقف من الغناء فنحن نحب الفن ونعشق النغم، ونستمتع دوماً بروعة الغناء السوداني الأصيل.. ليست لدينا مشكلة مع الغناء لكن يجب أن تسموا الأشياء بمسمياتها فمهرجانات الغناء في مدن السودان الآن تنتحل صفة (السياحة)، نعم هي حفلات غنائية وفعاليات ثقافية.. أما السياحة التي نحتاج إلى تنشيطها وننادي بالاهتمام بها فهي موضوع مختلف تماماً عن هذه المناشط.. هي السياحة بلغة الدولة والاقتصاد وهي عبارة عن بيزنيس ومناطق سياحية مهيئة لاستقبال السياح أو تنظيم فعاليات تناسبهم.. السياحة هي دولار وإيرادات تستقبلها خزانة الولاية بجانب الفائدة الثقافية والحضارية للدولة السياحية، وليست مجرد حفلات غنائية بلا مناسبة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..