صاحب السيارة (…)

بطبيعتي لا أحبذ رؤية المناظر المحزنة والمشاهد المؤلمة ليس خوفا منها ولكن تأثرا مني بهذه المواقف ولأن مثل هذه المناظر المؤلمة تظل عالقة بذاكرتي يصعب نسيانها كذلك لقناعتي ان المناظر المؤلمة والمؤثرة تجعل من الشخص قاسي القلب دونكم الأطباء أصحاب المعاطف البيضاء من كثرة ما يشاهدونه من المرضى والمصابين نتيجة حوادث سيارات وحرائق ونحوه تجدهم لا يتأثرون كثيرا بهذه المناظر المؤلمة القاسية لكن هذه الشجاعة يمتلكها الطبيب كيف لشخص عادي أن ينظر الى شخص (مقطع) والدماء تنزف منه ليسعفه أولا ويقدم له العلاج. لا يوجد من يقوم بذلك غير الأطباء فلولا هذه (القساوة) إن شئت فلنسمها قساوة (حميدة) لما استطاع أحد إنقاذ حياة شخص مصاب .
ما دعاني الى هذه المقدمة الطويلة أننى كنت مع زميلي (عثمان) فى شركة قماري وأنا أهم بالخروج منه بعد ونسة تجاذبناها عن أوضاع البلد الاقتصادية السيئة والمعيشة التى (غلبت الناس) حكى لى أنه قبل قليل أتى اليهم شاب فى مقتبل العمر م،ريض (يستفرغ) دما عله مصاب (بفشل كلوى) يحتاج للغسيل او (سل) وأنه لا يملك ما يذهب به للمستشفى. اضطر أن يبحث عن ثمن العلاج لعله يجد من (أمة محمد) من يمد له يد العون بعد أن استفحل به المرض ووصل الى هذه الدرجة وهو ما يزال فى ريعان شبابه. خرجت من المكتب وذاكرتي تختزن القصة الحزينة وأنا أخطو على عتبات السلم وجدت دماء على السلم. يا الله إنها دماء الشاب المريض الذى حكى لي عنه. ليته لم يحك لي، نزلت الى الطابق الأرضي، وجدت الشاب المريض وما يزال يستفرغ (دما) والناس تمر حوله طلوعا ونزولا. لم يتقدم اليه أحد كأن الإنسانية غابت من حياتنا وانقطعت المروءة فى مشهد إنسانى يبكي كل من له قلب. لم أستطيع الاقتراب من الشاب وهو على هذا المشهد الذى لمحته فالدماء تسيل من فمه على ملابسه. وقفت خارج العمارة لأرى ماذا سأفعل فى الخارج. وجدت زمليتي الإعلامية رجاء ابراهيم. حكيت لها القصة فتألمت أكثر مني واقترحت أن نأخذه في سيارة (أجرة) لأقرب مستشفى. وأثناء بحثنا عن السيارة خرج الشاب برفقة شابين الى الشارع وهما يسندانه محتارين ماذا يفعلون. قلت لهم اقتراح أخذه الى المستشفى وقبل أن نوقف سيارة الأجرة توقف شاب يقود عربة (فستو) تطوع بأخذ الشاب المريض الى المستشفى. أردنا أن نعطيه بعض (الجنيهات) للمساعدة لكنه شاب شهم رفض وقال ما تشيلوا هم سأتكفل به. شكرناه على موقفه النبيل الشهم الذى يدل على أصله الطيب فالمجتمع السوداني ما يزال بخير بالرغم من صعوبة الحياة التى أصبح يعاني منها مجتمعنا. لمحت السيارة وهي تغادر بالشاب المريض. لم أجد إلا أن آخذ رقم السيارة لأشكره من خلال الصحيفة على موقفه النبيل لكن يبدو أن الرقم الذى دونته على هاتفي لم أحفظه فعندما عدت اليه لم أجده وكنت أريد أن أشكره على موقفه من خلال الصحيفة فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن باب أن نشجع الآخرين لعمل الخير فالدال على الخير كفاعله.
لا حــول ولا قــوة الا الله
الاخ الكريم
من اشد الاحوال ايلاما اننا اصبحنا شعبا
غير مبال او كما يقال اصيب بعدم اللا مبالاة
وعدم التأثر بالمواقف
والا فماذا تعلل بان يخرج شعب عب بكرة ابييه
ليسقط الحكومة التى قتلت طالبا
وينسى بد ايام قلائل الحكومة التى قتلت 213 مدنيا