مقالات سياسية

ظاهرة الحروب الاهلية فى افريقيا اسبابها وعواملها

تعتبر ظاهرة الحروب الأهلية من أبرز الظواهر الإفريقية؛ إذ لا يكاد يخلو إقليم من أقاليم القارة الإفريقية من صراع أو حرب أهلية عنيفة كان لها آثارها العميقة ليس فقط على الحياة السياسية وإنما على كافة مناحي الحياة في القارة الإفريقية.
وتتسم ظاهرة الصراعات الأهلية في القارة الإفريقية بأنها ظاهرة معقدة سواء فيما يتصل بخلفياتها وأسبابها، أو فيما يتصل بنتائجها وتداعياتها. فعلى صعيد الأسباب لعبت العديد من المتغيرات دوراً في اندلاع الحروب الأهلية. ويمكن تصنيف هذه المتغيرات في مجموعتين رئيسيتين تتعلق أولاهما بالبيئة الداخلية مثل الطبيعة التعددية للمجتمعات الإفريقية: العوامل الاقتصادية والسياسية. أما ثانيهما فتتعلق بالبيئة الخارجية وما يرتبط بها من دور للقوى الدولية والإقليمية في الصراعات الإفريقية.
وعلى صعيد النتائج أفرزت الحروب الأهلية في إفريقيا العديد من النتائج تمثلت في: انهيار الدولة وتقويضها، نشوء ظاهرة العنف السياسي أو ثقافة العنف في المجتمعات الإفريقية، بروز ظاهرتي اللاجئين وتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، وغيرها من الظواهر التي تؤدي بدورها إلى تفاقم حدة الصراعات وتجددها مرة أخرى
وتجدر الإشارة إلى أن القارة الإفريقية ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية شهدت ثلاث موجات من الحروب والصراعات الأهلية، يمكن الإشارة إليها على النحو التالي:
الموجة الأولى: وقد انفجرت هذه الموجة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتمثلت في حروب حركات التحرير ضد القوى الاستعمارية. وامتدت هذه الموجة حتى منتصف السبعينيات. واتسمت هذه الموجة من الحروب ـ والموجهة بالأساس ضد القوى الاستعمارية ـ بانخفاض تكاليفها، وضيق أو محدودية نطاقها.
الموجة الثانية: وشملت ظهور عدد قليل من الصراعات بين الدول الإفريقية فضلاً عن صراعات وحروب أهلية على نطاق واسع. وكان من أبرز أنماط النوع الأول (الصراعات بين الدول الإفريقية) حرب الأوجادين (بين الصومال وإثيوبيا 1977 ـ 1978م)، (والحرب التنزانية – الأوغندية 1978 ـ 1979م).
الموجة الثالثة: وقد بدأت هذه الموجة مع انتهاء الحرب الباردة، واتسمت الصراعات في هذه المرحلة بأنها في معظمها صراعات أهلية؛ إذ أصبحت الحروب الأهلية النمط الأكثر شيوعاً في القارة الإفريقية ـ بين أنماط الصراع الأخرى.
ففي حين لم تتعدد حالات الحروب الأهلية التي وقعت في القارة منذ منتصف الخمسينيات وحتى نهاية الثمانينيات – لم تتجاوز تسع حالات ـ فإنه ومع بداية التسعينيات، انفجرت سلسلة من الحروب الأهلية الطاحنة، فضلاً عن حالات التطهير العرقي والمذابح الجماعية، وتنوعت هذه الصراعات ما بين صراعات شكلت استمراراً لحالات سابقة (السودان – موزمبيق)، أو استئنافاً لها في شكل جولات جديدة أكثر حدة (بوروندي – أنجولا)، فيما ظهرت حالات جديدة لم يكن لها وجود سابق مثل (ليبيريا والصومال). ووفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول أسباب الصراعات الأهلية في القارة الإفريقية، فإن 14 دولة من إجمالي 53 دولة إفريقية عانت مـن نزاعـات مسلحة عـام 1996م.
وقد تنوعت التعريفات المقدمة لظاهرة الحرب الأهلية، وفقاً للبعد الذي يتم التركيز عليه في التعريف. وقد عرف أحمد إبراهيم محمود الحرب الأهلية تعريفاً إجرائياً وذلك في دراسته حول الحروب الأهلية في إفريقيا، باعتبارها شكلاً من أشكال الصراع الداخلي في المجتمع، تقوم به جماعة أو جماعات على أسس إثنية او أيديولوجية من أجل تغيير بعض السياسات الحكومية أو الإطاحة بنظام الحكم أو الحصول على الحكم الذاتي لمنطقة معينة أو الانفصال عن الدولة. ويشتمل هذا الصراع على أعمال عنف مسلح منظم واسع النطاق من جانب جميع الأطراف المشاركة، ويتم تنفيذ عمليات العنف انطلاقاً من مناطق معينة تمثل قاعدة عسكرية محددة لها
عوامل اندلاع الحروب الاهلية :
تتعدد العوامل التى من اجلها تنشب الحروب الاهلية فى افريقيا منها :
عوامل اثنية :
أ – العوامل الإثنية:
تتميز المجتمعات الإفريقية بتعدد أشكال وأنماط التعددية سواء كانت تعددية إثنية أو لغوية أو دينية. فعلى صعيد التعددية اللغوية توجد في إفريقيا أكثر من ألفي لغة ولهجة، إلا أن هذا العدد يمكن تقليصه إلى نحو خمسين لغة رئيسية إذا ما تم تجميع اللغات واللهجات المتشابهة، والاقتصار على اللغات الرئيسية. وتنتمي هذه اللغات في مجملها إلى مجموعتين رئيسيتين هما: مجموعة اللغات الأفرو آسيوية، ومجموعة لغات النيجر الكونغو، وكلاهما تتكون من مجموعات لغوية فرعية.
وعلى صعيد التعددية الدينية يشهد الواقع الأفريقي أيضاً تعدداً وتنوعاً في الأديان والمعتقدات. فإلى جانب الدين الإسلامي والمسيحية توجد الأديان التقليدية، والتي هي بدورها متعددة ومتنوعة بقدر تنوع وتعدد الجماعات الإثنية في القارة؛ إذ تتميز الأديان التقليدية بأنها محلية الطابع لا تمتلك أي فعالية خارج نطاق الجماعة الدينية المؤمنة بها.
إلا أنه وعلى الرغم مما سبق ذكره حول التعددية اللغوية والدينية، فإن التعددية الإثنية تظل هي النمط الأهم من أنماط التعدديات الموجودة والسائدة في المجتمعات الإفريقية. وتتميز الإثنية في المجتمعات الإفريقية بأربعة خصائص أساسية :
أولاً: أن الرابطة الإثنية تتميز عن غيرها من الروابط الاجتماعية بكونها رابطة وراثية وليست مكتسبة؛ ومن ثم فهي تقوم على أساس الوعي بالذات.
ثانياً: أن الجماعة الإثنية تتميز بوجود إيمان جمعي بمجموعة من القيم والمعتقدات يتم التعبير عنها بشكل مؤسسي.
ثالثاً: تتميز الرابطة الإثنية في إفريقيا بوجود تمايزات واضحة داخل الجماعات الإثنية، ولعل هذا ما يسوِّغ الصراعات الداخلية داخل كل جماعة إثنية، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيد ظاهرة التعددية الإثنية في القارة الإفريقية.
وأخيراً: تتميز الإثنية في إفريقيا بأنها يمكن أن تتلاءم مع المواقف والسياسات المتنوعة والمعقدة بحكم ما تنطوي عليه من ولاءات فرعية متعددة.
وعلى الرغم من أن التعددية الإثنية أمر أصيل في واقع المجتمعات الإفريقية، فإن الاستعمار الأوروبي وبالأحرى السياسات الاستعمارية ساهمت في زيادة حدة التعددية الإثنية إلى الدرجة التي أصبحت بها هذه التعددية أحد أهم أسباب الحروب والصراعات الأهلية في القارة.
ويولي دارسو الحروب الأهلية في إفريقيا أهمية خاصة للبعد الإثني باعتباره المحرك الرئيسي لتلك الحروب؛ ذلك أن الحروب الأهلية تبدأ «باستقطاب إثني» حاد داخل المجتمع يسمح بتعبئة الموارد وحشد الصفوف على أسس إثنية بالأساس.
وتجدر الإشارة إلى أن وجود الظاهرة الإثنية في حد ذاتها لا يعتبر سبباً كافياً لظهور الصراعات الأهلية؛ حيث إن هذه الصراعات تبرز إلى الوجود فقط عند شعور جماعة أو جماعات إثنية معينة بالحرمان والظلم بسبب تعرضها لنوع من أنواع الضرر الجماعي المتمثل في عدم المساواة الاجتماعية، وحرمان أعضائها من التمتع بمستوى معين من الحياة المادية التي تتمتع به الجماعات الأخرى، أو حرمانها من المشاركة في تداول السلطة…. إلخ.
بمعنى آخر، فإن الظاهرة الإثنية تعتبر ركيزة أو أساساً للحرب الأهلية عندما يجري رسم وتنفيذ السياسات العامة للدولة على أساس الاعتبارات الإثنية المتحيزة.
أن النظم السياسية في القارة الأفريقية عجزت عن التعامل ومازالت عاجزة حتى يومنا هذا عن حل أو تسوية مشكلة التعددية لأن القارة الأفريقية تعج بالعديد من التعدديات الثقافية واللغوية والدنية والمذهبية….إلخ ، لقد عجزت النظم السياسية عن إدارة عملية التعددية الاجتماعية في داخلها و كان هذا العجز أم راجع لضعف القدرة الاستخرجية لهذه الدول حيث لا توجد موارد كفاية لتوزع هذه الدولة على جماعتها و مواطنيها وترضى الحد الأدنى من مطالبها ، أم قد يكون هذا العجز متعمد وراجع إلى أن الذي يسيطر على السلطة السياسية ليس نخبة سياسية و لكن جماعة أثنية بعينها حولت موارد الدولة لها على حساب الجماعات الأخرى بهذا المعنى أصبحت الحروب الأهلية منطقية و زدت حدة وعدد عقب انتهاء الحرب البادرة ، حيث كان انتهاء الحرب الأهلية تأثير سلبياً على القارة الأفريقية ، حيث زاد عدد الحروب الأهلية من ناحية ، زادت كثافتها في الحديث عن حجم القتلى و أعمال العنف ضد المرأة زادت بشكل غير مسبوق ، أن لا يوجد حروب أهلية نشأت نتيجة لخلافات أيديولوجية حيث أن الحروب الأهلية في أفريقيا هي حروب قامت على خلافات أثنية أو دينية أو لغوية …إلخ ، حيث أن الذي يدير الحرب ليس المثقفين لكن زعماء الحرب وأصبح الوضع والتعامل مع الأخر باعتباره ينتمي إلى جماعة أثنية مختلفة فهو عدو لدى الأخر بكل المعايير
هذا بالنسبة للعوامل الاثنية اما بالنسبة للعوامل الاخرى ساعود اليها لاحقا وقد اعتمدت فى مقالى هذا على عدة مصادر ساذكرها فى نهاية المقال مع كل الود للجميع والى اللقاء مع الجزء الثانى من هذا المقال

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..