الزعيم الإنسان

* إعادة كتابة تأريخ السودان أمر مهم، خاصة في ظل الهجمة الجائرة على بعض رموزنا الوطنية، التي لا ندعي كمالها، ولكن للإنصاف والحكم عليها بموضوعية وتجرد بعيداً عن المواقف الحزبية، التي تلون الأحداث، وتقيّم المواقف التأريخية، عبر منظارها الحزبي.
* لذلك نحتفى بأي جهد توثيقي يؤرخ لحقبة من الحقب التأريخية، أو لتأريخ رمز من رموزنا الوطنية، ومن هنا جاء احتفاؤنا بكتاب زميلنا الصحفي محمد الشيخ حسين عن (إسماعيل الأزهري ? الزعيم الإنسان).
* يكفي ما سطره الأستاذ بدر الدين سليمان في تقديمه للكتاب، عندما قال: (أورد المؤلف الشمائل النادرة التي خصّ بها الله الأزهري، من سعة الصدر، وطول البال، والصبر على المكاره، والقدرة على التسامح)، هذه بعض سمات هذا الزعيم الإنسان، الذي ارتبط اسمه باستقلال السودان.
* لن نقف طويلاً عند الجوانب الشخصية التي تميز الزعيم إسماعيل الأزهري، لكننا لا بد أن نتوقف عند المحطات التأريخية المهمة، التي شكلت شخصيتة المتميزة، منذ نشأته الأولى في بيئة اتحادية، أسهمت في تنمية وعيه السياسي، وفي البلاد عامة.
* دخل الزعيم الأزهري دائرة النشاط العام، إثر انتخابه عام 1931 سكرتيرا لنادي الخريجين، في أم درمان، وكان أول رئيس لحزب سياسي سوداني، هو حزب الأشقاء، إلى أن أصبح رئيس الحزب الوطني الاتحادي، الذي حصل على أكبر نسبة من الدوائر الانتخابية في أول انتخابات، وشكل الأغلبية في البرلمان، وقد وحّد الأزهري الإرادة الوطنية لأهل السودان، وقادهم نحو الاستقلال التام من دولة الحكم الثنائي.
* سعي الراحل المقيم إسماعيل الأزهري إلى تحقيق التوافق الوطني، وكانت ضربة البداية التراضي مع حزب الأمة على إعلان استقلال السودان من داخل قبة البرلمان، ليسجل التأريخ أول مشهد من مشاهد الإجماع الوطني في تأريخنا المعاصر.
* لقد جاء استقلال السودان، كما عبّر عنه الزعيم الأزهري (مثل صحن الصيني ما فيه شق ولا طق)، لكن للأسف لم نستطع الحفاظ على المناخ الديمقراطي المعافى؛ نتيجة للخلافات التي بدأت منذ بداية الحراك السياسي السوداني، في مؤتمر الخريجين، عبر صراع الشوقيين، والفيليين، في إشارة إلى مجموعة محمد علي شوقي برعاية الإمام عبد الرحمن المهدي أمام الأنصار، ومجموعة الشيخ أحمد السيد الفيل بدعم من السيد علي الميرغني مرشد الختمية.
* لسنا هنا بصدد استعراض هذا الكتاب، لكننا قصدنا التوقف عند بعض المحطات المهمة، التي وثقّ لها محمد الشيخ حسين في هذا الكتاب، الذي حاول فيه إنصاف الراحل المقيم الزعيم الإنسان إسماعيل الأزهري.
يكفي الرئيس اسماعيل الأزهري رحمه الله رحمة واسعة فخراً وشرفاً أنه أول رئيس بعد الاستقلال الذي نافح وكافح من أجله ، يكفيه طهارة اليد وعفة النفس وعلو الهمة والحس الوطني السامق الذي لا يدانيه فيه إلا رجال قليلون في تاريخ السودان المعاصر ، مات رحمه مظلوماً مديوناً لم يمد يده إلى المال العام وقد كان بمقدوره أن يأخذ منه ما يشاء وقت ما يشاء ، ولكن الرجال معادن فكان هو من أغلاها وأنفسها ، كان قدوة وأسوة حسنة في هذا المضمار ، كل تلك الصفات جعلتنا جيلنانحن الذين لم نعاصره رحمه الله إلا أطفالاً في المدارس الابتدائية أن نترحم عليه ونسأل الله له العفو والمغفرة ونعتز بتاريخه رغم أننا لسنا حزبيين ولم نكن في يوم ما مسجلين بأحد منها ، وعند موته يعلن الخبر من خلال أجهزة الإعلام المايوية الغادرة : مات اليوم اسماعيل الأزهري وكان مدرساً بمدارس وزارة التربية والتعليم أرأيتم حجوداً مثل هذا في تاريخ الأمم تتنكر لأشرف وأشجع وأنبل الرجال بهذه الصورة المقيتة ، وحواء السودان بإذن الله ولود خصبة الأرحام فكما ولدت من قبل : الأزهري والبروف التجاني ألماحي والبروف داود مصطفى والرئيس محمد أحمد محجوب ويحي الفضلي – والرئيس عبود – في نزاهته وعفته أيضاً – وغيرهم كثير وهذه أمثلة فقط فإنها تستطيع بإذن الله أن تنجب الأوفياء لهذا البلد فيعيدوا مجده وتاريخه الناصع ومهما ادلهمت الخطوب وتتابعت المصائب على هذا الوطن الجريح فصبحه قريب بحول الله فيومئذ يفرح أهل السودان وتعود البسمة إلى شفاه الأرامل والأيتام الثكالي والمحرومين ولن يغلب عسر يسرين ، والله المستعان .
هذه هو الكلام والرأي العاطفي الرومانسي الذي لا يودي ولا يجيب ؟؟؟ والحقيقة المرة أنه الي الآن لم يحكم السودان حاكم له رؤيا ثاقبة وأفكار بنائة وخلاقة لتطوير السودان ؟؟؟ والحقيقة المرة أنه كل الذين حكموا السودان الغني بالموارد وأكبر دولة أفريقية من حيث المساحة ( مليون ميل مربع ) أرض خصبة ومسطحة وجاهزة لعمل مشاريع زراعية عملاقة ومن الدول التي تتمتع بأكبر ثروة مائية من الأمطار والأنهار والآبار ومن أغني الدول من حيث الثروة الحيوانية وخاصةً ثروة الإبل ؟؟؟ وتاريخياً عرفت بأرض الذهب ؟؟؟ وبها ثروة نفطية ؟؟؟ وأكبر مشروع في العالم لزراعة القطن طويل التيلة يروي بالري الإنسيابي ؟؟؟ وثروة سياحية وآثار تحت الأرض وفوق الأرض ومنها أول أهرامات بنيت علي وجه الأرض ؟؟؟ أكبر دولة بها ثروة من الصمغ السوداني نما عشوائاً دون مجهود يذكر ؟؟؟ بها أطول خطوط سكة حديد في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا ؟؟؟ ومن أوائل الدول في التعليم وغيره ؟؟؟ وبها كم من الأساتذة والعلماء والموهوبين والأذكياء والآن يجوبون العالم للحصول علي لقمة العيش ؟؟؟هم عسكر جهلاء وسذج وتكنوقراط أفندية طيبين كل همهم بناء بيوتهم وتعليم أبنائهم والعلاج بالخارج وشراء الثياب الفاخرة والذهب لنسائهم وهلم جررر وكذلك تشغيل أهلهم وأبناء قبيلتهم في وظائف حكومية ؟؟؟ لك أن تسأل لماذا لم يفكر أي من رؤساؤنا السابقين في إستخراج الذهب وإستقلال عوائده لتطوير السودان والأزهري كأستاذ يعرف أننا درسنا في التاريخ أن محمد علي باشا أمر بغزو السودان لجلب الذهب والعبيد ؟؟؟ لماذا لم يفكر حتي في التنقيب وإستخراج البترول ؟؟؟ لماذا لم يفكر في أن يكون من أكبر الدول في تصدير الموز والمنقة وغيرها ؟؟؟ لماذا لم يخطر علي باله أن ينشيء مصانع لحوم تصدر للدول الجائعة من حوله وخاصةً مصر ويتبعها بمدابغ جلود وعمل معاهد للصناعات الجلدية ؟؟؟ ولماذا ؟؟؟ ولماذا ؟؟؟ ولماذا ؟؟؟ علي سبيل المثال الشيخ محمد بن راشد صاحب الرؤيا والعقلية التجارية البنائة بدون ثروة بترولية تذكر طور أمارة دبي بالصحراء القاحلة بسرعة غير مسبوقة لتكون أعجوبة العالم في كل مجال وإكتسبت شهرة عالمية لا مثيل لها !!! إنه الي الآن كل يوم يصدر في الصحف قرار جديد لصالح مواطنيه وكل سكان دبي من وافدين وسواح وغيرهم ؟؟؟ وآخر قراراته أن يخلص كل سكان دبي معاملاتهم الحكومية بالموبايل فقط ؟؟؟ حبيبنا الأزهري إكتفي برفع علم إستقلال السودان مشكوراً وبني منزله العامر والذي صار معلماً تاريخياً وسط بيوت الجالوص بأم درمان وكان الله يحب المحسنين ؟؟؟ الله يرحمه ويحسن اليه فقد كان رجل طيب وعفيف اليد واللسان ؟؟؟ والآن علي رأس السلطة عسكري ساذج تتبعه شلة من اللصوص والأرزقية يدمرون في السودان بغباء ويقتلون في الأبرياء والعزل بدم بارد ويبيعون أراضيه وينهبون في ثرواته متضامنين مع لصوص العالم والمستثمرين الطفيليين من كل بقاع العالم والبنوك الشخصية الفاسدة تساندهم الأسر الطائفية المتاجرة بالدين التي تبدي مصالحها قبل مصالح الوطن الله لا بارك فيهم جميعاً ؟؟؟