العنف المنظم قانوناً ضد المرأة

بلا انحناء

الخامس والعشرون من نوفمبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي ببداية حملة الـ(16) يوماً لإنهاء العنف ضد المرأة حيث تبدأ في 25 نوفمبر، وتنتهي في العاشر من ديسمبر، وكان الأمين العام للأمم المتحدة كي مون في العام 2008 حملة أطلق عليه (متحدون من أجل إنهاء العنف ضد المرأة)، وذكر هذا العام أن واحدة من بين كل ثلاث نساء تتعرض للعنف، وشجع الحكومات على سن قوانين تنهي العنف المنظم ضدهن.. أمس تضافرت جهود محبي الإنسانية الذين ازدانت قلوبهم بقيم ومبادئ الإنصاف والعادلة والمساواة، نجدهم يقدمون كلمات الاعتذار للمرأة ليمسحوا وجع كل إساءة وُجهت، ويدعونها لمواصلة مسيرتها الحضارية في أداء دورها في المجتمع في عالم آمن للنساء?.
يعد هذا اليوم مناسبة للوقوف على معاناتهن من مختلف أنواع العنف الجسدي والنفسي والمعنوي، وهو فرصة لحث المسؤولين على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الكفيلة بالاستئصال والقضاء النهائي على ظاهرة العنف ضد المرأة خاصة العنف الذي يقع عليهن عبر القوانيين، إذ أن المرأة ما زالت هي الضحية الأساسية لانتهاكات حقوق الإنسان سواء على المستوى المحلي أو العالمي.. والشاهد أن هناك تناسباً طردياً بين العنف ضد المرأة وقوانين الأنظمة الشمولية والمجتمعات التي يسيطر عليها التخلف والنزاعات أي كلما ارتفعت درجة حرارة الشمولية والديكتاتورية والحروب وتقوقعات المجتمعات في دواخل العادات والأعراف السالبة تفشى العنف ضد النساء واستبيحت كرامتها عبر القوانين وعليه نجد ارتفاع نسب العنف ضدها بالرغم من محاولات الناشطات والناشطين الحقوقيين للحد من العنف بتطبيق مبادئ الإعلان العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 ورد فيه (أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة).. إلا أن الواقع يؤكد تناقض ما ورد في الإعلان وسلوك بعض الحكومات والمجتمعات تجاه المرأة، ويعتبر العنف الأسري أبرز أنواع العنف ضد المرأة، وبحسب تقرير صادر عن منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة، بما فيه الضرب والإيذاء والإساءة للأطفال الإناث في الأسرة والعنف الكلامي، وتشير التقارير إلى أن المرأة عرضة للإيذاء داخل منزلها أكثر من أي مكان آخر، كما تواجه المرأة العنف في الإطار العام كالتخويف والاسأة اللفظية في العمل والجامعات والمؤسسات التعليمية والعامة بجانب العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه حيثما وقع كاستثناء حوادث الاغتصاب والعنف الجنسي ضد النساء في السجون، والمهاجرات أو اللاجئات، كما لا تبعد عن الذاكرة العنف المتمثل في إقصاء النساء واستبعادهن عن مراكز السلطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إذا أمعنا النظر في واقع التشريعات السودانية فيما يتعلق بالمرأة بعض مبرأ من الموائمة مع مبادئ حقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بقضايا الاغتصاب في السودان إذ أن المرأة السودانية المغتصبة وفقاً المادة 149 تعامل معاملة الزانية إذا أنكر المغتصب الجريمة وظهرت عليها آثار الحمل، بمعنى أنها تواجه العنف المزدوج من المغتصب والدولة والمجتمع وهذا قمة العنف ضد المرأة.
يمتد التمييز ضد المرأة في قانون النظام العام إلى اختيار الزي الذي ترتديه تحت مسمى الزي الفاضح والأسوأ أن مزاجية مطبقي القانون هي التي تحدد معايير الزي الفاضح، ومن هنا تنبع المفاضلة وتبعد المسافة بين المساواة والعادلة بصرف النظر عن سوء القانون الذي انتقده وزير العدل محمد بشارة دوسة. مناهضة العنف تحتاج لاتخاذ تدابير مناسبة لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التمييز والعادات العرفية القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، كما يتطلب سن تشريعات تحضر الممارسات التقليدية أو العرفية الضارة وتنفيذه باتخاذ تدابير ملائمة ضد المسؤولين عن ممارستها، وقضية مناهضة العنف ضد المرأة تفرض على وسائل الإعلام العمل لإيجاد وعي جماعي وفردي بحقوق الإناث للمرأة والبنت وبمدى ما تلحقه تلك الممارسات من أضرار بتلك الحقوق.

فاطمة غزالي
[email][email protected][/email]

الجريدة

تعليق واحد

  1. الاخت فاطمة غزالي : لك التحيه والاحترام . تتعرض المرآة منذ بدء الخليقة وفى كل مكان لصنوف من القهر ( الذي يمثل العنف مظهر واحد فقط من تمظهراتة ).. هذا القهر تعود جذورة إلى ثلاث أسباب تشكل ما يمكن تسميتة بمثلث القهر الأنثوي وهي:
    1- الأفكار ذات الجذور الثقافية العميقة التي تمتهن المرأة وترى فيها كائنا من الدرجة الثانية (بعد الرجل ) وربما ساوتها مع حيوانات العائلة . هذه النظره للمرآة أحيانا تكون ذات بعد بيولوجي… اى أن دونية وضع المرأة تعود إلى مجرد كونها أنثي ( on the virtue of her sex ) وهذا ربما يفسر القهر الواقع على المرأة في بعض المجتمعات السودانية التي تقوم فيها المرأة بإعالة وكسب عيش الأسرة كما في بعض مناطق غرب السودان. إن العنف ضد المرأة هو محصلة نهائية لتفاعل عوامل عديدة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع (Society)والجماعة(Community). على مستوى الفرد فان تلك العوامل تشمل التعرض للعنف في الطفولة أو مشاهدة ممارسته على نطاق الأسرة، كما تشمل أيضا غياب أو إهمال الإباء لدورهم في التنشئة أو إدمانهم للمخدرات أو الكحول. على مستوى الأسرة تمثل الخلافات الزوجية والهيمنة التامة للزوج على شئون الأسرة المالية وغيرها محددات قوية لظهور العنف. وعلى مستوى المجتمع والجماعة فان عوامل ظهور العنف تشمل الفقر، والعطالة والعزل الاجتماعي على الأسرة أو المرأة، وربط مفهوم الذكورة أو الرجولة بقوامة الزوج أو سيطرته على المرأة، وقبول العنف (أو التأديب بمفهوم المجتمع) كوسيلة لعلاج الخلافات وبالذات العنف ضد الزوجات. إن العنف ضد المرأة قد ينشأ من الأعراف الاجتماعية لكل من دور الرجل ودور المرأة في المجتمع(gender norms) فالرجل هو سيد الأسرة (وبالتالي المرأة) لأنه ينفق عليها مادياً. أما المرأة فمسئولة عن إعداد المنزل ورعاية الأطفال وإظهار الطاعة التامة للزوج في صورة أشبه بالرق أو السخرة. وبالتالي فان اى تقصير من قبل المرأة أو اى تمرد لتحدى(حقوق) الزوج المزعومة فانه يقابل تلقائياً بالعنف المقبول اجتماعياً وربما وجد له بعض ضيقي الأفق من رجال الدين تخريجاً فقهياً بالفهم المتعسف لبعض النصوص الدينية مثل ( النساء ناقصات عقل و دين).

    2- العامل الديني: حيث يتبنى ويتأثر الفقهاء وشراح العقائد الدينية في كل الأديان بدون اى استثناء بمفاهيم مجتمعاتهم ( بحكم خلفياتهم الثقافية أو من باب النفاق) السلبية نحو المراة ويلبسونها ثوب القداسة الدينية بما يؤدى إلى ديمومة القهر ضد النساء , حيث أن الأديان , هي في النهاية مؤسسات ثقافية صماء تقوم على مفهومي الطاعة المطلقة وصمدية إحكامها في كل الأزمنة والأمكنة. أن نصيب المرأة من الأديان ( بحكم فهم متفقهة الذكور ) بخس للغاية فهي كائن جنسي ومصدر للغواية ولذا وجب حبسها في البيوت وان اضطرت إلى الخروج فهي ملفوفة في كمية مهولة من الأغطية والألبسة السوداء. ( يخيل لي إن بعض المتفقهة الأوائل يعانون من بعض الانحرافات النفسية ? الجنسية من حيث هوسهم الجنسي بكل ما يخص المراة مثل رؤيتهم لبعض الأشياء التي عادة لا تكون مثيراً جنسيا لدى الأسوياء مثل الشعر والصوت والإقدام ) كما لا تقبل شهادتها كاملة حتى لوكانت عضو بمحكمة عليا, وهى تحت ولاية أبيها وأخيها ثم زوجها وأبنائها بعد ذلك، بل و في بعض الأحيان تكون تحت وصاية المجتمع بأسرة.
    3- الدولة: الدولة تقهر النساء من خلال السيطرة الذكورية على دولاب اجراءتها الدستورية والإدارية. فيقننون الإجراءات التي تحرم المرأة من كثير من حقوقها. وحتى إذا وجد بعض رجال الدولة المستنيرون فسرعان ما يكتشفون أن مسايرة ومنافقة الأفكار المجتمعية المناهضة للمرأة يكون مصدراً للشعبية
    و( الشرعية الزائفة ). فتصدر القوانين باستمرار لملاحقة المرأة وفرض القيود على توظيفها وأزيائها وسفرها ……… الخ فجامعة الخرطوم (قلعة الحداثة العتيدة والأولى تاريخيا في بلادنا) يقوم في بواباتها مجموعات من الحرس شبه ألاميين من بعض مهامهم الحكم بمدى تحشم أزياء طالبات الجامعة, كما عمدت بعض الكليات ( خارج نطاق الجامعة الإسلامية والقران الكريم ) إلى تبنى قبولين للطلاب وللطالبات….. الخ
    ختاما في بعض الأحيان تسهم النساء أنفسهن في دعم وديمومة مؤسسة القهر المجتمعي ضدهن من خلال ما يتوهمنة “مهادنة تكتيكية لقوى الظلام المعادية كليا للمراة” و هنا يرصد المرء المواقف الأخيرة الغامضة و غير المفهومة لرائدة تحرير المراة السودانية السيدة فاطمة احمد إبراهيم. وارجوا أن ينتبه لهذا الآمر أنصار قضايا المرأة ومنظماتهن, هذا المقال نشر بتاريخ 12.12.2005 علي سودانيزاونلاين تحت عنوان .جزور العنف ضد المراة:الثقافة والمجتمع والدوله بقلم الدكتور عوض محمد احمد . جامعة بحر الغزال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..