السودان الحالي: زهرة البلاستيك

بسم الله الرحمن الرحيم
زهرة البلاستيك قد تكون في غاية الروعة والجمال، لكنها لن تصل الى روعة وجمال والاعجاز في الخلق الرباني. الأزهار متعددة الألوان والأشكال والأحجام وبعضها له شذى مميز، وبها يتغنى الشعراء، وترتاح الأنفس المتعبة بمجرد النظر اليها أو تخلل عطرها للخياشيم. وكما قيل فان الأصل لا يصبح صورة والعكس صحيح.
كنت أتابع برنامج تلفزيوني سوداني وفيه شبه صاحب البرنامج حسين خوجلي السودان بأنه أصبح كزهرة البلاستيك مقارنة بما كان عليه سابقا، ومقارنة ببقية الدول ذات الطعم واللون والرائحة المميزة لكل دولة. هل هذه حقيقة؟ أم هي نوع من أنواع السفسطة والتحزلق؟ أو ناتج من نواتج اليأس والعياذ بالله؟ هل حقيقة كما قال أن الساسة (لا قلوب لهم)؟
فلتعد بنا الذاكرة الى سودان الخمسينات والستينات حتى السبعينات من القرن الماضي. في ذلك الزمان كان (لكل شئ) رائحة/ عطر وطعم ولون. كان للخريف طعم ولون ورائحة، كذلك الشتاء والربيع (أى والله كان بالسودان فصل يسمى الربيع ولو أنه كان قصير نسبيا ، حوالى 3 أسابيع) ، أما الصيف فحدث ولا حرج (حر وهبايب)، خاصة ان صادفه رمضان الكريم!!!
كان للسياسة طعم وللحكومة طعم وللصحف طعم وللأفراح والأتراح طعم وللمواصلات طعم ، خاصة القطار، وكان للرحلات المدرسية والأسرية طعم، وللمدارس طعم ونكهة خاصة، أما الرياضة، خاصة كرة القدم وكرة السلة والملاكمة طعم رائع جدا جدا. أما المأكولات فلا علاقة لها بما نطلق عليه طعاما الآن، فلا يمكن مقارنة طماطم زمان بطماطم اليوم، بطيخ زمان ببطيخ اليوم وهلم جر . كل هذا جعل للسودان القديم طعم خاص ورائحة مميزة ولون لا يشبه الوان اى من الدول، افريقية كانت أم عربية أم اوروبية. كل هذا جعل السوداني (يعشق) سودانه ولا يبدله باى وطن آخر وان كان ذلك الوطن الجديد هو الولايات المتحدة الأمريكية.
كان السودان قبلة للعرب والأفارقة. أما الخواجات فكانوا يقولون لنا كسودانيين انكم تختلفون اختلافا جوهريا عن الأفارقة، خاصة غرب افريقيا، وعن العرب. فأنتم لكم شخصيتكم الخاصة وتتميزون بالأدب والكرم والبساطة والرقة وحب الآخر. أين نحن من كل هذا الآن؟ وما هو السبب وراء كل هذه التغيرات الضخمة والسالبة؟!!!
أصبح السوداني (لا يعشق) وطنه وترابه. الكل يريد أن (يطفش) بلا رجعة ، صغيرا كان أم كبيرا، ذكر أم أنثى!!!! حاكم أو محكوم، مسلم أو اسلامي (!!!) أو غير ذلك، متزوج أوغير ذلك..الخ.
أصبحت السياسة بلا طعم ولا لون ولا رائحة وفاقدة للمصداقية. الأحزاب وقادتها ومكاتبها السياسية تبدو كمسرحية مملة كتبها كاتب هاو مبتدئ ومجهول لم يقرأ مسرحيات سابقة في حياته ولم يشاهد مسرحية حتى ولو في التلفاز. الصحف نسخة من بعضها البعض، وأغلب الكتاب يداهنون الحكومة مهما كانت أفعالها، خوفا على أكل العيش والاعلانات!!! الشعب المحكوم الفضل أصبح لا يكترث ولا يهمه من يحمكه، و 95% منه لا يعرف أسماء الوزراء، رغما عن أنهم يحكمونه لفترة امتدت لربع القرن من الزمان!!!! الكل يخرج من منزله من صباح الرحمن ويعود عند المغرب ولا يعرف ما الذي جرى له طوال تلك الفترة الزمنية، وكل ما يعرفه أنه عاد مكبل بالارهاق والديون، وقد يكون ثالثهما المرض. اما المدارس والجامعات فاصبحت آداء واجب وونسة وقضاء وقت مع الأصدقاء والصديقات هروبا من المنزل ومشاكله (طلاب واساتذة من الجنسين)، لكن لا طعم ولا لون ولا رائحة لهما. جتى كرة القدم و الرياضات الأخرى والغناء والمسرح، والحمدلله الذي وهبنا شئ اسمه (حقيبة الفن).
الافراح اصبحت شوفوني وعرض ازياء ومكياج وخفة دم، وبذخ مبالغ فيه، ومجاملات مزيفة، وابتسامات صفراءن والغرض منها غير معروف، وحقيقة غير مقبول بتاتا، واستعراض لكل ما يمكن استعراضه، والنتيجة انك تذهب الى المناسبة وتعود منها مكهربا، وتتمنى ان كنت لم تذهب اليها. لكن هنالك ما يعرف لدينا وفي السودان فقط (باللوم) وهى حقيقة شئ غير حضاري بالمرة وأدى الى الكثير من المشاكل بين افراد والأسر والعائلات، حتى بين الطرق الصوفية!!!.
اذن ما هو الحل؟ وكيف يعود للسودان طعمه ولونه ورائحته، وننفي عنه صفة زهرة البلاستيك هذه؟
أولا، نقول ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسم. كما أنه أيضا من المعروف أن من ينسى الله ينسى نفسه، (نسوا الله فأنساهم أنفسهم)
ثانيا، هذا الطعم ، وهذا اللون، وهذه الرائحة لا يعرف كل منهم الا من عاصرهم. الجيل الجديد لا يعرف عن ماذا نتحدث نحن، وبالتالي لا يعرف كيف كان السودان الذي نتحدث عنه. فمن لا يعرف طعم السكر لا تستطيع أن تصفه له، ومن لا يعرف طعم الشطة لا تستطيع أن تصفها له، ومن لم يرى نصرالدين عباس جكسا أو والي الدين أو برعي أحمد البشير أو كمال عبدالوهاب لن تستطيع أن تصفه له حيث أنه لا يوجد شبيه لأى منهم منذ عقود مضت بالسودان. بذات القدر من لم يعاصر الزعيم الأزهري والداهية محمد المحجوب وجيلهم الفريد لن تستطيع أن تصف طعم ولون ورائحة كل منهم للجيل الجديد، خاصة عند مقارنتهم بسياسي لحس الكوع وشذاذ الأفاق وادعاء الدعم ورفعه والوعود الكاذبة والتصحيح بعد مرور ربع قرن من الزمان . فهل أصبح شعبنا شعب من البلاستيك كما أصبح السودان كزهرة البلاستيك؟ أللهم نسألك اللطف (آمين).
يبدوا أن بلادنا بالفعل اصبحت كزهرة البلاستك من ناحية الطعم والرئحة. اللهم نسألك اللطف (آمين).
ب/ نبيل حامد حسن بشير
[email][email protected][/email]
جامعة الجزيرة
11/11/2013م
لك التحيه بروف نبيل لقد اوجست فى تلك الكلمات الحال المايل الذى وصلنا اليه حتى اصبحت الحياه دون طعم ولالون ولارائحه خاصة فى الفقره التى ذكرت فيها مايحدث فى مناسبات الزواج والتى تتم فى صالات الخرطوم وتلك الممارسات التى تحدث فيهاوولله قبل ايام خلت زهبت انا واسرتى لحضور مناسبه فى احدى تلك الصالات الفخمه وشاهدت العجب العجاب من تمثيل وتزييف وخلاعه كادت ان تصيبنى بالغثيان لو لا ان اخزت اسرتى وهربنا من ذاك المكان ف وااا اسفاه لقد كان هنالك بلدا اسمه السودان محترم لكل شعوب الدنياء عنوانه الادب والاخلاق واحترام الكبير ولكن مره اخرى وا اسفاه وا اسفاه