رحل الفاجومي: عزاء لكل الثُوّار ولنوّارة الإنتصار

رحل الشاعر المصرى الكبير أحمد فؤاد نجم ( الفاجومى ) يوم 3 ديسمبر 2013 ، عن عمرٍ يُناهز 84 عاماً ، فمن أين أبدأ حكاوى و قصص جيلنا معه ، وكيف لى أن أسرد تفاصيل علاقة وصداقة ومحبّة و” تلمذة ” جيلنا على أشعاره ، وماذا أقول عن صداقتى الشخصيّة مع ( أبو النجوم ) ، ومع أشعاره ، التى أسهمت بقدرٍ كبير، فى رفد وجداننا الشعرى والإنسانى وتشكيل “بعض ” وعينا بالقضايا الكبيرة ، و مشاعرنا ومواقفنا الحياتيّة ؟!.
مازلت أذكر وأحفظ عن ظهر قلب مقاطع كثيرة من ( بلدى وحبيبتى ) ذلكم الديوان ، الذى طرح لنا ، ولى شخصيّاً أسئلة جديدة وعوالم و سكك فريدة مع ( الشعر المُقاوم ) ،ثُمّ تواصلت مشاوير مُطارة قصائد نجم الثائرة ، فى زمنٍ، ما كان فيه مُحرّك البحث الشهير ( قوقل ) ” يُقرّب المسافات ” !.. كانت رحلات شاقّة ، ولكنّها مُمتعة ، فى البحث عن جديد ( نجم ) ، وأخباره عبر ( الأشكال التقليديّة )، قبل عصر الكتاب والمجلّة و الصحيفة” الديجيتل ” !.
كُنّا نعثر على كنزنا فى أحايين كثيرة عبر الصدفة البحتة،التى هى” خير من ألف وعد”، كما يقولون!..يومها كان ( التشبيك )، محدود بين ” مجموعات ” صغيرة جدّاً من القُرّاء المُحبّين ، لأشعار أحمد فؤاد نجم ، وغيره من شُعراء الثورة العربيّة والعالميّة ، فى العالم الرحيب .. أذكر أنّنا كُنّا نلقى ” ضالّتنا ” فى أو بين طيّات المجلّات العربيّة ، وبخاصّة تلك المطبوعة فى المنافى و(الدياسبورا) ، وما يُمكن أن نُطلق عليه ( صحافة اليسار) أو ( صحافة المُقاومة ) ، التى كانت تحفل – أحياناً – بقصائد نجم وأخباره ، ورحلاته الشائكة ، فى مُعتقلاته العديدة ، و منافيه المُتعدّدة !.
وبقدرما أحببت ( بلدى وحبيبتى ) ” قصائد من المُعتقل”/ دار إبن خلدون – 1973، أدمنت – لاحقاً – تعاطى قراءة ( الفاجومى)، طبعة مكتبة مدبولى الصغير ? 1993 ، والأخير،أهدانى إيّاه صديقى وزميلى فى الصحافة و محبّة و معزّة ” الشعر ” ( فيصل محمد صالح )،الذى يعرف محبّتى لنجم .. وبذكر ( فيصل الآخر )، الذى كنت أحرص على زيارته فى القاهرة، كُلّما عبرت بها فى ” تلك الايّام ” العصيبة ، بسبب المنع الامنى من مُغادرة البلاد ، كما أحرص على زيارة أُستاذىّ الجليلين الراحلين المُقيمين ( التجانى الطيب بابكر ) و ( محجوب عثمان)، وكانت زيارة ” رابعهم ” أحمد فؤاد نجم فى ( جبل المقطم ) فرض عين، إلى جانب زيارة مكتبة مدبولى وغيرها من مكتبات القاهرة ، و بعض منابرثقافتها وفنونها ومقاهيها الوريفة .. وكانت حقائبنا تعود للخرطوم ، محمّلة بالكتب والدوريّات المحكمة ، وبرغم ضيق ” ذات اليد ” ، كُنّا نسعد بسداد قيمة فرق ” الوزن الزائد “، بسخاء و طيب خاطر ، فى سبيل ،” تسريب ” و تمرير (صُحبة الراكب) من الكتاب الممنوع و- أيضاً – غيرالمحظور !.
فى واحدة من زياراتى للقاهرة ، أذكر أنّنى قطعت المسافة محمولاً على ( الأتوبيس ) من وسط البلد ، إلى ( المقطّم ) ،لمقابلة ومؤانسة ( أبو النجوم ) ، وهناك فاجأتنى السيّدة ( أم زينب ) بأنّ نجم ( بعافية ) ” شويّة “، وهو طريح مُستشفى ( القوات المسلّحة ) ، على مبعدة ” أوى ” من ( المقطم )، فشددتّ الرحال مُسرعاً إلى هناك ، وسط مشاعر مُختلطة ( حزنٌ كثيف على خبر المرض ، وفرحٌ شفيف على أمل اللقاء ) ، وفى البال أنّ العثور على نجم ، خارج بيته فى ( المقطم ) أمرٌ صعب ،وأيسر منه جلب ( لبن الطير) !. وما زلت أذكر كيف ” تسرّبت ” من البوابة الرئيسيّة ، وبين الأقسام المُختلفة ، برباطة جأش ، لأصل محطّتى الأخيرة ، بإعجوبة وحسن حظ ، وهناك كانت مُفاجأتى الثانية ، إذ نجحت فى الدخول إلى غرفته ، وكانت المفاجأة الثالثة، أن أجد معه فى الغرفة الضيّقة بالناس – من بين من وجدت – فى تلك اللحظات ، ( أُم نُوّراة ) الكاتبة والناقدة الشهيرة الأُستاذة ( صافيناز كاظم )، والأُستاذة الصحفية أمينة النقّاش .. ومازلت أذكر كيف إستقبلنى ( أبو النجوم ) وكيف رحّب بمقدمى ، وحيّانى – كعادته – بعبارة ” الرفيق ” ، وكيف قدّمنى إلى زملاء كفاحه من مُناضلى ( اليسار المصرى) ، وكيف بدأ يسألنى عن السودان ، وحُكم ( الأخوان ) ، وعن جديد شاعر الشعب السودانى ( محجوب شريف) ؟!.
رحل أحمد فؤاد نجم ، وفى القلب حسرة ، إذ ما زلت – على المستوى الشخصى – أُمنّى النفس بمقابلته – مرّة أُخرى ، وليست أخيرة – فى ( المقطم ) ، وعلى المستوى العام ، أنتظر مع ملايين من المحبّين ، آخر قصائده فى إنتصار الثورة المصريّة ، فى جولتها القادمة ، وهو واحد من مُلهميها ومُفجّريها ، ويتغنّى شباب مصر الثائرة بأشعاره ومن بينها : ” كُل ما تهل البشاير،،، من يناير كل عام … يدخل النور الزنازين ،،، يطرد الخوف والظلام ” !.
أردت بسرد كل هذا وذاك ، أن أُعلن وأُعبّر بطريقتى الخاصّة ، عن حزنى على الفقد الجلل، وأن أُعزّى – من قبل ومن بعد – شعب مصر ، وثوّاره ، وأُسرة شاعرنا الصغيرة والكبيرة فى الفقد العظيم ..وداعاً ، أحمد فؤاد نجم ، وستبقى بيننا..وسيبقى الذى بيننا يا ” رفيق”!.

فيصل الباقر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رحمة الله تغشى المرحوم فقد كان بسيطاوغفوياوعلى سجيته صوفيا فى سلوكه وعلى طريقته الخاصه التى لاتتكرر صادقا لايكذب البته ولايحب الكذابين ولايتجمل فهو كما هو احمدفؤاد نجم ابوالنجوم اللهم تقبله قبولا حسناواكرم نزله فانه اتاك فقيرا لاحيله فاكرم نزله واوسع مدخله وتجاوز عن سيئاته ياكريم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..