البشير .. القرد و الموزة

إن مثل البشير في تذبذب قراراته و مواقفه يشبه الطفل الذي يصادق من معه الحلوى ثم لا غرض له فيه طالما أن حلواه قد نفدت.
تارة هو مع مصر و إن كان ذلك يضر بمصلحة السودان فيما يتعلق بمحاصصة مياه النيل و تارة أخرى هو مع اثيوبيا إرضاء لها مقابل بعض كيلواطات من الكهرباء الذي سيولده سد النهضة .. و مرة هو مع إيران كلما تلقى صفعة من المعارضة يريد من دولة الفرس أن تمده بما به يواجه معارضيه و أخرى هو مع السعودية عندما يتعلق الأمر بإنعاش المالية المصابة بفقر السيولة .. إنه في مواقفه تماما كقرد تحرك عينيه موزة متأرجحة يمنة و يسرى.
إن الإنسان البسيط الذي لم يجلس على منابر السياسة لمدة أربعة و عشرين ساعة يدرك أن القرار السياسي يطبخ على مهل و هو نتاج إجماع من صنّاعه ثم يصادق عليه الرئيس باعتباره صاحب الكلمة الأخيرة و لكن البشير و بعد أربعة و عشرين عاما استخف قومه و رمى بإجماعهم في أيما ما رأي و صار يتخذ قراراته المصيرية في المناسبات و اللمات الشعبية أو الإجتماعات الرسمية مع رصفائه و لا عجب أن نقرأ أن البشير يقف الآن و الآن فقط مع فكرة بناء سد النهضة عكس موقفه أيام مرسي لما تململت دول حوض النيل بشأن إعادة توزيع أنصبتها بإعتبارها مظلومة في الاتفاقات السابقة.
إن غياب المؤسسية و الإنفراد بالقرار السياسي لهما سبب ما نعيشه من فوضى بل سمها مراهقة سياسية طائشة لا تورد السودان و شعبه إلا من فشل إلى مثله و العجب أن مجرد إبداء رأي مخالف للبشير يعتبر خيانة عظمى و يلقى صاحبه مصير الإقصاء و الرمي لأنه عارض الرئيس.
كثيرة تلك القرارات التي أطلقها البشير على نحو تلقائي من على منصة رقصه ثم يرجع فيها غدا كأن لم يكن قرار. إن رئيسا كالبشير ينطبق عليه مقالة الشاعر:
إذا كان الغراب دليل قوم مر بهم على جيف الكلاب.
شريفة شرف الدين
[email][email protected][/email]
لاجدوى نحن شعب ادمن الفشل نحن شعب لا يستحق الحرية ولا الكرامة ولا الحياة نحن من لا شى
فعلا البشير يحكم السودان بعقلية الطفل الذى يصادق من معه الحلوى من أقرانه حتى اذا نفذت الحلوى انتهت صداقته، أمريكا و كل دول أوربا دول مؤسسات لا يتفرد فيها الرئيس برأى بدون دراسة و تمحيص مع مستشاريه و خبرائه، كل القرارات مدروسة بعناية مما يجعل حتى الحزب المعارض للحكومة يؤيدها لأنها هى الخيار الأفضل الذى تم التوصل اليه بعد دراسة متأنية و فحص دقيق، أما قرارات البشير فتصدر من منصة رقصه كما أشرتى و لذلك فهى قرارات عشوائية ممعنة فى الغباء و بعيدة عن الواقعية، هذا هو البشير الذى ابتلانا الله به، فأى تقدم ننتظر من هكذا رئيس جاهل لم يتعلم شيئاً جديداًطيلة سنين حكمه الـ 24، أوباما عندما ذهب لزيارة جذوره من ناحية والدته فى ايرلندا، اشترك 70 مستشار فى تحضير الخطاب الذي سيلقيه هناك و لم يرتجل كلام عشوائى لا معنى له مثل ما يفعل البشير و لذلك كان خطابه شاملا ضافيا أعجب الايرلنديين كثيراً، البشير الجاهل لم و لن يتعلم شيئاً جديداً، ووزرائه و مستشاريه لا رأى و لا كلمة لهم، مستشارين لا تتم مشاورتهم، فقط هم عبء على كاهل الشعب مثل جعفر الصادق و مساعدين هم أنفسهم بحاجة للمساعدة مثل عبد الرحمن الصادق المهدى، اذا كان هؤلاء الذين تم تعيينهم لارضاء السيدين المؤلفة جيوبهم فهل هناك ضوء فى آخر النفق يمكن أن ننتظره؟