ألـمانيا يا روجيـنا.!ا

ألـمانيا يا روجيـنا.!

خضر حسين
[email protected]

فـ نــكتب نــقول شنو بس يا حسن ؟

حثني صديقي الأستاذ حسن الجزولي للكتابة عن استقلال السودان كان ذلك قبل شهر ونيف من يومنا الموعود هذا وأنا خارج من مكتبه تناقشت وصديقي (محمد محمود) في كثير صور تستحق أن تخرج للناس ، الآف حكايات ترقد باطمئنان في صدور رجال ونساء هذا البلد الطيب . قلت لــ(محمد) لن أكتب عن الاستقلال في عيدنا القادم سأحاول الكتابة عن شئ آخر لا علاقة له بالاستقلال ، جال في خاطري في تلك الأمسية صور ومشاهد شتي حتى صور المستعمر أتتني في غفلة من زمان الرخو هذا فخرجت بالآتي نصه :

(1)

كان (غردون) جالساً في كرسيه الوثير ماسكاً غليونه الذهبي بيسراه أما يمناه فكانت مشغولة دوماً (بحاجات اليمين) و بتحريك جنده الذين انتشروا في بطون السودان انتشار النار في الهشيم ، يسمع الرجل عن المهدي وحصار الدراويش للخرطوم فـ(يشوف الكلام ده رهاب رهاب) حالماً باستغاثاته التي أرسلها لخواجات البلد التي لا تغيب عنها الشمس . لكنها الخرطوم يا زول (ياغردون) لا تفاوض ولا تتراجع ولا تعرف غير وجه الحق مطلباً .
والخرطوم يومها تحمل في جلابيب الدراويش صوراً شتي لنضالات شتي لرجال ونساء قهروا المستحيل في سبيل نيل حريتهم (حريتهم ليس إلا) كانت الخرطوم عبارة عن أشواق ممتدة وأحلام ما أنزل الرب بها من سلطان (وغردون) ماسكاً غليونه الذهبي بيسراه ويمناه تحرك الجنود كقطع شطرنج لا تمل الهزيمة .
والمهدي يقف هناك بحلبابه الفضفاض وعمامته المميزة يضحك في حال (غردون) منتشياً برائحة التراب التي فداها دراويشه الصالحين ، يتذكر (المهدي) في وقفته تلك حال (البلد) وحي ما أوحاه فحمل رسالته عن طيب خاطر ليخرج للناس من جزيرة في شمال البلاد شاهراً الحق قبل السيف ليقول كلمته التي رددها الناس كثيراً خلف (الأتبراوي) أنا سوداني وسوداني وسوداني أنا …. تلك الأغنية التي سار بها الركبان حتي صارت أقرب لوجدان شعبنا من نشيده الوطني المألوف .

(2)

قرأت مرةً وأنا في سني حياتي الطلابية كلاماً هزني من الوريد إلي الوريد وحملني من النيل إلي النخيل بل لا أبالغ لو قلت انه حملني بوعي لا يضاهي من فقر شعبي المدقع لعلياء الرفاهية التي حلم بها (آدم سميث) و(كارل ماركس) و (فلاديمير التش لينين) كان كلاماً بسيطاً ومعبراً أبلغ الظن أن قائله هو الشاعر الوطني أيوب مصطفي قال فيما قال (ريتا حينما ينفذ الفقراء إلي جوهر المسألة سأحدثك عن أشياء أخري) وهي حسب وعينا الوطني كثيرة للغاية فمن أين ينفذ فقراء السودان إلي جوهر المسألة يا هداك الله ؟ أمن الجوع ؟ أم من مكب النفايات والقاذورات ؟ أم من الضرائب والجبايات ؟ أم من حركات ناس البوليس ؟ أم من الفلل الرئاسية ؟ أم من أراضيهم التي ذهبت بدأً بالفشقة وليس انتهاءاً بـ حلايب ؟ أم بقضايا السدود ؟ أم من أسعار السكر والدقيق والبصل والزيت ؟ أم من خلال الاستفتاء الذي علي الأبواب ؟ أم من مآسي أهل دارفور ؟ كثيرةٌ هي مداخل فقراء السودانين يا صاحبي وموجعة للحد الذي لا تعلم (يجوك فيهو من وين ولا من وين ؟) تماماً كحال (غردوننا) ذاك .
تجيدون نقل كلاب الشطرنج لكنكم لا تعلمون البتة منو (الربحان من الخسران منو السلم صغاروا الغول) أو كما كان يتغني صاحب المواقف (أبوعركي ) في نهارات قصر الشباب الصبية . فوين المفر يوم داك ؟

(3)

ألمانيا يــا (روجينا) :

توحدت بقدرة الإرادة والنضال الدؤوب أسقطوا يا صديقتي جدار برلين بعد طول عناء و(بشاتن) ومشاكل ليعود (للألمانيين والألمانيات) (ألمانيتهم) التي حلمو بها . خمس وأربعون عاماً والشعب الألماني (يفتش) في سكك الرجعة الي أن كان يومهم الموعود في (أكتوبر) والعام تسعين ! فتأملي يا صديقة ؟
(روجينا) إمرأة من عموم أهل السودان ، لا أذكر بالضبط متي وأين إلتقينا ، المهم أننا إلتقينا كلقاء الآلاف من بني وطني ، لم تكن روجينا علي الإطلاق يا (الطيب مصطفي) حزاماً ناسفاً كما (إنتباهتك) ولم تكن من همها علي الاطلاق من يحكم السودان ؟ قدرما كانت تحمل منذ سنوات عرفتي بها هم (اللبن والرغيف والكسرة) والكرامة والسترة .
أتتنا في صباح جنائزي من صباحات (ديسمبر) لوداعنا قالت (روجينا) إنها ذاهبة للجنوب قالت إنها ستذهب (وبس) لكنها لم تحدد إي مدينةٍ ستقطن ؟ قالت بالعربية الفصحاء :
(سلاماً سلاماً) توادعنا … إنتحبنا … كل علي طريقته ونحن في عجلةٍ من أمر يومنا الذي بدأ بالوداع ! عجيبةٌ هي أيام السودانيين ! فكل أيام الله تبدأ بإستقبال شمس الله الاك يا سودان !

روجينا :

لا أدري أي أرض تقطنين الآن ؟ ولا عارف أي مشوار يكلفني لقاء وجهك ؟ ولا أدري يا صديقة لأي جنسية ينتمي كلانا الآن ؟ فقط أعرف أن وجه شعبي واحد لا يخون ولن . أعرف تمام العرفة أن كلينا لم يختار قدر ما إختار (العوارض) فبلغي عني أهل الجنوب السلام والتحية . وسنلتقي يا زولة (طال الزمن يا زول ولا الزمن قصر) أو كما قال حميد .

(4)

حندكنابك زمناً طيب
زمناً كلو حلال في حلال
لا في غلاط
في محمد ومريم
لا في صراع
في كنيسة ومسجد
كلنا واحد
مما قمنا
همنا واحد وما بفرقنا
للسودان الوطن الواحد شوقنا
نقرأ كتابنا
كان إنجيل
توراة
قرآن
كلنا واحد
والـ بفرزنا
يا يوم ويلو
يا يوم ليلو

تعليق واحد

  1. يقظة شعب ……..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    هــام ذاك النهر يستـلهم حُسنا
    فإذا عــبر بـــلادي ما تمـــنى
    طـــرب النيـــل لديهـــا فتــثنى
    فأروِ يا تاريـخ للأجيـال من أنا
    ——-
    ثـــائــر إذ هـــــب من غفوتــه
    ينشــــد العلـيـــاء في ثــورتــه
    كـإنـدفـــاع الســـيل في قــــوته
    عجبا من له جند على النصر يعين
    كــلـنا نفســا.. ومـــالا .. وبنـيــن
    —————
    نحن في الشـــدة .. بأس يتـــــجلى
    وعلى الــود .. نضـم الشـمل أهــلا
    ليس في شـرعتــنا.. عـبد ومـولى
    قســما ســنرد اليوم كيـــد الكائدين
    وحـــدة تبــقى ..على مـــر السنين
    ———-
    قلــب إفــريقيــا بوعــــي نابـــض
    حـــل منــــا بالجـــنوب الناهــض
    منـــعة الغــــاب بلــيــث رابـــض
    قديما هي كانت جنة المستعمرين
    ما لهـــم .. منها تبـــاروا خائفين
    ————–
    نحـــن أبنــاء ملــــوك في الشـمال
    توجـــوا الفونـــج وزانــوا كردفان
    أفســح المجـــد ليهم خــــير مكان
    نســــبا نعم أجداد بهم يزهو جبين
    خلــــق يســــمو.. وعـــــزم لا يلين-
    ————————–
    دربنــــــا يوم اللـــقاء كيف دعـــا
    حين داعــــي البـذل بالــروح دعا
    كيف بالســـيف تـحــدى المــدفعــا
    ودمـــــا بذلــــوها ذرة لا تســتكــين
    للقــنــا .. للـقـيد.. للعيــش المهين
    ———
    حين خط المجد في الأرض دروبه
    عــزم ترهــــاقا .. وايمـــان العروبة
    عـــربا .. نحــن حملنــــــاها ونوبه
    بدمــــانا من خــــلود الغـــــابرين
    هو يحـــــدونا إلى عــــز مبــــــين
    ———–
    همـــنا في العيــش إقــدام وجـــود
    وعــن الأوطـــــان بالمـــوت نــذود
    لــنــرى الســـودان خـفــاق البنـــود
    وغـدا سوف يعلـو ذكرنا في العالمين
    فعلوا كان شأن العاملين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..