تجربة مانديلا … وسهام العنصرية البغيضة في السودان

بسم الله الرحمن الرحيم
لا اريد ان اسكب مزيدا من الحبر بمناسبة رحيل الزعيم والمناضل الافريقي نلسون مانديلا فهذا حبر سكبته اقلام عالمية اقدر مني ولكن اكتفي بالاشارة الي نقطتين لإن اكتفي بهما لكانتا كافيتين لتخليده وهما تخليه عن الحكم طواعية للجيل الاقدر علي التعامل مع الاقتصاد وعدم تمسكه بالحكم رغم ان ما ضحى به كان كفيلا بجعله رئيسا مدي الحياة. اما الاخري فهي نبذه للعنصرية سواء اكانت من السود او البيض .فقد حارب في سني نضاله عنصرية البيض المقننة بقانون .ولكن لم ينجر الي العنصرية المضادة من السود .وهو قمة السمو الروحي والاخلاقي . وهاتان النقطتان هما اس مشكلات السودان الحالية ..وسأركز علي النقطة الثانية المرتبطة بالعنصرية بحكم تناولي للنقطة الاولي كثيرا ثم بعض التصريحات والردود المكتوبة في العنصرية .. وساورد مثالين من جنوب افريقيا .
المثال الاول هو الجريمة المنظمة التي عرفت بها الدولة والتحذير منها لكل القادمين اليها وكانت احدي المخاوف في الكاس العالمية التي استضافتها .. وقد قرات مؤخراً عن مجموعة تعرضت للنهب وهذا ليس الخبر .. لكن الامر فيما قاله الناهبون لضحاياهم .. فقد سألوهم عن سبب مجيئهم الي جنوب افريقيا؟ ولم ينتظروا الاجابة بل اجابوا هم بان السبب بالقطع سيرة الرجل الذي ازاح العنصرية .. واضافوا .. لقد دعمناهم وحاربنا معهم.. ولكن انظروا اين هم الآن واين نحن .. هم مرفهون ونحن لا نملك شيئا..
اما المثال الثاني فقد رواه لي احد اصدقائي الذين قصدوا جنوب افريقيا للدراسات العليا ..وتتعلق بانه لا وجود لقانون عنصري ولكن الفصل في المجتمع بيُن لان البيض كانوا اقدر علي التعامل مع الاقتصاد الراسمالي فاستأثروا بالسكن والعلاج والتعليم الفاخر ولم يستطع الا القليل جدا من السود مجاراتهم ولا يستطيع معظم السود حتي ارتياد المطاعم التي يرتادونها رغم عدم وجود اي تقنين للعنصربة . والمثالان يوضحان بجلاء طبيعة الصراع الحقيقي بين المستاثرين بالمال وغيرهم . فهل من علاقة بين هذا واحاديث العنصرية في السودان ؟ بالقطع نعم ولن ننصرف الي التباهي او التنابذ القبلي العنصري لانه موغل في المحلية كما لاحظ اديبنا الراحل الطيب صالح رحمه الله واحتفل به القائلون بعنصرية السحنات الافتح في السودان باننا كلنا خارج الحدود زنوج او عبيد في الوصف العنصري .ولكن اصوب حديثي الي من يظنون ان مشكلات السودان تتمثل في عبودية ذوي السحنات غير العربية .وان تعرية اولئك المستعبِدين وتاريخهم واختلاط انسابهم ثم سيادة حكم الزرقة كما يرد في التعابير في غرب السودان كفيلة بحل مشكلات السودان ومشكلات الاثنيات غير العربية . وهذا لعمري خطل كبير في الراي يحول بين الشعب واهدافه الحقيقية في ازاحة النظام .وابني افتراضي علي بعض الامثلة وهي :
1/ رغم ان السودان كان حلقة في تجارة الرقيق العالمية ابان نشاطها الدولي القمئ .. ووجود بقايا من نسل ضحاياها في وسطه وشماله .. الا ان دولة الاستقلال الفاشلة هذه لم يكن بها قانون للفصل العنصري كما في جنوب افريقيا .. وعليه فان الفرز الحقيقي بين المجموعات في السودان كان افرازا لعلاقات الانتاج الراسمالية المعروفة .. وكانت دولة الافندية قائدة هذه الحقبة .. وكان حظ التعليم وحده عو الذي يشكل المدخل لهذه الدولة التي سطع فيها نجم العديد من افذاذ من جهات السودان المختلفة..وهذه نقطة فطن لها اهل الشمال النيلي بحكم عملهم في مصر قبل الاستقلال بكثير في اعمال تناسبت مع ضعف حظهم من التعليم كما يحدث حتي اليوم لكثيرين ومن لم تتح لابنه فرصة التعليم في السودان يسر له في مصر .. وهنا تحضرني واقعة طريفة ولكنها ساطعة لفرز الذين يعلمون اس الصراع ومن ينصرف الي غيره . فقد نقل الي مستشفس في شمال السودان في مركز اداري يسطير عليه عمدة ذو نفوذ كبير وسطوة .. واتي المخاض زوجة العمدة فارسل في طلب الطبيب فرفض طالبا احضارها الي المستشفي رغمم تعدد المراسيل .. وركب العمدة عربته وذهب الي الطبيب فرفض ..فقال له العمدة ( انا عندي عشرة زيك مشغلم معاي في البيت ) فاجاب الطبيب (انهم عبيد خدامين لانهم لم يتعلموا وما فيهم ولا دكتور واحد امشي جيب المرة وما تضيع المرة ووقتي معاك) فرضخ العمدةمرغما.
2/ النقطة الاخري هي الاعتقاد الخاطي وفقا لتجارة الرقيق بان العبودية خاصة بالزنوج .. وينسي هؤلاء ان العرب انفسهم كانوا عبيدا لفرعون مثلاً .. فهل من اعتنقوا اليهودية وحررهم نبي الله موسي من فرعون كما ورد في القرآن .. الا بقايا البدو الذين اتي بهم سيدنا يوسف .. ويوجد مشهد في فيلم الوصايا العشر يظهر سيدنا موسي وهو ينبش قبر سيدنا يوسف قائلا له..انت الذي اتيت بنا الي هنا.. ولان كانت هي الرواية التلمودية .. الا انهاكافية لتوضيح ان العبودية لم ترتبط بلون او اثنية في التاريخ .
3/ لقدضربت الحركات الحنوبية ابان تمردها علي نفس الوتر .. فهل انتهي الاقصاء المرتبط بالسلطة واتهامات المصالح الخاصة ام طال الامر حتي زعماء الكفاح المشترك؟ واشارة الي آخر بيان من مشار وباقان تكفي
4/ الا يكفي مثال انشاء دولة ليبريا من نسل الارقاء الامريكيين وماذا فعل العبيد الامريكيون بالمحليين بجعلهم عبيدا ليس باللون ولكن بحكم التعليم والاحتكاك الحضاري ؟
5/ ينسي المعيبون لاختلاط السلالات في الشمال مع القادمين الترك والمصريين وغيرهم ما اختلط من انساب من غرب افريقيا .. ومن وهب الجنسيات لاسباب انتخابية لالاف غير السودانيين القادمين من غرب افريقيا .. واي الاثتيات كانت تعطي كل حزب اصواتها.. وماذا كان حظ كل طرف ممن صعدوهم حاكمين ..
ختاما القضية يجب ان تكون واضحة في ازالة نظام الانقاذ الظالم لجميع السودانيين الا من ارتبط بمصلحة معه واستخدامه للعنصرية والجهوية لترسيخ وجوده عوض الانصراف الي العنصرية والعنصرية المضادة .. لان الوضع في السودان .. لا يختلف عن جنوب افريقيا بعد ارسال القوانين العنصرية الي مزبلة التاريخ باي حال من الاحوال