هل يصبح مطلوب الجنائية منقذاً؟

مما لا شك فيه أن الكثيرين من أنصار المشروع الحضاري الإسلامي في السودان والمراقبون له خارجيا أدركوا أن نظام الإنقاذ فشل فشلا ذريعا في بلورت أمانيهم وتمنياتهم وأشواقهم لواقع يعيشه المواطن مسبحا بحمده بنقله نقلة نوعية من حالة البؤس والشقاء الي الرفاهية ورحابة السلام والعدل المنشود الموشح بالحرية والامل في النماء والتطور والحياة الكريمة, وعلي عكس ما تأملوا تسبب مشروعهم الحضاري الذي لا يستند علي التنظير السليم ولا النوايا الحسنة بتفشي النرجسية وحب الذات وكنز الثروات فقد تسبب هذا الشمروع في إلحاق الأذي بأهل السودان كافة في هتك نسيجهم الإجتماعي وتقذيم دولتهم الوطنية وعذلتها عن التعاطي بندية مع العالم الدولي والإقليمي مما تسبب في هزائم نفسية وعسكرية وعلل إجتماعية آخذة في التفشي ونسف السلم الإجتماعي وغلاء طاحن في السلع والخدمات أرهق كاهل الشعب وتضيق في الحريات العامة والشخصية أدهي لهجرة البعض طلبا للنجاة بنفسه وماله . إضافة الي ذلك إنقسام القائمين علي أمره بدوافع سلطوية وقبلية ومحاولة لتمكين الأنصار والأتباع من مفاصل السلطة ومكامن الثروة .
وهكذا سار المشروع الحضاري بنفسه في طريق التيه والضياع والإضمحلال وزهد فيه عرابوه وتوقفوا عن مناصرته ودعمه لأنهم ادركوا بأن الإستمرار في هذا الطريق يولد مزيدا من التعقيد في المشهد السياسي السوداني والعنت والمشقة للوطن والمواطن.
وبدأت جماعات تتحرك هنا وهناك بغية الإصلاح ولكنها لا تملك القوة ولا السند لأن أساطين المشروع يعتبرونها من معجلات الرحيل لذلك يحاربونها ضمن من يحاربون ويضيقون عليها ضمن من يضيقون.
لكن اللافت للنظر أن هنالك جماعة من داخل النظام ظلت تعمل في الخفاء منذ فترة طويلة وقد حاولت هذه الجماعة تسويق شخصية الرئيس (المطلوب للعدالة الدولية إثر إتهامه بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من المحكمة الجنائية الدولية) حاولت تسويقه كمنقذا للبلاد من حالة التأزم والإنقسام والغرق في مستنقع الحرب الأهلية يشجعها علي ذلك أن المعارضة التقليدية تعيش نفس ظروف النظام حيث تعاني من الإنقسام وغياب الرؤية والبعد عن الجماهير وهمومها.
كما أن الشق المسلح من المعارضة السودانية له أجندته الخاصة التي يتفاوض حولها مع النظام وهي لا تمس حياة المواطن بصورة مباشرة ( لكن بالطبع لها تأثيرها الفعال في مجال الحريات العامة ) كانت خطة هذه الجماعة التي تحلقت حول الرئيس وكأنها تحاول أن تجسد للصورة التي رسمها له الزعيم الترابي في مقبل أيام الإنقاذ الأولي وهي أن البشير هدية السماء لأهل السودان فقد كانت التصريحات التي تخرج من من يؤمنون بهذه الفكرة فكرة المنقذ أن الرئيس عاكف علي إحداث تغيرات في الأشخاص والسياسات من شأنها إحداث ثورة تصحيحية سلمية متفق عليها داخل الحزب والدولة ومن أبرز هذه التصريحات كانت للنائب الأول قبل عام حيث قال الرئيس عاكف لوحده في إختيار قيادات جديدة للمرحلة المقبلة ترتكز علي عنصر الشباب من من يتحلون بالكفاءة والمسئولية .لكن جاءت القرارات الإقتصادية الأخيرة لتدق أخر إسفين في علاقة الحكومة بالشعب بحيث تؤكد لحقيقة مؤلمة ظل يتغافلها الإعلام الحكومي وخطاب الدولة وهي الهوة الواسعة التي تفصل النظام عن الشعب وهي يهماء تضل فيها العين وتكزب وقد خرجت الجماهير غاضبة ليس علي غلاء الأسعار التي تصاعدت وتيرتها فقط ولكنها مطالبة برحيل النظام الذي فقد عناصر الصلاحية للبقاء وقتل الأمل في بكرة. ومثلما فقد الشعب الأمل في بكرة في ظل هذا النظام فقد شهداء من أبناءه وطلابه ذهبت أرواحهم في سبتمر مهرا للحرية والتغيير وتولدت روح وقادة من الغبن علي الحاكمين أزكت جذوة الكفاح بكافة السبل في نفوس الجماهير المتعطشة للحرية والمتطلعة لفجر جديد.
ورقم كل هذه الأحداث المؤسفة التي رسخت في ذهنية المواطن والمراقب علي حدٍ سواء أن هؤلاء القوم لا علاقة لهم بما يدعون من حرصهم علي البلاد وتحقيق الأمن والرفاهية وإستكمال مشروع النهضة ظلت الجماعة المذكورة مواصلة في مشروعها وهي تسويق شخصة الرئيس كمنقذ للبلاد واليوم المتابع للصحافة السودانية وأحاديث المقربين من صناع القرار يلحظ صحة ما ذهبنا اليه فمعظم كتاب الأعمدة الموالين للنظام يتحدثون عن مرحلة جديدة في تاريخ إنقلاب 30 يونيو أو ثورة الإنقاذ كما يسميها أنصارها فقد قال الأستاذ حسين خوجلي في برنامجه التلفذيوني أن الإنقاذ تشهد الإنقلاب الثالث في تاريخها حيث 30 يونيو كانت إنقلابا علي الصادق المهدي وقرارات 4/ رمضان ما يعرف بالمفاصلة كانت إنقلاب ثاني علي الدكتور الترابي أي الحرس القديم للحركة الإسلامية واليوم تشهد البلاد الإنقلاب الثالث الذي يقوده الرئيس بنفسه وكما بشر الاستاذ حسين خوجلي أن النظام سيزيد من قبضته المركزية خصوصا علي الولايات.
فهل يا تري نحن فعلا أمام مرحلة جديدة من عمر النظام تهدف لإيقاف مسلسل الفشل في الدولة السودانية ؟ حيث هنالك إعتراف بأن الدولة مأزومة ومحاصرة ومتوترة ومنهارة إقتصاديا وعسكريا وسياسيا يتفق عليه الجميع وكما قال حسين خوجلي(بقينا شحادين).
لا أتفائل كثيرا بأن التغيرات التي ستجري تحدث هذه الثورة التي بشر بها أقطاب النظام ومناصروه لأننا إستمعنا لذات التصريحات والتلميحات بعد إغصاء الدكتور الترابي ومجموعته وتولدت حرب دارفور نتيجة لذلك وظهر الكتاب الأسود(إختلال ميزان الثروة والسلطة في السودان) كما أن الدولة والحزب تخاصماء مع دعاة الإصلاح ورفضاء مقترحات المعارضة في تكوين حكومة إنتقالية ووضع دستور دائم للبلاد وإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة .
هذا علي الصعيد الداخلي اما علي الصعيد الخارجي فقد بدأت في المناخ الدولي تتشكل تحالفات جديدة لا تقبل الحياد والضبابة والرمادية وليس للنظام الجرأة ولا القدرة لإختيار مع من يتحالف كما أن الخارجية السودانية إتسم آداءها بالضعف والركاكة بل بالتأثير السالب في معظم المحافل الدولية والمنتديات العالمية .
لذلك تظل فكرة المنقذ محاولة يائسة يروج لها أناس من من يشتهون البقاء في السلطة عساها تثمر لهم مزيدا من الوقت لكنز الثروات وإشباع الطموح الشخصي في التحكم في مصائر البلاد ولكننا نقول لهم:
عشمنا فيكم خاب بس عشمنا في الله ….ما بترجعونا لزمن الآهة بالمرة كفايانا مزله
ثورتنا قطار فات في طريقو وزملنا عندكم ما بندلي.. وحات الله بكر يهل صباح عيدنا اعياد بيهو الدنيا تتحلي ونصنع للحرية ساس وراس بيهو نتعلي

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..