تمثال الكرامة السودانية وثورة خليناها ليكم

? تمثال الكرامة السودانية وثورة خليناها ليكم
سُأل برناردشو عن تمثال الحرية في أمريكا فقال: “إن الشعوب تميل لصنع تماثيل كبيرة للأشياء التي تفتقدها أكثر” .
فليصنع الشعب السوداني تمثالاً للكرامة في عاصمته الخرطوم ليبكي عليه كرامته المهدرة على عقدين من الزمان ونصف .. والتي بعثرها هؤلاء الآتين من جزر الهوام (سؤال: أين جزر الهوام هذه؟) على الأرصفة المحلية والدولية وبين الشعوب والأمم الأخرى؟؟ .. وقديماً قيل: (من يهن يسهل الهوان عليه .. وما لجرح بميت إيلام) … فالفاتحة على كرامتكم الطيبة .
كلما ضاقت على الحكومة الإنقاذية السبل ووقفت سياساتها العرجاء عند عقبة الاقتصاد الكؤود, فإنها لن تجد أفضل من قفا الشعب السوداني ملجأ لتجرب عليه إحدى نظرياتها الاقتصادية الفاشلة (نظريات عبد الرحيم حمدي صاحب المثلث الاقتصادي وما جاوره من منظراتية), يا لسماكة قفا هذا الشعب وسماحة هؤلاء الناس .. فقد جربت الحكومة السودانية على قفا هذا الشعب كل أنواع السياسات الاقتصادية التقشفية والتعسفية .. حتى صاروا كتيس التجارب البيطرية .. ولهذا التيس المسكين مع البيطارة رواية .. فبجانب كل التجارب التي تجرى عليه والتي تهد الحيل, يطلب منه في الآخر أن يؤدي ما عليه من مهام فحولية .
فمن سياسة اقتصادية فاشلة إلى أخرى افشل تدور رحى منظري اقتصاد الإنقاذ .. فمن: البرنامج الثلاثي للإنقاذ الاقتصادي – سياسة تحرير السوق, والذي انطلق على اثره السوق من ذاك الزمن ولم يعد حتى الآن – مروراً بالخصخصة أو جهجهة المؤسسات العامة الناجحة ? وتعويم الجنيه – وزيادة الضرائب – والآن انتهاءً برفع الدعم من المحروقات وبعض السلع (عن أي دعم يتحدث هؤلاء), .. وهكذا تتوالى (الخرمجة الاقتصادية) والتي مجازاً تسمى سياسة اقتصادية .
وضرب الشعب السوداني همَّ السياسات الاقتصادية الإنقاذية بالفاقة ونام (نوم الهنا ايه الشعب الفضل) .. (ياخي سيبك من متاهات في الخواطر والمشاوير التشاتر.. ياخي سيبك!!), واضحك لآخر ضرس .. (ويا حلاة أسنانك الصفر من سف التمباك والشاي الأحمر المر)؟؟

o ومن التعاسة تتولد السعادة:
تناقلت مواقع الانترنت المختلفة إحصائية توضح ترتيب الدول حسب السعادة, وقد احتل السودان المرتبة 124 في سلم ترتيب الشعوب السعيدة !! (ويعتبر هذا الترتيب بالنسبة للشعب السوداني مرضي جداً .. ؟؟) .. إنها السعادة الجاية من نهاية التعاسة (الفات حدو ينقلب لضدو).. إنها حقاً وصفة للسعادة- فإذا أردت أن تكون سعيداً فعليك أن تمتلئ بهذا الواقع السوداني التعيس حتى الثمالة, فما السعادة إلا نتيجة حتمية لنهاية التعاسة !! .
فإذا أردت أن تكتشف متلازمة التعاسة والسعادة عند هذا الشعب, فلك في الكرة السودانية شاهد ودليل .. نصف قرن من الزمان وتتوالى الخيبات والسقوط ومغصة أودت ب 35% من مشجعي الكرة السودانية مستشفى تجاني الماحي. (مصدر الإحصائية العدد الكبير من الفنائل الرياضية التي يرتديها نزلاء المستشفى), وهناك مرض عضال يسمى الهلال والمريخ .. فمن فشل إلى فشل تتوالى سقطات الكرة السودانية .. ومع كل هذه التعاسة لم يزل هناك جمهور تمتلئ به المدرجات ومتأمل يلقى السعادة .. تمنياتنا لكم أن لا تطول وقفة الأشواق هذه .
ومن دلائل ضياع كرامة هذا الشعب ومدى تعاسته ما حدث أثناء تسجيل هيثم مصطفى في المريخ, اعتصام جماهير الهلال لأكثر من أسبوع في نادي الهلال من اجل عدم توقيع هيثم في كشوفات المريخ, وفي الآخر هيثم في المريخ ولسان حاله يقول (اقعوا البحر والبحر لو بعيد ليكم مني حق التوصيلة), (عليك الله دا شعب عندو كرامة) .. العندو كرامة يتقدم ينتحر .. قال هيثم قال.. (يا خي ديل جايين الاستاد وحق المواصلات بالعافية)!! الفلس ما مشكلة هيثم هو المشكلة .

o المبلولة ما بتخاف اللين:
ويضحك الشعب السوداني على خيبات الحكومة الاقتصادية والسياسية المتكررة وكأن الأمر لا يعنيه, حرروا الأسعار – زادوا الضرائب – زادوا سعر الوقود – وارتفعت تعريفة المواصلات.. ولسان حالهم يقول (ما علينا).. وحقاً المبلولة ما بتخاف اللين.

o شعب الثورات الداخلية:
يا هذا الشعب الباقي من حاصل قسمة السياسات الإنقاذية .. شكراً لكم .. فلقد أهديتم العالم نوع آخر من فن الثورات .. إنها الثورات الداخلية, آخر ما توصلت إليه آلية إنتاج الثورات السودانية: ( تثور على زوجتك أو على أولادك – تثور على اخوانك الصغار – او حتى بالعدم تثور على الكمساري داخل البص ايضاً تعتبر ثورة داخلية !!).. قال الشعب السوداني, قال ايه .. قال: “نحن من علمنا العالم الثورات ونحن أول من عرف الثورات في الدول العربية…” .. نعم ولا شك في ذلك وواضح كوضوح الشمس في ميدان رابعة العدوية!! .. والآن تم التقاعد الإجباري !! .
في ثورة داخلية في إحدى حافلات المواصلات تطاول احد الركاب على الكمساري واصفاً اياه بالفاقد التربوي وتربية شوارع وووو … والله يا كمساري كان تقول ليه أنت فاقد كرامة .. فأيهما أكثر وجعاً؟؟ … (والقراية في السودان بقت أسهل من كيس الخضار .. كيف؟؟) .. ما عليك إلا ان تشترك في محاولة انقلابية تدخل بموجبها سجن كوبر كمسجون سياسي ? داخلية الحكومة (واطمأن مافيها إعدام ولك في صلاح قوش وود ابراهيم إن صدقت الحكاية دليل .. وإلا فما مشكلة في الأصل أنت ميت).. وتلتحق بالدراسة إلى ان تصل مرحلة الدراسات العليا ودا كله على حساب الدولة.. وتطلع بعد كذا سنة من داخلية الحكومة لتحكي للشعب السوداني الباقي .. عن تجربة السجن وحكايات السجن.. وهذا آخر ما انتجته دراما السجون السودانية في فلم رجل الإنقاذ المرعب (لبس).. 14 سنة سجن .. (ياخي دا انت مخوف الحكومة أكثر من معارضي أحزاب اللمة والخمة وناس تتوالون وتهتدون وتأتمرون ..) .. بس الحكاية ما تطلع في نهاية المطاف فلم إنقاذي هندي؟؟؟ .. وبكرة نشوف السيد الوزير ……

o ثورة: خليناها ليكم:
في أيام الدراسة الابتدائية اعتاد احد الأساتذة ان يصف طالباً ما بالبلادة, (وشابك ليك الطالب انت ياخي بليد وما بتفهم), وفي احد الأيام وقد ضاق الطالب ذرعاً من الأستاذ, فثار منتصراً لذاته على طريقة (خليناها ليكم), وقد احمرت عيونه غضباً وتلبدت سماءه بالغيوم وابرق وأرعد, فظن الجميع إنه سوف يمطر كثفاً, وبدأ الكل يردد حوالينا ولا علينا .. فإذا به يقول للأستاذ وبصوت مرعوب (مش المدرسة دي خليتها ليك إنشاء الله تنفعك والقراية ذاتها انا خليتها) .. وانتهت به ثورته تلميذاً في المنطقة الصناعية .. وخليناها ليكم .
هذه هي ثورة السودانيين فالكل متأبط أوراقه الثبوتية ومن وكالة سفر إلى سماسرة السفريات الخارجية, يبحث له عن منفذ يتخارج عبره من هذه البلدة (الظالم أهلها على حد زعم كل المغادرين) .. ويردد شعار الثورة “خليناها ليكم إنشاء الله ما تنفعكم”.. ويغني مطرب الثورة (يا حليلو قام ساب البلد .. يا حليلو).
وتنطبق على هذه الثورة الناعمة حكاية ذاك الرجل الذي اوقع به حظه العاثر في أيادي ناس النهب المسلح, فجردوه ولم يتركوا له شيئاً غير طاقية صغيرة على رأسه, وعندما وصل فاراً بجلده إلى أهله, سأله احد الشامتين (الطاقية دي ليه ما شالوها منك), فرد اخونا غاضباً, والله لو وصلت الطاقية يكون لي معاهم كلام تاني!! .. فطاقية اخونا هذا اشبه بثورة جمهور الهلال المفلس والمنكوبة جيوبه والمعتصم من اجل هيثم مصطفى .. ثورة رياضية والمطالب سياسية!! .

o نقطة في آخر الثورة:
إذاعة الكرامة السودانية ترحب بكم و و و …. (رحمة بالمستمع فقد تم إعفاءكم من باقي الوأوأ ….. ) .. موضوع حلقة اليوم: عن تمثال الكرامة السودانية ؟؟؟؟
ألو: والله موضوع الحلقة جميل, وأنا من اشد المعجبين بهذا البرنامج ووو …. ( يا خي انت ما عندك أي موضوع) ويواصل اخونا ثرثرته, انا بفتكر انو التمثال دا ذاتو في الحقيقة يعني كان ممكن ….. (ياخي روح بلا يخمك انت احسن تشوف ليك اقامة راعي وتمشي السعودية) !!! وقام ساب البلد وتحيا الثورة .
متصل آخر …………………. نفس الملل … (رأفة بالمستمع المبجل وليس المكرم تم الحذف …) .

o لحن الختام:
كرامة يا محسنين – الأغنية مهداة للشعب السوداني الفاضل حي من بعد رفع الدعم من المحروقات والسلع الاستهلاكية ..
(تمشوا كداري وتأكلوا في خاطركم) … ولله يا محسنين .. وتحيا الثورة .. وثورة حتى نسيب البلد .
……………….
عماد يعقوب 13-9-2013
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..