موقع الشريعة الإسلامية في التغيير القادم

ان كل من يقول بالتغيير يسعي إلى وطن يسع الجميع، وطن يجد كل فرد وجماعة ذاته متمثلة داخله إذا كان اذا كان في الدستور أو مؤسسات الحكم او غيره، ولكن الحقيقة ان قناعتنا بسودان لكل السودانيين يقف خلفها إيمان برؤية إسلامية تهدم كل تلك القناعات. فكلنا نرمى اللوم على الحركة الإسلامية أو الإسلام السياسي فيما وصل إليه حال السودان اليوم وننسي إننا وتحديدا كمجتمع وسط جزء مما وصل إليه حال السودان وان الحركة الإسلامية ما هي إلا الوجه السافر لما نحمله من أفكار إيمانية لا نجاهر بها، وبالتالي عند الملمات نتحول إلى رصيد للحركة الإسلامية وليس رصيد إلى التغيير. فمفاهيم مثل التغيير ووطن متعدد الأعراق والثقافات لا يجد ذاته داخل إيماننا الذي تم استيعابه من الرؤية العربية التي استوطنت داخل مجتمع الوسط وتماهت مع مفهوم الإسلام. والحقيقة ان ليس تجربة الحركة الإسلامية هي وحدها الخاطئة ولكن كل تجاربنا منذ الاستقلال والى الآن هي خاطئة نتيجة لاعتمادنا على الرؤية العربية تلك في استيعاب الواقع السوداني، وللأسف رغم عدم نجاح تلك الرؤية في استيعاب الواقع إلا إننا اصرينا عليها بمختلف أشكال الحكم التي مرت على تاريخ السودان إلى الآن ولم نحاول إيجاد رؤية أخرى. ولذلك يمكن لكل جيل التغيير ان يختزل الأزمة في الحركة الإسلامية كأنها نبت شيطاني رغم ان ما تقوله حول الإسلام يقول به حتى الشيوعي المسلم، فاعتبار استئصال حكم الحركة الإسلامية هو حل لمشاكل السودان هو نقل للازمة إلى مرحلة أخرى من تاريخ السودان ليس إلا وهروب فقط من مواجهة الذات ومن فتح الإيمان والقناعات للمراجعة.
إذا على النخب الصاعدة ترك السياسية وغيرها من مواضيع التهرب والتوجه نحو الأسئلة الحقيقية التي ستؤثر على التغيير القادم حتى نصل إلى إسقاط النظام كفكر وكأشخاص، فالسؤال الحقيقي ليس من يحكم السودان ولكن كيف يحكم السودان، وهو السؤال الذي يجب ان يشغل بالنا جميعا، وأول ما يتبادر إلى الذهن من ذلك السؤال هو موقع الشريعة الإسلامية كنصوص قانونية أو كهوية فهي المدخل لكل أصحاب الرؤية العربية من تيار الإسلام السياسي إلى القومية العربية. فمفهوم الإسلام القادم من الرؤية العربية يبدأ من القانون في الزواج أو الميراث أو الحدود وغيرها وينتهي إلى الهوية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)) باعتبار ان المسلمين يمثلون امة اجتماعية في مقابل الاخر. وتمتد تلك الرؤية إلى التماهي مع المفهوم الحديث للدول في ان الإسلام دين ودولة. فكل من يقول أنا مسلم يؤمن بدرجة ما بكل تلك القيم.
وهنالك الكثير من الأسئلة التي يجب ان يطرحها الفرد على نفسه قبل ان يطرحها على الآخرين فهي تعبر عن ايمان الفرد وقناعاته، وأولها ما هو الإسلام الذي تؤمن به وأين موقع الآخرين اذا كانوا متفقين معك ام لا في قناعاتك تلك وأين موقع الشريعة الإسلامية في الدستور القادم وهل من الممكن ان تتساوي الشريعة الإسلامية مع الشريعة المسيحية وغيرها من الشرائع داخل الدستور وعلى أي اساس سوف تصاغ القوانين وأولها قوانين الزواج والميراث والطلاق وغيرها، وهل سيكون هنالك قانون مدني وقانون يستمد من الشريعة الإسلامية وما هي إلزامية تلك القوانين على المجتمعات؟
ومعا من اجل وطن يسع الجميع
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أسمح لي أن أرد حسب رؤيتي الخاصة وأول ما أبدا به فهمي للاية الكريمة من سورة المائدة التي ذكرتها في مقالك وهي “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”
    أنا فهمتها أن النهي ليس لكل اليهود أو النصارى لأن في السيرة النبوية ما يدل على تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم معهم ولكن المقصود اليهود والنصارى الذين هم أنفسهم أوليا بعض وأعتقد أن الاية تخبرنا عن حلف سيحدث بين بعض اليهود و بعض النصارى تحذرنا من التحالف معهم (حلف الناتو) لأنهم ظالمين والذي يتحالف معهم فهو منهم. لذلك لا مانع من التحالف مع روسيا أو أي حلف آخر خارج الحلف الصهيوني المكون من اليهود والنصارى . والله أعلم

  2. مشكلتنا في السودان هي خلط الامور فحتى الشريعة الاسلامية لم تطبق في ال24 سنة الماضية و ما قامت به الحركة الاسسلاميةفي السودان اغلبه أماني و شعارات جوفاء وكل ما فعلته هو ابعاد اليسار من السلطة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..