الذكرى العاشرة لاعتقال صدام حسين واعدامه

تمر علينا هذه الايام الذكرى العاشرة للغزو الامريكى للعراق ، الذى انتهى باعتقال الرئيس العراقى السابق صدام حسين ، ومن ثم تقديمه للمحاكمة ، وادانته واعدامه شنقا حتى الموت فى احد سجون بغداد . ما يجدر تثبيته هو أن مجموعة المحافظين الجدد التى تحلقت حول الرئيس الامريكى جورج بوش الإبن ، و تمكنت من النفاذ الى وزارت الدفاع، و الطاقة ، ووكالات الاستخبارات المركزية ، و الأمن الوطنى ، ومراكز الدراسات الاستراتيجية ، والتى كان يقودها نائب الرئيس السابق ديك تشينى ، ووزير الدفاع دونالد رمسفيلد ، ونائبه بول ولفويتز، ومستشارة الأمن الوطنى كونداليسا رايس وفدت الى الحزب الجمهورى من الحزب الديمقراطى حردا من موقف حزبها المهادن للاتحاد السوفيتى كما زعمت . وما لبثت ان احاطت بالرئيس جورج بوش الابن احاطة السوار بالمعصم ومن ثم شرعت تسوغ له غزو العراق تحقيقا لمزايا استراتيجية جمة . منها ، على سبيل المثال لا الحصر استغلال وضع العراق الاستراتيجى جغرافيا . وتطوير قدرات العراق الاقتصادية والبترولية الكبيرة وجعله منصة للتحول الديمقراطى فى الشرق الاوسط ومن ثم احداث نقلة عالمية تغير موازين القوى الاقليمية والدولية . وتؤذن ببزوغ فجر النظام الدولى الجديد الذى طرحه الرئيس ريقان أول مرة وتلاه الرئيس بوش الأب . وهذا النظام الجديد يتوسطه شرق اوسط مستقر ومتناغم مع اسرائيل على شروطها . هذه المجموعة سبق أن حاولت مع الرئيس بوش الأب لكى يتم جميله بتحرير الكويت بتحرير العالم من الخطر العراقى مرة واحدة والى الابد وذلك باحتلال بغداد واسقاط نظام صدام حسين بعد تحرير الكويت . و لكن بوش الاب وهو رجل دولة متمرس وخبير استخبارات لا يجارى لم ينصاع لضغوط مجموعة المحافظين الجدد ولا لهلاويسها ورفض اسقاط نظام وترك امر محاسبته لمجلس الأمن والاسرة الدولية. وسانده فى ذلك الجنرال كولن باول الذى قاد جيوش تحرير الكويت . مجموعة المحافظين الجدد سبق لها ان تركت حزبها القديم ، الحزب الديمقراطى فى عام 1981، وهرولت باتجاه الحزب الجمهورى على عهد الرئيس رونالد ريجان ، الذى جذبها باطروحاته السياسية المتشددة ضد الاتحاد السوفيتى . ولكن الرئيس ريجان رفض شراء بضاعتها المزجاة . كما رفضها من بعده الرئيس بوش الأب . وكان على المجموعة المغامرة أن تنتظر بعض الوقت حتى ظفرت برئيس امريكى لم تكن حتى والدته تصدق بأنه سوف يدخل البيت الابيض الامريكى باكثر من صفة الزائر العابر . تحلقت هذه المجموعة حول جورح بوش الإبن وسيطرت عليه تماما بسبب قلة ثقافته السياسية التى كانت مجال تندر الصحفيين والاعلام الامريكى. هولت المجموعة الذكية للرئيس غير الذكى المخاطر التى سوف يتعرض لها السلم العالمى والامريكى اذا لم يصحح الخطأ الذى ارتكبه والده بعدم الزحف على بغداد بعد تحرير الكويت لكى يحرر العالم من خطر اسلحة التدمير الشامل العراقية. و ادارت المجموعة حملة اعلامية محكمة للتهويل والتخويف والترغيب . واستجلبت عملاء عراقيين واعطتهم صفات والقاب علمية كبيرة لكى يقدموا شهادات زور مضمخة عن اسلحة التدمير الشامل التى يكدسها صدام حسين. وصدق الرئيس المحدود فى كل شئ الحكايات الهايفة التى تحكى عن يورانيوم قابل للتخصيب يستورده صدام من دولة النيجر التى بالكاد تستطيع تخصيب بطون شعبها الجائع برغيف قمح البرارى الامريكية الرخيص . نهاية القصة تقول ان الرئيس البسيط شكلا ومضمونا وافق على غزو دولة اجنبية بينها وبين الحدود العراقية عشرات الالاف من الاميال . و اخذ القانون الدولى فى يده وطوعه ما استطاع الى ذلك سبيلا وحقق لمجموعة مهووسة اسمت نفسها بالمحافظين الجدد هدفها فى غزو العراق . ولكن خلق عالم جديد فى القرن العشرين الامريكى اضحى كذبة القرن العشرين المنتقلة الى القرن الواحد وعشرين .مغامرات المحافظين الجدد انتهت بتدمير العراق عسكريا والقتصاديا وسياسيا . و بعثت من القبور النعرات الطائفية والعشائرية. وخلقت دكتاتورا طائفيا صغيرا يتوشح بالمذهبية الطائفية . ولا اخبار غير التفجيرات الدموية.

السفير د. علي حمد ابراهيم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لله درك استاذنا الفاضل الكريم السفير علي حمد
    النتائج العملية لهذا الغزو تحولت الي اخطر مهددات للامن والسلم الدوليين
    وتسببت عمليا في اختلالات استراتيجية خطيرة ومخيفة
    تحولت دولة العراق الي ولاية ايرانية
    العراق الراهن وليس قطر هو المقر الرئيسي للتحالف العقائدي الدولي بين جماعات الاسلام السياسي
    “سنية وشيعية”
    افلست خزينة الدولة الامريكية وضعفت اقتصاديات الدول الحليفة والصديقة لامريكا
    ضعفت اقتصاديات الدول العربية في مصر والسعودية والاردن والدول الخليجية
    والبقية تاتي
    ومجرمو الحرب يتجولون بطول وعرض المعمورة كدلالة علي افلاس وفشل وضعف النظام الدولي القائم
    توني بلير يزعم انه مندوب لسلام الشرق الاوسط
    جورج بوش في جنازة مانديلا وكيف يشيع
    الاموات الاحياء وهل من اساءة لمانديلا اكبر من ذلك
    وحالة الفصام الامريكي المستمرة وعدم الواقعية في فهم العلاقات الدولية لاتزال تضرب العالم في مقتل ودونك تدخلهم الارعن باسم الديمقراطية في الحالة المصرية الراهنة الناتجة عن ثورة شعبية لالبس ولاغموض فيها في الجارة الشقيقة مصر
    لك التحية اينما تكون وتحية اكثر خصوصية من الاستاذ معاوية جمال الدين الذي استقر هنا معنا في مدينة ادمنتون الكندية

  2. سعادة السفير المحترم
    لك كامل الؤد
    تحليل جيد بلا شك وان كان سبقك اليه كثيرين من الحادبين على امر هذه الامة، لكن فات عليك ان تذكر الدور القذر الذي لعبه رامسفيلد في غذو الشهيد صدام حسين للكويت.
    الايام حبلى بالجديد لأن العالم ما ذال ينتظر نهاية لعبة الفوضى الخلاقة وباللغة الإنجليزية هو مصطلح سياسي / عقدي يقصد به تكون حالة سياسية أو إنسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث
    على الرغم من وجود هذا المصطلح في أدبيات الماسونية القديمة حيث ورد ذكره في أكثر من مرجع وأشار إليه الباحث والكاتب الأمريكي دان براون إلا أنه لم يطف على السطح إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش في تصريح وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس في حديث لها أدلت به إلى صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في شهر نيسان 2005، حيث انتشرت بعض فرق الموت والأعمال التخريبية التي اتهمت بأنها مسيسة من قبل الجيش الأمريكي وبعض المليشيات المسلحة التي تؤمن بأن الخلاص سيكون لدى ظهور المهدي المنتظر والذي سوف يظهر بعد حالة من انعدام الأمن والنظام.

    مع مؤدتي

  3. د.على
    بعد الأحترام
    لولا إشارتك -على إستحياء- فى ردك على الأخ معنى ( نعم صدام حسين كان طاغية قاسى القلب ) لأعتقدنا بأن ( بوش ) الأبن وقلة عقله فقط هى التى أدت لأزاحة ( صدام ) المسالم من حكم يعيش فيه مواطنيه رغد العيش والطمأنينة , فى مقالك الذى لم تتطرق فيه ولو بسطر واحد عن مآسى ( صدام ) وأبناءه وعن الذى فعلوه فى شعب العراق العظيم مع أنك أشرت للديكتاتور ( الطائفى ) الصغير الذى ظهر نتيجة إزاحة صدام ولكنك تغاضيت عن الديكتاتور الأكبر الذى عندما ( أقتلع ) كانت قواته تحتل دولة عربية جارة ضاربا عرض الحائط ب( القوانين الدولية ) التى أشرت أنت إليها فى معرض حديثك عن ( بوش ) الأبن وتجاهله لها فى أحتلاله للعراق ولقد نسيت – وأنت تلقى جام غضبك على الأمريكان – بأن ( بوش ) أو بالأحرى ( أمريكا) – أمريكا لأنه لايستطيع رئيس أمريكى إعلان الحرب على دولة أخرى من تلقاء نفسه دون تلقى الضوء الأخضر من المؤسسة( العسكرية ) و( الدستورية ) مهما كان مستوى ذكائه – كانت تعول على دعم دول ( الجامعة العربية ) بقيادة حسنى مبارك على التخلص من صدام الذى كان يشكل مصدر إزعاج لكثير من الدول العربية ولقد شاركت الدول العربية فعليا بقوات ( رمزية ) ساهمت فى إسقاط صدام عن السلطة وإبتهج الشعب العراقى فعلا بذلك ولقد تكرر السيناريو نفسه فيما بعد وقرر ( الأمريكان ) إقتلاع ( القذافى ) عن الحكم وإشراك أكبر عدد من المجتمع الدولى ( الناتو ) وبمباركة ( عربية ) قطرية وسعودية وبالطبع أيضا ( مصرية ) وذلك فى ظل رئيس أمريكى ( ذكى ) وخريج ( هارفارد ) ويحفظ القانون الدولى عن ظهر قلب فالحكم فى أمريكا للمؤسسات وليس للأفراد والرئيس مهما كان مستوى ذكائه فهو لا يستطيع تجاهل المؤسسية ولا يمكنه إصدار أمر ما لقائد بأحتلال بلد آخر بمزاجه ..!

  4. لك الؤد مرة اخرى سعادة السفير ولجميع ضيوفك المحترمين
    كل الذي ذكر من الاخوة المتاداخلين صحيح باختلاف ارائهم، امريكا ودول الغرب عامتاً دول تحكمها مصالحها قبل كل شئ، نعم هناك دولة مؤسسات ولكنها بالمقابل تعمل وفق ثوابت ومتغيرات ، مثال على ذلك حالة امريكا ايام الشاه وامريكا ما بعد الشاه وامريكا الان في تعاملها مع ايران.
    امريكا كانت تبيع السلاح للعراق في العلن وفي نفس لوقت كانت تذود ايران بالسلاح في الخفاء وما فضيحة ايران كونترا جيت ببعيدة عنكم، اين دولة المؤسسات هنا ، هنا يأتي دور الثوابت والمتغيرات
    نعم هناك اخطاء كبيرة حدثت من الشهيد صدام حسين ومنها على سبيل المثال غذو العراق للكويت الذي حدث بايعاذ من رامسفيلد، طبعا رامسفيلد وديك تشيني كانت ورائهم مصانع الاسلحة التي اصبحت راكدة بعد توقف الحروب الكبرى وعائلة بوش التي كانت تمثل اللوبي النفطي ، تجهيزاً للمعركة الكبرى .
    دول الخليج كانت تدفع للعراق بسخاء في حربه وذلك لايقاف المد الشيعي الذي لولا صدام حسين طبعاَ بعد فضل الله لكانت ايران قد ابتلعت كل الخليج، الان كل الدول العربية تعض اصابع الندم على ما حدث ولكن للأسف وعت الدرس متأخرة. امريكا الى الان واغلب دول الغرب تزين خرائطها بكلمة(الخليج الفارسي)
    لست هنا بصدد الدفاع عن صدام او القذافي او غيرهم من الزعماء العرب لكل هولاء رب واحد سوف يحاسبهم على اعمالهم ولكن فقط انظرو للفوضى والدماء التي سألت من المستفيد من هذا كله.

    التحية لك سعادة السفير وللأخوان الاعزاء سوداني طافش وسوداني ومحمد فضل علي

    مع مؤدتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..