سلطة وجاه

لا تزال أصداء التعديل الوزاري، والتغيير المحدود، في الطاقم التنفيذي والتشريعي الذي يدير الدولة تتلاحق، وتمضي بين الناس، ولكن اللافت في الأمر تلك الفرحة العامرة التي إجتحات الوزراء الجدد، وغيرهم ممن تبوأوا مقاعد في كابينة قيادة الدولة.
إنتهز عدد من الوزراء والتشريعيون عطلة نهاية الأسبوع لإقامة مهرجانات الفرح، فكانت صيوانات شركة كزام التي نصبت سريعاً أمام منزل نائب رئيس الجمهورية الجديد حسبو محمد عبد الرحمن لتلقي التهاني التي إنهمرت عليه من كل حدب وصوب، بينما إختار الفاتح عز الدين الذي تم إعتماده رئيساً للبرلمان الإرتحال إلى المناقل للإحتفال بالمنصب وسط أهله هناك، وكذلك فعل الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الذي سارع إلى أرض الشمال يغالب موجه البرد القارس هناك ليتلقى التبريكات من قومه، وذاد كيل بعير، بأن أفتتح مسجداً بجزيرة بدين وتبرع بمبلغ 100 مليون جنيه (حسب العملة القديمة) لبناء مركز صحي بالمنطقة، أما الوزراء الشباب فقد تسلموا المنصب سريعاً وركبوا الفارهات المظللة حتى إن هواتفهم النقالة التي كانت ترد بعد أول رنة هاتف، أصبحت ترفض المكالمات أو يرد عليها الحرس في أحسن الأحوال، ليخبرك بان سعادة الوزير مشغول الان وعليك الاتصال به في وقت لاحق.
وبالمقابل فإن المودعين للمنصب لا يزال بعضهم غير مصدقاً لما حدث، بينما يرى البعض منهم أن هناك مؤامرات حيكت لإخراجه من كابينة القيادة، قياساً على إنه أنجز ما أنجز من ملفات تشفع له بأن يستمر، وهناك من يرى إنه أنجز وما إستبقي شيئاً ولكنه كان يريد إنجاز المزيد لأنه الأدرى بملفات وزارته، لذا فانه الاصلح للبقاء مدة اطول.
وبما أن من بين الوزراء القدامى من ناضل ليظل رئيساً كذلك ناضل المئات من عدد كبير من منسوبي المؤتمر الوطنى لتنسم عبير الوزارة وقدموا سيرتهم (النقية البيضاء) للقيادة ولكن لهؤلاء واؤلائك تاتي الرياح بما لا تشتهي السفِنُ.
لم أكن أتصور إن الفرحة ستغمر أناس لمجرد إختيارهم وزراء سيما وأن هؤلاء منهم من بكي وأظهر ان دموعة نزلت من هول التكليف، الا إن الواقع يشير بعد صيوانات الافراح التي إنتشرت في العاصمة والولايات إن المآقي فجرتها الفرحة فنزلت الدموع إنهاراً.
منْ يرى من بين الوزراء الجدد خاصة الشباب، إن الوزارة منصب وجاه وسلطان لنْ يقدم شيئا فبدل أن يعمل لصالح الوطن والشعب، سيعمل لتمكين مُلكه وسلطانه، وسيناضل، لا من أجل الشعب، ولكن من أجل مخصصاته ما بين المنزل، والسيارات الفارهة، والحرس والمخصصات المالية الأُخرى، ولن يكون له وقت فراغ بعدئذ للإلتفات لهموم وطنه وشعبه.
كنا نأمل أن يكون وزراء الحقبة الجديدة، رواد تغيير بحق وكنا نريدهم أن لا يهتموا بالمظاهر وأن يخالطوا الشعب لمعرفة ما يجرى على ارض الواقع، ولكن إن إستمرت حالة الفصل بين القيادة والشعب فإننا سندور في ذات الدائرة لنعود ونبدأ من جديد، ولن تكون الدولة قد كسبت، شيئا فقط سيربح المؤتمر الوطني تدريب كوادر وزارية لفترات حكم قادمة.
محجوب عثمان
[email][email protected][/email]