مات بهنس يا هؤلاء.. فانقذوا محسن خالد

مات بهنس يا هؤلاء..فانقذوا محسن خالد !!

فجعت مثل الكثيرين صباح اليوم بالرحيل المأساوي للشاعر والفنان التشكيلي الشاب محمد حسين بهنس شريداً بالقاهرة ! تذكرت أكثر من فنان وكاتب ماتوا بالداخل أو المنفى وهم أحوج ما يكونون للقمة عيش وسترة حال. وآخرون ينتظرون في صف المحنة الطويل وما بدلوا تبديلا. فجعت بحق فوجدتني أردد في سري أبيات شعر لشيخي محمد مفتاح الفيتوري (الحالة المأساوية ? الفضائحية الأخرى لخيبتنا) والذي يغالب المرض والشيخوخة الآن في المنفى الاختياري بالمغرب..تذكرت قصيدة قديمة للفيتوري يقول مطلعها:
الفنُّ عذابْ
والشِّعْرُ عذابْ !
وأنا شاعرْ
لا املك إلا..
أن أبكي الأمواتَ وأرثيهم:
مات فلانٌ يرحمُه الله !!

دموعكم وخيمات العزاء والعويل والحسرة كلها لا تنفع. لقد صحونا منذ ربع قرن على بومة الخراب تنعق عبر مايكرفون الإذاعة تزف إلينا نبأ انقلاب عسكري ? ايديولوجي في زمنٍ ودّعت فيه الدنيا عصر المغامرات والانقلابات العسكرية.. بل إنّ عقلاء العسكر في كل مكان يستحون أن يوصموا بتهمة “الإنقلاب” العسكري لما يحمله دائماً من بذور الدكتاتورية والقمع وتغييب سلطة الشعب.لكنّ حشداً من السودانيين ?سامحهم الله – رحبوا بانقلاب الجبهة الإسلامية المفبرك بقيادة العصبة المتعلمة (حسن الترابي وعلي عثمان محمد طه ومعهم جناحهم العسكري)..لتبدأ عجلة العبث بمستقبل أمة (حروب لا تنتهي إلا لتبدأ..وهروب الكفاءات والعلماء والفنانين من تربة بلادهم ليموتوا أو يندثروا في مناف لا يبكيهم فيها أحد)!! ومنذ تلك اللحظة الفارقة التي استهان بها شعبنا بذبح الديموقراطية ووأدها جهاراً نهاراً وحتى لحظة كتابة هذه السطور فإن كل دقيقة تمر على عمر شعبنا وبلدنا هي خصم على سجل ما تبقي من وطن في ركب التقدم والمدنية والعيش الكريم في عصر الانترنت والفيمتو سكند.

أيها المثقفون السودانيون ويا متلعمي ومتعلمات هذا البلد المأزوم المكلوم، ما الجديد في موت محمد بهنس شريدا جائعاً في أحد شوارع القاهرة وزمهريرها ؟ أليس في المنافي الآن وفي أزقة وطرقات مدن وقرى السودان من يموتون موتاً بطيئاً جراء المسغبة والحاجة إلى الدواء وإلى أبسط متطلبات العيش؟ كفكفوا دموعكم التي لن تغني ولن تسمن من جوع ، وهبوا إلى تكوين خلاياكم ? مثلما تفعل كل الشعوب. فلتنشط منظمات المجتمع المدني في الداخل وفي الخارج..ولتنشط الجمعيات والاتحادات المهنية وحتى الجهوية (صناديق خيرية وما أشبه) حتى لا تتكرر فضيحة موت الشاب الفنان محمد بهنس كل يوم! وحتى يجد الشارع جاهزين حين تأتي طامة هذا النظام الكارثة ? ويقيني أنها لن تطول!

.. أكتب هذا وعيني على مأساة أخرى تذكرني برحيل مأساوي في سلسلة معاناة مبدعي هذا الوطن..أكتب وفي ذاكرتي محسن خالد ? قاص مجيد للسرد ، قابض على ناصية اللغة يروضها أنّى شاء! أنقذوا محسن خالد حتى لا يسقط فارس من فرسان الكلمة ونحن في غيبوبتنا التي لا أعرف سبباً واحداً لها في شعب كان يتزعم قافلة الوعي بين شعوب العالم الثالث حتى سبعينات هذا القرن. أنقذوا محسن خالد يا إخوتي وزملائي في اتحاد الكتاب السودانيين رغم شح الإمكانات وضعف ذات اليد.
أنقذوا محسن خالد يا أبناء وبنات مدينة ود مدني الثائرة. ود مدني التي أنجبت مدثر البوشي والمساح ومحمد عبد الحي.
منذ أن أخذ محسن خالد يهرطق بخطابه الديني والحديث الممل عن كنيسة القيامة وما سيحدث من فاجعة وسقوط جرم فضائي بمكان ما وأن على سكان تلك المنطقة أن يخلوها.. منذ أن فارق محسن خالد خطابه القصصي الإبداعي الراقي وصار يهيم على وجهه في الفضائيات بهذه الهرطقة ? أدركت أن محسن خالد يعيش عزلة مزعجة تمنيت لو يتخطاها بنفسه. لم أدخل وقتها في ذلك السجال لأسباب كثيرة لعل منها أنني كنت أعرف أنّ كل ذلك الحوار بين محسن وخصوم الرأي إنما هو حرث في البحر وأن الأزمة هي أزمة يعيشها هذا الشاب ? أزمة شاب موهوب، لكنه لا منتمي ويبحث عن مخرج!
علينا ? حتى لا تتكرر مأساة معاوية محمد نور وشيبون وادريس جماع والصاغ محمود ابوبكر وسامي يوسف وسامي سالم ومبدعين آخرين في تاريخ بلادنا ? علينا حتى لا يحدث الموت المأساوي وننظر إليه بلا مبالاة مخجلة ? أن ننقذ محسن خالد قبل أن يحدث ? لا قدر الله- ما لا تحمد عقباه ! كيف ننقذ محسن؟ أترك الإجابة لمن هم قريبون منه من ذويه ومن اصدقائي الأدباء والفنانين في ود مدني الثائرة ، ولزملائي في اتحاد الكتاب السودانيين ? فهم أدرى مني بما يمكن فعله.

أدركوا محسن خالد أيها المبدعون السودانيون بدلاً من ذرف الدموع التي لا تفيد على شباب بهنس ? له الرحمة الواسعة.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الشاعر العظیم فضیلی جماع
    احسنت
    لا بد من حساب السفاره فی مصر

    الیس السفیر السودانی فی مصر هو المسوول عن الطلاب الذین هربوا من معس?ر التجنید الاجباری فی العیلفون وتم اطلاق النار علیم فاستشهدوا غرقا بعد اصابتهم بالرصاص؟
    ماذا ننتظر من امثال هولا القتله؟

    رحم الله التشكيلي بهنس وتبا لحكومة تشرد مبدعيها !!!!

    ونعم: أدركوا محسن خالد أيها المبدعون السودانيون بدلاً من ذرف الدموع التي لا تفيد على شباب بهنس ? له الرحمة الواسعة.

  2. رحم الله بهنس واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء..وبارك الله فيكم شاعرنا الكبير فضيلى جماع..فقد كانت اشعارك تأتينا عبر الصحف ساحرة ورقيقة..وانا شخصيا لاتفلت منى قصيدة لك فى اى صحيفة..بعدت عن الصحف ولم اسمع صوتك الشعرى من زمان..لكنى اذكرك جيدا بالرغم من انى لم اشاهدك عين بالعين..لقد كنت حقيقة بارعا قبل ان اقرأ لك اخر مرة..ولاشك انك فى قمة البراعة حاليا..اتمنى ان يصلنى شعرك..كل شعرك..لاغوص عميقا فى هذا البحر الدفاق من الاحساس الصادق البرئ..لكم التحية اينما حللتم..وشكرا على بصمتكم الانسانية فى حق الشهيد بهنس..وهمومكم باهل الابداع الذين يعانون

  3. استاذ فضيلى شكرا على هذا الكلام الجميل…السؤال هو اين السودانيين فى القاهرة؟واين المنظمات السودانية المنتشرة هناك؟واين اصدقاءه؟من الممكن ان يكون مر بهنس بمرحلة صعبة جدا قبل وفاته وهى ربما مرض نفسى…فالشعراء والمبدعين كما تعلم اصحاب نفوس مرهفة لا يستجدون احد انا اقصد المبدع الحقيقى..فتداخلت المشاكل النفسية مع ضيق ذات اليد والحسرة والضياع…وهو الموت كمدا…والله عار على السودانيين فى القاهرة ان يموت شخص كهذا ولا يدرى به احد.غدا سيبكون عليه وتابين وووووربما سيصنعون له تمثالا.

  4. أديبنا وشاعرنا الكبير فضيلي جماع لك التجلة والتحية وأنت تلتزم قضايا شعبك منذ أن عرفناك لم تحيد عنها قيد أنملة، ونعرف الثمن الذي دفعته لانحيازك إلى بني شعبك، وإلى قضاياهم الوطنية الكبيرة، فصرت عملاقا في نظرهم تهزم بالكلمة والكلمة وحدها أولئك دعاة الدم والقتل ولصوص الأوطان. فلك مني كل تقدير واحترام وأنت تكتب بمداد الحزن الشفيف عن مأساة إنسانية هزتنا جميعنا. فوافاة مبدع ليس بالأمر السهل لأنه ضمير الأمة والناطق باسمها والمعبر عنها…مضى الفنان المتعدد المواهب بهنس إلى رحاب ربه حاملا إليه مظلمته والذين كانوا السبب من حرمانة لأبسط حق ممكن أن يناله الإنسان إلا وهو ثوب يقيه قسوة الشتاء. مضى وتركنا عراة لا شيء يدثرنا سوى عارنا وقلة نخوتنا في مد يد العون إليه حتى النهاية. أعتذر منك أخي بهنس وإن كنت لا أعرفك ولم ألتقيك يوما وأعلن عن تقصيري لأني لم أبذل مجهودا في التعرف على كنوز بلادي وثروتها القومية وفخر أمتها. نم هانئا. والشكر مجددا لك شاعرنا المجيد متعك الله بالصحة والعافية حتى نلتقي في وطن حُرمنا منه بواسطة أوباش لا يعرفون معنى قيمةالأوطان.

  5. لك التحية والتقدير الاخ الاديب الشاعر فضيلي جماع… ما لنا الا نقول رحم الله بهنس وانا لله وانا اليه راجعون.. نعم انقذوا محسن خالد… انقذوا الشعب السوداني فكلنا بهنس باعتبار ما كان وكلنا محسن خالد بحاجة الى انقاذ.. فابشر قد عقدنا العزم على(الانقاذ)!! والله المستعان.. شكرا لك فضيلي..

  6. يسم الله الرحمن الرحيم
    صندوق بهنس
    الأستاذ الفاضل المبدع فضيلي جماع
    المحترم
    لك كل الود والتحايا والإحترام
    وبعد
    أكتب إليك رسالتي هذه ردا علي ما كتبته عن المرحوم المبدع محمد بهنس (عليه الرحمة) والتي زيلت فيها مقالك بدعوة للإهتمام بالمبدعين السودانيين الموجوديين بالداخل وغيرهم مِن مَن ضرب المنافي بحثا عن الحرية والإبداع وتحقيق الذات. ولقد رأيت في دعوتك هذه حسن النية والتمنيات وكنت أتمني أن تأتي هذه الدعوة بشئ من العمل والسعي لتحقيق ذلك وهو ما أراه هينا ويسير. وها أنا هنا أضيف وأدعو لعمل صندوق لدعم المبدعيين السودانيين (يكون برآستكم) في كل العالم وتسميته (صندوق بهنس) وهو عبارة عن جمع تبرعات من كل السودانيين الموجوديين بالمنافي ودول الإغتراب (ستة مليون سوداني) وذلك بالتبرع بمبلغ (واحد دولار) لهذا الصندوق ويكون الصندوق عبارة عن آلية لدعم كل المبدعيين السودانيين من النواحي العلاجية والإجتماعية وكذلك القيام بطباعة إبداعاتهم من كتب وعمل معارض عالميه لهم من رساميين وتشكليين ومطربيين وشعراء وكتاب وغيرهم من المبدعين ورعاية الحركة الإبداعية السودانية بصورة عامة علي أن يتم الإتفاق مع هؤلاء المبدعيين علي أن يقدم كل منهم عمل واحد سنوي لصالح دعم الصندوق وذلك بالإضافة لرسم إشتراك (واحد دولار شهريا لمن يستطيع) بالإضافة الي مجلة دورية وصفحة علي الإنترنت وكذلك عمل حصر لكل المبدعيين وتصنيفهم لتقدييم الرعاية الطبية والإجتماعية والثقافية لهم (بالإضافة لأي أفكار أخري تساعد المبدعيين وتدعم هذا الصندوق).
    وحتي أكون عمليا في طرحي هذا ابدأ بتكوين لجنة تسيير مقترحة مني بالآتية أسمائهم:
    1 الأستاذ فضيلي جماع ? رئيسا
    2 حسين شنقراي ? مقررا (كندا)
    3 السفير جمال محمد أبراهيم ?(السودان)
    4 الأستاذ راشد دياب ? (السودان)
    5 الأستاذ صلاح جلال ? ( أستراليا)
    6 الأستاذ يوسف الموصلي- (الولايات المتحدة)
    7 الأستاذة سوزان كاشف- ( بريطانيا)
    8 الأستاذة سمية هندوسة
    9 الأستاذ أمير شنقراي- (كندا)
    10 مندوب من كل من الصحف الإسفيرية السودانية (الراكوبة-حريات-سودانيز أونلاين- سودانيل وغيرها من الصحف الإسفيرية).
    بالإضافة لأعضاء سودانيين متواجديين بالدول العربية من المبدعيين أو من المهتميين بالحركة الإبداعية السودانية ومن كل من الدول الغربية والأوربية ومن السودان ولكل من يري في نفسة المقدرة علي العمل في هذا الصندوق أو من يري أن هنالك شخصا يمكن أن يقدم شيئا في هذا المجال أن يتقدم بترشيحه لنا حيث أن العمل جماعي ويتطلب تضافر كل الجهود بعيدا عن أي لون أو عرق أو إنتماء سياسي حيث أن الرابط هنا السودان ودعم المبدعيين السودانيين. ( وعفوا فأنا قد ذكرت هنا الأسماء التي خطرت ببالي حين كتابتي لهذه الرسالة وهذا لا يعني أنها لجنة نهائية بل يمكن الإضافة أو الحذف أو حسب ما تقررة المقترحات التي أتوقع أن تأتي في الأيام القادمة وما هذه إلا خطوة مني لبدأ العمل فقط وأسأل العتبي لكل من شعر بأنني قد قصرت في حقه).
    أرجو ممن ذكرت أسمائهم أرسال رسالة بريدية لشخصي في حالة موافقتهم تحمل أرقام تلفوناتهم ومواقع تواجدهم وأي مقترحات تختص بهذا الصندوق ولهم الشكر مقدما.
    وفي الختام أترحم علي المبدع محمد بهنس ولكم مني جزيل الشكر والتقدير
    حسين شنقراي
    تورنتو- كندا
    ت: 0014168360776
    [email protected]

  7. اللهم ارحمه و اجعله من اصحاب اليمين

    لكنك ايها الوطن تمتليء بالكذبة شمالا و يمينا و وو طنا و مهجرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..