الخرطوم وجوبا.. شبهينا واتلاقينا

بسم الله الرحمن الرحيم
استاذ لنا ذو ثقافة واسعة ..قبيل مفاوضات مشاكوس .. كان شديد الاعتقاد بان الجنوبيين في طريقهم الي السيطرة علي مقاليد الامور في السودان الموحد حينها ..عقب أي سلام يعم البلاد. وكان يبني فرضيته علي ملاحظتين .. احداهما تجربة شخصية عندما كان يبني منزله فاضطر الي ان يبدل البنّاء الشمالي بآخر جنوبي.. ورصد الفارق في مستوي الدقة والامانة واحترام العمل ونظافة المكان بعد الدوام ثم النظافة الشخصية والهندام.. فكانت المقارنة في صالح الجنوبي ..اما الثانية فملاحظة نقلها عن محتكين بالحركة الشعبية وقادتها في المهاجر وقتها عن دقتهم واحترامهم الشديد لانفسهم وعدم النزول بها في مزالق اخلاقية تنال منها ووعيهم بقضيتهم ..وسموهم بانفسهم عن الفساد. ولم يكن من الممكن ولا من الاهمية اختبار مدي صدقية هذه الفرضية بالطبع لان السلام اتي بالاستفتاء الذي افضي الي الانفصال وذهاب كل جزء من الوطن الي حال سبيله..
لكن دولة ما بعد الانفصال مكنت المراقبين من متابعة نتائج انزال كل ادبيات الحركة الشعبية علي الدولة الوليدة . فبدا كم هو شاسع ذلك البون بين مثالية التنظير وواقع التنزيل . وحيث ان الامور الشخصية لا تهمنا ولم نسع الي معرفتها .. فان المال والذمة المالية هي المفتاح الاساسي الذي بجعل الابواب مشرعة لمعرفة ما بالشخصيات العامة .. لان المفسد فيه.. فاسد بالكامل ومفسد لغيره ..وتكفي الاشارة هنا الي تصريحات كير المتعددة عن مليارات الدولارات التي حولت لصالح افراد قال انه بعث برسائل اليها لردها .. ولكن الاهم من هذا كله .. معرفة معالجة القادة الجدد .. لقضايا المواطنة وحاجيات الانسان العادي .. عبر نظام الحكم المتبع . وما يدعو للدهشة مدي التشابه الي حد التطابق في بعض الاحيان ما بين دولتي الحركة الاسلامية في السودان والحركة الشعبية في جنوب السودان رغم الاختلاف الجذري في المنطلقات الفكرية ..كما يلي:-
? الحركتان وضعتا في دستور الحزب ان رئيس الحزب هو مرشح الحزب في حمهورية رئاسية – .. واصبح رئيساها رئيسين للدولتين بصرف النظر عن مدي نزاهة الانتخابات . وكانت النتيجة تركز السلطة في يد الرئيس في الدولة والحزب ما ادي الي الديكتاتورية ..ولئن يسر تطاول المدة للبشير ان يتدرج في تركيز السلطة بيده في مفاصلات مختلفة.. فان قرارات حل اجهزة الحزب والدولة واقصاء المعارضين من قبل كير تؤدي الي نفس النتيجة .. وهكذا لم تختلف مآلات الحكم وطبيعة الصراعات فيهما عن أي نظام شمولي .
? كلا النظامين رهن اقتصاده بالنفط رغم تعدد الموارد . واضطربت مواقفهما بالتحرك بين النقيضين وفقا لتقدير مدي حاجة الآخر وصبره .. وإن توصلا اخيراً الي ضعف مقدرة كل منهما علي الاستغناء عن مداخيله ما ادي الي التقارب الاخير.وكان مثيرا للاشمئزاز في ظل الاضطرابات الاخيرة في الجنوب غض الطرف عن الدماء والاطمئنان علي النفط .
? اختلفت حسابات الحقل والبيدر لديهما سويا بعد طول ما بشرت به الحركتان قبل السلطة خاصة في مجالات الحريات والديمقراطية والاقتصاد .. فتباعد المثال عن الواقع .
? كلتاهما ذات تحالفات اقليمية مع نظم شبيهة ..تجعل المتوسطين من دول المحيط الاقليمي اقرب الي تبني الموقف الحكومي اكثر من المعارض.
? كلتاهما اورد دولته مهالك القبلية وعجز عن التعامل مع اسلحتها .
وبعد ..فهذه وغيرها تبدي نظامي الحركتين مطابقا للمثل السوداني ..شيهينا وانلاقينا .
[email][email protected][/email]
مقال رصين من رجل حصيف