الجزيرة ..”التشريعي والحكومة” مغازلة خشنة

علي نحو من الاستحياء حمل مجلس تشريعي الجزيرة عصاه واخذ يلوح بها في الافق “يهش وينش” دون ان يصوبها ناحية الفيل الضخم الذي جثي علي موارد الحق العام وانتهك حرماته دون ان تطاله يد رقيب او عقوبة قانون .فالاعضاء بالمجلس اخذتهم العزة بالاسم والجرم الكبير الذي يرتكب في حضرتهم وهم واجمون لا يتحركون ولا يحركون ساكنا منذ امد بعيد لان اي تحرك تحت القبة وفي وجه الحاكم يبدو امرا عصيا وربما مستحيلا لكنهم استجمعوا قواهم وبقايا اشلاء من ارادة مسلوبة فازاحوا الستار واسقطوا الحواجز الصلدة التي يتخفي تحتها جرم كبير يرتكب في حق المال العام بالجزيرة العالم المالي 2012 لان الصمت او الاحجام عن قول الحقيقة وتبيانها للراي العام تعني ان النزيف لن يتوقف والجراح لن تشفي فاتسعت قاعدة الجريمة ضد المال العام فبلغت الجريمة المدونة فقط في الاضابير اكثر من مليار وهو المبلغ المصرح به .
فالاعضاء التشريعيين اقصي ما يمكن ان يفعلونه انهم طالبوا بمحاسبة المخالفين دون ان يسمونهم بان تتخذ ضدهم اجراءات قانونية فورية وذهبوا في ذات المنحي بالدعوة للحد من ظاهرة التجنيب ..وهي ذات الظاهرة التي ارهقت اقتصاد الدولة السودانية في حالة اشبه بمستعمرات او امبراطوريات صغيرة داخل دولة واحدة فاختل الميزان الاقتصادي والتنموي والخدمي بالجزيرة لان ظاهرة التجنيب تعتبر من اخطر انواع الفساد المفضوح ومع هذه الظاهرة ضعفت ادارات الرقابة واليات المراجعة الداخلية ويمتد الخطر الذي عناه تقرير المراجع العام امام نواب تشريعي الجزيرة في مداولاتهم امس الاول الي الدعوة بلطف بان تخفف حكومة البروف الزبير بشير طه هجمتها علي المال العام عبر مطلوبات الصرف الحكومي .
كان ينبغي لهؤلاء النواب ان يعلون من شان الممارسة البرلمانية ويردون ذاك الوفاء القديم لشعبهم الذي حملهم علي اكتافه الي قاعات المجلس وبراحاته لكن يبدو انهم انشغلوا كثيرا بحصد المتاع وامتيازات “المقعد” فسقط رهان القواعد وطال انتظارهم .
كل تقارير المال العام في الدنيا تستخدم فيها اعلي درجات الشفافية والنزاهة تبرئة للذمم واخلاصا واستجابة لقيمة التمثيل النيابي والتزاماته ولكن كثير من الحقائق غابت عن تقارير المراجع العام بالجزيرة لا ندري ..هل لدواع فنية ام “تغييب” متعمد ولم يشر التقرير كذلك الي اي بلاغات فتحت في حق المتلاعبين باموال الجزيرة ولم يوضح ايضا كيف وقعت الجريمة ولماذا واين وقعت ؟ من الواجب للمجلس التشريعي ان يتجاوز حدود التوصية بالمعالجات او التسويات المالية الي مرحلة فتح البلاغات في النيابات الخاصة بالمال العام علي ان يكون الفصل فوريا لان التراخي في مثل هذه القضايا يدخل الولاية بكاملها في حالة اهتزاز داخلي تتعطل معها معائش الناس وخدماتهم .
ليس بمقدور تشريعي الجزيرة ان ياتي بافضل من هذا التقرير “المحسن” لان الصوت الذي يتحدث برؤية النصف الثاني من الكوب لم يكن ضمن مكونات هذاالمجلس وبالتالي فان قبطان السفينة يقودون سفينتهم الي وجهة واحدة غير محسوبة العواقب وعبر سكة واحدة .
قضايا كثيرة كان ينبغي لهؤلاء النواب ان يجعلونها من اجندتهم الحاضرة والحاسمة في دورتهم الحالية ولكن المجلس يبدو انه استكان واستراح بهذا الطريق الاحادي . كان من الاوجب تفعليل مسوؤلية المجلس في شان الاراضي وفسادها والتعليم وتعقيداته والاسواق وجنونها وانفلاتاتها والخدمات وعزاباتها والمسرح السياسي واحتقاناته وكان يجب ايضا ان تتسع قاعدة الرقابة الي ادني حلقات الحكم المحلي في المحليات ومجالسها ولجانها الشعبية فهناك ركام خرب من الفساد والافساد
وقبل ان يشهر “القصر” كرته الاحمر في وجه هذه البرلمانات الولائية يجب ان تركب هذه الولايات وبالاخص الجزيرة موجة الاصلاح التشريعي والرقابي .
“الانتباهة” الجمعة 20/12 2013
[email][email protected][/email]