إلى حسنين .. بعيدا عن الجبهتين …!ا

إليكم

الطاهر ساتي
[email protected]

إلى حسنين .. بعيدا عن الجبهتين …!ا

** وإذا دار محور الحديث عن الأستاذ علي محمود حسنين ، فالرجل من القلائل الذين يجب أن تحترمهم حتى ولو كنت على خلاف سياسي أو فكري معهم، والإحترام هذا نعمة نادرة في سوح السياسة السودانية، ولا يتلقاه من المواطن إلا ذو حظ عظيم .. وما يميز حسنين عن السود الأعظم من نخب بلادي هو عدم إستخدامه جدلية اللون الرمادي في مواقفه السياسية ورؤيته لمجمل مبادئ الحياة العامة، حيث ينظر لكل موقف أو مبدأ بمنظار سليم ثم يتخذ موقفه بوضوح لا لبس فيه ولاغموض .. أي ، كل شئ عند هذا السياسي المحترم كان ولايزال إما أبيض يتحدى بياضه قلب الرضيع أو أسود يغير من سواده سواد الليل ..غير مخادع ولا مراوغ ولا كذوب، به من الشجاعة ما تحفزه على إستخدام ( نعم و لا ) بلا تحفظ أو تلعثم ، حسب ما يقتضيه حال القضية .. وإن كانت هناك ثمة صفة أخرى مميزة جدا في حسنين، هي : الطهارة..نعم ، لم يتلوث تاريخ الرجل على مر الحقب والعهود والأنظمة لا بالأدلة والبرهاين التي تكشف فساد ذمة وأخلاق ، ولاحتى بمحض شبهة ذات صلة بفساد مالي ، بحيث هو في واد وكل أنواع الفساد في واد آخر.. وكذلك عفيف العقل واللسان، بحيث لاتسمع منه ( لحس الكوع ) وغيرها من التهريخ .. ولذلك، إتفقت معه أوإختلفت، فالرجل جدير بأن يقدم إلي صف العمل العام بكل ثقة، وجدير بأن يؤمن على الحق العام، ثم تنام مطمئنا، فهو ليس من الذين ينتهكون هذا الحق ..!!
** ذاك محور الحديث عن حسنين، وأعض على كل حرف فيه بالنواجذ.. ولكن حين يدور محور الحديث عن الجبهة الوطنية العريضة التي أسسها حسنين بالخارج ليقتلع بها نظام الحكم بالداخل، فالحديث مختلف تماما وبكامل الوضوح أقول : إن كانت هناك ثمة خطأ ما في مسيرة حسنين السياسية، فهي تأسيس الجبهة الوطنية العريضة خارج السودان..فالمرء حين يفقد شئ ما في غرفته يجب أن يوقد شمعة ثم بها يبحث عن هذا الشئ المفقود حتى يجده، وليس من الحكمة أن يخرج إلى الشارع ليبحث عن المفقود تحت أعمدة الكهرباء.. حسنين يبحث عن أشياء يفتقدها السودان، فلاخلاف في تلك الأشياء المفقودة وأهميتها في حياة الناس والبلد، ولا خلاف في أن يبحث عنها حسنين، فهو مؤهل تماما لمهمة البحث حتى يجدها ثم يوفرها للشعب السودان، كل هذا فعل مشروع ومعقول.. ولكن ما ليس معقولا ولا يتسق مع منطق الأشياء هو أن حسنين لم يبحث عن تلك المفقودات في الخرطوم وغيرها من المدائن السودانية ، بل خرج يبحث عنها في لندن وغيرها من مدائن الغرب.. أي، لم يوفق في إختيار مكان البحث عن الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها، فالسودان – ولاشئ غير هذا السودان – هو المكان الوحيد الذي يجب البحث فيه عن تلك المفقودات، مهما كان ثمن البحث وتضحياته..فالجبهة العريضة هنا، في شوارع الخرطوم وشقيقاتها، وليست في شوارع لندن وغيرها من المنافي التي لجأ إليها بعض بني جلدتنا بحثا عن السلام والأمان والعدل وغيره من ( قيم الحياة الشريفة ).. كان الأجدر والأجدى والأنفع – للناس والبلد – هو أن يحث حسنين أبناء بلادي بالعودة إلى ديارهم ثم التحالف معه ومع الشارع السوداني لتشكيل الجبهة العريضة ،لتساهم مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع في التغيير المطلوب.. وأن تحاضر الجبهة الوطنية صبيا بحى الملازمين عن قيم العدالة والحرية والإنسانية، خير لمستقبل الناس والبلد من أن تحاضر الناضجين والعارفين بتلك القيم في واشنطن ولندن وغيرها ..!!
** ثم ..حسنين خير العارفين بالتاريخ، بحيث لم تأت جبهة أوجماعة من الخارج وغيرت واقعا سودانيا ، لم تنجح جبهة أوجماعة في فعل ذلك، على مر الحقب والأنظمة..فلندع التاريخ القديم، ونقف عند عهد من وصفهم النميري بالمرتزقة، مرورا بتجمع القاهرة وتهتدون أسمرا وحتى زمان جماعة غزوة أم درمان.. كلها لم تحرك الشارع السوداني بحيث يستقبلهم بالأزاهير والأناشيد، ليس لأن قادتهم على باطل، بل لأن الأمكنة والمواقع التي هم إنطلقوا منها لم تجد وقعا طيبا في نفوس أهل السودان .. ولذلك جاء الكل – بما فيهم حزب حسنين – ليمارس فضيلة التغيير من الداخل، فهل الكل أخطأ التقدير فأصاب حسنين فقط ؟.. ذاك محض سؤال ، وكل الزاوية محض رأي، فرضه ما يحدث لتلك الجبهة بعد النقاش حول علاقة الدين بالدولة ، لقد تشظت قبل أن يسمع بها البعض في الشارع السوداني، فأنشطرت الجبهة إلى (جبهتين متنافرتين) .. وكالعادة : بدلا عن إدارة خلافهم بالموضوعية التي يحترم كل رأي رأي الأخر، صار كل نصف يتهم الآخر بالعمالة للحكومة، أوهكذا دائما ( الأختام ) التي بها يدير بعض المعارضين خلافاتهم وقضاياهم .. أي ، ما أن يختلف معارض مع معارض آخر في قضية ما أو رأي ما ، يصبح أحدهما ( أمنجيا ) والآخر( مناضلا )، ومن بؤس التفكير هذا تستمد الحكومة عمرها، مع الأخذ في الإعتبار بأن الأعمار بيد الله ، ومع الإيمان الصادق بأنه ( يمهل ولايهمل ) ..!!
** على كل، أرى أن تواجد حسنين بالداخل أنفع للناس والبلد أكثر من تواجده بالخارج .. وكذلك أرى أن أي جهد يبذله حسنين في سبيل إصلاح أجهزة وآداء الحزب الإتحادي أنفع للناس والبلد من أي جهد يبذله في سبيل لم شمل من هم في المدائن البعيدة والمتباعدة.. وسوف يخسر حسنين كثيرا لو فكر في إستبدال جبهته هذه بالحزب الإتحادي، وكذلك ستخسر كوادر الحزب الديمقراطية .. نعم، فالحزب الإتحادي الآن – نشاطا ومواقفا وممارسة للديمقراطية في أجهزتها- دون طموح حسنين وكل كوادره الديمقراطية ، ولكن يمكن إصلاحه وتفعيل الديمقراطية في أجهزته بأمثال حسنين، فالأحزاب الطائفية – كما المراكب – لا يمكن إصلاح حالها إلا من داخلها.. ولذلك، أرى بأن وجود حسنين بالداخل أفضل وأنفع ، داخل الحزب وداخل الوطن .. !!
…………….
نقلا عن السوداني

تعليق واحد

  1. وهل الجو العام الداخلي مهيأ لإقامة ندوات وتجمع ومظاهرات وإحتجاجات ومعارضة من الداخل؟؟ انظر اخي ساتي ما فعلته وما تفعله الحكومة الغافلة والفاشلة في الأحزاب!! كلامك هذا صحيحاً إن كانت هنالك قوانين للحريات.

  2. استاذ الطاهر مع احترامي ولكني كاتحادي اجبرتني قيادتي بالوقوف علي السياج ومنهم حسنين
    دعني اتهمك بالجبن او بالخوف او بالتستر
    حسنين اسس الهيئه العامه مع الفرسان الاربعه لاسقاط الميرغني تركهم وذهب للميرغني
    عاد بعد اتفاقية القاهره وهاجم الكيزان والمشاركه والمشاركين مع رفيق دربه سيداحمد الحسين ودخل البرلمان
    اعلن مكتب المرجعيات عن اجتماع له بالقاهره وكتبت الصحف عن انه سيتم الاستغناء عن حسنين فسعي حسنين لتوحيد الحزب ونجح في ذلك في مؤتمر الشارقه
    انتهي مؤتمر المرجعيات بحفاظ حسنين بموقعه وبذا انتهت الوحده الاتحاديه
    هذه صوره واضحه لاتخفي علي احد كان عليك تناولها
    الجبهه الوطنيه انشئت بهدف انضمام الحركه الشعبيه ( والمعني واضح) ولم تنضم الحركه
    بقاءها الان بهدف تميع قضية دارفور
    قليل من كثير بعد كل هذا تريده ان ياتي للداخل خليهو قبلو حتي لاتميع قضية الداخل وان كنت اظن انه سيجلب لتميعها

  3. أستاذنا ساتي……تحياتي…..أتفق تماما في ما طرحته حول المناضل الجسور حسنين …أن تجربة التجمع الوطني والأحزاب التي كونت بالخارج كانت من أسباب تمدد فترة الحكم الدكتاتوري المهووس وأطالت من عمره عبر خمود الداخل في أنتظار من هم بالخارج…..لقد كانت هنالك مقاومة شرسة لهذا النظام في أواسط الطلاب والنقابات والأحزاب في بداية ومنتصف التسعينات قدمت فيها تضحيات جسيمة من أبناء هذا الشعب فقتل من قتل وعذب من عذب في بيوت الأشباح وأقسام الأمن بالسجون وما زالت هنالك كثيرا من المآسي والتضحيات لم تذكر ولم ترصد….العمل الخارجي المعارض شارك من دون قصد في وقف حركات المقاومة الجادة…..هذة التجربة الطويلة يجب علينا استيعاب دروسها وعدم تكرار المجرب…..ونتفق معك تماما في تقديرنا لهذا الرجل ونضاله ونضم صوتنا لكم بأن يعود لحزبه ويناضل من داخله فصلاح أحزابنا الكبيرة سيؤدي دون شك لصلاح السودان ونفس المبادئ والروئ التي يحملها حسنين موجودة داخل حزبه وقاعدته العريضة ومن هنا نناشد الزعيم حسنين أن يعود لوطنه وحزبه فالجميع في حوجة شديدة لأمثاله من الرجال ودمتم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..