وهم الإسلاميون بالنموذج التركي..!!

تركيا هي النموذج الذي يضرب به الإسلاميون المثل لدولتهم الدينية (الإسلامية) المزعومة، كون ان حزب العدالة والتنمية التركي، الإسلامي الجذر، يقود تركيا منذ عقد من الزمان بحيث صارت فيها أكثر تقدما سياسيا وإقتصاديا. ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا النجاح والذي سببه قالب دولة القانون والمواطنة والديمقراطية وليس بإطلاق هم الإسلاميون. فالإسلاميون يتناسون عمدا هذا العامل المهم والذي هو أن تركيا في الأساس دولة تقف على مسافة متساوية من مواطنيها بمختلف أديانهم، وهذا ما ضمن عدم إنتهاك الغالبية لحقوق الأقلية.
فالمهم ليست الأحزاب ولكن “قالب الدولة” الذي يحقق العدالة السياسية بالمساواة الحزبية بين مختلف الأحزاب الوطنية.
فتركيا ليست دولة دينية كما يؤكد رئيس وزرائها، ورئيس الحزب الإسلامي، بذات نفسه، بأنه رئيس مسلم لدولة عالمانية. لذلك فهي تختلف عن الدول التي تقول إنها إسلامية صرف.
إذاً تركيا تختلف عن ما يتوهمه الإسلاميون كنموذج لهم لدولة إسلامية كونها دولة عالمانية. و سأعطيك مثالا بسيطا آخر في الإختلاف. ففي إحتجاجات الفيلم المسىء حدث عنف مفرط في البلدان التي تدعي بأنها بصريح العبارة إسلامية ولم تحدث فى تركيا بنفس الصخب والصراخ!.
فالبلدان التي تقول إنها إسلامية تتخذ مثل هذه المناسبات وتستغلها لإحداث ضجيج واسع لإشغال الناس بعيدا عن مشاكلهم السياسية والإقتصادية، و ليوهموا المسلمين، الذين تقمعهم، بأنهم حماة الدين. فيلتف من يخدع بهذا حولها من جديد. ويندعر من يثير الشغب منهم ليكسر السفارات ويحرق أعلام الدول. وبعد يومين ثلاثة ترجع الأمور مثلما كانت. ولأن هذه الحكومات تعيش بالعداوة تستمر الحملة بتحقير كل الفكر الغربي والحداثة والعولمة واليهود وإسرائيل، وينصبوا هذا العدو الوهمي من جديد لتجارتهم، و وعد الزبائن الكرام بقيام دولة إسلامية على نهج السلف الصالح تنتصر على الروم، كما كان في سالف العصر والزمان.
على عكس إسلاميون تركيا الذين مارسوا السياسة في قالب الدولة العالمانية والتي أعطتهم فرصتهم في الحكم. ولكي يصلوا لذلك، قاموا بتعديل خطابهم الداخلي مع أنفسهم والجمهور، ليركزوا على الثوابت الوطنية للدولة التركية، ومنه غيروا خطابهم الخارجي أيضا لتقديم نموذج متصالح مع العالم والحياة العصرية فى الوقت ذاته وفق المعايير العالمية، ومنه صعد نجمهم في السياسة الدولية. وبذلوا مجهودات لدخول الإتحاد الأوروبي، ولهم تعاون ظاهر للكل مع كيان العدو الإسرائيلي. فقد أدركوا مبكرا أن الطريق إلى قلب العم سام يمر عبر معدة تقع في قلب الشرق الأوسط.
ظلت تركيا تحت قيادة الإسلاميين دولة عالمانية وتقدمت كنموذج فى التنمية الإقتصادية والديمقراطية، ودولة قانون ومؤسسات، تضبط ردود أفعالها فى الحيز القانوني والمصلحة العليا للبلاد، ولا يتوقع شعبها أن يأخذ قادتها السياسيون قرارا مستندين إلى تفسير نص دينى، ولا أن يبنى قادتها تحالفاتهم الخارجية والعسكرية -كعضوية حلف الناتو- بناء على ظاهر عقيدة الولاء والبراء.
و هذا فارق مهم بين أحزب ذى جذورإسلامية تنشأ وتعمل فى دولة مؤسسية عالمانية، وبين إسلامية أخرى تنشأ في قالب دولة لا تعرف ماهية شكله، فتعمل السبعة وذمتها. فأعضاء الأحزاب الإسلامية يظنون أنهم وكلاء الله على الأرض، ليقيموا دولة مقدسة تحمي أعضاءها دستوريا وتتجاوز مؤسسات الدولة إرضاءا لرجال الدين، وخضوعا لإبتزاز الأحزاب والجماعات الدينية. وفي النهاية يؤدي ذلك إلى تشويه صورة الدين بأناس يدعون تمثيله، وفقدان الوطن بوصلة السير لمصلحة الوطن والمجتمع ومن ثم وقوعه في هاوية التفاسير الدينية على الأهواء للمكاسب الشخصية والدنيوية الضيقة.
سارت تركيا على نهج دولة القانون ولكنها في الآونة الأخيرة تراجعت بسبب “التمكين” بإستمرار حزب العدالة والتنمية لأكثر من عشر سنوات في الحكم. فظن الإسلاميون بهذا التمكين الإستقواء. فقاموا بتدخلات كثيرة في الشؤون الخارجية لتسقط عن قادة بعض إسلامييها الأقنعة الزائفة وتبرز نفس مشكلة الأحزاب الإسلامية من إستعلاء وعدم الإكتراث لمقدرات الوطن، وإكساب انفسهم قدسيات زائفة لشخوصهم، يخلقوا بها محميات فساد ظاهرها الوطنية وباطنها من قبلها الخيانة.
فقد هزت قضية الفساد السياسي والمالي التي إكتشفت مؤخرا في تركيا أركان كيانهم. فبدأت تخرج من كهوف الظلام عمليات ل “تبييض أموال”، و”تهريب ذهب”، و”قضايا فساد”، طالت عددا من رجال الأعمال المعروفين، وموظفين حكوميين بارزين، وأبناء وزراء، مما ستؤثر كثيرا على منجزات الإسلاميين. فقد طالب المتظاهرون بتقديم حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان لاستقالتها ومثول عدد من الوزراء أمام القضاء.
وأعتقد ان تركيا ستجتاز هذه الأزمة لا بسبب نزاهة الإسلاميين ولكن بسبب عالمانية دولة القانون التي يتساوى فيها المواطنون جميعا، وينتف فيها ريش أجعص الصقور وينزع فيها من القطط السمان والبقر الحلوب دسم القدسية.
فلا تهمنا تركيا ولكن يهمنا السودان.
فالدرس المستفاد هو أن تحديد قالب الدولة أهم من التجادل في إنتقاد وماهية الأحزاب. قالب الدولة المثالي الباب الذي يجب أن يسد ليتهيأ مناخ سياسي شفاف يتولد منه جو عدل ومساواة ينتفي فيه الفساد السياسي، الذي يأتي منه كل الريح.
لقد جانبك الصواب عزيزي كاتب المقال , فالجدل يدور حول الديموقراطية و الاستبداد و ليس حول العلمانية و التدين , مثلا كان الاتحاد السوفيتي السابق اكثر علمانية من العلمانية نفسها و اكثر تطرفا ضد الدين لكنه كان الاكثر استبدادية من كل النظم التي عرفتها البشرية
ما يقال عن تركيا هو ان حزبا اسلاميا او ذو صبغة اسلاميةاستطاع ان ينهض بالبلاد في غضون اعوام قليلة و يبعد جنرالات الجيش عن التحكم في الدولة مع عجز الاحزاب العلمانية المناهضة للتدين بالرغم من علمانية الدولة و دعم جنرالات الجيش لهم
مثال اخر نظام الاسد في سوريا نظام علماني بامتياز و لكن هل هو قريب من الديموقراطية ؟ و لا تنس نظام البعث سابقا في العراق و الامثلة كثيرة
ما هو الثمن الذي دفعه المواطن العادي مقابل حكم الإسلامويين لتركيا ؟ الديون 315 مليار دولار و خدمة الدين تستهلك ما بين 42 إلى 45% من جملة الناتج القومي . اكثر دولة تكميما للحريات الصحفية في العالم فبها أكبر عدد من الصحفيين المعتقلين في العالم .. لا يستطيع النظام الغسلاموي الحاكم تجاوز العلمانية بجرة قلم لأسباب داخلية و خارجية لكنه خطط لذلك على المدى الطويل بتغيير مناهج التعليم و التسلل لخلايا و أعصاب الدولة بخبث و مكر و أول ما بداوا به متعجلين غدخال كوادرهم في القضاء و الجيش و الشرطة و بقية أجهزة الدولة المدنية … ستنكشف فقاعة الإسلامويين قريبا كما حدث في السودان و مصر و تونس و كما تعلمت البشرية من تجارب أفغانستان و باكستان و الصومال و بوكو حرام ، كما تعلمت البشرية من تجارب التاريخ منذ حروب الردة و الفتنة الكبرى و حرب الجمل و صفين و الدولة الأموية و العباسية و حتى الدولة العثمانية … لم يعد الزمن زمن غنائم كما كان عبر التاريخ الماضوي إنما عصر الانتاج القائم على العقلانية و العلم و العلمانية … من يظن انه يمكن أن تقوم ديمقراطية بلا علمانية فليأتنا بمثال و أمامه التاريخ و الحاضر و لينظر لأمريكا الجنوبية و الشمالية و أوربا و آسيا و أفريقيا و له أن يضرب لنا مثلا واحدا … أمثال ود الحاجة يتحدثون عن أوهامهم و لا يفرقون بين معارك التاريخ … الاتحاد السوفيتي و ألمانيا النازية و إيطاليا الفاشية لا يمكن أن تُحسب كعلمانية ن متى كانت العلمانية معادية للأعراق وأو الديانات ..ز اعد قراءة تعريف العلمانية .