دستور لبنان ..لحل مشكلة جنوب السودان !
صحيح نحن فينا ما يكفينا من المشاكل ..وربما إن كان هنالك نقطة حبر في أقلامنا لابد من إدخارها ولو من قبيل أضعف الإيمان في القاء الضوء على مصائبنا المتكابلة يوماً بعد يوم !
ولكن الجنوب الحبيب ليس ببعيد عن مفاقمة مشاكلنا ومتى ما هبت فيه رياح فإنها لابد من تحرك أشجار الشمال و تنف ما تبقى فيها من ورق أصفر!
الان ما يحدث بين الأخوة الأعداء هناك تجاوز مرحلة الخلاف السياسي داخل الحزب الواحد ، وبدأ يطرق بمعول الحرب الضروس بعنف على حاجز الصراع القبلي لتنفذ منه دماء سال منها الغالي ويحتقن في عروق الأبرياء العزيز الأغلى أيضاً منها إذا ما اتسعت كوته لاقدر المولى !
لبنان تتقاسمه طوائف سطوتها أكثر من الأحزاب.. لذا فقد تحاصصت تلك الطوائف وفقاً للدستور ..فأصبح نصيب المسيحيين المارونين رئاسة الجمهورية .. بينما ذهبت رئاسة الحكومة الى المسلمين السنة و حاز الشيعة على رئاسة البرلمان !
في دولة جنوب السودان الوليدة المشكلة أيضاً لن تقف عند مطامع وطموحات أشخاص سلفا.. وماشار وباقان ..بل ستتصاعد الى قبائلهم باعتبارها الأكبر حسب التسلسل المعروف !
محادثات أديس أبابا وإن توصلت الي صيغة شراكة جديدة بين كير ومشار دون وضع الضمانات الدستورية وتوفر الآليات المنظمة والجهات الكافلة لها، فان الأزمة المحتقنة بينهما و الملطخة بمرارات الدماء والثأرات ستتفجر لامحالة!
لماذا لا يشمل جدول أعمال المفاوضات بنداً لتعديل الدستور بواسطة البرلمان ..ليصبح نظام الحكم رئاسياً برلمانياً مشتركاً بسلطات متوازنة تتكامل ولا تتقاطع ..فتحصل قبيلة الدينكا باعتبارها الكتلة الإثنيةالأكبر وتمثل 40 في المائة من سكان الجنوب على رئاسة الجمهورية .. وتتولى قبيلة النويرالتي تليها رئاسة الحكومة .. ومن ثم الكتلة الثالثة الشلك تسند اليها رئاسة البرلمان وتتوزع بقية المناصب الدستورية في التشكيلة الوزارية وحكام الولايات والمحافظين والجيش والشرطة و الإدارات المدنية وفقاًلأحجام تلك الكتل وبالتالي يراعى أنصبة القبائل الآخرى تبعاً لأوزانها الديمغرافية في كل تلك المحاصصة !
بنية الجنوب أضعف من أن تحتمل كل هذه الهزات التي تمزق جسدها الواهن وهو الخارج لتوه من نفق حروبات وتخلف تنموي وبشري طويل ..ونحن أيضا فوق ما علينا من أزمات في الحكم و الإقتصاد والأمن والمعيشة..فان إستمرار حريق الجنوب لابد من ان يصل الى اصابعنا مهما ، تظاهرنا بالوقوف بحيادية أو إدعينا التوسط غير المنحاز لطرف على حساب الاخر.. وسيزيد من بلل طيننا الزالق !
ولا نملك هنا إلا أن نبتهل الى الله العلي القدير ليهدي سر كل الأطراف هناك لتصل الى صيغة حل يطفي ذلك اللهيب المتمدد وهو بالطبع قريب من طرف ثوبنا الذي إبتلى برثاثة زمن الإنقاذ التي تبحث لها هي الاخرى عن منقذ لترمي على رقبته ذلك الثوب إذا ما إمتد الي ما تبقى منه حريق الجنوب..!
