سالفا .. حين يسمع الزعيم ولا يرى !

فى ذلك الصباح من ايام اكتوبر .. ربما .. من العام 2005 بدا المشهد بالنسبة لى غريبا .. كل قيادات الحركة الشعبية ورموزها من من نعرف يحتشدون تحت ظل شجرة .. نعم شجرة لم تسعهم حتى وقوفا.. كان هناك باقان ودينق ونيال دينق ولوكا وآخرون .. كان الرئيس الجديد للحركة الشعبية لتحرير السودان سالفاكير ميارديت قد وصل لتوه للخرطوم .. لأول مرة بعد رحيل قرنق .. وأتخذ من بيت الضيافة على شارع الجامعة مقرا له .. وكنت البى دعوة للإفطار مع الرجل .. ضمن آخرين .. شغل المشهد تفكيرى .. ولكن المشهد بالداخل شل تفكيرى بالكامل .. كان الفريق سالفا يتوسط مجموعة لم يتجاوز عددهم ثلاثة أشخاص فقط .. الدكتور رياك مشار .. الدكتور لام اكول .. ثم .. السيد بونا ملوال .. وهو يستمع وهم يتحدثون ..!

لم اكن فى حاجة لمن يشرح .. فقد كان جليا .. أن عهد رجال الشجرة .. أو من سميوا لاحقا باولاد قرنق قد انتهى .. وأن عهدا جديدا قد بدأ .. وفى تقديرى وتقدير الكثيرين .. كان ذلك المشهد يمثل خطأ سالفا كير الأول فى قيادة الحركة .. فقد عكس اول ما عكس عجز الزعيم عن الإحتفاظ بكل الخيوط فى يده .. ثم كشف عن إستعداد فطرى لدى الزعيم بأن من يقترب من أذنيه .. يقترب من قلبه ايضا .. !

ولكن ربيع سالفا كير مع المثقفين أو التكنقراط .. مع بعض التحفظ على المصطلح .. كان قصيرا .. فسريعا ما غادر بونا ملوال مغاضبا .. ولم تدم طويلا علاقته بالدكتور لام اكول .. وصمد رياك مشار فى ظل تقلبات عديدة وعنيفة .. ولأن الخطأ اصلا فى منهج سالفا .. فقد كان طبيعيا أن يغادر رياك مشار ايضا .. وسلسلة من الوقائع والأحداث على مستوى قيادة الحركة الشعبية كتنظيم .. وعلى مستوى قيادة الدولة تؤكد أن سالفا كير مستمع جيد لكل ما يهمس به المقربون منه .. وهذا ما يفسر الإنتقالات السريعة و المفاجئة والعنيفة .. فى علاقات الرجل وتحالفاته .. وإن كان ثمة تفسير آخر يحاول أن يقول إن الرجل إنما يجيد لعبة التكتيكات المرحلية .. توظيف علاقاته الآنية لتصفية حساباته مع خصومه .. ثم العودة سريعا لتصفية ذات الذين إستخدمهم لتصفية الخصوم .. !

فى مفاوضات اديس ابابا مثلا .. مع حكومة الخرطوم .. نجح سالفا كير فى إستمالة باقان اموم فى مواجهة اولاد ابيي .. وبالفعل تم تمرير كل الإتفاقات والتوقيع عليها دون التقيد بملف ابيي .. مما اغضب دينق الور ودفعه لمغادرة مقر المفاوضات .. وبعد أقل من ستة اشهر كان سالفا ينقلب على باقان ويطيح به .. دون أن يستعيد علاقته باولاد ابيي .. وهذا كان يعنى أن خصوم سالفا زادوا واحدا ..!
وحاول سالفا التعويض بإستعادة الدكتور لام اكول .. لكن الإنقلاب على صديقه وحليفه من ايام الناصر .. رياك مشار جعل لام مترددا فى الإقبال على عرض سالفا الجديد ..!

.. وبإستمرار ظلت آذان سالفا قريبة من شفاه تيلار دينق ورفاقه من من أطاح بهم اولاد قرنق من أيام الخرطوم .. فأستعادوا كل شىء واصبحوا الآمرين الناهين فى جوبا ..وكلما اقتربوا من آذان الزعيم .. إزداد عدد خصومه .. فأزدادت سعادتهم ..حرضوه على عدم مصافحة مشار فى اجتماعات مجلس التحرير .. وحرضوه على عدم السماح لباقان بدخول مقر الإجتماع .. ثم اطلقوا اغانى الحماسة .. الدينكاوية .. فى مقر الإجتماعات .. حتى اذا إشتعلت الأرض من حوله .. وقف الهمازون المشاءون يتفرجون على الحريق .. عاجزين عن فعل شىء ينقذ الرجل الذى ورطوه .. !
يبدو سالفا كير كأعمى يتم إقتياده لمصير مجهول .. فالحرب التى أشعلها بإيعاز من اولئك .. تنتهى بمفاوضات خارج الحدود .. كأسرع عملية تفاوض تفرض على حكومة شرعية مع متمردين عليها .. وتبقى أمام سالفا فرصة الإحتكام الى عقله هو .. والإذعان لضميره هو .. لإنقاذ نظامه وشعبه .. وبلاده .. من حريق لا تعرف نهايته .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. سلام يا استاذ لطيف
    تحليل سليم، ونُضيف “كُلما افترب سلفاكير من نظام البشير، كُلما ابتعد عن وجدان شعبه”، يبدو أن ضحالة سلفاكير هي السبب في لا مبدأيته، وقد يكون العكس صحيحاً.
    بدأ سلفاكير البيع حين رفض الترشح لرئاسة الجمهورية والدفع بعرمان مُرشحا، ثُم أكمل الصفقة بإجبار عرمان على الإنسحاب (وحرقه)، ثُم باع أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق (وكُل شمالي السودان الجديدبالحركة الشعبية) وأخيراً أبناء أبيي، ورفاقه في حزب الحركة الشعبية.

    من يقف مع سلفاكير الآن؟؟ مُجرد عنصريين وبقايا مؤتمر وطني وإنتهازيين طُلاب مناصب.

  2. تحليل موفق خاصة ذكر اسماء من يهمسون في أذان الزعيم بس المقال القادم كان اتحدثتة عن المخرج تكون طلعتة بهاتريك

  3. في البدء عوداً حميداً للاستاذ لطيف ،ما دفعني للتعليق علي تحليل الاستاذ لطيف للحريق الجنوب سوداني رغبتي في لفت نظر الاعزاء من قراء ” الراكوبة ” الي ان التحليل المبني علي المعلومات هو ما نفتقده في المعروض علي الساحة من كتابات وانه متي تطالع التحليل السياسي للاستاذ لطيف تستشعر الفرق .

  4. الي اين كان سيقود باقان ورياك مشار الجنوب الي حرب مع الشمال!!! هل هذا ماكنت تريد من الرجل ان يفعله!!! هؤلا ينفذون اجنده ضد دولة الجنوب الوليده التي تحتاج الي علاقه جيده مع الشمال لا مصادمته !!! في رايي مقال غير موفق استاذي انه رجل دولة بحق وحقيقه ليس كصاحبنا البشير الذي يداهن الكيزان والشخصيات البلهاء اصحاب لن نطيع الامريكان 24 سنة!!! فلاتظلم الرجل يامحمد لطيف.

  5. Mohammed Latif, that is exactly what your in-law Bashir is doing. He has kicked out Ali Osman Taha and Nafie. Do you have something to tell Bashir who refused Nafie-Agar agreement and resorted to war?

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..