ما الذي يثير الصدمة يا عرمان؟

مناظير الهامش..
يعقوب سليمان
ما الذي يثير الصدمة يا عرمان؟
ظللنا بدورنا نراقب عن كثب الجولة العاشرة لمفاوضات أديس ابابا، بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور من جانب، والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال من جانب اخر، التي إنطلقت في الفترة من 18-20من نوفمبر الجاري؛ ولم نكن ننتظر اي حصيلة منها لاننا نعلم علم اليقين ان قادة حزب المؤتمر الوطني لم يكونوا جادين في حياتهم ولو مرة، ناهيك من ان يكونوا جادين في حل مشاكل السودان.
منذ إنطلاقة الجولة التفاوضية، نحن لم ننتظر سوى ثلاث كلمات ظلت تتردد على مسامعنا في كل جولة تفاوضية مع الحكومة السودانية وهي إما (إنهارت ? تأجلت ?لم نتفق) عدنا من اديس..هكذا هي الجولات التفاوضية التي تنتهي مع الجولات السياحية.. تلك الثلاث نغمات إستمعنا إليها كثيراً عبر إستريوهات كبيرة الحجم ومازلنا نسمعها بصوت عالي، لم يدخل الوسيط الإفريقي ثأبو امبيكي اي نغمة رابعة في جوال اديس ابابا من شانها ان تضيف على نغمات المفاوضين، ولم يتمكن هيلي منكريوس من الضغط على زر التسجيل ليسجل لنا حتى اغنية “طربانة ساكت ” لنستمع إليها بدلاً من الثلاث نغمات التي اصبحت قديمة، اننا لن نستغرب كما اننا لم نتكهن بنتائج الجولة العاشرة لكن الشئ الملفت ان رئيس وفد الحركة الشعبية- شمال المفاوض ياسر عرمان فاجأنا بتصريحات كأنما لم يعلم من هو حزب المؤتمر الوطني؟ كأنما هذا الحزب غريباً عليه، حيث قال الرجل في تصريحات ” قررنا أن نملك شعبنا الحقائق لكننا إصطدمنا بثلاث عقبات رئيسية جميعها من صنع المؤتمر الوطني مضيفاً في حديث خص به موقع “الراكوبة” إنهم لن يصلوا إلى سلام وطعام وديمقراطية دون ان نضع حدا لهيمنة المؤتمر الوطني وعجرفته”.واشار إلى ان المؤتمر الوطني اراد ان يدخل المناطق المحررة عبر الاغاثة كما يريد ان يلحق بالحركة الشعبية بالحوار الوطني وانه يريد اكمال اتفاق مع الحركة الشعبية اي انه يريد ان يبحث عن اتفاق جزئي.
انني شخصيا لم اعرف ما اذا كان يتوقع عرمان في هذه الجولة ان يجد جديد من حكومة الارزقية، أم كان يتوقع ان تضع هذه الجولة مصالح الشعب كمصالح عليا او ان يقبل حزب الجنرال الديكتاتور البشير بسلام نهائي ينهي معاناة الشعب السوداني الذي ذاق مرارات الحرب؟ محصلة التفاوض منذ الوهلة الاولى إنكشفت نتيجتها يا عرمان تبرير كهذا او حتى إظهار إثارة الدهشة والصدمة للشعب السوداني ليس بالشئ الجديد!! نتيجة هذه الجولة معروفة كسابقاتها هذا شئ معروف وإن كانت ارادت الحركة الشعبية ان تضع مصالح الشعب وان تدخل المساعدات الإنسانية لكنها نسيت انها تتفاوض عن قضايا وطنية مصيرية مع جنسيات غير سودانية، لذا من البديهي جداً ان لا تملأ هذه المطالب اعين مفاوضي البشير لاسباب بسيطة ابرزها ما دفعت بهم حكومة المؤتمر الوطني في وفدها ليسو اصحاب قرارات داخل منظومة الشلة الحاكمة ابتداً من رئيس وفد التفاوض الحكومي فهو غير سوداني ينحدر من اصول اريترية كان طالبا في السودان وتدرج الى ان وصل منصب رئيس اتحاد الاريتريين بالسودان ثم موظفا في الحكومة وفي ذات الحكومة جاء وزيرا للداخلية لينفذ اجندتهم فكيف له ان يناقش هم بلد ما بلدو؟ لا اعرف كيف قبلت الحركات المسلحة التفاوض حول قضايا وطنية مع الغير وطنيين؟ حتى اذا قلنا هذا من أجل السلام فهم غير مخول لهم بالحديث عن قضايا الحوار الوطني الا بعد تعليمات صارمة تنزل لهم من سماء الشلة الحاكمة، فليس هنالك شئ يثير الدهشة او الصدمة يا عرمان كلها قضايا في الملأ واضحة ولا تحتاج منا التعب والعناء لإكتشافها لان كل الاشياء اصبحت تسويف في تسويف من قبل المؤتمرجية والهدف واضح وضوح الشمس فهو إطالت امد الحرب في مناطق الهامش، فالافضل منا النظر للمطالب الموضوعية التي من شانها ان تقودنا لتحقيق مطالب جماهير شعبنا الذي عانى وما زال يعاني الهواكير ويموت جوعاً، فليس هنالك ما يثير الدهشة فالحوار مع الطرشان حصيلته هذه النتيجته.