قبول الإمام لهدية النظام

تناول كتاب الأعمدة والمحللون السياسيون موضوع تكريم السيد رئيس الجمهورية للسيدين محمد عثمان الميرغني والإمام الصادق المهدي ضمن العديد من الرموز الوطنية بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال بمنحهما وسام الجمهورية من الدرجة الأولى باعتبارهما من الذين أسهموا في العمل السياسي، على الأقل خلال فترة حكم الإنقاذ. وما يهمني هنا قبول السيد الإمام باعتباره مصنفاً حتى هذه اللحظة ضمن المعارضين والرافضين للمشاركة الرمزية، أما السيد الميرغني فلا حرج عليه ولا غرابة إن قبل التكريم لمشاركته في السلطة سيادياً واتحادياً وولائياً.

وقد ركز الكثيرون على قبول الإمام الصادق المهدي للتكريم حيث أنه كان رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطياً وهو الذي قوضت الإنقاذ حكمه وبنت مجدها على أنقاضه، بل كان تبريرها للمجيء بإهالة التراب على نظامه كرئيس وزراء لم يفلح في تقديم ما يصب إيجابياً لترسيخ الديموقراطية خلال فترته التي اتسمت بسلبيات منها إضعاف الجيش والتدهور الاقتصادي وإغفال التنمية وإضاعة الوقت في الكلام أكثر من العمل، ثم أن المهدي ذاته لم يترك مصطلحاً كلامياً لم ينفض الغبار عنه في ذم الإنقاذ ونقد نامها بكل عبارات القدح ومفردات الأمثلة الشعبية، لكنه انتهج – طوال فترة معارضته – أسلوباً مدنياً فاضت جوانبه بمختلف المقترحات الرامية للحلول السلمية لاستعادة الديمقراطية بدءاً باتفاق جيبوتي مروراً بالطرق الشائكة والمعبدة وصولاً للدعوة بقيام حكومة قومية تضع دستوراً دائماً يتراضى عليه الجميع وحداً للصراعات ومنهجاً لخطى المستقبل وما إلى ذلك من تمنيات وأهداف تحقق الاستقرار والعدالة والأمن الرخاء.

ومع كثرة الآراء التي علت وتباينت حول فكرة ومرامي التكريم لم نسمع حتى الآن رأى السيد الإمام عن الأسباب التي جعلته يقبل بهذا التكريم من نظام اقتلعه من السلطة وهو الذي عودنا على الحديث في كل صغيرة وكبيرة وبمناسبة وبغير مناسبة خاصة من مجال إطلاق المبادرات وابتداع أشكال الحلول لدرجة ان الصحف اليومية قد لا يستقيم تبويبها إذا خلت من تصريح أو مبادرة له. وقد ذكرت هيئة شئون الأنصار بان تكريم الإمام يعد اعترافاً بصحة مواقفه ومنهجه كما دافع الحزب بلسان أحد أعضائه بأن التكرم اعتراف من الحكومة بجهوده في خدمة الوطن ولا يعتبر الوشاح تنازلاً عن مناداته بقومية الدستور وقومية الحكم. هذا ما قراناه عن رأي الهيئة والحزب ولكن لأن (الكلام حلو في خشم سيدو) ليتنا نسمع شيئاً من صاحب الشأن عسى أن يسكت أصوات الذين رأوا في قبوله انتقاصاً أو تنازلاً أن لم يكن في الأمر ضبابية وغموضاً يفوق ما اعتدنا الخروج به في كل وقت.

هل يا ترى أن السيد الإمام تعامل مع التكريم وتوشح بالوسام على أساس أنه هدية بمناسبة عيد ميلاده وهي مناسبة لا يرفض فيها المرء هدايا المهنئين مهما كبرت أو صغرت أم أن التكريم قد يكون تتويجاً لقبول أولي مَهّد لكي تجود الحكومة بـ (قولة خير) لزواج يتم الإعداد له وراء الكواليس، إذ ليس بعيداً أن يتم التصاهر حتى بين إي أسرتين كانتا ذات يوم على خلاف أو لم يحدث بينهما تقارباً أو تعارفاً يرقى فجأة لرباط مقدس. ولعل ما يستحق التأمل فكرة تكريم الحكومة التي لم يسبقها عليها أحد لرموز المعارضة الذين لم يتوانوا في تبيان مزالقها وتخبطها، ولذلك لا أرى لما تم مثيلاً سوى أن يقول مشجع الهلال بأنه معجب بأداء أحد لاعبي المريخ ويتمنى أن يراه بالشعار الأزرق أو العكس رغم التنافس والاستقطاب الحاد بينهما وهو يماثل قومية التشجيع التي يرفعها الجميع في المنافسات القومية باسم الوطن إذ يستحق الجميع وقوفنا خلفهم. وعلى كل فهي بادرة طيبة وضعت سماداً قد يصلح في إكثار النبات المرتقب رغم ان بعض مزارعي السياسة رفضوا قبول التكريم وتخندقوا يفلحون أراضيهم بذات الآلية الموروثة.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. دعونا من الوسام …
    أين (تذكرة) الإمام وكم شخص وقّع عليها ؟؟؟ وأين وصل البص إياه ؟؟؟؟
    خلونا نصّدقوا ـ ونطوّل بالنا ـ في ما يقول ، اين وقفت مبادرات السيد الصادق ، ووين الخطوات بتاعة التذكرة ولأي مرحلة من مراحل الإمام الخمسة ؟؟؟
    لا إعتراض في ان يستلّم ( رئيس الوزراء الشرعي) الأوسمة و غيرها من (السفاح) ، ولكن اعتراضنا في ان يدعّي الإمام انه يعارض النظام .

    (السفاح) … كان لا ينطق السيد الصادق المهدي اسم الديكتاتور نميري والاّ ان يسبقه بهذا اللقب ؟؟؟
    بعد 30 عاماً من ذهاب جعفر نميري .. ها هو السيد الصادق يضع يده في يد (السفاح) الحقيقي ، مطلوب العدالة الدولية ( ودماء ابناءنا الذين قتلهم قناصة السفاح لم تجف بعد )
    ثم يصف النظام بأنه (الأقل خشونة) ..

    الأقل خشونة) ؟؟؟

    رحم الله (خشونة) الفريق عبود وجعفر نميري ..

    وعاوزنا الصادق نصدقوا ؟؟؟؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..