سعر صرف الدولار، إلى أين ؟

أ.د. فريد بشير طاهر :
يتحدد سعر الدولار كغيره من أسعار السلع بتفاعل عرضه والطلب عليه، وبذلك فهو يعكس الندرة النسبية للدولار في أي وقت، أي قلة المعروض منه بالنسبة للمطلوب. واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار على النحو الذي شاهدناه في العام المنصرم في السودان يعكس استمرار زيادة ندرته، ويعني أن هناك زيادة في الطلب على الدولار أو نقص في عرضه أو كلاهما. ويرجع السبب الفعلي في ارتفاع سعر الدولار محلياً في الآونة الاخيرة إلى الانخفاض في الكميات المعروضة منه بسبب فقدان السودان لنصيبه من النفط المنتج في جنوب السودان منذ يوليو 2011، وعدم تقاضي حكومة السودان لأي رسوم مقابل مرور نفط الجنوب بأراضيه وتكرير بعضه وتصديره من الموانئ السودانية خلال تلك الفترة. كل ذلك بالإضافة إلى عدم زيادة عائدات الصادرات غير النفطية بالقدر الذي يعوض الفقد في عائدات النفط.
أما على جانب الطلب على الدولار، فهناك الطلب الخاص على الدولار لتمويل الواردات، والطلب الحكومي لمقابلة الإنفاق على الواردات الحكومية، بالإضافة إلى الطلب الطارئ على الدولار بواسطة المضاربين. بالنسبة لتمويل الواردات، يقال نظرياً ان ارتفاع سعر الدولار وما يؤدي إليه من ارتفاع في الأسعار المحلية للسلع المستوردة كفيل بخفض الكميات المطلوبة منها وبالتالي خفض الكمية المطلوبة من الدولار. غير أن تحقيق ذلك مشروط بما يعرف عند الاقتصاديين بمرونة الطلب على الواردات، أي استجابة الطلب على الواردات لما يطرأ على أسعارها المحلية من تغيير. وإذا راجعنا هيكل الواردات السودانية نجدها في الغالب تتمثل في السلع الغذائية الأساسية«القمح والسكر والزيوت النباتية» بالإضافة إلى الأدوية، ومثل هذه الواردات لا تستجيب لارتفاع الأسعار إلا في حدود ضيقة مما يبقى الطلب على الدولار لهذا الغرض دون تغيير يذكر. لذلك اتجهت الحكومة إلى منع استيراد بعض السلع الكمالية مثل منع أو تقييد استيراد السيارات، وإن اختلفت الآراء حول ذلك القرار.
فإذا تناولنا المكون الثاني للطلب على الدولار وهو الطلب الحكومي نجده يتمثل أولاً في الطلب على الدولار لاستيراد السلع الرأسمالية لمشاريع التنمية بالإضافة إلى استيراد احتياجات القوات المسلحة، وإن كان الجزء الأكبر من هذه الواردات يتم تمويله من مصادر خارجية، ولذلك فأغلب الظن أن هذا الجزء من الطلب الحكومي على الدولار لم يشهد تغييراً ملحوظا أو غير متوقع في الآونة الأخيرة. المكون الثاني للطلب الحكومي هو الإنفاق الحكومي الجاري بالدولار،الذي يرتبط ويتأثر مباشراً بحجم الجهاز الحكومي الذي شهد زيادة كبيرة بتشكيل الحكومة الجديدة ذات القاعدة العريضة. فقد شهدنا زيادات كبيرة غير مسبوقة في أعداد الوزراء الاتحاديين والولائيين والمستشارين والمساعدين. لذلك كانت هناك زيادات في الطلب الحكومي على الدولار من أجل تأثيث المكاتب وتوفير السيارات باهظة التكاليف وتوفير وقودها لمن يشغلون هذه المناصل ومعاونيهم وحراسهم الخصوصيين، بالإضافة للزيادة في الإنفاق على السفر إلى الخارج، والذي زاد بزيادة حجم الجهاز الحكومي وإصرار الأحزاب المشاركة على تمثيلهم جميعاً في الوفود المسافرة إلى الخارج. فالزيادة في الطلب الحكومي على الدولار لمثل هذه الإنفاقات كان بالإمكان تداركها لو أن أحزاب الائتلاف قدمت المصلحة العامة على مصالحهم الحزبية. فالائتلاف لا يعني بالضرورة أن يشارك الجميع في آن واحد وعلى كافة المستويات في الحكومة، ولو حرصت أحزاب الائتلاف علي المصلحة العامة للبلاد لارتضوا تناوب المشاركة في الحكومة، بمعنى أن تشكل حكومة تقشف اقتصادي قادرة على تسيير أمور البلاد من بعض الأحزاب في الوقت الحاضر، على أن تشارك باقي الأحزاب في حكومة جديدة بعد عامين مثلاً. والفرصة متاحة لمعالجة الأمر الواقع الآن بتخفيض المخصصات المالية والمادية لجميع الوزراء والمستشارين والمساعدين، وأن يعاد النظر في سفر الوفود إلى الخارج وأن يتم العمل بمبدأ التناوب في سفر الوفود بهدف خفض التكاليف. وهو إجراء ليس بغريب إذا صدقنا العزم على خفض الإنفاق الحكومي، فالخيارات أمامنا محدودة، إما أن يتحمل الشعب الخفض بتراجع في الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات العامة أو أن تتحمله الأحزاب التي يفترض فيها أن تكون خادمة لمصالح الجماهير.
وأخيراً يأتي الطلب على الدولار بواسطة المضاربين، وهم بالأساس أناس يقبلون على شراء الدولار بغرض بيعه بأسعار أعلى في المستقبل وتحقيق الربح من وراء ذلك. وأنا شخصياً لا ألوم صغارهم في ذلك،فهم كأفراد لا يصنعون الزيادة في سعر الدولار وإنما يستفيدون منها. أما كبار المضاربين ممن يدخرون الملايين من الدولارات بهدف رفع أسعاره، فهم متهمون بممارسة الاحتكار وتخريب الاقتصاد القومي.ومع ذلك، فلا سبيل لمنع نشاط المضاربين بالقرارات الإدارية والمطاردة القانونية وحدها، خاصة أن الجزء الأكبر من مشترياتهم من الدولار يتم خارج الحدود من خلال تحويلات المغتربين بالرغم مما يشوبها من مخاطر النصب والاحتيال. والسبيل الوحيد للحد من نشاط المضاربين وأخذ زمام المبادرة بالتحكم في سعر صرف الدولار هو منافستهم من خلال قنوات رسمية آمنة تتيح للمغتربين التحويل بأسعار وإن قلت عن أسعار القنوات الخاصة، إلا أنها مأمونة أو خالية من المخاطرة.
كذلك هناك بدائل أخرى،لا شك أن القائمين على الأمر في البنك المركزي قد تدارسوها وربما كان لهم أسبابهم في عدم الأخذ بها، أطرحها هنا للنقاش وإثارة التفكير في البدائل والحلول من أهل الاختصاص.
أولاً، حشد مدخرات المغتربين وتحويلها إلى ودائع استثمارية بإصدار شهامة بالدولار، تحقق عائدا يفوق على الأقل معدل التضخم السائد حتى تحافظ الأرصدة على قيمتها الحقيقية، شريطة أن يستقر سعر الدولار وأن تكون شهادات شهامة الدولارية متداولة في سوق الخرطوم للأوراق المالية بالدولار، لتمكين المستثمرين من تسييل أرصدتهم عند الحاجة، وأن يسمح للمستثمر بتحويل رأس ماله وأرباحه إلى الخارج متى ما باع ما يملك من شهادات شهامة، فلا فرق في ذلك بين الاستثمار الحقيقي والاستثمار المالي.
ثانياً، طرح صكوك إسلامية حكومية لبيع قدر من إنتاج النفط من خلال بيع السلم للمغتربين وغيرهم من الأفراد والشركات. فيقبل المشتري على سداد القيمة في الحاضر بالدولار على أن يصبح شريكاً للحكومة في إنتاج النفط في المستقبل، فيستفيد من فرق السعر، وله أن يبيع هذه الصكوك في سوق الأوراق المالية، وله تحويل رصيده إلى الخارج متى ما رغب في ذلك.
ثالثا، بيع الأراضي الحكومية الزراعية والإسكانية للمغتربين بالدولار شريطة أن يتم تطوير تلك الأراضي قبل بيعها بحيث يضمن المغتربون ارتفاع أسعارها في المدى القريب وتحقيقهم للأرباح المحفزة على الاستثمار بشرائها بدلاً عن المضاربة على سعر الدولار.وبإمكان الحكومة حال استقرار سعر الدولار أن تستخدم بيع وشراء هذه الأصول «شهامة وصكوك السلام والأراضي» كأداة لعمل المواءمات اليومية في سعر الدولار ، وفي السيولة النقدية متى ما تم إصدار بعضها بالجنيه في ظل استقرار سعر الصرف.
* أستاذ الاقتصاد
الصحافة
المعتربون وحلبه واضطهادهم -ضرائب وجمارك وأتاوى فى التعليم والاسكان وامكن فى المقابر كما وبالدولار-هذا كل مافكرت فيه يا عبقرى الاقتصاد –وهذا ديدن طلاب الدرجة الثالثة الدرسو الاقتصاد وبئس النتاج بدلا من التفكير فى تدوير الاقتصاد ينصب التفكير فى الجباية =– ايه المغتربون ارصدو هؤلاء وأكشفوهم حتى يحين الحساب وأخ اخ تف تف تف تفوووو
ياسعادة الدكتور :حسب مقالك فان أكبر مصدرين للطلب على الدولار هما:
1.المواد الغذائية التي من المفترض أن نصدرها لا أن نستوردها
2.احتياجات القوات المسلحة التي لم تحارب قط طرفا غير سوداني
اذا يجب اصلاح الزراعة و زراعة ثقافة السلام و العدالة في المجتمع حتى يخف الطلب على الدولار
أما بيع أراضي للمغتربين فهذه أحلام مراهق حيث أن هناك كثير من المقالب في مثل هذه المشاريع كما تعلم ومن يضمن ألا تنخفض أسعار هذه الاراضي بعد بيعها لأن الخدمات الموعودة لم توفر بعد استلام الاموال
اذا لم تفلح أموال البترول في رفع اقتصاد السودان طيلة العشر سنوات الماضية فالخطب عظيم و الخلل في الادارة و ليس الامكانيات
–هل تعلم بان الخطة الاسكانية التى اوصت بها نقابة مهندسى الاسكان والتى لاجلها استقالوا جميعا عام 1974 وفرضوا على مجلس شعب مايو سيئة الذكر اجازتها -أن تبنى خطط الاسكان على اساس السكن حق لكل مواطن توفره الدولة مكتملا واذا لم تستطع فارض بخدمات واذا لم تستطع فارض بدون خدمات ومنعت سياسة المزادات أواستدر العملة وبالتالى معاملة المغتربين اسوة ببقية السودانين والاستفادة من مدخراتهم للتعمير بل تشجيعهم بالاسراع بالمنح عند استثمار مدخراتهم فى اقتصاد مناطقهم -نجار فتح ورشة وشغل عاملين أو دكتور فتح عيادة–فى هذه الحالات يسرع لهم المنح—حق السكن –وهذا يعتبر تدوير الاقتصاد وليس الجباية واستغلال الحوجة للاساسيات من سكن وتعليم وعلاج للمغتربين فى الخارج والبقية فى الداخل==ويا اقتصاديو السودان–منظرو الجبايات والضرائب منذ تكوين الدولة السودانية منذ العهد التركى والى الان- أعيدو نظرتكم وكمان دراستكم للاقتصاد بصورة جوهرية وانسانية واخيرا أقول سلاما…..وتقبلو اشمئزازى واحتقارى .
د. فريد كلامك كله سليم لكن المشكلة هي أن المغترب فقد الثقة تماما في هذه الحكومة ألم تسمع بالنصب والاحتيال الذي مارسته هذه الحكومة علي المغتربين؟ياأخي لايلدغ المؤمن من جحر مرتين وللاسف فان المضاربين الذين ذكرت بأن التعامل معهم غير مأمون هم أهل ثقة عند المغتربين .
والله فضيحة كونو نحنا بنتسورد غذاء مع توفر كل الإمكانيات للزراعة إلا العقول المدبرة التي تدير هذه الموارد.
المغتربين هم الضحية دائماً ، عندما هبط سعر الدولار والريال وحده دون هبوط أسعار السلع تحملوا هم الفرق ، وعندما يرتفع سعر الصرف لا يجد المسئولين الحل إلا عندهم ليتحملوا العبء ايضاً ، فكرو في حلول أخرى
الرسم الصورة الفوق دى عبقرى. يا ربى البشير لو شافها تانى بقدر ينوم؟؟؟؟
سعر الدولار بينقص في كل دول العالم نسبة للازمة الاقتصادية ما عدا السودان فان سعر الدولار يزداد يوميا ونسبة للعشوائية في جميع مرافق الدولة فان السياسات النقدية لا تحكم بالتطبيقات الاقتصادية المتعارف عليها دوليا وانما يضعها البنك المركزي حسب هواه خاصة وان الموازنة والميزانية لا تخضع لمراجعة المراجع العام لامتناع بعض الوزارات عن تقديم تفاصيل النهب فيها وبالتالي السودان خارج المنظومة العلمية التي تحكم السياسات المالية ولكن سياتي يوم الحساب لكل من فرط في المال العام وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون