جَنُوْبُ السُّودَانِ وَمَسِيْرَةُ النِضَالِ

بَدَأَ الأجدادُ وَالآباءُ بالتفكيرِ وَالسَعي فى سَبيلِ الإسْتِقلالِ مِنْ أجلِ تأسِيسِ وَبنَاءِ دولةِ جَنوبِ السُّودَانِ مُنذ العام 1947م ،أيْ في مؤتمرِ جوبا الذي عُقِدَ في ذلك الوقت،وكان من أبرزالمُطالبين بالإستقلالِ جدنا المناضل (بوث ديو)، ومنذ تلك الحقبة بدأتْ الفكرةُ تنمو في نفوسِ الجنوبيين إلى أن إنفجرتْ أوَلُ ثورةٍ بعد سبعِ سنواتٍ بمدينة (توريت) حاضرة ولاية شرق الإستوائيَّة في 18 / أغسطس / 1955م .
بقيام ثورة (توريت) بدأتْ فعليا مسيرةُ النِضَالِ والكِفَاحِ السياسِيِّ والعَسكرِيِّ بجنوب السُّودَانِ، بعد أن أدرَكَ السياسيُّون الجنوبيُّون شيئا من سياسات وتوجهات النخبة السياسيَّة الشماليَّة بالخرطومِ عِندَ جَلاءِ الحكومة الأنجلومصريَّة من السُّودَانِ في العام 1955م، وفي تلك الحقبة تم تكوين(حركة الأنيانيا 1) بقيادة الأب المناضل الجنرال (جوزيف لاقو)، وقد إستطاعتْ حركته الضغطَ على حكومة الرئيس (جعفر محمد نميري) مما أدى إلى قبول نميري قيام محادثات السلام في الحبشة في عهد الإمبراطور(هايلي سُلاسي)، أسفرتْ عنها التوقيع على إتفاقيَّةٍ عُرِفتْ ب(إتفاقيَّة أديس أبابا) في العام 1972م، ومن ثمار تلك الإتفاقيَّة تأسيس جامعة في الإقليم الجنوبيِّ وقتذاك سُميَّتْ (جامعة جوبا)،وذلك في العام 1975م، ولكن السيِّد جعفر نميري لم يلتزمْ بتنفيذ أهم بنودِ الإتفاقيَّةِ منها بند تقرير المصير، وقد أظْهَرَ ذلك بمقولته الشهيرة :(إنَّ هذه الإتفاقيَّة ليسَتْ بالقرآنِ ولا الإنجيلِ)،مما أدى إلى إعلان التمرد الثاني(حركة الأنيانيا2) في مطلعِ الثمانينات من القرن الماضي ، ومن ثم إندلاع الثورة الشعبيَّة لتحرير السُّودان في 16 مايو / 1983م بقيادة العقيد الدكتور(قرنق دي مبيور) ،وسُميَّتْ الثورة بالحركةِ الشعبيَّةِ لأنَّ الشعبَ هو مَنْ قام ثائرا ومتحركا فى سبيلِ النضالِ والكفاحِ من أجلِ تأسيسِ دولةِ العدالةِ والحُرِّيَّةِ والإزدهارِ كَمَا جَاءَ في
،حيث جَاءَتْ هذه الثورةُ أكْثَرَ تنظيما (For justice , liberty and prosperity) نشيدِنَا الوطنيِّ
وتماسكا ، لإستفادتِها مِنْ الثوراتِ التي سَبَقتْهَا ، ولقد كانَ الشعبُ الجنوبِيُّ مصدرا لقوةِ النضالِ والكفاحِ لكلِّ الثوراتِ التي إنْدلَعَتْ في جنوبِ السُّودانِ ،وبِمُسَاندِتهِ إستطاعتْ الحركة الشعبيَّة إقناع الخرطومِ بالجلوسِ على مِنْضَدَةِ المُفاوضاتِ بجمهورِيَّةِ كينيا الشقيقةِ في العام 2002م ، حيث خَاضَتْ مع حكومةِ السُّودانِ أطولَ مباحثاتِ سلامٍ في العالمِ الحديثِ، إستغرقتْ ثلاثَ سنواتٍ، خَرَجَتَا أخيرا منها بترياقٍ أوقفَ أطولَ حربٍ في القارةِ السمراءِ بتوقيع إتفاقيَّةِ السلامِ الشاملِ فى يناير/ 2005م، وبسَبيلِهَا إستطاعَ الشعبُ السُّودانيُّ الجنوبيُّ إصْدَارِ قرَارهِ بإحرَازِ نسبة ال(98,3%) في الإستفتاءِ الذي أقيمَ في يناير/ 2011م، مُعلِنا في التاسع من يوليو من نفسِ العام تأسيس جمهوريَّة جنوب السُّودان الدّولة التي فكّر فيها الأجدادُ وسَعَى إليْهَا الآبَاءُ مُنذ تلك الحِقبِ البعيدةِ . لقد أسِسَتْ هذه الدولة عَلى صَخرٍ بالعناءِ بعد تلك المسيرة الطويلة من النضالِ ، ولذلك ستسير إلى الأمام ولن تترنح بالرغم من مرورها بهذه المرحلة الصعبة ،لأنَّ الشعبَ كلَّهُ هو من قرَرَ تأسِيسهَا بعد أن دَفعَ أكثرَ من مليوني شهيدٍ فِديةً لَهَا .
نسألُ الله ونأملُ أن يجدَ شعبُنا سبيلا للخروجِ سريعا من هذه المرحلةِ، كذلك ليَجِدَ تِرْيَاقا شافيا لهذا السُّمِ(الإنقسام)، لِنضُمَ الصفوفَ ونَضُمُ العَاملين لها لكي ننيروا لهذا الشَعبِ آفاقا.

بقلم/ بار منم بار

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..