السودان.. وحمار عم عثمان..و مفترق الطرق..؟؟

تقول الرواية ان العم عثمان اراد السفر الى مدينة الخرطوم لقضاء بعض الاعمال .. و زيارة ابنه الذى استقر هناك للعمل بسب سوء الاوضاع المعيشية فى القرية و من ثم الاطمئنان على احواله ..؟؟ سفره هذا قد يستغرق خمسة ايام .. قام العم عثمان بربط حماره الذى كان يطلق عليه اسم السراب ( لسرعته و قوته) جيدا فى الزريبة .. و من ثم قام بملء الحوضين الكبيرين بالماء و قام بوضع كومين كبيرين امامه احد هما برسيم طازج ذو رائحة عبقة يحبه حماره كثيرا.. و الكوم الثانى سيقان قمح طازجة ذات رائحة عطرة يعشقها ايضا.. بحيث ياكل حماره ما يريد منهما ثم يروى عطشه من الماء الذى امامه فى الحوض ودع عم عثمان حماره.. و نظر اليه مليا كانما يقوم بوداعه .. و توصيته ان يهنم بنفسه و صحنه.. و بالبيت. طبعا ..؟؟
سافر عم عثمان..نظر حمار عم عثمان بكل فرح الى كوم البرسيم الطازج و استنشق رائحته العطرة.. ثم نظر الى الكوم الثانى و استنشق رائحته الجميلة.. و بدا ينظر هنا و هناك.. من اين يبدا بالبرسيم ثم بسيقان القمح ..؟؟ ام بسيقان القمح ثم البرسيم..؟؟ البرسيم اولا.. لا تردد فى ذلك .. القمح اولا .. ايضا تردد هنا..؟؟ استمر فى تردده هذا الى ان الى ان انقضى النهار باكمله و غربت شمس ذلك اليوم .. مضى اليوم الاول و هو فى هذه الحالة من التردد بين هذا و ذاك ..؟؟ ثم اشرقت شمس اليوم الثانى .. و نفس المنوال السابق و انقضى اليوم و غابت شمسه ايضا ..؟؟ و جاء اليوم الثالث و هو على هذا المنوال.. و انقضى اليوم الرابع كذلك و مضى كما مضى سابقوه من الايام ..؟؟
عاد عم عثمان من سفرته تلك فى اليوم الخامس .. وجد عم عثمان حماره ميتا بين كومى البرسيم و سيقان القمح..؟؟
حال الوطن السودان صار اشبه ما يكون بحمار عمنا عثمان ( مع الاعنذار على التشبيه .. فالصبر صفة جمعتهما ) .. هنالك امامنا خياران اثنان لا ثالث لهما او بينهما اما ان يكون الوطن السودان او لا يكون .. الخيار الاول هو ديناصورات السياسة السودانية الذين ينتظرون اى تغيير لينقضوا عليه .. فقادة تلك الاحزاب لا يتزحزحون قيد انملة عن قيادتها..معظمهم له ما يقارب النصف قرن من الزما ن و هم قادة لتلك الاحزاب.. اقدم رؤساء احزاب فى العالم اجمع و بجدارة و بجسارة .. فلننظر لديناصورات السياسة السودانية.. ذلك الثالوث الشيطانى.. الترابى و ما انبثق عنه من مؤتمر وطنى كان ام شعبى.. و الميرغنى و ما خرج منه من احزاب فرع كانت او اصل ..و المهدى و ما خلفه من احزاب تحمل نفس الاسم و الهوية .. هذا الثالوث الذى قارب الثمانينات من العمر و ما زال يطمح فى الحكم .. ؟؟هذا الثالوث له ما يقارب النصف قرن من الزمان و ما احد منهم يكل او يمل .. بالرغم من انهم يتحملون كل ما لحق بالوطن من دمار و اذى و طغيان و فساد بكل انواعه.. ؟؟
و فى الجانب الاخر ثلة من الشباب لهم طموحاتهم.. و لهم رغبة و رؤية صادفة لصياغة مستقبل مشرق جديد لهذا الوطن يملكون ادواته.. و يملكون الارادة لتحقيق حياة حرة كريمة.. شباب ابرياء اذكياء.. طاهرين لم يتلوثوا بادران السياسيين بعد .. هم من سيحرك الاحداث يوما ما.. اذا اعطوا الفرصة سيحسنون صنعا.. و سيصنعون وطنا خاليا من الفساد السياسى و الفساد المالى و الفساد الادارى .. سينهضون بذلك المواطن السودانى المقهور.. ذى الدخل المنهوب.. و الجيب المثقوب.. و الراتب المسلوب.. و سيصنعون سودانا مشرقا حيث اساء كبارهم .. و قصروا بسبب انانيتهم .. فلماذا لا ياخذون فرصتهم..؟؟ الوطن بحاجة اليهم لينهضوا به مما لحق به من دمار فهم من سيبث الروح من جديد فى احلامنا التى تكسرت.. و رماحنا التى ضل طريقها بسبب الانانية و حب الذات.. لا نريد للشباب ان يؤدى دور الكمبارس ..فالرهان على هذا الجيل النقى الذكى المتحفز
للمشاركة الفاعلة و صناعة مشهد ديمقراطى جديد يؤمن بالاخر .. و يؤمن له حق المشاركة فى صنع القرار ..فشبابنا هو الذى سينهض بالامة السودانية من سباتها الذى طال..و سيخرجها من هذا المستنقع الذى ادخلت فيه .. و هم بحاجة الى من يصدقهم و يؤمن بهم لبناء ثقافة ديمقراطية واعية و تعزيز سبل ممارستها عبر المؤسسات الديمقراطية و مؤسسات المجتمع المدنى ..؟؟
فللننظر الى العالم المتطور لنجد من يقوده هم الشباب .. فلننظر الى ميركل فى المانيا.. و الى اوباما ذلك الشاب الافريقى الذى يقود اعظم دولة فى العالم .. و لننظر الى فرنسا هولاند.. و الى بريطانيا براون .. كلهم جيل من الشباب المثقف الواعى .. و يحمكون لدورتين انتخابيتين فقط لن تزيد باى حال من الاحوال .. و مهما كانت الانجازات كبيرة فلن تشفع بالتمديد .. ؟؟
نخشى ما نخشى ان يضيع الوطن السودان و نحن ننتظر القادم المجهول..؟؟ ذلك السودان الذى كنا نفتخر عندما نقول بلد المليون ميل مربع.. صار الان بلد المليون الا ربع بسبب فشل سياسي الانقاذ .. و معهم اولئك الديناصورات الذين يتطور كل شئ حولهم و هم على حالهم باقون.. و نخشى ان ياتى يوم و نقول فيه عن السودان وطن النصف مليون ميل مربع ان بقي الحال كما هو نفس الحال.. فحبل التقسيم على الجرار..؟؟
هل نكون متشائمين بقدوم 2014 و ما يخبئه من مصائب ..؟؟ ام نكون متفائلين اكثر به ..؟؟ ام نظل مع المتشائلين ؟؟
حمد مدنى
[email][email protected][/email]
يا سلام عليك