سلطات «خرت»!!

أسئلة مقلقة أمام المؤتمر الوطني وهو يكثف اجتماعاته لبداية نفرة البناء في هياكل الحزب والاطمئنان على السجلات والإحاطة بعضويته عبر مؤتمرات قطاعية، كل ذلك تحضيراً واستعداداً للانتخابات المقبلة.. من أبرز الأسئلة، سلطة المؤسسات والأجهزة التنظيمية التي انهارت في كثير من الولايات بسبب تغول رؤساء الحزب عليها، سواء أكان الوالي أو المعتمد، وكيف يمكن إعادتها وإصلاحها؟ بحسب الواقع هناك خلل كبير في أداء الشورى والمكتب القيادي لمهامهما التنظيمية، وسأفرد المساحة للمكتب القيادي الذي سأتناول جزءاً يسيراً من مهامه، وهو منوط به وضع السياسات والخطط والإشراف على تنفيذها، واتخاذ القرارات في القضايا السياسية، واعتماد القطاعات والأمانات التنفيذية ومتابعة أدائها واعتماد ترشيح شاغلي المناصب الدستورية، واستدعاء أي من عضويته في هذه التكاليف الدستورية، سأتوقف عند هذا النذر اليسير من مهام المكتب القيادي الواسعة حتى نتابع حجم التعسف والتغييب المتعمد لهذا الجسم المهم، حتى لا يضطلع بدوره بشفافية وإفساح المجال لتمرير أجندات ورؤى خاصة ببعض القيادات سيما الولاة الذين أدخلوا عرفاً جديداً وهو القيام باتصالات فردية وسط بعض أعضاء المكتب القيادي لسوقهم إلى قرار يفوِّض «الوالي»* بممارسة مهام وسلطات «المكتب القيادي»، حتى أصبح هذا العمل غير الراشد سلوكاً متعارفاً عليه، حيث تجد في الصحف خبراً يفيد أن المكتب القيادي بولاية النيل الأبيض قد فوَّض الوالي بتكوين حكومته.. هكذا بلا أدنى حياء، وخبر آخر قطع «أخدر»، وهو أن والي شمال كردفان أصدر قراراً بتعيين وزير التربية والتعليم في احتفال عام دون الرجوع إلى المؤسسات، وهو قرار معيب شكلاً. وفي اليوم الثاني تحركت الأجهزة وأجرت اتصالات هاتفية بأعضاء المكتب القيادي كل على حدة لكسب مباركتهم للخطوة التي تخالف لوائح ونظم الاختيار، رغم أن الشخصية التي تم اختيارها كفاءة ومحل تقدير الجميع، ولا أعتقد أنه سيجد معارضة إذا ما اتبعت الإجراءات السليمة سواء أكان من قبل المكتب القيادي نفسه أو المواطنين، لأن الرجل عمل معلماً ومديراً عاماً للوزارة، لكن الاعتراض على الطريقة غير المؤسسية التي صدر بها القرار الذي لم يجد الاستحسان.. وهناك ولايات أخرى تحشد أعضاء المكتب القيادي عبر وسطاء خارج دور الحزب وذلك لصناعة تكتلات وموقف موحد تمرر عبره قرارات محددة مسبقاً لتتوافق مع مزاج «الوالي» أو* أمزجة بعض القيادات الأخرى، لكنها ربما لا تتوافق مع السواد الأعظم من المواطنين وقواعد وقيادات الحزب الأخرى، فهذه الممارسات تحتاج للتصدي بحسم وعزم ضمن إجراءات وترتيبات إعادة البناء التي حُدد لها برمجة زمنية وتم التحضير لها بشكل جيد لتشمل كل الولايات والمحليات، ويقيناً أنها تعاني وضعاً حرجاً ومؤرقاً ومؤلماً من سوء التداخلات والتدخلات التي* عطلت الأجهزة وحدَّت من دورها في ممارسة سلطاتها الرقابية وشوهت القضايا الجوهرية وأبرزت التفاصيل الشخصية الضيقة، حيث خضعت كثير من المؤسسات التنظيمية إلى إرهاب بعض القيادات لأنها أسهمت في تكوينها واختيار قياداتها خارج نظم الاختيار، فإذا نظرنا للنظام الأساسي للحزب، فهو يوضح بجلاء أن المكتب القيادي مثلاً يتكوَّن على النحو الآتي: الرئيس وثلاثون عضواً ينتخبهم مجلس الشورى، وخمسة عشر عضواً آخرين ينتخبهم المكتب القيادي استكمالاً ليصبحوا خمسة وأربعين عضواً في مجملهم، لكن في كثير من الولايات الأمر مختلف يا بروف «غندور» حيث أن الاختيار يأتي بقيادات ضعيفة بمنهج خارج أطر التنظيم وآلياته المشروعة وعبر المجموعات والشلليات و«النجر» وليس على شاكلة تلك الرؤية والطريقة الشفيفة التي شهدها الإعلام داخل القاعة الكبرى، حيث تم اختيار أعضاء المكتب القيادي المركزي الحاليين بالانتخاب المباشر، فبالتالي لا بد من مراجعة شاملة تعيد الأمور إلى جادتها وتحرك الهياكل التي تكلَّست من خلال جلوس قيادات بعشرات السنوات ولم يتغيروا، إلى جانب* إعداد سجل وكشوفات ومعلومات حقيقية إذا أردتم تصحيح المسار واستكمال عملية الإصلاح التي بدأها الكبار المخلصون الذين ترجلوا وتركوا الأحزاب مزهوة ومرتبكة من هول الذي حدث. لكن صدقوني أن الخلل والإشكال الأكبر في الذي ذكرته سالفاً، ولم يكن هؤلاء الكبار هم المعضلة الحقيقية، وبعد ترجلهم ليس هناك كبير على المراجعة والمحاسبة والإزاحة حتى يفسح المجال لأجيال وقيادات جديدة مستكشفة قد تقدم عطاءً أفضل، ومردوداً يضاف إلى الإيجابيات من اجتهادات السابقين!!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. انت تعرف جيدا يا استاذ فضل الله الطريقة التي يتم بها الانتخاب داخل مؤسسات المؤتمر الوطني اصحاب فكرة الاجماع السكوتي !! يا استاذ هؤلاء (الكبار) الذي استقالوا او اقيلوا لا اهمية ولا اثر لهم اذا كانت نفس الافكار والسياسات هى السائدة فسوف يأتي من هم اكثر منهم تمسكاً على مايسمى ( بالثوابت ) .. ذهب نافع بجسده ولكن لازال ينفث سمومه واوساخه من خلال الحزب …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..