ثلاثةٌ … ورابعهن منقريوس !

حين فرغت من ارسال تقريرها الروتينى .. محددةً مطالبها الروتينية .. وفق إحتياجاتها الروتينية .. وتنفست الصعداء .. واسدلت جدائلها على ظهرها .. وتمددت على اريكتها .. تتأمل فى ليل جوبا الدافىء .. مقارنة بصقيع بلادها اللاذع .. لم تكن هيلدا جونسون ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة هناك .. تعلم أن هذا التقرير وبعد اسبوعين فقط .. سيكون مصدر سخرية عليها .. بل وتوبيخا لها من قبل الأمين العام .. ومجلس الأمن .. وواشنطن .. والدنيا مجتمعة .. والواقع أن تقرير هيلدا الروتينى ذاك .. والذى بعثته الى نيويورك مطلع ديسمبر الماضى .. كان عاجزا عن أدراك طبيعة الصراع فى جنوب السودان .. ولم ترد فيه .. مجرد إشارة .. أن تلك الدولة الوليدة ستشتعل بعد اقل من اسبوعين من تاريخ ذلك التقرير .. الروتينى ..!
إندلاع المواجهات المسلحة التى بدأت فى جنوب السودان أمسية الرابع عشر من ديسمبر المنصرم .. لم تكن ضحيتها هيلدا جونسون وحدها .. فقد كانت هناك السيدة سوزان رايس مستشارة الأمن القومى الأمريكى .. التى تكمل ربيعها الخمسين هذا العام .. هذه لبروفسير البونى فقط ..فسوزان رايس التى تتابع شخصيا ملف الدولة الوليدة .. منذ أن إفتتحت بنفسها سفارة بلادها بجوبا فى التاسع من يوليو 2011 .. يوم إعلان إستقلال جنوب السودان .. فوق أنها تحتفظ بعلاقات شخصية متميزة مع قادة الجنوب .. خاصة الدكتور رياك مشار .. كل هذا لم يشفع لها أن تدرك طبيعة ما يجرى .. كانت هى الأخرى تتلقى توبيخا من الرئيس .. ومن الكونجرس .. على عجزها عن إستكناه ما حدث هناك .. قبل حدوثه .. ورايس هى الأخرى .. صبت جام غضبها .. على سيدة أخرى .. ثبت أنها هى الأخرى .. كانت نائمة فى المشمش .. حين قامت القيامة هناك .. إنها سوزان بييج سفيرة الولايات المتحدة فى جوبا .. التى قيل أنها كانت مشغولة بأمر آخر .. لم يفصح عنه بعد .. ولم تكن وحدهن النساء .. من وقعت على رؤوسهن غضبة المجتمع الدولى .. فقد كان هناك رابعهن ايضا .. إنه السيد هايلى منقريوس .. مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان وجنوب السودان .. ومنقريوس هذا .. هو وحده الذى شتمه لى السيد اسياس افورقى بالإسم حين سألته عن إختفاء رموز الثورة الإريترية .. فقال لى بالحرف ( إنه باع نفسه للشيطان واصبح خادما للإمبريالية ) .. ولكن الإمبريالية لم تكن هذه المرة راضية عن أداء منقريوس .. فتلقى هو الآخر توبيخا على عجزه عن إدراك ما يجرى فى الجنوب .. وتنبيه الإمبريالية .. عفوا المجتمع الدولى .. فى الوقت المناسب ..!
ولكن .. بعض المراقبين .. قد يجدون العذر للنساء ولمنقريوس .. فالحرب هذه قد فاقت كل ما عداها من حروب ونزاعات شهدها جنوب السودان .. ويعجز الإدراك عن تصديق أن هذه مجرد مواجهة بين جناحى حزب قد إنشق على نفسه .. حرب مختلفة .. كيف لا ومدن مثل ملكال وبانتيو ظلتا خارج حزام الحرب .. طوال سنوات حرب الجنوب فى مراحله المختلفة .. حتى مدينة بور .. لم تتعرض للنيران طوال حرب الجنوب .. إلا يومين فقط .. يوم أن دخلها الجيش الشعبى .. ويوم أن استعادها الجيش السودانى .. ولكن الحرب هذه مختلفة ..!
وحين كان المجتمع الدولى يشتم النساء .. ويلعن منقريوس .. وتلجم الدهشة لسانه .. والتخبط سمت مواقفه .. كان مؤملا للسودان أن يفعل شيئا .. ولكنه لم يفعل .. وكان بمقدوره أن يفعل .. ولكن .. ثمة من يعتقد أن هيمنة العقلية الأمنية .. الوزير .. السفير ..وآخرون من حولهم .. قد أثرت على التوصية الدبلوماسية وبالتالى على القرار السياسى …!
و رغم ذلك هاهو المجتمع الدولى .. يعود عبر ايقاد مانحا السودان تمييزا آخر .. حين يكون مندوبه الفريق الدابى هو وحده الشاهد الموقع على اتفاق وقف اطلاق النار هناك بجانب الوسيط الرسمى لازارو سيمبويو والمضيف سيوم مسفن …!
الرأى العام الإثنين 27 يناير
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خلاص بقيت زي ناس عبد الله علي إبراهيم و مصطفى الباطل و لقيت موضوع الجنوب ده ممكن يأكلك عيش يا الصهر الرئاسي؟؟

  2. Dear Mr. Lattif, with all due respect I had high hopes that in your editorial you will suggest more to enhance and boost our relationship with our southern brothers? What you have mentioned in terms of the international community reaction is sure of no value to us, and in respect to Khartoum reaction to this incident is well known to everyone, and sure we didn?t anticipated any good to come from this regime, as long as they are the ones? who did lead us to this split-up

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..