إصلاح الشعب أم ( مصالحة ؟ )

(1) تحتدم المواجهة مرة أخرى بين الشعب والحكومة , حيث صار الشعب هو العدو الأول لحكومة الحركة الإسلامية , الشعب الذي أرادوا أن يغيروه ويستنسخوا
منه مخلوقا جديدا يتواءم مع ظلام أذهانهم وعتمة تصوراتهم , وعندما فشلوا بكل أدواتهم الإسلاموية المهترئة , من قوانين النظام العام , والجبايات الباهظة , استعملوا
الرصاص في الطرقات في سبتمبر الماضي وكانت النتيجة مقتل ما يزيد على المئتين شاب وأكثر من
ذلك من الجرحى والمصابين وهدأت الانتفاضة ولكن بأدواتها الذاتية معلنة هدنة خاصة لا علاقة لها بالنصر والهزيمة في مضمار الخنادق والقنابل .وها هي المواجهة تتجدد مع كل يوم جديد , ولا خلاص لهم منها إلا بالمفاجآت كثيرة الطبول التي تتيح لهم تغيير جلودهم المثقبة بأخرى مرقعة يشارك فيها القدامى والمندسين وأصحاب الاتجاهات العشر .
(2) قرارات الرئيس الجديدة ( المراوغة ) لن تكون سوى أمواج مفتعلة ستصب في
المجرى الطبيعي للانتفاضة الكبرى لأن هذه القرارات بدوافع العناد وقصر النظر وانتظار الأعاجيب جاءت متأخرة جدا وبعد أن جرت مياه التحولات الإقليمية في مصر والجنوب إلى درجة أن الشعب السوداني كله من انفعالاته المكتوبة والمسموعة يتأفف ويرفض أي حلول سياسية قبل الانتفاضة الكبرى فهناك إحساس أقرب إلى التآمر جذرته الإنقاذ في النفوس والعقول وإحساس مكثف مقلق ينم عن الخديعة والكيد في كل حركات وسكنات الإنقاذ خاصة بعد أن أطلقوا برنامج حسين خوجلي الذي لا يخفي أنه يداهن ويطأطئ ولا يدس أنه يضع للشعب وثورته ألف حساب وحساب
(3) كل الشخصيات التي صنعت الإنقاذ وكونت مساراتها المعتمة قد تراخت أو
استسلمت أو تراجعت أو هربت بما ( حملت ) أو قتلت ( بيدي لا بيد عمرو ) ومعها تراخى المشروع الحضاري الذي كان مزيجا مؤصلا من (الهمباتة والنشالين ) والذي يستجدي الناس الآن بشتى الطرق ويذرف أمامهم على الشاشة دموع الفشل والخيبة كما نراه في برنامج حسين خوجلي الذي يصل في بعض لحظاته إلى حالة الاستجداء والركوع و( التخنيث ) وهم يعلمون أن قوى الانتفاضة قد شعرت بتراخيهم وضعفهم وفشلهم ورغبتهم في ( فك البيرق ) وأنهم يضربون في بيداء الظمأ بلا أفق نظيف وسجل مرضي عنه يوصلهم إلى الإصلاح الشامل أو المصالحة التاريخية .
(4) الأخطاء متراكمة وكثيرة : الانقلاب في 89 , والجرائم ضد الإنسانية التي
يطالب العالم بمرتكبيها , الجرائم الوطنية , التلاعب بالدين , تقزيم الشعب واضطهاده , وستكون القرارات الجديدة مجرد ( انسحابات ) داخل الأرض المحتلة , ولن يتجاوب معها إلا قلة من تلك المجموعات التي لن تؤثر في إسقاطه أو من تلك المجموعات التي تتفاعل مع الحلول الجزئية وتتقن العمل في الظلام والعتمة , فكل ما تقوله الإنقاذ لن يكون سوى اعتراف مبطن وعاجز ومراوغ بالشيخوخة والضعف وعدم القدرة على إدارة بلاد اقتنعت بالتغيير الشامل الذي لا يقل أبدا عن ( ثورة شعبية كبرى ) لأن الإنقاذ لا تنطلق من أفكار و مبادئ تطورت بداخلها وإنما مدفوعة بالأزمة الاقتصادية وبالعزلة الدولية وبضغوط هبة سبتمبر المجيدة التي تتجمع بسرعة في ثورة كبيرة , فهل ستلحق الإنقاذ بالقطار أم أنه سيفوتها كما يفوت دائما المستبدين والمعاندين لمصالح شعوبهم ومستقبلهم ؟
(5) أي شيء سيقوله المؤتمر الوطني بلا اتفاق مع المشهد الشعبي العام سيضع
الجميع في مواجهة جديدة . وستكون فرص المؤتمر الوطني أقل من سابقاتها في المقاومة والمناورة والتمديد لشهور أخرى , ولن تكون هذه القرارات التي ستعلن هذا اليوم إلا مرحلة في أزمة الحكم المتطاولة أشد قسوة ..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..