لا تثقوا في الحلول الأمريكية يا أيها السّوادنة !

بسم الله الرحمن الرحيم

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية لكثير من رؤساء وملوك وزعماء العالم قبلتهم المفضلة ، أو قل لتحقيق أحلام حياتهم بزيارة البيت الأبيض والدوران حوله ، أو في طلب مساعدتها لحل قضاياهم السياسية والإقتصادية وغيرها .إلآ أن أمريكا في حقيقة الأمر فعلت القليل لتلبية طلب هؤلاء ، سيما في حال عدم وجود مصلحة حقيقية لها .
إذن المصالح الخاصة وحدها هي التي تحرك الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ قراراتها بالتدخل في شأن من شئون الدول التي تحتاج مساعدتها . ليس لمنع انتهاكات حقوق الإنسان ، ولا للمبادئ الدينية والأخلاقية ، ولا لتطبيق الإتفاقات والمواثيق الدولية الملزمة …بل مصالحها وحدها التي تراعي فيها دائما عملية ( الربح والخسارة ) قبل كل شيء .
لنرجع لعشرة سنوات الماضية مثلا ، فالولايات المتحدة الأمريكية تدخلت وغزت ” العراق ” ، ليس لمحاسبة الرئيس صدام حسين على انتهاكات حقوق الإنسان العراقي ، بل تدخلت لأن الرئيس العراقي كان يهدد مصالحها الإقتصادية والسياسية وأرادت التخلص منه لإتيان ” بدمي” تحركها كما تُريد .
عن الدور الأمريكي القذر جدا في السودان نجد أن :
1/لعشرات السنوات ، كانت السفارة الأمريكية في مبنى ضيق جدا تقع بين جامعة القاهرة فرع الخرطوم واستاد الخرطوم سابقا . لكن عندما أصبحت العاصمة السودانية الخرطوم في تسعينيات من القرن الماضي وكراً للإسلاميين الهاربين من بلدانهم كزعيم تنظيم القاعدة الشيخ/اسامة بن لادن ، ومسئولية الأخير عن تفجير السفارة الأمريكية في كل من كينيا وتزانيا في عام 1998 . انتهزت أمريكا هذه الفرصة لتشدد من ضغوطها وتمليء شروطها على النظام السوداني ، وكانت النتيجة أن طرد نظام البشير اسامة بن لادن وكارلوس من أراضي بلاده ونسقت المخابرات السودانية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( السي آى ايه ) لمحاربة الإرهاب .
من بين الشروط التعسفية التي قبل بها نظام البشير من دون تردد هي أن تنقل واشنطون سفارتها من مبناها الضبق جدا إلى مكان أوسع بالقرب من العاصمة الخرطوم ، وبالفعل منح النظام السوداني الأمريكان أرضاً تقدر مساحتها بــــ47 كيلومتر مربع تقريبا في منطقة سوبا ( وبالمجان ! ايوه يا جماعة بالمجان عديل كدا ?يعني الأمريكان ما دفعوا ولو مليمة واحدة لناس النظام ) . وهذه المساحة الكبيرة التي حصل عليها الأمريكان لسفارتهم في الدولة كالسودان كانت أمنيتها منذ سنوات .
شرع الأمريكان بمجرد حصولهم على الأوراق القانونية الخاصة بالأرض المعنية في بناء سفارتهم الضخمة جدا جدا جدا والتي اكتمل بناءها في 2010 تقريبا، وتعتبر ثاني أكبر سفارة أمريكية في العالم بعد سفارتها في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد .
أهمية هذه السفارة للأمريكان !!
تكمن أهمية هذه السفارة في كونها :
أولاً/ من داخلها تدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية عملياتها التجسسية على كل أفريقيا وجزء من الشرق الأوسط .
ثانياً/ منها يتحكمون في العمليات التي تقوم بها طائرات دون طيار في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي .
ثالثاً/ في داخلها توجد مدرجات هبوط واقلاع لطائرات خاصة بوكالة الإستخبارات وبالجيش الأمريكي .
رابعاً/ من سفارتها في الخرطوم ، تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية احتلال كل أفريقيا وما يسمى بالعالم العربي .
خامساً/ الأمريكان يقومون بكل الأشياء المذكورة أمام مرآى ومسمع نظام البشير ?يعني ربنا يرحم السيادة وحرمة الوطن .
وإذا كان هذا هو وضع أمريكا في السودان … ولكي تضمن استمرار النظام الذي ينفذ شروطها دون تردد ، تشير المصادر أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ووزير الخارجية للشؤون الأفريقية مارك سيموندز اتفقا خلال زيارتين متقاربتين إلى الخرطوم على خارطة طريق لإزالة الإحتقان السياسي الحاد في الخرطوم من خلال صيغة تضمن مشاركة الإسلاميين والمعارضين السلميين والمسلحين في حكومة عريضة، مقابل حصول البشير على تجميد تقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب في دارفور، وهو ما دفع البشير إلى التمهيد بتقديم الفريق أول بكري حسن صالح نائباً أولاً له باعتبار أن ذلك أفضل ضمانة للبشير بشأن التسليم إلى المحكمة الجنائية حال عدم ترشحه للانتخابات القادمة ، والتقط الترابي والمهدي التحركات الأمريكية والأوروبية وبدآ في عملية المساومة مع البشير ، وتعيد ” التغيير” نشر ورقة معهد السلام الأمريكي حول السودان والتي شارك في وضعها المبعوث السابق إلى السودان وجنوبه وبرنستون ليمان .
نعم أمريكا لا تريد أن تسقط المعارضة السودانية حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، حيث ان استمراره في السلطة يضمن لها تمرير أجندتها في المنطقة ، وساذج من يظن أن واشنطن تخطط لإسقاط النظام أو تغييره ، ذلك أن الخدمات المجانية التي قدمها ويقدمها نظام البشير للغرب عامة وللولايات المتحدة الأمريكية خاصة قد لا تقدمها لها أي حكومة سودانية أخرى . فلماذا تغير أمريكا نظام رئيسه مجرد خفير وحارس لمصالحها في المنطقة ، وإتيان بحكومة تضع مصلحة البلد أولاً ، وتطالب بإحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في شئونها الداخلية ؟ .
وبإصرار الولايات المتحدة الأمريكية على أن يبقى المؤتمر الوطني في السلطة ، تتجاهل أهداف السودانيين في التحرر واسقاط النظام ومحاسبة القتلة الذين أقدموا على ارتكاب جرائم القتل والابادة والاذلال ، وان مشاركة القوى السياسية السودانية أو أي حركة مسلحة في حوار مع حزب المؤتمر الوطني باسم المعارضة ستكون له افرازات خطيرة تؤدي الى تثبيت نظام البشير للأبد ، وان أي مشاركة تتجاوز أهداف ” هبة سبتمبر” ومطالب الجبهة الثورية السودانية المتحدة وكفاحها من أجل التغيير وبناء دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات أمر بالغ الخطورة ، وأن تقتنع المعارضة التي ترغب في الحوار مع حزب المؤتمر الوطني ، أنها لن تستطيع تحقيق ما يطمح له السودانيون لأن أمريكا كما ذكرت لا ترغب في اسقاط النظام ، وإنما تريد مشاركة بعض أحزاب ” الفكة ورزق اليوم ” في الحكومة لتكون الغلبة للبشير وأنصاره .
أننا ندرك تماما أن الذين يشاركون في الحوار الذي دعا له الأمريكان وأنصار البشير ، يساهمون في انتاج وضع بالغ الخطورة والتعقيد في البلاد ، لأن الأكثرية الساحقة من السودانيين لم ولن يسمحوا لهذه اللعبة القذرة أن تمر ، ولن يسمحوا لنظام البشير أن يستمر بعد الآن . ونناشد كافة قوى المعارضة الملتزمة بإسقاط النظام العمل من أجل توحيد الجهود وتوحيد الهدف على قاعدة انقاذ السودان من حزب المؤتمر الوطني ونظام البشير ، وبناء دولة المواطنة والقانون .

والسلام عليكم..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الثورة المهدية المتصوفة ضد المستعمر مفهومنا لها منكوس بشكل مأساوي مطلق فهي في الحقيقة كانت انتفاضة وثورة للرجعية العاتية ضد الحداثة والاستنارة والتطور لاقتلاعها ونجحت للاسف حتى المستعمر بعد ذلك اضطر للاعتراف بها والانهزام تحتها والاكتفاء بدور محدود يتيح له فقط الاستفادة من موارد البلاد وفي ذلك دليل على ثباتها ورسوخها في هذا البلد التعس المنكوب عاثر الحظ فالاسلام براء من هذه الاشكال التي يتلبسها الشيطان فها نحن بعد اكثر من قرن من الزمان لانزال نسطلي بنارها وبكيرها الذي يتجدد جيل بعد جيل ،المخلص الوحيد الذي تصدى لها عمليا وخاض غمار الوغى ضدها كان هو البطل الشجاع غردون باشا فلو نجح في القضاء على المهدية وليته نجح لكان للسودان شأن الاخر فجزاه الله خيرا على ماقدم وضحى في سبيل استنارة ارض السودان اظن قد ان اوان ان ندرس تاريخ وسيرة هذا القائد الشجاع بشئ من العناية والتقدير عسانا ان نستطيع ان نرد بعض جمائله وتضحياته في سبيل ما كان يسعى لنشره من الاستنارة لامتنا انظروا لانتصارة في الصين على الرجعية واين الصين اليوم واين نحن اليوم [email protected]

  2. كما هو معروف فالحلول تكون وفق مصالح وتوافقات المجتمع الدولي (امريكا روسيا)..وفي حالة السودان يتم العزف منفردا لامريكا ربما لعدم وجود مصالح او تاثيرات مباشرة على العازفين الآخرين، وهم الروس ومن في زمرتهم، ولذا تركت روسيا قطتها المنزلية المسكينة الاليفة منزوعة المخالب والاسنان (الصين ) وهي محتارة تتلاعب حولها وتتقافز على ظهرها الفئران ولا حول لها ولا قوة فقط تحرك ذيلها استسلاما وترسل بعينيها نظرات خجولة وجلة تستجدي التعاطف وتركها وشانها او إخلاء سبيلها.
    المؤسف ان بلدي ليس فيه سياسي عاقل واسع الفهم والادراك ليسلك سبيل الوطنيين الذين خلد التاريخ اسماءهم بأحرف من ذهب… يريح الناس من هذا الصراع الدولي الكذوب… فالحلول اقرب من حبل الوريد…؟؟!! لو كنتم تعلمون ..؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..