ردا على استشهاد صاحبة ندوة آليات تعزيز الهوية

لا يا أختي الكريمة … لا دول الخليج ولا غيرها من الجهات التي لم تسمها كانت سببا في تفتيت البلاد ولا في تفشي القبلية ولا عاملا من من عوامل ضعف الهوية السوادنية التي تتحدثين عن آليات تعزيزها. إن ما ورد في الخبر إن كنت فعلا قد قلته وهو أن “مساعي دول الخليج لتكريس صورة نمطية عن الشخصية السودانية ووصفها بالكسل لتحقيق ما سمته بالاجندة السياسية ” إن كان ذلك كذلك فهو استشهاد قميئ سمج، ومقولةة باطلة أقحمت “كسر رقبة” في غير محلها، إذ لا علاقة له بموضوع الندوة ولا يصلح بأي حال ذكره حجة يدعم بها موضوع الندوة، ولا صدر مثل هذا القول يوما عن مسؤول، حاشا لله، ولا عومل المغترب السوداني على أساسه، إنها أختي حديث مثله مثل “أهل العوض” وغيرها مما يروى على سبيل الطرفة والمزاح عن بعض أو كل قبيلة من قبائل السودان، إذن هو ما عليه الوضع هنا تقريبا إذ إن كثير من الجنسيات عليها أنطباع بطريقة معينة يذكر على سبيل المزاح، دون المساس بكرامة شخص أو جنس أو بلد. فهنا الكل يحظى باحترام وتقدير الكل. والخليج، وأخص الإمارات وأنا بها طيلة عقدين ونصف العقد، بلد تحترم الكل وتوفر لسكانها، مواطنين ووافدين، الأمن والأمان بكل ما احتوت الكلمة من مضامين.
ثم لماذا خلط الأوراق، وما هي القيمة التي يزيدها هذا الاستشهاد لموضوع الندوة، وإي عنصر من عناصر تعزيز الهوية يمكن تفيده وتضفي عليه هذا بمثل هذا الاستشهاد،
إذن أختي الكريمة فإن هذا الانطباع في دول الخليج ليس سببا في تفشي القبلية في السودان ولا عاملا من عوامل ضعف الهوية السودانية،ابحثي عن أسباب حقيقية أخرى، وأسألي أهل الذكر ليكن استشهادك موضوعيا وفي لب الموضوع، إن دول الخليج ليس كما تظنين وتفهمين، ولا كما يظن ويفهم من هم على نهجك وفهمك، يجب أن تعلمي أن دول الخليج تحتضن مئات الألوف إن لم تكن الاحصائيات قد فاقت المليون، من بني وطنك، تتوفر لهم كل سبل الحياة الكريمة والشريفة من مأوى ورعاية صحية وتعليم لهم ولأبنائهم وغيرها من خلال فرص العمل الشريف الذي حرموا منه في وطنهم ويحرم منه السواد الأعظم من أبناء هذه الأمة بسبب ضعف حكوماتنا عبر السنين وتخبطها وغياب الرؤى الواضحة أو حتى المنهجية الفاعلة التي تستثمر بها موارد هذا البلد وأول هذه الموراد وأهمها هو المورد البشري، إنسان السودان.

ثانيا لماذا القفز خارج الموضوع والاستشهاد غير الملائم لموضوع الندوة، بمجرد انطباع عن الشخصية السودانية في دول الخليج، مثله مثل أي انطباع آخر رسم لأية جنسية أخرى بأرض الخليج الرحبة، أسألي إن كنت جاهلة بما لم تعلمي عن مناهج التربية والتعليم وطرق التدريس وبيئاته منذ بداية السبعينات وحتى تاريخ اليوم، لتعرفي تماما من هو السبب في خلق جيل خواء، من الذي شكل عقلية السوداني، غير السوداني نفسه. وأحسبك يا أختي من أهل علم الإجتماع والأنثربولوجيا أو قل علم النفس، ولذا أردت أن تعالجي لنا موضوعا كموضوع الهوية وما يعززها ، فإن كان ذلك كذلك فلا أحسبك تغفلين عن أهمية عقلية الإنسان والخرائط الذهنية وغيرها مما يشكل عقله الباطن، ولا تغفلين بالتأكيد عن أثر ذلك في سلوك الإنسان ونشاطه وتفاعله النفسي والإجتماعي … آلخ. إذ إن عقلية الإنسان هي التي تحدد من هو وما هو سلوكه، وكما يقول المتحدثون عن برامج التحفيز وعن سيكلوجية الإنجاز، إن للعقل الباطن دور كبير في المخرجات أعني نشاط الإنسان وإنتاجه وعطائه وتفاعله … ألخ. وأن الإنسان يحصد ما يزرع (what you seed is what you reap)، إذن تكوين عقلية إنسان السودان ليست هي من صنع جهات سميتها أو لم تسمها في معرض حديثك، بل هي من زرعنا ومن صنعنا، إنها إنتاج لمعطيات مناهج تعليمنا وبعض روافد ثقافتتنا وموروثاتنا ومفاهيمنا وقناعاتنا، ومدى تعاطينا معها.

يا أختي الكريمة، نحن جيل صنعته الظروف، لم يصنع ظروفه، نحن جيل تسوقه التيارات، أيا كانت، نحو مصيره، وليس أهداف يا أختي الكريمة “نحن قايمين بروس” سلي أباك أو جدك عن معنى هذه العبارة، لتعرفي من نحن. وحتى تتبيني ولا تلقي باللوم على آخرين ظلما وعدوانا، وخطأً بالاستشهاد، إن أردت الاستشهاد، فأبحثي أمور أدت إلى مسخ هويتنا وعاداتنا وتقاليدنا وفناعاتنا التي كانت مبنية على على تعاليم ديننا وقيمنا الراسخة.
أبحثي لما ذا ظهرت مفردات مثل شتت، وشرتيتة وطاف وجلكين و… و… إلى آخر تحديث لهذا القاموس الذي بلينا به، أليست اللغة هي من أهم مكونات الهوية ، أليست هي وعاء الثقافة والحضارة ومكونات الهوية موضوع حديثك. لماذ ا تدنت وابتذلت ومن خلال هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر مثل الغناء وضيع المعاني ومبتذلها.
أعملي فكرك وعقلك وكدي بحثا واستقراءً عن لماذا تغير شكل الحياة وأهتزت هويتنا المتجسدة والمتأصلة فينا حياء وأدبا للمرأة ، نخوة ومرؤة للرجل، وما هي العوامل المسؤولة عنه، وما ذا فعلنا حتى نتصدى لهذه الهزة وماذا نريد أن نفعل لتعزيز هويتنا والحفاظ عليها وصيانتها وتجديدها وتحديثها.
تعزز الهوية من خلال مراجعة نظم التربية والتعليم، ومراقبة روافد الثقافة ومنابر الإعلام، ومن خلال قيام العاملين عليها بدراسة الظواهر وتقصي أسبابها ومسبباتها ليتسنى وضع العلاج الناجع لتربية المجتمع على ما فيه خير العباد والبلاد. بهذا تعزز الهوية وبما أنتم أهل الاجتماع والنفس والتربية أعلم به منا، لا بالخطب والندوات التي لا تخاطب صلب الموضوع ولا تعالج القضية، بل والتي توظف جهلا أو تجاهلا لاغراض قد يكون ضررها أكثر من نفعها.
عبد القادر ميرغني كاسر

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. السيد/ عبد القادر
    تحدثت مع صديقي العزيز من فئة البروز.
    وكنا نجتر ايام برامج ربوع السودان وقلنا ما قلنا ذهبنا الي الجيل الابي مع كتابات الاستاذ حسن نجيلة (ذكرياتي في البادية) الطيب محمد الطيب (شيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك .الانداية) روايات الطيب صالح (دومة ود حامد.عرس الزين) علي البدوي المبارك (الدهباية) ايام كانت الهوية تسمي السودان.
    صدمت بعد اطلاعي علي خبر استشهاد صاحبة تعزيز الهوية واقحام ما ليس منه بد.
    وحقا علينا ان نكد ونبحث لماذا تغير شكل الحياة و اهتزت هويتنا. ولنا ان نعمل لتحسين هذه الصورة.

  2. جزاك الله خير ماقلت إلا الحق ..( دعهم فى غيهم يسدرون فكل إناء بما فيه ينضح ) .. حكومتنا الفاسدة هى سبب تدمير البلد وتمزيق هويته ونسيجه الإجتماعى ودعم القبلية والجهوية ( حكومة مرضى نفسيين إناثهم ورجالهم حكومة فاشلة بمعنى الكلمة سبب كل البلاوى) أجاركم الله .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..