العلمانية و جوهر الدين و الرق و المسكوت عنه (7)

مرة أخرى نتوقف قليلا قبل المتابعة في استعراض ما كنا ننوي تناوله . دعانا لذلك تلك التعليقات الفجة التي تنم عن أن أهلها لا يفكرون في تجارب التاريخ و يريدون التسويق لفكرة أن الشاة التي ماتت و تعفنت جثتها لا زالت بخير …. أناس لا يشغل ضمائرهم ملايين القتلى في الجنوب و لا مئات الآلاف من الضحايا في دارفور و لا عشرات الآلاف في الجنوب الجديد و لا يسألون أنفسهم : لماذا ؟ ما الخطأ ؟ … ليس أسوا من العقول المظلمة عندما تسود و يتمدد ظلامها في المجتمع . يستبشع الإنسان العادي قتل أخيه الإنسان ، لكنه يقتله بلا رحمة عندما ينزع عنه صفات الإنسان و يقوم بشيطنته . خطر الأصوليات ليس في اعتقاداتها الصمدية و زهوها بنفسها باعتبارها المالكة لمفاتيح الجنان الأرضية و السماوية فقط ، لكن خطورتها في فرض رؤيتها على الآخر أيضا ، و شيطنته و تصويره بأبشع الصور ، من انحلال و فسوق و كفر . لا تفرض رؤيتها على الآخر و فحسب بل تريد أن تستأصله من المجتمع ، تريد قتله ، محوه ، سحله ، شنقه تسميه (بالكافر ، الملحد ، العلماني ، الجمهوري ، الفاسق ، المنحل …الخ) مثلما أصدرت هيئة علماء السودان بيانا (قرأناه اليوم الأحد 16 فبراير في الراكوبة) و بلا حياء تجد رموزها جاءوا بشهاداتهم العليا من البلاد العلمانية ، من الهندسة حتى علوم الإدارة و اكتسبوا خبراتهم من هناك و استوردوا آلاتهم من هناك و كثيرون يحملون جوازات سفرها بكل فخر و يحملها أبنلؤهم ، و عندما يمرضون يتعالجون هناك (مثلما فعل المرحوم علي أحمد الإمام و الشيخ عبد الحي و بقية العقد الشتّام) ، دولتهم تقيم أكبر شراكة و علاقات تجارية مع الصين الموصوفة كدولة ملحدة و تفخر بتلك العلاقات (المتميزة) و تشتم شيوعي بلدها و تصفهم بالملحدين فأي شيزوفرينيا أكبر من هذا …. و لو اعترض الآخر و طالب بحقه في الحرية سيصرخ الأصوليون المسلمون كما قلنا مسعورين : إن لم يقبل شروطي فإنه سينتقص من حقوقي الدينية في أن أفرض عليه رؤيتي في اللبس و الخير و الشر … لا يمكن أن تساووه بي فذلك هضم لحقوقي الشرعية لأن الرب أمرني بذلك و نحن الأغلبية فيجب أن نطبق قانوننا الرباني بصرامة و نقتل المرتد و نجلد من تلبس لبسا نراه فاضحا [لأن الأصولية الإسلامية في حالة نشوة] أما الآخرون فسيصرخون [يصرخون فقط لكنهم عاجزون عن الفعل من قتل و استئصال ، لأنه تمت هزيمتهم تاريخيا و لم يجدوا الفرصة بعد للثأر] : يجب عليه أن يطيع قانوننا الرباني الذي يأمره بلزوم بيته في السبت (اليهود) أو فتح بيته لبقرتنا المقدسة تخرج فضلاتها باحترام (هندوس) … الأصوليون المسلمون يقولون و بكل ثقة و صرامة عن المسيحي مثلا : يجب منعه من حمل صليبه و التبشير بدينه … من حقي كمسلم أن أبشّر بديني في أي مكان و إن منعوني سأملأ الدنيا صراخا و عويلا ، أما الآخر فإن بشّر فسيعاقب إن لم يقتل … يقتل قتلا و بلا رحمة إن كانت لنا السطوة الكاملة كما في الماضي أو كما في أيام طالبان أو داعش أو .. أو….
الحقيقة أن الأصولية تقتل الآخر (كما فعلت مع الأستاذ محمود محمد طه) و تهينه …. إهانتها تبدأ من الشتم و تنتهي بالجلد ثم الرجم عندما يكون لها القوة و الغلبة ، و تفعل في الآخر الأفاعيل ، و ذلك عبر التاريخ كله . يمكن أن تبرم المعاهدات و تكتب المواثيق و تتمسكن لمدة عام أو عامين حتى تتمكن فتبحث عن أي سبب واه لتجد مبررا لنقض العهود و المواثيق عندما يشتد عودها ، و بكل نفاق الدنيا تولول لو فرضت دولة علمانية كفرنسا منع الرموز الدينية في المدارس (الرموز الدينية مثل لبس الصليب أو القلنسوة اليهودية أو الخمار الإسلامي) ، و خارج المدرسة البس ما شئت و ابن مساجدك و ادعو و بشّر بدينك كما تشاء . تطالب الأصولية بكل شيء هناك و تحرم المختلف كل شيء هنا . لا تصدقوا أولئك الذين يكتبون عن حرية مزعومة للآخر ، لن تكون إلا إذا لبس جلبابهم و رضي بتفسيراتهم و أعلن خنوعه لهم ، و تجارب التاريخ شاهدة ، و من لديه رأي مخالف فليأتنا بنموذج حكم رضي بالآخر لمدة تزيد عن خمس سنوات … سنة و سنتان يمكن ، كلعبة خداع ريثما يسيطر و عندها تنفتح أبواب الجحيم …
هل ستنتج دولة مثل هذه أي تنمية أو علم أو فن أو أدب أو … أو … لا و لا كرامة … ما هو التفسير النظري لما أثبتته تجارب التاريخ ؟ نأخذ بأبسط التفسيرات : بما أن الأصوليين يرون أنهم وحدهم من يملك الحقيقة فالآخر إذا ضال يحتاج للهداية و إن لم يقبلها فيجب محاربته بكل الوسائل ، بالخداع ، بالكذب ، بالحرب إن كان يمكن ذلك ، أما ما ينتج من الحرب فلا أهمية له : قتلى ؟ لا يهم فقتلاهم في الجنة مع الحور العين و الآخرين في النار ، ينتج استرقاق ؟ نعم فذلك حق لهم ، ينتج عن الحرب سبايا ؟ و نِعْم الجزاء الدنيوي … أحدهم قسّم نتائج الحرب لدى الطرف الآخر لأربع أقسام : ربع قتلى و ربع عبيد و سبايا ، و ربع يدفع الجزية عن يد و هم صاغرون و ربع يقبل بالدين ، فنعمّا هو . من أجل الربع ليذهب الثلاث أرباع للجحيم … شعور بالنشوة و الرضا لقتل الآخر و استعباده و سبي نسائه كما صوره الحويني في أيامنا هذه بقوله الذي كتبناه سابقا و نقتطع منه للتذكرة : ” مش لو كنا كل سنه عمالين نغزو مره أو مرتين أو تلاته مش كان حيسلم ناس كتير في الأرض ” ….و ” كل واحد كان حايرجع جايب معاه تلات أربع أشحطه و تلات أربع نسوان و تلات أربع ولاد ” … و شرح ” اضرب كل راس في 600 درهم مثلاً ولا دينار يطلع بماليه كويسه ” … و ” كلما الواحد يتعذر [يفلّس]ياخد راس يبيعها و يفك ازمته ويبقى له الغلبه “.
عند الأصوليين الفكرة أهم و أقيم من الإنسان ، فمن أجل الفكرة يمكن أن تقتل رجلا لم يحمل عصا أو يدعو للعنف ، بالعكس كرّس حياته كلها للدعوة للسلام كالأستاذ محمود محمد طه . أي فكر أو معتقد يرى أن هناك شيئا أهم من الإنسان و يمكن قتل الإنسان في سبيله ، هو بالضرورة فكر فاشي دموي (تذكروا شعارهم : فلترق منا الدماء ، أو ترق منهم دماء ، أو ترق كل الدماء) ، فكر قبيح مهما تزيا بزي الطهارة و الورع ، هو فكر كاره للإنسان ، الكراهية تولد رد فعل عند الآخر ، ينتج تفكك المجتمع ثم النكوص للقبلية و الجهوية و العنصرية . تتولد الحروب و المجازر و يرى أمير المؤمنين أن ضحايا دار فور عشرة آلاف فقط … فقط … فقط … .أما شرعة الاغتصاب فستنداح في كل مكان حتى في المدن . تجد الأصولية الظلامية مبرراتها دائما لقتل الآخر : الردة ، الخيانة ، الفساد في الأرض … و إن لم تجد حجة ستخترعها مثلما تم اختراع حجة انكار ما علم من الدين بالضرورة لابن المقفع ….
لا ننسى أن فكر (التمكين) نابع من احتقار الآخر و استباحة كل شيء (و لتذهب مقولات : القوي الأمين) للجحيم ، مثلها مثل كل شعارات الخداع و الأكاذيب . سيتم استنباط أبواب جديدة في الفقه مثل فقه السترة ، و عقوبات جديدة للصوص من المتمكنين كحفظ أجزاء من القرآن ، أما الفقراء و المحتاجين فسيتم قطع أياديهم و جلدهم في الساحات و يضحك السادة و خدمهم من الشرطة عندما تولول مجلودة و يستمتعون بعذابات أولئك البؤساء و البائسات في تلك الأوضاع المهينة اللاإنسانية… ستتضخم الرقاب و تبرز الكروش و تعلو البنايات المبنية بالمال المنهوب من عرق الفقراء و يتم الاستمتاع بالحور العين الدنيوي و سيأكل أطفال الشوارع من قمامة فضلات المتمكنين من كل قوي أمين ، و سيتجشأ السادة و يمسدون لحاهم و يربتون على كروشهم و يحمدون الله على نعمائه …. لن ينسوا بالطبع شتم العلمانيين و الملاحدة و الجمهوريين و الفسّاق . الخطورة في من يقولون أن العيب في التطبيق ، فمن جاءوا برقاب مسلولة فتضخمت و ملأوا الدنيا ضجيجا بأن (سنفوق العالم أجمع) ، عرفتهم شعوبهم و خبرتهم و لن تنطلي عليها أكاذيبهم بسهولة . الأخطر هم هؤلاء الذين يواصلون خداع الناس باسم الدين و أنهم يملكون تصورا بديلا ، لكنه تصور سريّ ، ربما حتى هم لا يعرفونه ، يكفي أن يقولوا أنه موجود ليوجد على طريقة الحواة . يوم يتمكن هؤلاء سيعيدون نفس المسرحية للأسباب التي ذكرناها و لأن تجارب التاريخ مفروشة في أسواق الله اكبر لمن يقرأ و يفكر و يعيد التفكير .
المثل الدارج للعقلانية العلمانية : اعبد الحجر ، فمن حقك ذلك ، لكن لا ترميني به ، هذا المثل يلخص رؤيتها في حق الآخر أن يعتقد أي اعتقاد : البقرة مقدسة أو المسيح مخلص أو المرأة عورة ، أو الكلب الأسود شيطان ، أو غير المسيحي لا يحظى بنعمة من الله ، أو اليهود شعب الله المختار أو … أو .. لكنها لا تقبل أن يفرض المؤمن على الآخر رؤيته و شروطه و حلاله و حرامه و يرسم له كيف يحيا ، لا تقبل أن يأمر الآخر : هيه أيها الزنديق لا تخرج يوم السبت أو أنت يا فتاة أو يا فاسقة يجب أن تلبسي حسب شروطي أو فأنت منحلة ، سنجلدك عشرين جلدة (يا له من تكريم للمرأة ، تأديب و مراقبة لبس) ليس من حق أيا كان فرض رؤيته أو شروطه على الآخر حتى لو كان يمثل 99% من المجتمع فالحقوق لا تعرف أقلية أو أغلبية… الديمقراطية لا تتكلم عن حقوق الأغلبية فحقوقها بالبداهة محفوظة ، إنما تهتم أكثر بحقوق الأقليات و هذا معيار مهم من معاييرها مع الحقوق و الواجبات المتساوية .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الكاتب العزيز يخلط خلطا عجيبا بين العلمانية والديمقراطية والليبرالية وغيره.

    لا علاقة بين العلمانية وبين العلم او العقلانية كما تلمح بمقالك وتدعي دائماً، وارجع لاصل الكلمة التي تعنون مقالاتك بها يا استاذنا لتتأكد.

    وموضوع الحريات التي يردده الكاتب كثيرا مع المثل المكرر عن لبس المراءة، مرتبط بقضية اساسية في اي فكر سواء ان كان علماني او ليبرالي او غيره وهي قضية ما يسمى بـ”المرجعيات المتجاوزة”، ومعناها باختصار هو المرجعيات التي تتجاوز الفرد وتكون مرجعا لغيره (جماعة). وكل الافكار التي تتحدث عنها بما فيها الفكر الليبرالي الاكثر تشددا في قضايا الحريات الفردية ستجد انها في النهاية تقر ان الحرية الفردية ليست مطلقة وستوجد مرجعيات متجاوزة بأي فكر، وعليه فطالما قبل الفكر الليبرالي او العلماني وجود هذه المرجعيات المتجاوزة والتي وضعها بشر ولايقبلها كل البشر، لماذا يصبح وجود مرجعيات متجاوزة من الاديان هو امر مرفوض بحجة ان الكل لن يقبلها رغم ان نفس المشكلة موجودة فيما تقبلتموه اعلاه. هذا الكيل بمكيالين يشرح باختصار مصيبة بعض اليساريين او مدعيه بعيدا عن التلاعب بالمصطلحات ولي عنق المعاني.

    الاخ طاهر، سلامات، رددت على تعليقك بالمقال السابق قبل قليل وارجو ان تتمكن من الاطلاع عليه. ويمكنني اعادته هنا اذا اردت.

    الاخ حسن، رغم انك تجعل التعليق الساخر عليك سهل جداً ولكن ساحاول تجنب اسلوبك احتراما للاخرين على الاقل، وسؤالي هو انك تعترض عندما نستشهد بالامام مالك او الشافعي او ابن تيمية او اي عالم دين، وفي نفس الوقت تعترض ذا استشهدنا بجون لوك او توماس هوبز او سبينوزا او غيرهم، فسؤالي لك ياخوي هو:
    استشهد ليك بي زي منو كده مثلاً؟ وهل الموضوع انو كل زول يقول الكلام الجوه راسو وخلاص وما عندنا علاقة باي اجتهادات لي ناس ضيعوا عمرهم يبحثوا في الفكر الانتو بتتكلموا باسمه وبتنظروا فيهو اسي ده؟

  2. حديث شيق وفكرة متمكنه ضربت على الوتر الحساس المقدس ..وفعلا ياخى سرحان كل المعلقين الذين يقرأون فقط الكتب الدينيه قدموا السبت بأن فشل الجبهة الاسلاميه فى الحكم وسرقتها لاموال الامه وابادتها العنصريه لبعض شعب السودان لا يعنى فشل الدولة الدينيه بالمطلق ..يعنى المفروض نجرب انصار السنه لربع قرن والصوفيين لربع قرن وهكذا كل واحد فيهم يدعى انه يملك الحقيقه ولا احد سواه .رائع دائما اخى سرحان بطرحك لفكرك التنويرى فى دولة التجهيل والخرافة والحجا والظلاميه والانقياد الاعمى ..

  3. المقال عبارة عن أسلوب خطابي و حماسي يصلح لان يلقى على جمع من اتباع الكاتب ممن يعتنقون فكره و يسيرون على خطاه و لكنه لا يصلح أن يكون من ضمن هذه السلسلة التي ينقد فيها الكاتب فكرا آخر .

    سأبدأ من نهاية مقال الكاتب و نصيحة له أن يرأف بنفسه و يهدأ قليلا و يراجع ما يكتبه قبل نشره مثلا يقول سرحان: (( ليس من حق أيا كان فرض رؤيته أو شروطه على الآخر حتى لو كان يمثل 99% من المجتمع فالحقوق لا تعرف أقلية أو أغلبية. ))
    و ينسى صاحبنا أن القانون أي قانون يوضع في العالم لا شك ان مجرمي تلك الدولة يعارضون المواد من القانون التي تعرضهم للعقاب , بعض من يتعاطى المخدرات و هو من الاغنياء, يرى بأن من حقه ان يستمتع بماله و لكن هل يوافقه القانون و اتحدث هنا عن القانون الذي وضعه بشر و مواطنون مثله؟

    1. ماذا يقصد سرحان بالشاة في قوله ((يريدون التسويق لفكرة أن الشاة التي ماتت و تعفنت جثتها لا زالت بخير ….)) ؟ هل يقصد الفكر الاسلامي أم يقصد فكر أشخاص محددين و لماذا لا يحددهم؟
    اذا كان سرحان الناقد بهذا المستوى من الفظاعة فلماذا يلوم الاخرين؟

    2. لماذا يدلس الكاتب في محاولته للربط بين الاصولية الاسلامية و الاصوليات الاخرى و الغريب انه لم يقف عند حد الاصوليات المنتمية للديانات السماوية بل تعداها الى الاصوليات الوثنية ؟ مع العلم أنه لا توافق سري او علني بين الاصولية الاسلامية و غيرها. طبعا الكاتب يدلس حتى لا يقال بأنه لا ينتقد الا الاسلام و لكن ما يكتبه يفضح نواياه
    3. لقد أصبح من المعلوم أن الكيزان لا يمثلون الاسلام او الثقافة الاسلامية و ليس أدل على ذلك من قتالهم و قتلهم لأخيهم سابقا خليل ابراهيم رحمه الله و الانشقاقات الاخيرة وضحت الصورة بشكل اكبر.
    لذا لا نتوقع من الكاتب الا يعرف ذلك و ليدع ذر الرماد في العيون و نسأله سؤالا بسيطا , لماذا لم يلم الكاتب الاصولية النصرانية عند جيراننا في افريقيا الوسطى التي تقوم بعملية تطهير عرقي للمسلمين ؟هل ذنبهم أنه تم انتخاب رئيس مسلم . في انتخابات ديموقراطية ؟ أهذه هي العلمانية التي يبشر بها الكاتب؟

  4. أين طريق سعادة ??
    · يسعى كل إنسان على وجه البسيطة إلى السعادة، فرغم اختلاف الناس في مذاهبهم وأعراقهم، ومشاربهم ومبادئهم، وغاياتهم ومقاصدهم، إلا إنهم يتفقون في غاية واحدة؛ إنها: طلب السعادة والطمأنينة.
    § لو سألت أي إنسان: لم تفعل هذا؟ ولأي شيء تفعل ذاك؟ لقال: أريد السعادة!! سواء أقالها بحروفها أم بمعناها، بمدلولها أم بحقيقتها.
    · ما هي السعادة؟ فما هي السعادة، وكيف نصل إليها؟! السعادة هي الشعور المستمر بالغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، وهذا الشعور السعيد يأتي نتيجة للإحساس الدائم بثلاثة أمور: خيرية الذات، وخيرية الحياة، وخيرية المصير.
    · وحول هذه الأمور الثلاثة تبدأ تساؤلات الإنسان مع نفسه، وتكبر كلما كبر، ولا يجد السعادة حتى يجيب نفسه على تساؤلاتها التي تتوارد على ذهنه، ومنها: ـ مَن يملك هذا الكون ويتصرف فيه؟ ـ مَن خلقني وخلق هذا الكون من حولي؟ ـ مَن أنا؟ ومن أين جئت؟ ولماذا خُلقت؟ وإلى أين المصير؟
    · ولما زاد وعي الإنسان بنفسه وبحياته ازدادت هذه الأسئلة إلحاحًا على عقله وتفكيره وروحه، ولا يجد الطمأنينة والسعادة حتى يجد جوابًا تسكن به نفسه.

  5. الخطورة في من يقولون أن العيب في التطبيق
    الأخطر هم هؤلاء الذين يواصلون خداع الناس باسم الدين و أنهم يملكون تصورا بديلا ، لكنه تصور سريّ ، ربما حتى هم لا يعرفونه ، يكفي أن يقولوا أنه موجود ليوجد على طريقة الحواة . يوم يتمكن هؤلاء سيعيدون نفس المسرحية للأسباب التي ذكرناها و لأن تجارب التاريخ مفروشة في أسواق الله اكبر لمن يقرأ و يفكر و يعيد التفكير .

    العالم / سرحان أرفع قبعتى لك.
    واصل الإضاءة فالظلمة حالكة

  6. يقول الكاتب المحترم سرحان (( لن تجد قبل العلمانية مجتمعات تستهجن الرق و لا السبي ، سواء كانت من مجتمعات الأديان الابراهيمية الثلاث أو غيرها . ))

    تعليق أطلق الكاتب هذا القول من دون أن يدعمه بشواهد و سنسلك المنهج الموضوعي في الحوار و نطلب منه تدعيم قوله و لكن هذا لا يمنع من تناول جوانب من الموضوع في انتظار استجابة الكاتب:

    1. الرق الذي كان يمارس تجاه السود من قبل الاوربيين البيض في أمريكا كان نوعا فريدا من الرق في قسوته و حجمه و أهدافه لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ( هذا مع رفضنا و ادانتنا لكل اشكال الرق التي لم تكن نتيجة لجهاد شرعي أو كانت نتيجة لجهاد شرعي و لم تراع فيها المحظورات التي حددها الاسلام في هذا الصدد) , لذا كان حريا بالإنسان المتوسط الانسانية ان يقف ضده فلو رأى أحدنا حمارا – أكرمكم الله – يضرب ضربا عنيفا من قبل صاحبه عند عجزه عن العمل سيتعاطف مع هذا الحمار المظلوم , فما بالك اذا كان المظلوم إنسانا

    2. اذا بحثنا عن الجهود الطيبة التي بذلت ضد الرق في فترة الثورة الفرنسية سنجد ان هناك أشخاصا و جمعيات لمناهضة الرق و حتى الان لم اقرأ وصفا يصف هذ الامر بحجم يصل الى مجتمعات كما ذكر الكاتب ( طبعا هذا لا يعني عدم وجود هذا الوصف و على من يجده أن يدلنا عليه)

    3. لم تكن مكافحة بعض كبار المفكرين العلمانيين للرق تعني نبذ التمييز العنصري و بالتالي لم تكن تعني المساواة بين السود و البيض أي أن الامر ربما كان مجرد شفقة و ليس مساواة حقوقية , مثلا كان فولتير ومونتسكيو. يعتقدان بأن الاستعمار والمتاجرة بالعبيد مضادان للعقل والعدالة البشرية.ولكنهما كانا يعتقدان ايضا بأنهما أي لاستعمار و تجارة الرقيق سبب التقدم المادي في أوروبا.وهو تقدم أدى الى ازدهار العقل وتراجع العقلية الغيبية الخرافية المسيحية.
    مثلا يقول مونتسكيو
    ?هؤلاء الذين نتحدث عنهم سود من أعلى رأسهم الى أخمص قدميهم.وأنفهم أفطس الى درجة انه لا يمكن ان تحزن عليهم او تتعاطف معهم.انه لمن المستحيل ان تعتقد ان أشخاصا من هذا النوع هم بشر?!
    وأما فولتير فيقول عنهم :
    ?عيونهم المدورة،وأنفهم الافطس،وشفاههم الغليظة دائما وآذانهم المختلفة،وصغر دماغهم،كل ذلك يضع بينهم وبين بقية البشر اختلافات ضخمة.وهذا الاختلاف ليس مرده البيئة الافريقية الحارة على عكس ما نتوهم.والدليل على ذلك انه حتى لو نقلنا الزنوج والزنجيات من بيئتهم الأصلية الى بلاد أخرى باردة فإنهم يظلون ينجبون حيوانات من أشكالهم
    وحتى كانت العاقل الرصين كان يقول في نبرة عنصرية:
    ?من بين مئات الالاف من الأفارقة الذين نقلوا الى خارج بلدانهم لا يوجد شخص واحد نبغ في أي علم او فن..وذلك على عكس البيض الذين ينبغون حتى ولو نقلوا الى خارج بيئاتهم الأصلية بمسافات بعيدة.?.

    4. كان للأثر التجاري نصيبا كبيرا في الغاء الرق فبعد استقلال أمريكا من الاستعمار البريطاني اواخر القرن الثامن عشر لم يعد بإمكان بريطانيا الاستفادة من تجارة العبيد و من جانب ءاخر ارادت بريطانيا حصار امريكا وحربها اقتصادياً بمنع مورد اليد العاملة عنها وهم الرقيق و تجد في كتاب )تجارة الرقيق في إفريقيا) لباسيل دافيدسون أن البريطانيين اكتشفوا أن جلب زيت النخيل من غرب إفريقيا والتجارة فيه لسد حاجة المصانع البريطانية أمرٌ مربحٌ. كما أن التجارة مع المناطق داخل إفريقيا تعوض الكثير من خسارة تجارة الرقيق. وهنا وجد الساسة التجار أن الاستجابة لمطالب الكتاب الأحرار والكنيسة بتحرير الرقيق أمر يحقق آ الكثير من المنافع.

    5. يلاحظ أن تجارة العبيد استبدلت فيما بعد بالاستعمار الذي أصبح اكثر ربحا للدول الاستعمارية بعد الدخول في عصر المكننة حيث حصلت تلك الدول على المواد الاولية نهبا و غصبا كما أنها فتحت لمنتجاتها الصناعية أسواقا جديدة , ما اشبه الليلة بالبارحة و كما يقولون لكل حدث حديث
    أخيرا كان ارنست رينان يعتقد ان العرق السامي لم يخلق للحضارة والفلسفة والفكر العقلاني.وكان يقصد بالساميين هنا العرب و اليهود. وهذا الاعتقاد كان شائعا في القرن التاسع عشر.فهناك أعراق بشرية خلقت للحضارة وأعراق أخرى لم تخلق لها.

    تحياتي ,,,,,

  7. الاخ احمد ابراهيم
    مشكور على التعقيب وآسف على عدم الانتباه والرد بالمقال السابق.

    في رأيي ان الجزئية الاولى من الاسئلة المتعلقة بموضوع مساواة “العبد” مع غيره هي خارج اطار الزمن والمنطق لأن العبودية انقرضت ولم يامرك الاسلام باعادتها كعبادة تقربك الى الله (بل العكس صحيح) و لأن العبودية في حد ذاتها تعني عدم المساواة فبالتالي ان وجدت يصبح هذا السؤال غير منطقي من الاساس. ومن المهم الاشارة هنا مرة اخرى الى ان العبودية ظاهرة بشرية موجودة من قبل الاسلام ولو نظرت لطريقة التعامل مع العبيد في اي حضارة وقارنت ذلك بانصاف مع ما جاء به الاسلام بخصوص التعامل مع هذه الفئة من الناس لوجدت ان الاسلام هو الاكثر عدلاً معهم وقد اكرمهم حتى صاروا وابناءهم سادة في الاسلام (ارجو استصحاب ان هذه الظاهرة لم يأتي بها الاسلام ولن يأمر بها). ايضاً اشير مجدداً بأن الاسر والسبي في الاسلام مربوط بالجهاد والحرب والتي هي ايضاً ظاهرة بشرية من قبل الاسلام، وبالتالي لا يستقيم ان يمنع منها المسلمون بينما يمارسها ضدهم من حاربهم، وأما ان عاهدنا الاخرين عن الامتناع عن الاسر والسبي حتى في الحروب والتزموا بذلك فعلينا ايضاً الالتزام بهذه العهود كما امرنا شرعنا.

    و أما بالنسبة لقضية المراءة فلا ادري ما هي اوجه ظلم الشريعة لها التي تقصدها، هل هي ناتجة عن قضية الاشهاد التي تخلط خطاءاً بقضية الشهادة كما شرحت من قبل ام ماذا؟

    انا أرى ان الشريعة انصفت المراءة وحضت على اكرامها فكان ذلك من آخر وصايا خير معلم عليه الصلاة والسلام، وقد راعت لها طبيعتها الجسدية والنفسية التي تختلف عن الرجل (وهو اختلاف وليس مفاضلة) وبالمقابل اعطتها حقها كاملاً في ممارسة كافة مناحي الحياة من تعليم وممارسة عمل وغيره، والتاريخ الاسلامي ملئ بنساء كن علماء يتعلم منهن الرجال مثل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ومثل بنت الامام مالك التي كانت تصحح الامام وطلبته عند تدريسه لكتابه الموطاء لطلبة العلم حيث كانت تحفظه عن ظهر قلب وتعيه.

    ويحضرني فيء هذا الخصوص مقال لاحدى الكاتبات (لا اذكر الاسم) تتحدث فيه عن قضية مساواة المراءة بالرجل والحديث عنها دون تمييز بين طبيعة المراءة ودورها عن الرجل، وتشبه الكاتبة ذلك بالحديث عن ضرورة مساواة حارس المرمى ببقية اللاعبين وانتقاد عدم السماح له الخروج من منطقة الجزاء والوصول مع بقية اللاعبين الى اي نقطة في الملعب، وذلك بحجة المساواة دون النظر الى اختلاف المهمة والطبيعة.
    وعموماً، ارجو ان تحدد لي نقاط عدم المساواة (العدل) في نظرك لنتناقش فيها.

    وايضاً لم افهم اوجه التقصير في الشريعة في مساواة الزوجة بالزوج؟ ارجو التفصيل.

    اعتقد ان قضيتنا الاساسية المتبقية هي عدم التفريق بين الناس حسب معتقداتهم (المسلم والكافر)، والاسلام لا يلزم احداً باعتناقه ولا يفرض شريعته على الاخرين بل يتيح لهم الاحتكام الى شرائعهم حيث تفرض الشريعة على المسلمين فقط، وهذا مطبق حتى في القانون المدني السوداني (من قبل الكيزان) وبالتالي فلا اعرف عن اي تفرقة تتحدثون لأنه لم يبقى الا موضوع الرئاسة فقط والذي لا اريد ان اتناوله من باب الواقع الذي يثبت التفرقة فيه ضد المسلمين ايضاً في الغرب، ولكن بعيداً عن ذلك، لا اعتقد ان هذا السبب لوحده كافي لالغاء التشريع الاسلامي كاملاً، ولو افترضنا ان هذا الموضوع هو فقط ما تسبب في تأخرنا وليس لدينا مشاكل غيره ومن اجله تريدون الغاء التشريع الاسلامي فستجدون ايضاً اجتهادات فقهية معاصرة مدعومة بأدلة شرعية توجد حلاً لهذا الموضوع كان من الممكن لكم بذل نصف المجهود الذي تبذلونه لاقناعنا بالعلمانية في الاطلاع عليها وتبنيها كحل اسلامي شرعي وبالدليل يزيل هذه المشكلة، وأما الاصرار على انه لا حل الا بفصل الدين عن الدولة وكل ما سواه خطل فهو لا يستقيم عقلاً طالما ان كل مشاكلكم التي تتحدثون عنها يمكن حلها في اطار التشريع الاسلامي ومرونته.

    وارجو ان لا احتاج الى شرح قضية ان ما يفعله الكيزان لا علاقة له بالتشريع ولا بالكتاب والسنة

    وبالنسبة لسؤالك ” هل تؤيد أم تعارض مساواة كل الناس أمام الدستور والقوانين في بلدك ؟ ”

    فالاجابة هي انني اؤيد مساواة كل الناس امام القانون لان فيه العدل.
    ولكن من الاكيد انه عند وضع هذه القوانين لم تراعى المساواة بين كل الناس بدليل ان في اي بلد تقريباً ستجد من يعارضون قوانين بعينها وضعها بشر آخرون وهم ملزمون بها، وبالتالي لو ان قضيتك هي المساواة فانك بتعاملك مع القانون كواقع تسأل عنه قد قفزت على سؤال يفترض طرحه قبل سؤالك وهو: هل يتم تحقيق المساواة بين كل الناس عند وضع القوانين؟!

    اخيراً، اريد لفت النظر الى الفقرة التي اقتبسها الاخ سرحان من كتاب د. العظمة وازيد عليها بعضاً مما لم يورده سرحان ويمكن الرجوع الى الكتاب للتحقق، حيث يتحدث د. العظمة عن ان مجرد سرد الاحداث التاريخية لا يكفي وانه لابد من مراعاة الترتيب والسياقات التاريخية مثل الواقع والظروف بزمن حدوثها، وان المسألة في النهاية لا بد ان تخضع لتقييم عقلي ولا يكفي فقط سرد الاحداث التاريخية ولو صحت، حيث يقول د. العظمة عن ذلك بأن الكلام التاريخي ليس “وصفياً” فحسب وانما “تحليلي” ايضاً، ويمكن الرجوع للكتاب للتأكد كما ذكر.

    وبالتالي فإن مجرد سرد الاحداث التاريخية في قضية نشاءة العلمانية وما حدث في عصور اوربا المظلمة وما تلى ذلك من عصور التنوير والحداثة وما بعد الحداثة لا يمكن الاستدلال به على شئ ولا بد معه ان يتم ترتيب الحداث والسياقات التاريخية وظروفها وتحليلها، ولو فعلتم ذلك لوجدتم ان ما تتحدثون عنه من ظروف ادت الى نشاءة العلمانية يختلف تماماً عما تتحججون به لالغاء التشريع الاسلامي، كما ان عملية التحليل التاريخي المذكورة ستوضح ايضاً مشاكل وسلبيات في الفكر العلماني وسيكون هذا واضحاً بالنظر الى التناقض الفكري الحاصل ما بين مراحل التنوير والحداثة وما بعد الحداثة، بل و أن هناك اليوم من يتحدث عن ما بعد العلمانية مثل هابرماس او بيتر بيرغر (أحد مفكري الفكر العلماني المعاصر) والذي يؤكد بأن مجمل أدبيات المؤرخين وعلماء الاجتماع حول نظرية العلمنة خاطئة تماما، وذلك في كتابه “تفكيك علمنة العالم”
    The Desecularization of the World: Resurgent Religion and World Politics

    ونفس منطق د. العظمة اعلاه من ان التاريخ ليس سرد فقط ولكن تحليل ايضاً، إذا اتبعتوه عند الحديث عن تاريخ الدولة الاسلامية واشياء مثل الرق والسبي والحرب، فلن يصح تناول هذه الاحداث بالطريقة التي تقومون بها حيث لن يصح حينها اقتطاع احداث وسردها دون النظر الى السياقات التاريخية والى الظروف والاحوال المرتبطة بالزمن الذي وقعت فيه هذه الاحداث. و د. العظمة كما هو معروف من كبار المفكرين العلمانيين العرب.

    وهناك كتاب آخر مفيد جداً وهو كتاب مشترك تأليفه بين دكتور العظمة ودكتور عبدالوهاب المسيري (مؤلف سلسلة العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة)، هذا الكتاب يشبه المناظرة بين الطرفين حيث ان كلاً من المؤلفين يعتبر من الكبار في فكره، والكتاب بعنوان
    (العلمانية تحت المجهر)

    ارجو ان تسمح لي يا اخ احمد ان اورد هنا ملحوظة اخيرة للاخ حسن:
    ان شاء الله حأرد على موضوع النموذج الاسلامي ده في تعليق منفصل ولكن ارجو ملاحظة انني لا ادعي ان انني املك نموذج مثالي يحل كافة مشاكلنا التي لن تحل بين ليلة وضحاها ولا يوجد لها حل سحري مثل “فصل الدين عن الدولة” او “الاسلام هو الحل” او غيرها من الشعارات التي لايشرحها صاحبها، و قناعتي ايضاً أن مجرد فصل الدين عن الدولة ليس له علاقة بحل مشاكلنا الحقيقية وان مشاكلنا لا علاقة لها بأي قصور في التشريع الاسلامي حتى نفصله عن الدولة.
    و اخر الكلام، الليلة ما جبنا سيرة جون لوك عشان ماتزعل يا حبيبنا.

    واحترامي للجميع

  8. سؤال مطروح من واقع اخواننا في جنوب السودان , حيث أنه بدلا من الطيران الى أوربا و الى القرن الثامن عشر او التاسع عشر , لماذا لا نرى ما هو قريب منا ؟ و لماذا نصر على علة طول النظر .

    لقد انفصل جنوب السودان حسب شعارات الحركة الشعبية لتحرير السودان بسبب أنهم يريدون سودانا جديدا من أهم مرتكزاته العلمانية و تم الانفصال بطريقة ديموقراطية و لا يوجد بين قادة جنوب السودان أي مسؤول مسلم فلا نحتاج هنا الى الحديث عن الاسلاميين و لكن بعد سنتين من الانفصال نشبت حرب أهلية
    هل نجح المنهج العلماني في حل مشاكل جنوب السودان و هم انفصلوا بسبب حبهم للعلمانية؟

    طبعا سيتحدث البعض عن أمور أخرى مثل مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة و لكن المشاكل الاخري لم يعاني منها الجنوبيون فقط.

  9. كتابة أخيرة قد لا يسعفني الوقت بعدها للتعليق على المشاركات :
    الأخ (مسلم أنا) الفرق بيننا و بين الآخرين أنهم ينتقدوا ذلك الماضي و يعتذروا عنه و لا يخجلوا منه بل يرونه في سياقه فيخرجون الأفلام عنه و يكتبون الكتب و يقومون بتشريحه و تحليله و كما قلت الأهم أنهم يعتبرونه وصمة عار في التاريخ الإنساني و يتعافون من تبعاته في النظرة الدونية للآخر من أحفاد العبيد … لكن انظر حواليك هل ترى ذلك عندنا ؟ بالعكس تجد الإنكار و تمجيد الماضي و الحجج الممجوجة بإن الرق عندنا لا يشبه الرق في كل العالم و لو سألوا أنفسهم : هل كنا نبيع و نشتري و نؤدب و نتسرى ؟ إن كانت الإجابة بنعم فقد كنا نمتهن كرامة الإنسان ، لا معنى للقول بحسن المعاملة لأن خلفها يتوارى السوط و السيف ، فالرق لا يُستدام بغير الإكراه … هل تخلصنا من النظرة الدونية للآخر ؟ لا و ألف لا ، انظر للعالم العربي و قل لي أي البلاد نعافت من العنصرية ؟ عشت في الخليج و في أوربا و الغرب و أدرك الفرق الشاسع بينهما في هذا الجانب … ليس معنى ذلك أن الغرب و أوربا و أمريكا قد تخلصوا تماما من العنصرية ، لكنهم قطعوا شوطا كبيرا و أقل قراءة للتاريخ تنبئك بأنهم يرتقون كلما مر الزمن مما يعني أن المستقبل يبشّر بالكثير و ينشر روح التفاؤل ، أما عندنا فحدث و لا حرج . أتدري لماذا ؟ لأننا ننكر تاريخنا و نريد أن نلبسه لباس التبجيل و التقديس و لا نسمح لأنفسنا بأن نراه كما حدث لا كما نتمناه ، انظر ماذا كتب زميلنا ود الحاجة مثلا : (فقد بينا و فصلنا كثيرا و قلنا إن الرق في الاسلام يحفظ للانسان كرامته و لم يكن الا تنظيما للأمور في مرحلة انتقالية لطائفة من الناس وقعت ضحية للحرب و هذه الطائفة طبعا تشمل فقط من شاركوا في الحرب طواعية أو طاعة لقادتهم(بالطبع قادتهم من غير المسلمين)و من المعروف انه لا يسترق الا من اسر في ساحة المعركة. انتهى ما اقتبسناه من ود الحاجة … ود الحاجة نسي أن تاريخ الاسترقاق جله بدأ هكذا ، لكن ماذا عن الأطفال الذين لم يحاربوا ؟ ماذا عن النساء اللاتي لم يشاركن في الحرب ، أليست سبايا ؟ و هؤلاء الذين صاروا عبيدا في ساحة المعركة ماذا عن بيعهم غدا في أسواق النخاسة ؟ ماذا عن ابنائهم و أحفادهم الذين لم يتم أسرهم ، أليسوا عبيدا أيضا ؟ ماذا عن أولئك الذين تم اصطيادهم من أرض الزنج ؟ سنجد المراوغة (كثيرين صاروا حكاما ) كم عددهم و ما هي نسبتهم ؟ لا أظنها تتجاوز واحد من ألف … أول خطوات علاج المرض معرفته و تشخيصه و الاعتراف به و إلا فالمستقبل يحدثنا عن مزيد من الحروب و التمزق لأن الشعور بالظلم مرير … مع تحياتي .

  10. بالله عليكم تخيلوا مدى الجهد المبذول فى هذا الجدل العقيم حول موضوع لم يبن صاحبه هدفا له فهو يقفذ من موضوع لآخر كل نرة فما احرانا ان نهتم بمواضيع الساعة التى تهم البلاد وما تمر به من أزمات.

  11. سؤال للاخ سرحان
    تن جوهر الدين هو
    1-الكرامة كرامة الانسان
    2-الحرية حرية الانسان
    3-المساواة بين البشر كلكم لادم وادم من تراب
    4-العدل وان حمتم بين الناس فحكموا بالعدل
    5-السلام
    هل تنكر ان هذا ما جاؤ به الاسلام ويدعو اليه؟
    مع اكيد احترامى

  12. الأخ (مسلم. أنا)

    مشكور على كريم الرد ؛ ولزم علي الرد على أسئلتك لي.

    قلت أنت: ” … ولا أنا فاقد لهويتي ومستباح لاي فكر يتناقض مع ديني وقيمي …”

    أقول : وأنا كذلك ، لكنني أضيف على ديني وقيمي (والأخيرة مبنية على ديني وقيم مجتمعي المحدود)، أضيف قيم الإنسانية جمعاء وعقلي (الذي وهبني الله إياه هبة مباشرة ، من لدنه لرأسي ، دون واسطة . وأومن بأنه يسألني عن إستخدامه قبل أن يسألني عما أتاني منقولا بواسطة وعن طريق البشر ) . ولكي أوضح مقصدي ، أجيب “بعقلي” على ثلاثة أسئلة تتعلق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأسألك لتجيب على نفس الأسئلة :

    المادة 2. ” لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون أي تمييز بسبب … الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، ودون أية تفرقة بين الرجال والنساء …”
    إذا قبلت هذه المادة ، فنحن متفقون . أنا أقبلها دون تحفظ . هل تقبلها ؟ (لاحظ كلمات “الدين” و”الرجال والنساء”)

    المادة 4. ” لايجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما..”.
    إذا قبلت هذه المادة ، فنحن متفقون. أنا أقبلها دون تحفظ . هل تقبلها ؟ (لاحظ “لا يجوز” و “يحظر” بمعنى يحرم !)

    المادة 7. ” .. كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، …”
    إذا قبلت هذه المادة ، فنحن متفقون. أنا أقبلها دون تحفظ . هل تقبلها ؟ (لاحظ كلمة ” كل”).

    وسأعود للإجابة على بقية الأسئلة أن شاء الله
    وتقبل احترامي

  13. الأخ مسلم أنا

    تقول : ” … العبودية انقرضت ولم يامرك الاسلام باعادتها كعبادة تقربك الى الله …”

    أقول : ” صحيح لم يأمرك بها ولكن لم يمنعها . فإن إستعبدت أحدا اليوم ، لا تخالف القانون الإسلامي ! وبعض المسلمين اليوم في الخليج عندهم عبيد ويخصونهم . وعندي الدليل بالأسماء والأماكن ؛ فقد خالط في أوائل السبعينيات في بريطانيا سعوديا أحضر معه عبدا في لوننا ، وفي سن المراهقة ، وكان اسمه عنتر ، وكان قد خصيي ليقيم في منزل المبعوث ويخدم زوجته في غيابه . وغير هذه حالات لفتيات صغار أخططفن من السودان واستعبدن في السعودية إلى يوم الناس هذا ، وهي حالات موثقة ( تبا لأسوأ البشر قاطبة : خلطوا عاداتهم الشنيعة بالدين فإحالوا جوانب عدة منه ورطة للمسلمين لا يستطيعون منها فكاكا)”

    وتقول : “… العبودية ظاهرة بشرية موجودة من قبل الاسلام …”

    وأقول : ” نعم وكذلك شرب الخمر ، والزنا ، والسرقة ، وقتل النفس بغير حق ، وغيرها ، وعبودية الإنسان أسوأ من كثير من هذه ، خاصة إن طبقتها على نفسك أو بنتك “.

    وتقول : ” …..والاسر والسبي في الاسلام مربوط بالجهاد والحرب والتي هي ايضاً ظاهرة بشرية من قبل الاسلام، وبالتالي لا يستقيم ان يمنع منها المسلمون بينما يمارسها ضدهم من حاربهم ، … ”

    وأقول : ” نعم ظاهرة من قبل الإسلام ، ولكن ، وبما أننا نقول بأن الإسلام دين العدل، فيحق لنا توقع ألا يدخل في وحل ويستمر يسمح للناس بالبقاء في ذلك الوحل إلى الأبد .”

    ولكن بعيدا عن هذا التوقع المثالي ، أسألك : من حارب المسلمين وأسر وسبى منهم قبل أن تمر أربعة قرون على غزو المسلمين لكل من حولهم ؟

    أبحث عن حالة واحدة فقط ، وسوف لن تجد . وتعلم إن المسلمين قاموا بمئات الغزوات على جيرانهم . وقد كانت أهم دوافع غزواتهم السبي بدليل: هل هاجمت مملكة المقرة المسلمين في مصر حتى يردوا عليها بمعاهدة البقط سنة 651 هجرية والتي فرضت على النوبة الضعفاء الآمنين في ديارهم ولم يغادروها ، فيما فرضت ، تقديم 360 عبدا سنويا لمصر الإسلام ؟ هذا المثال من داخل بيتنا وليس من أطراف الدنيا وهي لكثيرة جدا !

    وسوف أحاول الرد على بقية الأسئلة .

    شكرا للمتابعة

  14. الاخ أحمد : مع احترامي لحق الاخ ( مسلم انا) بالرد الا ان كون الموضوع موضوعا عاما فان ذلك لا يمنع من الرد على بعض النقاط

    ملاحظة عامة ألا و هي ان الاخوان في الجانب الاخر من الرأي تراهم عندما نقول لهم إن الامم الاخرى تفعل هذا أو ذاك تراهم يردون بأن فعل الاخر لا يجعل من القبيح حسنا و لكنهم في نفس الوقت عندما يكون الامر في صالحهم يقمحون فعل الاخر و يجعلونه مرجعية للحكم على ما ينتقدونه

    1.ذكر الاخ احمد (وبما أننا نقول بأن الإسلام دين العدل، فيحق لنا توقع ألا يدخل في وحل ويستمر يسمح للناس بالبقاء في ذلك الوحل إلى الأبد )
    الرد: حكم الاخ على ان الرق -عن طريق الجهاد فقط مع وجوب حسن المعاملة- ظلم و لنا أن نسأله : على أي أساس اعتبر ذلك ظلما ؟ اذا كانت مرجعيته تجارة الزبير رحمة باشا و امثاله فان تلك الافعال حرمها الاسلام
    شرعية الرق في الاسلام محصورة كما ذكرنا كثيرا في ظروف خاصة و شرعت الكثير من الاحكام للتعجيل بعتق الرقيق و نيل حريتهم و شواهد التاريخ تدل على ذلك فكثير ممن استرقوا بسبب الجهاد أصبح ابناؤهم و احفادهم ممن سجل التاريخ اسماءهم بمداد من ذهب و فاقوا الاخرين ممن لم يتعرضوا للرق
    و اضرب مثلا بعيد عن موضوع الرق و لكن فقط لأبين لماذا سمح الاسلام بنوع معين من الرق و المثل هو الطلاق في الاسلام , فلو لم يشرع الطلاق فلا سبيل لمعالجة بعض الحالات التي تتطلب ذلك و لا تجد مخرجا و هذه مشكلة و لو جعل الطلاق الى المرأة لكثرت حالات الطلاق بشكل يهدد نظام الاسرة في المجتمع , فالمرأة عاطفية , اذا جعل الطلاق في يد الرجل هو أفضل ما يمكن القيام به و على نفس المنوال نجد ان الرق الناتج عن الاسر و السبي هو أفضل الحلول المتوفرة
    2. ذكر أحمد (من حارب المسلمين وأسر وسبى منهم قبل أن تمر أربعة قرون على غزو المسلمين من حولهم ؟أبحث عن حالة واحدة فقط ، وسوف لن تجد)
    الرد : لماذا لم يبذل الاخ أحمد بعض الجهد للبحث عن صحة ما أفترضه قبل ان يكتب تعليقه , لقد لاحظت أن من أكثر المشاكل شيوعا عندنا ?نحن السودانيين- التسرع في الحكم بناءا على ظنون و افتراضات و التعامل معها كواقع من دون بذل القيل من الجهد لاختبارها و ساذكر هنا بعض الامثلة على وقوع مسلمين في الاسر
    أ‌. امثلة من الاندلس
    هتم حكام الأندلس بتحرير أسراهم اهتمامًا كبيرًا، فهذا التابعي عنبسة بن سحيم الكلبي (ت شعبان 107هـ/ ديسمبر725م) يتوجه على رأس جيش كبير إلى مدينة قرقشونة فيحاصرها، ولا يفك عنها الحصار إلا بعد خضوع أهلها للصلح، وموافقتهم على إطلاق سراح كل الأسرى.
    وفي سنة (396هـ/ 1006م) حاول ملك القسطنطينية أن يسترضي عبد الملك بن المنصور، ليتوقف عن غزو جليقية، وليستمر في مهادنة شانجة، فأرسل إليه هدية، ومجموعة من أسرى المسلمين في الأندلس، أُسروا بأطراف جزائره البحرية، فسُرَّ عبد الملك بذلك، كما سُرَّ أحد شعراء الأندلس، بهذا العز للإسلام وأهله، الذي جعل ملك القسطنطينية يتقرب لعبد الملك بن المنصور، ويسترضيه، فيطلق سراح أسرى مسلمين لم يطالب عبد الملك بهم؛ لأنه لا يعلم خبرهم، فقال:
    زَلْزَلْتَ بالمرهفاتِ صاحب قسـ *** ـطنطين حتى اتَّقَاكَ بالكُتـــِبِ
    يطلبُ فيها رِضــاكَ مُجْتـهدًا *** مِـن قَبْـلِ أنْ يَتَّقِيـكَ بالهَـرَبِ
    فليس بالفائتِ البعـــد مع الله *** إذا مـا هَمَـمْتَ بالطَّلـــب
    ب.الحروب الصليبية و ما هو اسوأ من الرق و الاسر :
    ذكر ” غوستاف لوبون ” في كتابه ” الحضارة العربية ” – نقلا عن روايات رهبان ومؤرخين رافقوا الحملة الصليبية الحاقدة على القدس – ما حدث حين دخول الصليبيين للمدينة المقدسة من مجازر دموية لا تدل إلا على حقد أسود متأصل في نفوس ووجدان الصليبيين. قال الراهب ” روبرت ” أحد الصليبيين – المتعصبين وهو شاهد عيان لما حدث في بيت المقدس – واصفا سلوك قومه ص325 :( كان قومنا يجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل، وذلك كاللبؤات التي خطفت صغـارها ! كانوا يذبحـون الأولاد والشباب، ويقطعونهم إربا إربا، وكانوا يشنقون أناسا كثيرين بحبل واحد بغيـة السرعة، وكان قومنا يقبضـون كل شيء يجدونه فيبقرون بطون الموتى ليخرجوا منها قطعا ذهبية !!! فيا للشره وحب الذهب، وكانت الدماء تسيل كالأنهار في طرق المدينة المغطاة بالجثث
    مثال ءاخر : جاءت نساء الصليبيين وقد امتلأت عيونهن بالدموع فسألن صلاح الدين أين يكون مصـيرهن بعد أن لقي أزواجهن أو آباؤهن مصرعهم، أو وقعوا في الأسر، فأجاب صلاح الدين بأن وعد بإطلاق سراح كل من في الأسر من أزواجهن، وبذل للأرامل واليتامى من خزانته العطايا – كل بحسب حالته – فكانت رحمته وعطفه نقيض أفعال الصليبيين الغزاة.
    أما بالنسبة لرجال الكنيسة أنفسهم – وعلى رأسهم بطـريرك بيت المقدس – فإنهـم لم يهتـموا إلا بأنفسهم، وقد ذهل المسلمون حينما رأوا البطريرك هرقل وهو يؤدي عشرة دنانير( مقدار الفدية المطلوبة منه) ويغادر المدينة، وقد انحنت قامته لثقل ما يحمله من الذهب، وقد تبعته عربات تحمل ما بحـوزته من الأموال والجواهر والأواني النفيسة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..