بروق الحنين : لوحة غير انسانية ( 6-7 )

تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم بروق الحنين : لوحة غير انسانية ( 6-7 )

على الرغم من إن جنوب السودان نال إستقلاله عنوة و إقتدار و كان ينبغي إن نغلق باب قضايا الهوية و الثقافة دون رجعة عندما يتعلق الامر بالدولتين ، قضية الهوية ظلت تمثل اس المشكلة بين الجنوب الافريقي و الشمال العربي ما عدأ مناطق الهامش و ظللنا نسمع بانه لا شمال بلا جنوب و لاجنوب بلا شمال ، ولقد ادرك الجنوب خطورة سياسات الحكومات المتعاقبة التي ظلت تعمل من اجل الهيمنة على الجنوب و رفض الاسلام و العروبة عليها لطمس هويتها الافريقية الذي يمثل بالنسبة للنخب الشمالية كل ما هو سيء حيث كان ينظر للاجناس الافريقية الزنجية نظرة احتقار و ازدراء و كذلك تقاليدها و معتقداتها و تفضيل الهوية العربية الاسلامية لكن من الغريب إن تطاردنا بعد كل الحدود التي رسمت بعد الاستقلال و في نفس الوقت ليس مستغرباً لان مريدي الاسلاموعروبية لن يحيل الحدود بينهم وبيننا و لن يغمض لهم جفن حتى يتاسلم كافة شعب جنوب السودان و كان ابلغ تعبير لذلك و هو حديث الرئيس كير اثناء ازمة فانطاو عندما قال إننا لا نحارب من اجل انفسنا فحسب بل نحرس البوابة الافريقية بشراسة لمنع دخول الاسلام و لقد عانى الشعب الجنوبي بما فيها الكفاية من محاولة فرض العروبة كهوية و الاسلام كدين فاحياناً يجبروا على تغيير اسماءهم الافريقية الى اخرى عربية و يعلل ذلك لصعوبة نطقها و كتابتها و للعديد من الجنوبيين خاصة الشباب ذكريات سيئة جداً مع السياسات الممنهجة لتحويل الجنوبيين الى مسلمين في المراحل الدراسية المختلفة وفي الشارع ، وفقاً لمحمد جلال هاشم يمكن تلخيص ميكانيزم الاستعراب في الاتي : ” أب وأم يتحدثان لغة سودانية كلغة أم ولا يعرفان من اللغة العربية إلاّ بضع كلمات لا يحسنان نطقها ؛ ثم أبناء يبدأون بلغة الأم ، فتجبرهم ظروف الحياة على تعلم العربية مع ” لكنة ” واضحة ؛ ثم أبناء يبدأون بالعربية كلغة أولى ، وتصبح لغة الأم هامشية ، يفهمونها ولكن لا يجيدون التحدث بها . وأخيراً يجيء أحفاد لا يعرفون غير العربية مع تأفّف وتبرؤ من لغة الجد والحبوبة ” ؛ العديدين قاوموا تلك السياسات بطرق مختلفة حتى يحافظوا على ثقافاتهم ورفضاً للانصهار في الثقافة العربية ولقد إنتصروا في خاتمة المطاف ، كان يعتقد إن عدم تحدث الجنوبيين بالعربية بصورتها الصحيحة تخلف وجهل لكنها كان رفضاً للغة ، قاوم الجنوبيين محاولات دفعهم دفعاً الى قطار العروبة و كان يدركون إن الدفع بقوة الى داخل تلك القطار ما هي الى محاولة لتهلكتهم وفناء ثقافاتهم لكي يكونوا غريبين في الجزيرة حتى يرضى عنهم الطيبويين ، كان لنا إيمان قوي إن هناك امر غريب يجري . فإذا كان الامر مرتبط بعبادة الرب فلماذا نكره إكراهاً للإسلام ، الا يدعوا الامر للدهشة إن تحيلوا بيننا و الهتنا لصالح الهكم و معتقداتكم ؛ ما زلنا نتذكر الخطب الدينية و هو يذكرنا بإن المسيحيين و الكفار و اليهود سيدخلون الى النار .. ناراً لا يطفى ، كل ما كنا نسمعه مشحون بحمم بركانية من العنف اللفظي الذي لا يشبه الاديان حيث يتم التذكير من خطبة الى اخرى كل صباح عن اليوم الاخر و النار الذي سيشتعل فينا ، كنا نرتجف خوفاً من تخيل تلك المشاهد الذي سيحدث في اليوم الاخر و كأنهم ذهبوا من قبل الى النار ، اكثر ما ادهشني هو التناقض فحينما ينتهي الحديث عن النار و عذابه يرجع الخطيب ليتحدث عن الجنة حيث كافة انواع الخمور و النساء الجميلات … الخ إذن طالما كل هذا يجده المرء في الجنة فلماذا يمنع في الارض ! من شدة تلك السياسات الممنهجة اعتقدنا إن الخمر حرام و يجب إن لا يشرب ، و لم نكن نعرف وقتها لضحالة معرفتنا إن المريسة ( الخمر ) جزء اساسي من المكون الثقافي لشعب جنوب السودان حيث تشكل اساس في الافراح و الاتراح ؛ هكذا اكتشفنا إن الإسلام الذي كان يدرس إسلاماً مختلفاً في ممارسة لمنهج التفكير المزدوج في الدين .
بدلاً من إن يكون مهمة المعلمين هو ما توصل اليه العلم من اكتشافات و إختراعات و كيف غير تلك الاكتشافات الحياة في العالم تحول المدارس الى مراكز للتلقين الديني دون احترام لمعتقدات شعب جنوب السودان حيث لا يؤمن اجدادنا بالاديان بل يعبدون الابقار و الاشجار و الطيور الم يكن تلك المعتقدات تستحق الاحترام و التقدير بدلاً من تذكيرنا بسيئات تلك المعتقدات . في رواية زهرة الكركدي الارجوانية يتناول الكاتبة الفضاء الفاصل ما بين الاديان الذي يحاول إن يفرض على الجميع و كيف إنها تحاول خلع الثقافات و المعتقدات الراسخة للشعوب الافريقية و ذلك في شخصية ايوجين رجل الدين المسيحي المتناقض في نفسه في كل شيء ووالده نوكوو فلقد بلغ به كبرياءه الديني درجة إنه يرفض مقابلة والده و يمنع اطفاله من مقابلته إلا نادراً لانه وثني و كان يصلي من اجله ليلاً و نهاراً لكي يصبح مسيحياً بينما والده لم يكن بهذا السوء الذي يشعر به ايوجين بل هو متمسك بالتقاليد و المورثات الافريقية و النيجيرية ، ووبراعة يحاول الكاتبة إن يبرز لنا درجة التخلف الديني الذي يعتقد فيه ايوجين فهو حينما يصلي يدعوا لكي يصبح مسيحياً حتى عندما توفى والده ( نوكوو ) لم يؤلمه رحيله بل المه بشدة إنه رحل قبل إن يؤمن بالمسيح . لكن هل كان يستحق وثنية الاب نوكوو كل هذا فالرجل يصلي مثلما يفعل المسيحي و المسلم ” اشكرك على هذا الصباح الجديد .. اشكرك على شروق الشمس .. لم اقتل احداً و لم اضع يدي على ارض احد و لم ارتكب خطيئة الزنا ، و اتمنى الخير للاخرين و كم ساعدت اولئك الذين لا يملكون شيئاً بالقليل الذي في حوزتي و يمكنني بالكاد إنفاقه رزقني و باركني بما يكفي حاجتي للطعام بارك ابنتي افيوما و ابني ايوجين .. بارك اطفال ابنائي و ابتعد بهم عن طريق الشر و حببهم في طريق الخير .. بارك اولئك الذين يحبون الخير للاخرين كما يحبونه لانفسهم ” } تشيما ماندا نجوزي اوتيشي ، زهرة الكركديه الارجوانية ، صــــ 240 { ، يظل الامر المهم ليس ماذا لقنونا به بل قناعة تلك المعتقدات و سماحتها فها هو دكتور عبدالله ابراهيم في ورقته عن يوم المرأة العالمي يخبرنا كيف كان يتم ترغيب الناس للدين الاسلامي دون قناعة و إستخدام اساليب خسيسة لا تشبه الدين الاسلامي مثل “جاء ذات يوم السيد مكاوي سليمان اكرت مدير كردفان في زي وطني يقود عربة الدولة ذات العلمين لتادية صلاة الجمعة بمسجد الابيض العتيق ، و بهر المنظر المصلين ، فما زالت سطوة المدير الانجليزي نافذة على عقلهم و نظرهم ، و انتهت الصلاة . خرج سعادة المدير مكاوي و المصلون يتسابقون للتاكد من انه سعادة المدير شخصياً و كان عصر ذلك اليوم و مساؤه لا حديث للناس الا عن صلاة سعادة المدير ، و طبعاً كل من شاهده يروي عن صلاته بمزيد من المشوقات للذين لم يحظو برؤيته . و في اليوم التالي طلبني مولانا الشيخ الكبير محمد الامين القرشي و هو رجل عظيم و مجاهد في سبيل الاسلام وقال : قل لصاحبك المدير ما ينقطع عن صلاة الجمعة ، وقل ليه صلاته امس صحت المسلمين و رفعت معنوياتهم و احس ضعاف الايمان منهم السذج بعظمة الاسلام بصلاته هذه و من واجبنا ان نسايرهم على قدر عقولهم و قل ليه ما يهدر فرحتهم و لا يتخلف عن صلاة الجمعة ابداً و إذا كان الوضوء صعب عليه و كان البرد شديداً يجي بس بدون وضوء ( جريدة الايام 4 يناير 1988م ) ” و لمعرفتنا البسيطة بالاسلام قيل إن الوضوء جزء اساسي من اركان الاسلام لكن الشيخ لم يجد حرج في إن يصدر فتوى يعفي المدير عن الوضوء حتى يمتع عينيه و يتمتع بصحبته بعد الصلاة و قبله و ليحضر بقية المسلمين الصلاة . لقد قرات من قبل ورقة بحثية حول كيف دخل المسيحية و الاسلام الى افريقيا و فيه يتحسر الكاتب عن عدم توفير الحكام العرب لاموال كافية حتى ينافس الاسلام انتشار المسيحية و قال إن المسيحيين يوفرون اموال ومساعدات كافية و هذا ما يفتقده في الحكام المسلمين فهل اصبح الاديان سلعة واحزاب سياسية حتى يتم استخدام الدعاية و الهدايا حتى يدخل اليه الافارقة اليه افواجاً كما يفعل منظمة الدعوة الاسلامية و العديد من المنظمات ! اين المشكلة إذا اصبح كل افريقيا مسلمة او حتى مسيحية الا يقال إن كافة الاديان هدفها عبادة رب واحد إذن لماذا المنافسة و التباري ؟ و يحكي فرانسيس في صراعات الرؤى نقلاً عن الشاعر مينيل رو يقول إن اروب بيونق برفقة الور اجينق ذهبا لمقابلة المهدي و اقاموا الصلاة معاً متجهين نحو الشرق سال اللور و رؤسهم مطاطاة نحو الارض ” يا اروب ابن بيونق هل ترى الاله ؟ .. رد اروب لا يا الور ، لا ارى الاله .. و لكن دعنا نترك الامور على ما هي عليه ! ” .

نواصل
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله انت شخصية مريضة ليس الا دخولك الاسلام او عدم اسلامك لايؤثر في الاسلام بشئ. والاية الكريمة. تقول((لكم دينكم ولي دين )). يعني حرية العبادة واعتقادها شئ شخصي ولا يوجد احد يجبرك عليه وبالذات فس السودان والمثل قال((اسلمت سارة اسلامها لا فاد المسلمين ولا ضر النصارة)) وهذا المثل تقريبا ينطبق عليك
    اللغة العربية لم نجبركم عليها بل انتم من سعيتم لتعلمها بنزوحكم لشمال ولم تذهبوا لكينيا او يوغندا التي تشابهكم في اللغة والدين والمعتقدات بالاضافة لقربها الجغرافي انتم من سعيتم لتعلمها هى حل لكثير من مشاكلكم حين كان اختيار البرلمان بان تكون اللغة العربية هي لغة التخاطب في البرلمان ولا ادري لما لم تختارو ا اللغة الانجليزية لغة اسيادكم الخواجات هي لسان حالكم في معاملاتكم الرسمية او برلمانكم اللغة العربية واستعمالكم لها افادكم كثير بربك قل لي كيف كان تكون لغتكم في البرلمان هل هي لغة الدينا ام النوير ام الشلك ام غيرها من القبائل قامت الحرب في دولتكم بعد ثلاثة سنوات من الانفصال يعني لمو ماكان اللغة العربية هي لغة البرلمان كان الحرب والقتل بداء من اليوم الاول لان قبيلة الدينكا لم تقبل ان تكون لغة البرلمان هي لغة الشلك وكذلك النوير لم ترضى بان تكون لغة البرلمان لغة الدينكا فاللغة العربية افادتكم باستقرار دولتكم الوليدة لمدة ثلاثة سنوات والا كان الاحتراب والقتل من اليوم الاوا لحظة رفع العلم
    الله يختص برحمته من يشاء والاية تقول ((الدين عند الله الاسلام))خزعبلاتك وخرابيطك وافتراءك علي الدين الاسلامي لا ينقصه في شئ فكل صبح يوم جديد هناك ناس تدخل في دين الاسلام عكس الاديان الاخر وبامكانك انت تحسب الفرق بين اللذين كانوا مسلمين وصاروا نصار ى ومن كانوا نصاروا مسلمين وشوف لمن ترجح الكفة لدين الاسلامي اوغيره من الاديان الاخرى وشاهد الكعبة والطواف وارني هل هناك من الاديان الاخرى يؤدي شعائره مثل الاسلام

  2. لم اسمع ابدا ان هنالك جنوبى تم اكراهه وغصبه لدخول الاسلام قبل الانفصال ..وحرية العبادة مكفولة فى الاسلام للجميع ..يبدوا ان الكاتب قد امتلاء حتى الثمالة بما يقوله اعداء الاسلام ويصورونه عن الاسلام وهو فى كراهيته للحكومات السودانية وسياساتهاالغير موفقة فى جنوب السودان…قد نسى ان الجنوبيين فى الشمال قبل الانفصال وحتى الان تم التعامل معهم من الشماليين ((السكان العاديين)) بكل احترام وتقدير وجاوروهم فى السكن ولم يقتلوهم او يسلبوا اموالهم او يحرضوا عليهم.. ولكن ليكن الكاتب شجاع وصريح مع نفسه ..نسبة كبيرة من الجنوبيين بالشمال كانوا متوحشين ولم يتعودا على حياة المدينة ومعقدين من اشكالهم لذلك كان من الصعب التعامل معهم ..لذلك انفصال الجنوب رغم سيئاته فهو افضل الحلول وشر لابد منه حتى يعرف الجنوبيين ان الشماليين هم افضل اخوة لهم مقارنة بالشعوب الاخرى من حولهم ….واتمنى ان اعرف راى الكاتب بعد عشرة سنوات من الانفصال ..

  3. انت لسة فى ترهاتك دى …جنى وجن الكذب كيف أنك كاتب وتكذب كل هذا الكذب ؟؟؟ متى كان يفرض على الجنوبيين الدخول فى الاسلام فى الشمال ؟؟؟ أنسيت كنائسكم الموجودة فى الخرطوم والتى تتجمعون فيها كل يوم أحد لدرجة أحيانا تغلقون الشارع ولا أحد يسألكم ؟؟؟ أما عن اللغة العربية بما أنكم تكرهونها لهذه الدرجة لماذا تكتب بها ترهاتك هذه الآن وحتى لدرجة عايزين تدخلوا فى الجامعة العربية التى لايجمعكم بها أيى شيىء ؟؟؟ ومتى طلبوا منكم فى الشمال تغيير أسماءكم ؟؟؟ ظللتم بأسماءكم التى كان كثير من الشماليين لا يستطيع نطقها ولم يطلب منكم أحد تغييرها الى أن انفصلتم … أما عن حرمة الخمور نعم ديننا يحرم شرب الخمور لكنكم ظللتم تصنعون (((المريسة))) فى الشمال وتتعاطونها وتبيعونها حتى للشماليين الذين يشربون الخمر ولم ينهاكم أحد …انت بس عملت بحكاية مثلنا الذى يقول ((( غلبا راجلا جات تأدب حماتا )))؟؟؟ غلبتكم مشاكلكم الحاصلة بينكم فى بعضكم بقيت تدبج فى المقالات يوم والثانى وتسيىء فى الشماليين … حصل يوم واحد شمالى اتعرض ليجنوبى بيسوء طيلة قعادكم معانا فى الشمال ؟؟؟ وحتى يوم الاثنين الأسود والذى عايشته ولا أنساه أبدا من شدة حقدكم وكرهكم للشماليين نزلتوا فيهم ضرب وطعن وقتل وسكتم عن يوغندا والآن جات ورتكم (((المكشن بلا بصل))) ورغم ذلك الشماليين شالوكم فى عيونهم لكن انتوا معروفين بنكران الجميل وحقدكم وكرهكم للشماليين … حسى كديى خليك من الشمال وصدقنى مع كرهى للحروبات لكن لو فى حسنة لحربكم الآن هى انها ورتكم عدوكم من صليحكم ورتكم الغرب البتسبحوا بيحمدوا هم أعداءكم وحتى يوغندا جارتكم… والشماليين هم صلحاءكم وكمان ورتكم انو الشماليين هم الكانوا حامنكم من بعض والدليل بعد انفصالكم مننا اتفاقستوا فى بعضكم … انت باين عليك حاقد شديد على الشمالين ومشكلتكم عندكم عقدة دونية شديدة ودى ما من الشماليين … والأشكال يخلقها الله ويصورها كيف يشاء انها مشيئة الله … اتصالح مع نفسك الله يشفيك ويشفى البقية الزيك …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..