مغربي يرفع العلم الإسرائيلي احتجاجاً على الخدمات

يشهد المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة أشكالا احتجاجية جديدة غير مسبوقة للمطالبة بالشغل أو السكن وغيرها من المطالب الاجتماعية المُلحة، كان آخرها احتجاج مواطن على قطع السلطات للكهرباء والماء عن منزله المتواضع منذ 4 سنوات، حيث رفع العلم الإسرائيلي فوق بيته، الشيء الذي أدى إلى الحكم عليه بالسجن 6 أشهر.

وفيما يرى البعض أن التجديد والتصعيد في شكل الاحتجاجات أمر طبيعي باعتبار عدم تلبية الحكومة لمطالب المحتجين الغاضبين، شدد آخرون على أنه يلزم التدخل بحزم لإيقاف نزيف هذه الاحتجاجات الغريبة عن طبيعة المجتمع المغربي حتى لا تفقد الدولة هيبتها أمام مواطنيها.

وتنوعت أشكال الاحتجاج الاجتماعي بالمغرب في الفترة الأخيرة، اتخذ بعضها مظاهر جديدة وقوية منها حرق الذات كما حدث مع شباب حاصلين على شهادات عليا وعاطلين عن العمل أو إحراق بعض مقرات الأمن وسيارات الدولة، فضلا عن شل حركة المرور من خلال توقيف سير القطارات مثلا.

تجدد الأشكال

وتوَّج هذه الأشكال الاحتجاجية المتنوعة مواطن مغربي احتج بطريقته الخاصة، قبل أيام خلت، على قطع التيار الكهربائي ومياه الشرب عن منزله الصغير الذي يقطن فيه بمعية والدته وزوجته وأبنائه الثلاثة، وذلك في مدينة الناظور شمالي البلاد، حيث عمد إلى رفع العلم “الإسرائيلي” فوق منزله، من أجل لفت الانتباه إلى مشكلته وإيجاد حل لها من السلطات المحلية المعنية في مدينته.

وتعود قصة محمد الجديدي إلى بداية الأسبوع الفائت حين وضع قطعة قماش بيضاء وخط عليها العلم الإسرائيلي باللون الأزرق وقام بتعليق الراية التي أبدعتها حاجة عائلته الفقيرة إلى الكهرباء والماء اللذين تم قطعهما عن الجديد وجيرانه لأسباب إجرائية وإدارية تتعلق بمالكي المنزل.

وتوبع الرجل بتهمة “تحقير وإهانة العلم الوطني” وحُكم عليه قبل أيام قليلة بالسجن لمدة 6 أشهر نافذة بالرغم من تأكيدات عائلته بأن ابنها لم يقصد الإساءة إلى أية جهة بتصرفه ذاك وبأنه لم يجد طريقة أخرى للتعبير عن احتجاجه سوى ما قام به دون وجود خلفية سياسية وراء إقدامه على رفع ذلك العلم.

ودخلت جمعيات حقوقية على الخط في هذه القضية حيث شددت على أن هذا المواطن المغربي احتج بطريقته الخاصة التي رأى أنها ستثير انتباه المسؤولين إلى مشكلته التي هي نفس مشكلة جيرانه حيث لا يمكن القبول بأن يعيشوا دون كهرباء ولا ماء طيلة أشهر عديدة رغم المطالبات المتكررة.

واعتبرت جمعية الريف لحقوق الإنسان في بلاغ توصلت “العربية نت” بنسخة منه أنه عوض اعتقال الجديدي الذي احتج بهذه الطريقة، كان من الأجدى لو انكبت السلطات المعنية على تحسين الوضعية الاجتماعية التي يوجد فيها السكان، معتبرة أن تصرف الجديدي أمر عفوي ولا يحمل في طياته أي خلفيات سياسية.

وأردفت المنظمة الحقوقية التي تتابع عن كثب قضية الجديدي بأن “أعلام الدول ترفع من طرف مغاربة داخل التراب المغربي في العديد من التظاهرات السياسية والرياضية والتضامنية والثقافية دون أن يكون ذلك مصدرا لأي متابعة قضائية، كما هو الشأن بالنسبة إلى المتهم”، قبل أن تؤكد أن هذه “النازلة لا ينطبق عليها فصل المتابعة الذي يقتصر على إهانة علم المملكة ورموزها، كما هي معرفة في القانون الجنائي المغربي”.

حزم السلطات

وعلق الباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور حميد الركبي في تصريح لـ”العربية نت” على هذا النوع من الاحتجاجات غير المألوفة في مجتمع مثل المغرب بأنه نتيجة طبيعية لصيرورة احتجاجات سابقة من أطراف اجتماعية عديدة من قبيل العاطلين عن العمل أو المطرودين من الشغل أو المحتجين في مختلف القطاعات الأخرى بالبلاد، لكون الحكومة لم تستطع إيجاد الحلول المناسبة لها بعد.

ولاحظ الباحث تنامي ظاهرة الاحتجاجات بأشكال جديدة ومختلفة لم يعهد المغاربة التطرق إليها، وعزا ذلك إلى موجة التحولات التي واكب أحداث “الربيع” العربي في المنطقة حيث أضحى الاحتجاج المُبتكر الوسيلة الأولى التي يلجأ إليها الغاضبون والحانقون من أجل التأثير والضغط على المسؤولين لحل مشاكلهم ومعضلاتهم.

وبالمقابل، يرى مراقبون أن تكاثف وتصعيد هذه الوسائل الاحتجاجية الجديدة كل يوم قد يُفضي إلى المس بهيبة الدولة ورميها بالعجز عن تأدية مهامها في تطبيق القانون على المخالفين، مما يجعل التدخل ضروريا بشكل حازم للحيلولة دون تفشي الاحتجاجات المسيئة مع مواكبة الحلول الأمنية بإجراءات اجتماعية عاجلة لحل مشاكل المحتجين على أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..