حافز لجنة تدني الإنتاج

بسم الله الرحمن الرحيم

في واحدة من الشركات الحكومية الكبيرة .. التي تعمل في سلعة إستراتيجية..والتي تملاْ أخبار احتفالاتها بأعياد الإنتاج وسائل الإعلام.. أفسدت بهجة العاملين المنتظرين لحافز الإنتاج نهاية العام .. حقائق بدأت تتسرب مع اقتراب موسم الإنتاج من نهايته.. تفيد بأن هنالك تدنياً مريعاً في الإنتاج .. وبدأت آمالهم تتبخر في حافز الإنتاج الضخم وقد كان . فكونت لجنة للتحقيق في الأسباب من إداريين فيها ونقابيين . الي هنا والأمر طبيعي جداً .. لكن ما تعجبت له .. ما أخبرني به مسئول مالي ساخط ..أن خطاباً يخاطب كل عضو في اللجنة ..يبدأ بقوله .. بما انك كنت عضواً بلجنة تدني الإنتاج.. فقد تقرر صرف حافر..الخ !!! والأسباب كانت معروفة لأبسط عامل في تلك الشركة .
والواقع أن السودان قامت فيه مملكة للحوافز في كل القطاعات .. تتفنن في أساليبه وطرائقه .. ولا تخلو أي من المصالح الحكومية من أعلى المواقع إلي أدناها .. لكن المؤكد .. أن نصيب الإدارات العليا هو الأكبر وبصورة فاحشة .. وهذا ما يفسر ظاهرة الموظفين الممتلكين لمبان وسيارات وأصول تفوق قيمتها جملة مرتباتهم من تاريخ تعيينهم . دون أن تحدد جهات المراجعة كيفية الحصول علي هذه الأموال . فطالما أن هنالك لائحة مجازة للحوافز ..مهما كان عدم تناسب الحوافز مع الجهد المبذول..فإن الحافز يصبح شرعياً !! وهذه من أكبر طرائق الفساد الغير مرئي في الدولة .
وكان تفاقم الظاهرة .. ناتجاً من حاجة الدولة إلى سلع محددة استراتيجية .. وعالية الاستهلاك مثل السكر ..لتضع عليه حمولات الصرف الكبير للدولة .. واذكر ان بدر الدين سليمان صرح قائلاً .. أن التنمية في السودان .. تسير علي عجلات من السكر !! بل وحرب الجنوب كذلك . أ و تحتاج الحكومة إلي سلع زراعية تنتج في المشاريع الزراعية الحكومية .. أو المعادن والبترول وخلافه .. فتحيلها بقوانين إلي شركات أو هيئات مستقلة .. مستقلة بميزانياتها .. فتصبح إداراتها هي المفوضة بتحديد الحوافز . وهكذا يسير دولاب التحفيز وتوضع الرسوم فتتزايد بتضخم الصرف السيادي الكبير والحروب المشتعلة في كل الهامش .. وينعكس كل ذلك سلباً على ذوي الدخل المحدود من العاملين في الدولة .. مع عدم تناسب الرواتب مع مسار السوق ..فيبتدع كل قطاع وسائل خارج الموازنة لزيادة الدخول . اللحاق بقطار الحوافز .. لذلك أصبح عادياً في كل قطاع أن يطلب منك دفع مبالغ دون أورنيك 15 الذي يورد بموجبه المال الى خزينة الدولة لتحقيق ولاية المالية علي المال العام .
ويمكننا قراءة الخبر المتداول في الصحف عن الفساد في وزارة المعادن لتسأل السؤال البسيط. من أين لوزير المعادن التصديق بتلك المبالغ الطائلة ؟ وهل كان يمكن لنفس القلم المصدق .. أن يأمر بإرجاع المبالغ لو كان التصديق بعلم وزارة المالية ؟ ثم يغير الأمر الي إعادة ثلثي المبلغ !!!؟
أحد زملائي الذين درسوا في عراق صدام.. وعملوا فيها .. حكي لي أنك اذا قابلت زميلك في الدراسة بعد ثلاثين عاماً .. ستجده في نفس درجتك وراتبك . لولاية الدولة علي المال العام .
وفي تقديري أن هذه الأموال المتحصلة لو دخلت وزارة المالية .. وتلازم مع تخفيض الصرف الحكومي الضخم .. والشفافية اللازمة.. لحلت مفارقات الدخل وقدمت الخدمات من تعليم وصحة وخلافهما دون الحاجة الي دفع مبالغ غير مرصودة في موازنة الدولة..
أختم بواقعة في بداية سني النظام إذ صدق عبد الرحيم حمدي بحافز لمجموعة نفذت عملا في قناة من قنوات الري .. ففوجئ بكشف الحافز المرفوع .. يشتمل كل العاملين بالقسم مع إدارة المشروع .وبالطبع كانت حوافز الإدارة أعلي ..ورفض التصديق وضرب مثلاً بالحافز المحدد لمجموعة محددة نفذت عملاً معيناً .. بمصححي الشهادة السودانية أيامها . وما أشك أن أول وزير مالية للنظام .. ومطلق اقتصاد السوق الحر عالماً به .. أن تصحيح الشهادة كان ببدل السفرية فقط عندما كان دخل الموظفين مجزياُ وكان عامل البوفية يحوم بالسندويتشات والبارد بين المصححين وهم يؤدون عملهم الشاق .. وسعداء بتلاقي ابناء دفعاتهم المنتشرين في اصقاع السودان المختلفة .. أما الآن .. فقد اقتربت مواعيد التصحيح .. وسيتكرر المشهد المخزي .. بتحلق المصححين أرضاً حول صحن الفول بدكاكين الأحياء أو بالقرب من بائعات الاطعمة البلدية .. فقارن وتعجب .

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..